«الناس لما بتييجى عندى تزورنى بتقول مش ممكن يكون الريس ساكن هنا». يقف عمرو حافظ، مدير مشروعات بإحدى شركات البترول، فى شرفة منزله مشيرا إلى فيللا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بمنشية البكرى بمصر الجديدة. يسكن عمرو بالدور الحادى عشر للعمارة المواجهة لفيللا ناصر بشارع منشية الطيران، ودائما ما يطلب منه زواره أن يسمح لهم بالفرجة عليها. سر تعجبهم هو البساطة الشديدة فى تصميم الفيللا وطرازها المعمارى، الذى لا ينبئ عن أن من سكنها كان رئيسا لمصر. «أنا ساكن هنا من سنة 1990، وما شفتش حد اهتم بصيانتها أبدا». الفيللا مكونة من دورين وحديقة صغيرة أمامها وحديقة أكبر خلفها. يشير عمرو إلى الحديقة الخلفية «هنا كان فيه نافورة. والأرض دى كانت كلها خضرة ونجيلة»، لكن النافورة اختفت تاركة وراءها حفرة عميقة، والأرض جدباء إلا من بعض الأشجار المتفرقة دون انتظام. فى الحديقة الخلفية تتجلى بساطة تصميم الفيللا، فالسور المحيط بها خشبى قصير، وعلى اليمين كشك شاى خشبى بسيط التكوين. «مظاهر الفخامة الوحيدة فى الفيللا دى هى الأسانسير والتكييف»، يشير عمرو إلى سطح الفيللا الذى يظهر تكييفا قديما ضخم الحجم من طراز الستينيات: أنابيب معدنية طويلة، و ماكينة تشغيل المصعد. هذه الأجهزة لم يكن من السهل اقتناؤها فى الستينيات. لا يسمح عمرو لزواره بتصوير الفيللا، لحساسية مكانها الآن. «الفيللا كانت زمان محاطة بحديقة كبيرة جدا واصلة لحد قرب شارع صلاح سالم»، لكن تدريجيا اقتطعت مساحات من الفيللا. ويستطيع الناظر من شرفات المنازل المحيطة أن يرى جراج سيارات رئاسة الجمهورية. كان عمرو يحب «أبو خالد»، خاصة أن والده تخرج فى الكلية الحربية فى نفس دفعة الرئيس الراحل. يخرج عمرو كراسا صغيرا أسود اللون قائلا «دى مثلا كراسة كان جمال عبدالناصر بيذاكر فيها. لقيتها من ضمن مقتنيات والدى». الكراس ملىء بالكتابات والمعادلات الرياضية لمادة الطبوغرافيا المكتوبة بخط يد الرئيس الراحل، وعلى الصفحة الأولى منها كتب عبارة «الكلية العسكرية الملكية. السنة النهائية ب 2. جمال عبدالناصر». يقول عمرو إن بعض العاملين فى سفارة عربية عرضوا عليه شراء الكراس بأى مبلغ أراد، «فيه ناس مهووسين بشراء مقتنيات الرئيس الراحل»، لكنه رفض التفريط فى الكراس باعتبارها أحد ممتلكات والده. رغم ذلك، يقول عمرو إنه لم يقتنع يوما بالسياسات الاشتراكية لجمال عبدالناصر، «لأن ربنا نفسه قال إن الناس طبقات»، على حد قوله. أهم ما يمثله يوم 23 يوليو لعمرو، هو الاهتمام الزائد بنظافة الشارع وكنسها جيدا، والاستماع للموسيقى العسكرية فى العرض السنوى الذى يقام أمام المنزل.