تستعد الحكومة الإسرائيلية لمواجهة شرسة مع شركات النفط العاملة هناك فى هذا المجال حول تقسيم عائدات احتياطيات الغاز بها، وذلك بعد الاكتشاف الضخم فى البحر المتوسط الذى حققته الدولة العبرية مؤخرا، والذى تم تقدير قيمته بمئات المليارات من الدولارات. فبينما أعلن يوفال ستاينيتز، وزير المالية الإسرائيلى خلال مقابلة له مع جريدة الفاينانشيال تايمز البريطانية أن حكومته تعتزم تغيير بعض بنود اتفاقياتها مع شركات النفط هناك، لتستأثر بحصة أكبر من الاحتياطيات، فإن الشركات استقبلت هذا الإعلان «برفض واستنكار شديدين». والاكتشاف الضخم الجديد الذى كشفت عنه إسرائيل مؤخرا، والذى يكفى بمفرده لجعل إسرائيل واحدة من أهم مصدرى الغاز فى العالم، هو الذى دفعها إلى مراجعة بنود اتفاقيتها، التى لم يتم إدخال أى تغييرات عليها منذ عام 1952، والتى بمقتضاها تحصل الحكومة الإسرائيلية على 12.5% فقط من إنتاج النفط أو الغاز بها. «مثل هذه الشروط التى تحاول إسرائيل الحفاظ بها على الثروة الطبيعية تجعل الاتفاقيات المصرية الجديدة تبدو الأسوأ عالميا»، بحسب إبراهيم زهران، خبير نفط ورئيس شركة خالدة للبترول سابقا. كانت الحكومة المصرية قد وافقت على تعديل اتفاقيتها مع شركة بريتيش بتروليم، بما يسمح بحصول الشركة على كامل إنتاج حقل شمال الإسكندرية طوال فترة التنقيب والاستثمارات المقدرة بنحو 20 عاما، ليتم بمقتضاه إلغاء نموذج تقاسم الإنتاج المعمول به حاليا. وتقوم اتفاقيات اقتسام الإنتاج التى تبرمها عادة مصر مع الشركات الأجنبية، على أساس أن ينفق الشريك الأجنبى على عمليات البحث عن البترول والغاز وتنميته وإنتاجه ثم يسترد الشريك نفقاته على أقساط سنوية (عادة 5 سنوات) إما نقدا وإما يخصص لسداد القسط عينا 40% من الإنتاج وذلك إلى أن يتم الاسترداد بالكامل. كذلك يحصل الشريك الأجنبى على نصيب إضافى بمعدل 25% مما يتبقى بعد سداد قسط النفقات (أى 15% من إجمالى الإنتاج) بحيث إن ما يتبقى لمصر فى النهاية بعد نصيبى الشريك الأجنبى (الاسترداد والربح) لا يتجاوز نصف الإنتاج، بحسب تقديرات حسين عبدالله، وكيل أول وزارة البترول سابقا. واستبعد عدد من الخبراء أن تطالب مصر إسرائيل بتعديل اتفاقيات تصدير الغاز إليها، بعد هذه الاكتشافات الجديدة، حيث إنه «من مصلحة إسرائيل أن تستورد الغاز من مصر بسعر 1.25 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، وتصدره ب8 دولارات»، على حد تعبير زهران، مشيرا إلى أن إسرائيل «عرضت منذ أسبوعين تصدير الغاز لمصر بالسعر العالمى». وهو ما أكده أيضا مصدر آخر مطلع فى هذا المجال، طلب عدم نشر اسمه، معتبرا أنه «من المستبعد تماما أن تقلل إسرائيل كميات الغاز التى تستوردها من مصر، أو أن تقوم الحكومة المصرية أصلا بمطالبتها بذلك». وكانت الشروق قد انفردت بالكشف عن توقيع الحكومة المصرية، فى أكتوبر الماضى، سرا لثلاث اتفاقيات لتصدير الغاز إلى إسرائيل، بسعر 3 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، مقابل 12 دولارا السعر العالمى، ولمدة 18 سنة من تاريخ الاتفاق، وذلك بالتوازى مع التعاقد الذى أبرمته مصر عام 2005 لتصدير الغاز إلى الدولة العبرية لمدة 15 عاما بسعر ثابت يبلغ 1.25 دولار.