منذ إنشاء البرلمان المصرى، وحتى يومنا هذا، تتقدم الحكومة بمشروعات قوانين مصحوبة بمذكرة إيضاحية تفسيرية لمشروع القانون وفى كل سنة مالية تتقدم الحكومة بمشروعى الخطة والموازنة للبرلمان مصحوبين بمجلدين هما: البيانان المالى والإحصائى حتى يستطيع النواب معرفة توزيع الاعتمادات المالية على القطاعات الخدمية. ولكن هذا العام كان لوزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى والدكتور عثمان محمد عثمان وزيرالتنمية الاقتصادية رأى آخر، فلم يقدما البيانات للمجلسين واكتفيا بقرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون بربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2009/2010. وفى هذه الأجواء، اضطر الدكتور خلاف عبدالجابر خلاف رئيس لجنة الشئون المالية بمجلس الشورى وهى اللجنة المنوط بها دراسة الخطة والموازنة وإعداد تقرير عنها يناقش داخل مجلس الشورى، إلى سؤال المحررين البرلمانيين بالمجلس عما إذا كانت وزارة المالية قد أرسلت للجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب البيانين المالى والإحصائى وكذلك توزيع الاعتمادات المالية على مشروعات الدولة والمحافظات، أم أن لجنة الخطة والموازنة شأنها شأن لجنة الشئون المالية بالشورى؟، وكان رد الزملاء للدكتور خلاف أن وزير المالية لم يرسل شيئا. وقد تحايل المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة على الأمر بعقد اجتماع جمع فيه وزير المالية ووزير التنمية الاقتصادية وحضر الاجتماع مائة وعشرون نائبا أكثرهم من نواب الحزب الوطنى، وشرح فيه وزير المالية أهم أرقام الموازنة دون أن يوزع عليهم بيانات أو أرقاما وظل النواب طوال الاجتماع يكتبون وراء الوزير الأرقام وكأنهم فى مدرسة.. وتساءل النواب: كيف لنا أن نقوم بدورنا كنواب ونقوم بتوزيع الموارد على القطاعات المختلفة دون أن تكون تحت أيدينا أرقام تفصيلية؟.. وكيف لنا أن نحاسب الحكومة؟. من المؤكد أن موازنة 2009/2010 ستشهد مصاعب عدة، وهذا ما يؤكده مشروع قانون ربط الموازنة العامة للدولة فهناك أكثر من 120 مليار جنيه عجزا واضحا بين استخدامات الموازنة والإيرادات، فتقدر الأولى بثلاثمائة وتسعة وأربعين مليار جنيه والثانية بمائتين وسبعة وعشرين مليارا أى إن العجز بات واضحا بين الاستخدامات والإيرادات. وكان الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية قد صرح فى أول اجتماع لمناقشة الخطة والموازنة أمام نواب الشعب بأن موازنة هذا العام، رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، وما نتج عنها من قلة الموارد، تجنى ثمار الإصلاح المالى للأعوام الأربعة الماضية. وقد وزعت وزارة المالية المصروفات فى موازنة 2009/2010 والتى تقدر بثلاثمائة وتسعة عشر مليارا ومائة وسبعة وثلاثين مليونا ومائتين وخمسة وثلاثين ألف جنيه ما بين أجور وتعويضات عاملين بستة وثمانين مليارا ومائة وأربعة وثلاثين مليونا وخمسمائة واثنين وثمانين ألف جنيه.. وأكد وزير المالية أن هناك علاوة اجتماعية هذا العام وأن أموال العلاوة الاجتماعية معتمدة فى الموازنة بمبلغ عشرة مليارات جنيه ولكن على نواب المجلس أن يقرروا هل توجه هذه الأموال بالكامل لزيادة مرتبات الموظفين أم أن نواب المجلس يريدون توزيع جزء كبير من هذه الأموال لتوظيف شباب جدد وأنه على مجلس الشعب أن يقرر ذلك بعد أن طلب منهم إجراء حوار مجتمعى حول توزيع هذه الاعتمادات. والطريف فى الأمر أن العشرة مليارات التى أعلن عنها وزير المالية لا يوجد لها أثر فى مشروع ربط الموازنة الذى أحيل للبرلمان. وقد خصص مشروع قانون الموازنة فى بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ثلاثة وسبعين مليارا وخمسة وستين مليونا وثمانمائة واثنى ألف جنيه مقارنة بمائة وستة وثلاثين مليار جنيه وسبعمائة وواحد وستين مليونا وسبعمائة وسبعة وستين ألف جنيه فى موازنة العام المالى السابق 2008/ 2009 أى إن هناك أكثر من ثلاثة وستين مليار جنيه أقل من العام المالى السابق وعند سؤال وزير المالية عن سبب هذا التراجع فى الصرف على الدعم قال: إن الدعم كما هو ولكن هناك انخفاضا فى الأسعار وهو الأمر الذى جعلنا نقلل من هذا البند فى استخدامات الموازنة العامة. وتشير التحليلات المالية إلى أن هذا الأمر غير دقيق لأن هناك زيادة فى شراء السلع والخدمات على العام المالى السابق ب4 مليارات جنيه، أى إن هناك زيادة وليس خفضا فى الأسعار كما يقول وزير المالية. الجدير بالذكر أيضا هو تصريح الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية حين صرح بأن هناك 200 مليار جنيه هى جملة الاستثمارات فى خطة الدولة الاستثمارية فى العام المالى 2009/2010 ولم يعلن عن توزيع هذه الاستثمارات أو توزيع الاستثمارات على المحافظات وما المشروعات التى ستوزع عليها هذه الأموال حتى يقوم كل نائب بدراسة أولويات الإنفاق على دائرته. إن عدم إرسال وزيرى المالية والتنمية الاقتصادية البيانين المالى أو الإحصائى أو توزيع الاستثمارات على قطاعات الدولة، ووجود أرقام غير مبررة فى مشروع قانون ربط الموازنة مثل إيرادات أخرى بواحد وسبعين مليارا ولا يوجد تفصيل لهذا الرقم. وكذلك فى المصروفات هناك أكثر من 26 مليار جنيه دون أى بيانات وأرقام أخرى تحتاج إلى إيضاحات يسببان ارتباطا فى مناقشات البرلمان.. فهل نشهد انفراجة هذا الأسبوع؟