قد يكون الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة قد ربح الانتخابات بيسر دون منافسة فعلية، ولكن سيكون عليه مواجهة تحديات حقيقية خلال فترة رئاسته الثالثة، التى ستستمر خمس سنوات. وأول هذه التحديات يتمثل فى مافيا الأراضى، فعلى الرغم من رافعات البناء، التى تعلو فى سماء البلاد ومواقع العمل المتعددة، والتى تدل على طفرة فى التشييد تشهدها الجزائر مؤخرا، وعلى الرغم من سياسة بوتفليقة المنفتحة على الخارج، التى جذبت الاستثمارات ومنها مؤسسات مصرية عديدة للبلاد، إلا أن أزمة السكن لا تزال أزمة مزمنة بالنسبة للمواطنين، الذين يطالبون الرئيس بمكافحة الفساد فى هذا القطاع. فالشعب الجزائرى يتهم المسئولين والمقربين من النظام بتكوين «مافيا للأراضى» لتستولى على مساحات كبيرة من الأراضى بأبخس الأثمان لإعادة بيعها مرة أخرى بأثمان مرتفعة أو تخصيصها لمشروعات استثمارية، بينما لا يستطيع المواطن العادى الحصول على إذن أو قرض لشراء أرض أو على تراخيص البناء. وتشكل أزمة الدخل ثانى التحديات التى يواجهها الرئيس الجزائرى، فالمواطن يأخذ على بوتفليقة تجاهل أوضاعه اليومية، وما يسمى فى الجزائر بسياسة «الحقرة»، بينما البلد يزخر بالثروات خاصة النفط والغاز، اللذين يمثلان الدخل منهما 60% من ميزانية الدولة وأكثر من 95% من صادراتها. «لا يعقل أن يكون مرتبى 300 دينار (170دولارا)، وهو ما لا يكفى للزواج، بينما البلد حقق فائضا يساوى 150مليار دولار «هكذا يشكو عبدالرحمن عياشى، 30 سنة موظف فى الدولة. ويذكر أن ارتفاع أسعار البترول فى الأعوام الماضية حقق هذا الفائض الضخم للجزائر وسمح للبلد بتسديد معظم ديونه، حتى إن الأزمة المالية العالمية لم ثؤثر عليه حتى الآن. ولكن تظل مشكلة البطالة من أهم التحديات أمام الرئيس المنتخب، والذى وعد بتكريس 150 مليار دولار على فترة خمس سنوات لخلق ثلاثة ملايين فرصة عمل وخفض نسبة البطالة المنتشرة بين الشباب، حيث إن 70% من ال32 مليون مواطن عمرهم أقل من 30 سنة، ونسبة البطالة فى البلاد تبلغ 10% طبقا للأرقام الرسمية و30% طبقا لمصادر مستقلة. وفى مواجهة هذه الصعوبات و التحديات تعتبر مسألة عودة الأمن بعد موجة العنف، التى سادت فى التسعينيات والتى خلفت ما بين 150 و200 ألف قتيل أقوى نقطة يعتمد عليها بوتفليقة، لكن الوضع ليس فى صالح بوتفليقة تماما على الرغم من أن العديد من مقاتلى الجماعات الإسلامية قد أعلنوا توبتهم، فإن الكثيرين منهم عادوا وانضموا الآن إلى تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب، التى تبنت حوالى 20 عملية مؤخرا قتل فيها أفراد من قوات الأمن. ولم تتمكن سياسة المصالحة التى أعلنها بوتفليقة من إقناع كل المقاتلين بإلقاء سلاحهم، حيث يبقى الكثير منهم مختبئين فى المناطق الجبلية، ويستهدفون من وقت لآخر عناصر الدولة. كذلك فإن عائلات الضحايا تنتقد هذه المصالحة لأنها منحت لأعضاء الجماعات الإسلامية وكذلك عناصر الميليشيات المسلحة الموالية للدولة والتى كانت تقبض على المواطنين فى منتصف الليل ثم يختفون ولا يعرف عنهم شيئا بعد ذلك منحتهم عفوا يرون أنهم لا يستحقونه. أهالى المفقودين يؤكدون أن هذه المصالحة والقانون الخاص بها الذى وضع عام 2006 قد حرمهم من حق معرفة ما حدث لذويهم، ومن محاسبة المسئولين عن هذه الممارسات لأنه يعاقب من يجرؤ على السؤال أو التشكيك فى ذلك بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.