اعتادت جماهير كرة القدم على متابعة بعض المفاجآت فى بطولات كأس العالم فى المباريات الأولى من المنافسات والتى تحاول فيها جميع الفرق تقديم الأفضل مدفوعة بالحماسة خاصة تلك التى تشارك للمرة الأولى أو نادرا ، ولذا نجد بعض الفرق الكبيرة تدفع الثمن بنتائج لم تكن محسوبة كما حدث فى افتتاح كأس العالم إيطاليا 1990 عندما سقط مارادونا ورفاقه أمام الكاميرون. وذكر الفيفا فى تقرير نشر على موقعه الرسمى اليوم "السبت" أن نسخة كوريا الجنوبية واليابان 2002 صنفت بأنها بطولة المفاجآت لوصول منتخبين للدور نصف النهائي لم يكن أحد يتوقع لهما ذلك (كوريا الجنوبية وتركيا) فى بطولة شهدت عددا كبيرا من النتائج غير المتوقعة فى الأدوار الإقصائية، لكن كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 شهدت فى دورها الأول جملة من المفاجآت والمفارقات لتسجل أحداثا غير مسبوقة. فقد خرج حامل اللقب للمرة الرابعة فى تاريخ المسابقة حيث ودع المنتخب الإيطالي دون أى فوز للمرة الأولى فلم يحقق سوى تعادلين وهزيمة فى سجل هو الأسوأ للآزورى بكأس العالم علما أن مرماه تلقى 5 أهداف خلال ثلاث مباريات بالمقارنة مع هدفين فى 7 مباريات بألمانيا 2006. وكانت إيطاليا فقدت لقبها من قبل ببطولة 1950 فى البرازيل حين خرجت من الدور الأول بعد تتويجها عام 1938، ثم تجرعت البرازيل من نفس الكأس فى بطولة 1966، وتكرر الأمر مع فرنسا عام 2002 والتى انفردت برقم سلبى آخر ذلك العام كونها خرجت من الدور الأول دون أن تسجل أى هدف بعد خسارة وتعادلين سلبيين. وإذا كان خروج البطل أمرا حدث من قبل فإن مرافقة الوصيف له فى العودة مبكرا إلى الديار تحدث للمرة الأولى فى تاريخ المونديال، حيث اكتفى منتخب فرنسا الوصيف فى ألمانيا 2006 بتذيل مجموعته بنقطة واحدة وهدف واحد متعرضا لخاسرتين تاريخيتين أمام المكسيكوجنوب أفريقيا. وللمرة الأولى فى تاريخ المسابقة أيضا يخرج منتخب الدولة المنظمة من المنافسة مكتفيا باللعب بدور المجموعات فقط حيث حل منتخب "بافانا بافانا" ثالثا فى المجموعة الأولى خلف المكسيك بفارق الأهداف فقط. ولم تقتصر الخيبة الأفريقية على المنتخب المضيف بل شملت الجميع باستثناء غانا التى تأهلت بفارق الأهداف على حساب أستراليا وسجلت هدفيها فى الدور الأول من ضربتى جزاء ، وبذلك حصل عكس ما هو متوقع بحسب النقاد الذين أطلقوا على البطولة اسم "المونديال الإفريقي" متوقعين تألقا جماعيا لفرق القارة السمراء. فممثل العرب الوحيد المنتخب الجزائرى وإن كان متوقعا خروجه من مجموعة ضمت إنجلترا وأمريكا إلا أنه فشل بتسجيل ولو هدف واحد ، أما منتخب الكاميرون فقد خرج بالحصيلة الأسوأ بتاريخ مشاركاته المونديالية بعد ثلاث هزائم ، ولم يكن الحال أفضل للمنتخب النيجيرى الذى فشل بجمع أكثر من نقطة يتيمة، ولا لمنتخب كوت ديفوار الذى لم يتمكن من مقارعة العملاقين البرازيلى والبرتغالى فاكتفى بشرف العروض الطيبة ليحل ثالثا فى المجموعة. ولا شك أن بعض المنتخبات التى اعتادت على الحضور المؤثر رغم عدم تحقيقها للانجازات قد أصيبت بخيبة أمل ولعل أبرزها منتخبات الدنمارك الذى تجاوز فى مشاركتيه السابقتين الدور الأول فى 1998 و2002 وكذلك منتخب سويسرا الذى وصل للدور الثانى فى البطولة الماضية كما أنه سجل رقما قياسيا فى صمود شباكه دون أن تهتز خلال مباريات النسخة الحالية لكنه فشل فى تحقيق أكثر من الفوز على منتخب أسبانيا فى إحدى أبرز نتائج الدور الأول، كما أخفق المنتخب الأسترالى بتكرار إنجاز عام 2006 وخرج بفارق الأهداف أمام غانا حيث لم يصح إلا فى المباراة الأخيرة أمام صربيا. وبنظرة عامة على الفرق المتأهلة للدور الثانى نجد تراجعا كبيرا لمنتخبات أوروبا التى كان لها "حصة الأسد" منذ اعتماد مشاركة 32 منتخبا فى النهائيات أى منذ بطولة 1998 حيث تأهلت ست منتخبات فقط فى البطولة الحالية (إنجلتراوألمانيا وسلوفاكيا وهولندا والبرتغال وأسبانيا)، مقارنة بتأهل 10 منتخبات فى فرنسا 1998 و9 فى كوريا الجنوبية واليابان 2002 و10 فى ألمانيا 2006. وستزيد هموم القارة العجوز كون مراكز الفرق الأوروبية المتأهلة فى مجموعاتها فرضت عليها ثلاث مواجهات ثنائية (ألمانياوإنجلترا، هولندا وسلوفاكيا، أسبانيا والبرتغال)، ما يعنى اقتصار الحضور الأوروبى فى ربع النهائى على ثلاث فرق فقط للمرة الأولى . وشهدت كافة البطولات السابقة التى اعتمدت نظام خروج المغلوب فى ربع النهائى وجودا أوروبيا أكبر (4 منتخبات عام 1970 ، 5 منتخبات أعوام 1966 1986 ، 6 منتخبات أعوام 1954 1962 1990 1998 ، 7 منتخبات أعوام 1938 1958 1994 ، وكان الحضور أوروبيا خالصا عام 1938) . وحتى فى البطولات التى أقيم فيها ربع النهائى بنظام المجموعات كانت الهيمنة الأوروبية طاغية ففى عام 1974 لعب من مجموعتين وحضرت 6 فرق أوروبية من أصل 8 ، وعام 1978 لعب بنفس النظام وحضرت 5 فرق أوروبية ، وعام 1982 لعب من أربع مجموعات وتواجدت 10 فرق أوروبية من أصل 12. ولا شك فى أن الإثارة مرشحة للتصاعد فى الأدوار القادمة فهل تقدم لنا المباريات الحاسمة الإقصائية مزيدا من المفارقات والمفاجآت غير المحسوبة ؟