تساءل الكاتب ديفيد إجناشيوس، في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن سبب عدم ثورة العالم الإسلامي عند حدوث هجمات إرهابية تستهدف مدنيين عزل وأبرياء في بلاد الشرق الأوسط، موضحا أن الإرهاب يمس العالم الإسلامي أكثر من الغرب، ومع ذلك ما يزال الكثير من المسلمين صامتين تجاه ما يحدث. لكن إجناشيوس أثنى في الوقت نفسه على الفتوى السعودية التي جرمت الإرهاب وحرمته وحرمت تمويله، ووصف الفتوى بأنها إدانة صريحة للإرهابيين وشبكات تمويلهم المستترة المتشعبة، كما أنها لا تحتمل الالتفاف حولها، وإنما هي واضحة وقاطعة ولا لبس فيها، ولا يمكن لأي جهة دينية أخرى أن تعارضها أو تبرر العنف والإرهاب دينيا. وأشار إجناشيوس إلى أن ممولي الإرهاب لعبوا دورا كبيرا في دعم الجماعات المتطرفة ماديا، لذلك ركزت الفتوى عليهم، ربما أكثر من تحريم الإرهاب نفسه. وأهمية الفتوى تكمن في أنها صدرت عن أعلى سلطة تشريعية إسلامية في أهم مملكة إسلامية في الشرق الأوسط، كما أنها ستكون أساسا دينيا وقانونيا قويا بما يكفي لمحاربة الإرهاب وشبكات تمويله المتعددة والمنتشرة في العالم كله. وتقول السلطات السعودية إن الملك عبد الله بن عبد العزيز بادر ببعض التوصيات التي أدت في النهاية إلى صدور هذه الفتوى المهمة، عن طريق اقتراحه لقانون يجرم تمويل الإرهاب. وتوضح هذه الخطوة أن الملك عبد العزيز ناقض الاتجاه السائد في العائلة المالكة بالسعودية التي تميل إلى الحذر الشديد في التعامل مع المؤسسة الدينية، كونها تستقي منها وجودها الشرعي في المملكة. ويعتقد الكاتب أن هذا الحراك يعكس اعترافا ضمنيا أن بعض أفراد العائلة المالكة أصبحوا أهدافا للقاعدة في حد ذاتهم، والدليل هو محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بالسعودية، في أغسطس الماضي. ختاما، يرى ديفيد إجناشيوس أن صدور مثل هذه الفتوى يعكس اتجاها معتدلا في المؤسسة الدينية لأكثر البلاد تشددا في العالم الإسلامي، وهو ما يمكن أن ينعكس بالضرورة على الشعوب الإسلامية وتفكيرها فيما بعد.