في مثل هذا اليوم، 15 نوفمبر، ولد عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي لم يكن دوره مقتصرًا على تجديد الفكر واللغة والنقد الأدبي فحسب، بل امتد ليشمل مواقف سياسية واضحة تجاه قضايا عصره، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. فقد شكّلت فلسطين محورًا رئيسيًا في مقالاته التي نشرتها جريدة الجمهورية عام 1956، والتي أعاد الدكتور كمال مغيث جمعها ونشرها ضمن كتابه: "طه حسين: مشروعه التربوي والثقافي والفكري"، ونستعرض أبرز الأفكار والمواقف في التقرير التالي : -الغرب يمهد لقيام إسرائيل وفي البداية، لم يَفُتْ طه حسين دورُ القوى الكبرى الإمبريالية في التمهيد للصهيونية ومساعدتها على إنشاء كيانها الاستعماري في فلسطين، فهو يتحدث عن موقف فرنسا وإنجلترا وأمريكا في التمكين لإسرائيل وحمايتها بعد أن قامت، ويقول صراحة: "إن إسرائيل قد قامت بإرادة الغرب الأمريكي والأوروبي، وأصبحت دولة، وأصبح الغرب من الحق عليه أن يحميها". ويتناول طه حسين في مقالاته بصحيفة الجمهورية نقدًا واضحًا لدور القوى الكبرى في إنشاء إسرائيل وحمايتها. فهو يرى أن التحالف بين إسرائيل والغرب، ومؤتمرات هذا التحالف ومؤامراته، مصدر شر لا خير، ومصدر حرب لا سلم، وتشجيع على العدوان لا كفّ عنه. كما يعدّ هذا التحالف سببًا في إهدار قوة الأممالمتحدة، وإلغاء هيبتها، والسخرية من قراراتها. ويمضي طه حسين في الحديث عن الحركة الصهيونية نفسها، فيقول: "إن من يتتبع الأمور من مصادرها إلى مواردها يجدها، ويجد أعمال اليهود والصهيونيين منهم خاصة، وأقوالهم، وخطراتهم، وهواجسهم، من أصولها في العهد القديم والعهد الجديد، ويصور براعتهم وسعة حيلتهم في السعي والدأب، وفي الكيد والمكر، وفي شرائهم العقول والضمائر بالمال حين يحتاجون إلى شرائها بالمال، وفي استغلال سلطان المال على الحكومات إلى أقصى حدود، وفي اغتنام الفرص والانتفاع بها… يصيبهم ما يصيب الناس جميعًا"، بحسب العدد الصادر في 6 أبريل 1956. ويشير أيضًا إلى أن إسرائيل قامت بإرادة الغرب الأمريكي والأوروبي، وأن هذا الغرب أصبح يرى أن الحق عليه أن يحمي وجودها. وقد جاء ذلك في مرحلة كان طه حسين يتولى فيها لفترة رئاسة تحرير صحيفة الجمهورية، التي أسستها حكومة ثورة يوليو لتكون لسانًا للثورة، ووضعها مجلس قيادة الثورة تحت إشراف السادات ثم صلاح سالم، قبل أن يتولاها لبعض الوقت طه حسين. ويعود طه حسين للحديث عن حرب فلسطين وشعبها، وعمّا ابتُليت به الإنسانية المتحضرة من مأساة الشعب الذي اضطره "الجهد المظلم" إلى الحرب، قائلاً: "هذا الشعب الذي اضطره الجهد المظلم إلى الحرب، ويلقى مُرًّا، وهذه المئات الكثيرة من آلاف الناس الذين لا ذنب لهم إلا أنهم عرب، لم يتهموا الناس بأذى، والاستزادة من حياتهم، والاحتفاظ بحقهم في الحياة الكريمة التي يأذن الله بأن ينعمها على الناس جميعًا. - النكبة.. هل قصر العرب في الدفاع عن فلسطين؟ ثم يتطرق إلى الدور العربي في نكبة فلسطين، فيشير إلى التقصير العربي أمام الخطر الداهم، مؤكدا أن هذا التقصير لم يكن ذنبًا سوى أنهم كانوا ضعفاء، لا يملكون وسائل الدفاع عن أنفسهم، وقد أخطأهم التوفيق حين خافوا لجهادهم، فلم يبلغوا مما أرادوا شيئًا. ويقول عنهم: لم يبلغوا مما أرادوا شيئًا، ولم يجدوا وسائل المضايقين قليلًا من حقهم في الحياة الكريمة، كثيرًا، حسب عدد الجمهورية، الصادر في 24 يونيو 1956.