الزمان: فجر يوم 25 يونيو عام 2006 المكان: موقع ما فى قطاع غزة يؤدى إلى أحد الأنفاق العملية: عملية «الوهم المتبدد» وفقا للتسمية الفلسطينية ثلاث فصائل فلسطينية نسقت لتنفيذ هجوم مسلح على موقع إسرائيلى كانت المجموعة المنفذة تضم عناصر من «كتائب القسام» بقيادة محمد الضيف وأحمد الجعبرى، و«لجان المقاومة الشعبية» بقيادة جمال أبو سمهدانة وأبو يوسف القوقا، وجيش الإسلام «ممتاز دغمش» تسللت المجموعة المنفذة من أحد الأنفاق فى قطاع غزة إلى موقع عسكرى إسرائيلى فى منطقة كرم أبو سالم ونفذت هجوما مسلحا على القوة الإسرائيلية الموجودة، ما أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين، وإصابة بعض الجنود، ثم تم انسحاب المجموعة المنفذة ومعهم أحد الجنود الإسرائيليين المصابين إلى داخل قطاع غزة كان الجندى الأسير هو «جلعاد شاليط» الذى ولد فى مدينة «نهاريا» شمال إسرائيل فى 28 أغسطس 1986 لأبوين يحملان الجنسية الفرنسية إلى جانب الجنسية الإسرائيلية. بالطبع بعد ساعات قليلة من تنفيذ العملية كان الوفد الأمنى المصرى الموجود فى قطاع غزة على علم بالعملية، وعبر اتصال هاتفى طلب أحد قياديى حركة حماس من رئيس الوفد الأمنى المصرى التدخل لإتمام عملية تبادل للجندى الإسرائيلى، بعدد من القيادات الفلسطينية الأسرى فى السجون الإسرائيلية، لتبدأ بعد هذا الاتصال عملية معقدة من التفاوض قادها الوفد الأمنى المصرى بكفاءة واقتدار وانتهت فى يوم 18 أكتوبر عام 2011 بإتمام صفقة التبادل والإفراج عن الجندى جلعاد شاليط مقابل إطلاق سراح 1027 أسيرا فلسطينيا فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، كان من بينهم القيادى الحمساوى «يحيى السنوار». اتفاق شرم الشيخ الزمان: أكتوبر 2025 المكان: مدينة شرم الشيخ المصرية المهمة: الاتفاق على الآليات والإجراءات الخاصة بوضع خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة موضع التنفيذ كان الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى قد أصدر توجيهاته بضرورة العمل على تذليل جميع العقبات أو العراقيل التى يمكن أن يضعها أى طرف لتعطيل التنفيذ، وكانت المتابعة الرئاسية لما يدور فى شرم الشيخ من لقاءات على مدار الساعة. وفى قلب المشهد وفد أمنى مصرى رفيع المستوى عالى الخبرة ينفذ توجيهات الرئيس السيسى، بالتنسيق مع مختلف مؤسسات الدولة المصرية، ويكثف اتصالاته واجتماعاته بالفريق القطرى لتنفيذ المهمة، التى التحق بالعمل فيها وفد تركى برئاسة رئيس المخابرات التركية، ووفد أمريكى برئاسة ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر المدعوم بقوة من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وعلى الجانب الآخر وفد من حركة حماس برئاسة خليل الحية، قبل أن يلتحق به وفدان أحدهما من حركة الجهاد الإسلامى يترأسه محمد الهندى والآخر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يترأسه جميل مزهر، وفى المقابل وفد إسرائيلى يضم عناصر أمنية وفنية وسياسية لم يكن التوصل لاتفاق شرم الشيخ بالمهمة السهلة فقد بذلت مصر جهودا مكثفة على مدار عامين كاملين وكان التنسيق مع قطر على أعلى المستويات، وكان الترحيب بأى جهد يبذل من أى جهة أو دولة أمر مرحب به من القاهرةوالدوحة على حد سواء، فالهدف الأهم كان هو وقف نزيف الدم الفلسطينى، ووقف العدوان الإسرائيلى متعدد الجولات متنوع الساحات. نحو ثلاثة عشر عاما تفصل بين نجاح مصر فى إتمام صفقة الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط «وفاء الأحرار» وبين نجاحها فى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وفقا لخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. تختلف المهمتان دون شك وتتداخل التفاصيل لكن يبقى العنوان العريض المتفق عليه مصريا رسميا وشعبيا فى المهمتين. إن مصر ليست وسيطا وحسب بل شريكا أساسيا يعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية تمس الأمن القومى المصرى بشكل مباشر. فى صفقة شاليط كانت مهمة الوفد المصرى غاية فى التعقيد من عدة جوانب، فهى أول عملية أسر تنفذها الفصائل الفلسطينية داخل «حدود إسرائيل» كما أنها أول صفقة تبادل تقودها مصر، فقبلها كانت الصفقة الموصوفة بأنها أكبر عملية لتبادل الأسرى والتى جرت فى 23 نوفمبر 1983، بين حركة «فتح» وإسرائيل، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فى ميناء طرابلس شمال لبنان. وسلّمت حركة "«فتح» بموجبها 6 جنود إسرائيليين كانت تحتجزهم، فيما أفرجت إسرائيل عن جميع أسرى «معسكر أنصار» الذى شيدته فى الجنوب اللبنانى، من فلسطينيينولبنانيين، إضافة إلى أسرى آخرين فى النبطية وصيدا وصور، و65 أسيرا من السجون الإسرائيلية ومن هذه الزاوية كان التدخل المصرى فى صفقة شاليط غاية فى الأهمية لأنه سجل الحضور الأول فى هذا النوع من التفاوض خلال مفاوضات صفقة شاليط التى استمرّت لنحو خمس سنوات رحبت مصر بأى دور يساعد فى إنجاز المهمة، وحين طلبت إسرائيل الدفع بوسيط ألمانى بزعم أن مصر كانت تنحاز للجانب الفلسطينى أثناء المفاوضات، لم تعترض مصر بل ساعدت الوسيط الألمانى الذى انسحب لاحقا رغم الدعم الذى قدمته إسرائيل له لإتمام الصفقة. وخلال مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة قبل توقيع اتفاق شرم الشيخ، رحبت مصر كذلك بالوساطة القطرية ونسقت مع الدوحة فى كل المراحل، وكذلك فعلت مع الدور الأمريكى والتركى وأى دور كان يمكن أن يسهم فى وقف العدوان. لا تبحث مصر عن دور فى القضية الفلسطينية، فدورها تفرضه حقائق التاريخ والجغرافيا، ولا تسعى خلف الظهور فى المشهد، فبدونها لا يكتمل المشهد أصلا، لكنها تؤدى المهمة التى خلقت من أجلها كدولة مركزية فى المنطقة والعالم.