البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    هيثم الشيخ: البرلمان القادم سيشهد تمثيلاً تاريخياً لمعظم الأطياف السياسية والمعارضة    الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة يطلقان النسخة الرابعة من محاكاة قمة المناخ COP30    وزارة الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    الحية في القاهرة بعد نجاته من ضربة إسرائيلية للمشاركة في مفاوضات غزة    وزير خارجية الكويت: مجلس التعاون ينظر إلى الاتحاد الأوروبي كشريك أساسي في دعم الاستقرار الدولي    حبس المتهم بسرقة هاتف محمول من داخل محل بالسلام بعد تنفيذ 4 وقائع    حبس المتهمين بإدارة نادي صحي لممارسة أعمال منافية في مدينة نصر    قرار من النيابة ضد المتهم بالتعدي على آخر في حدائق القبة وبحوزته سلاحان ناري وأبيض    وزير الخارجية يلتقى عددًا من المندوبين الدائمين بمنظمة اليونيسكو    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاثنين 6102025    عوقب بسببها بالسجن والتجريد من الحقوق.. حكاية فضل شاكر مع «جماعة الأسير»    وكيل فيريرا: المدرب لم يجتمع مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة الجونة.. وهذا الكلام "من وحي الخيال"    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة السعودية � النرويج Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | مباراة ودية دولية 2025    خبر في الجول – اجتماع بين لبيب وجون إدوارد.. وانتظار عودة فيريرا لاتخاذ القرار المناسب    تفاصيل الجلسة العاصفة بين حسين لبيب وجون إدوارد    أسعار اللحوم فى أسيوط اليوم الاثنين 6102025    تحديث مباشر ل سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الاثنين 06-10-2025    سعر السمك البلطى والكابوريا والجمبرى في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    بارد ليلا..اعرف حالة الطقس اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    وزير التربية والتعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان عددًا من المشروعات التعليمية الجديدة    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    وفاة مسن داخل محكمة الإسكندرية أثناء نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض الأبيض والأحمر في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    بعد حفله في مهرجان النقابة.. تامر حسني يشارك جمهوره بيان شكر «المهن التمثيلية»    5 أبراج «بيفشلوا في علاقات الحب».. حالمون تفكيرهم متقلب ويشعرون بالملل بسرعة    هل استخدم منشار في قطعها؟.. تفاصيل غريبة عن سرقة اللوحة الأثرية الحجرية النادرة بسقارة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    ترقي وإعادة تعيين المعلمين 2025.. «الأكاديمية» تحدد مواعيد جديدة لاختبارات الصلاحية    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر قبل السفر للمغرب لملاقاة جيبوتى    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي إلى وضعه الطبيعي    أتلتيكو مدريد يعود لنتائجه السلبية بالتعادل مع سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    سعر الذهب اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025.. عيار 14 بدون مصنعية ب 3480 جنيها    السويد: إذا صحت أنباء سوء معاملة إسرائيل لثونبرج فهذا خطير جدا    آمال ماهر تتألق بأغانى قالوا بالكتير ولو كان بخاطرى وأنا بداية بدايتك بحفل عابدين    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    مدير المركز الإعلامي لغزل المحلة: كستور يتحمل العصور رسالة وطنية لإعادة إحياء رموزنا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل: زلزال بقوة 5 درجات يضرب باكستان.. وزير دفاع أمريكا يهدد بالقضاء على حماس إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار.. ترامب: مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة تسير بشكل جيد للغاية    محافظ الشرقية ينعي فني إنارة توفي أثناء تأدية عمله الزقازيق    هل يجوز استخدام تطبيقات تركيب صور البنات مع المشاهير؟.. دار الإفتاء تجيب    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    محمد شوقى يمنح لاعبى زد راحة 48 ساعة خلال توقف الدورى    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    ما هي مراحل الولادة الطبيعية وطرق التعامل معها    نائب وزير الصحة لشؤون السكان: «دليل سلامة حديثي الولادة» خطوة فارقة في حماية الأطفال    الديهي: جيل كامل لا يعرف تاريخ بلده.. ومطلوب حملة وعي بصرية للأجيال    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    اليوم العالمي للمعلمين 2025.. دعوة لإعادة صياغة مهنة التدريس    جامعة بنها الأهلية تنظم الندوة التثقيفية احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر المجيد    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    ننشر عناوين مقرات توقيع الكشف الطبي على المرشحين لمجلس النواب في الإسكندرية (تعرف عليها)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب وأشياء أخرى
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 10 - 2025

يُحكى أن جارية بارعة الجمال، عذبة الصوت، كانت تُدعى «زادمهر»، رآها يوما فتى من بغداد فعشقها، وأخذ فى استعطافها بالمراسلات والمكاتبات، وهى لا تعرف إلا الدنيا والدينار.
وجعل الفتى يصف لها فى رقاعة - جمع الرقعة التى كانت تُستخدم للكتابة عليها - عشقه وسهره فى الليالى، وتقلبه على حر المقالى - والمقالى جمع المقلى، وهو المكان الذى يُقلى فيه الطعام من الفول والحمص ونحوهما - وامتناعه عن الطعام والشراب. فلما أعياه أمرها ويئس من تعطفها عليه كتب إليها رسالة قال فيها: «وإذ قد منعتنى زيارتك، فمُرى بالله خيالك أن يطرقنى ويبرد حرارة قلبى»، فقالت زادمهر لرسولته: «ويحك، قولى لهذا الرقيع أنا أعمل ما هو خير لك من أن يطرقك خيالى، أرسل إلىّ دينارين فى قرطاس حتى أجيئك أنا بنفسى».
يا ويح الفتى.. فالمرأة التى أحبها وهام بها عشقا ليست سوى عاهرة تعطى جسدها لمن يدفع.
حضرتنى هذه القصة عميقة الدلالات وأنا أستمع لشكوى زميل شاب من فتاة أحبها وظن أنها تبادله حبا بحب، لكنه اكتشف بعد فترة أنها كانت تخدعه، وأن علاقتها به لم تكن سوى محاولة للوصول لرجل آخر أكثر منه ثراءً وأعظم شأنا، وهو ما حدث بالفعل، إذ بعد أن وصلت لمبتغاها، أخبرته أنها لم تكن تحبه، وأنه هو المسئول عن تفسير علاقتهما على هذا النحو، وأنها لم تفكر فيه كحبيب أو زوج على الإطلاق.
حاولت تهدئة الزميل الشاب، وأعدت على مسامعه قصة الجارية «زادمهر» التى ذكرها أبو المطهر الأزدى فى كتاب «حكاية أبى القاسم البغدادى» والشاهد كما ذكرت لزميلى الشاب أن هناك من النساء من يتصور البعض أنهن من العفيفات الشريفات، فينسج من خياله وهمًا يقوده للوله بهن والوقوع فى غرامهن، غير أن حقيقتهن تكون عكس ذلك تماما.
غير أن أشباه «زادمهر» الجارية ليسوا فقط بين النساء، فهناك رجال كُثر يحملون ذات الصفات، ويخال للمرء أنهم شرفاء غير أن حقيقة سلوكهم وجوهر معادنهم يؤكد خستهم ودناءة أخلاقهم، ولهذا النوع من النساء والرجال حضور طاغٍ وتأثير واسع، وهم - رجالا ونساءً - لديهم قدرة فائقة على التلون وإخفاء حقيقة أخلاقهم بغلالة من الأدب والاحترام الذى لم يطرق لهم يوما بابا.
كنت أواصل الحديث مع الزميل الشاب بينما كانت الشاشة المعلقة أمامنا فى المقهى الذى يجمعنا تبث فيلم «إنت حبيبى» من بطولة شادية وفريد الأطرش وإخراج يوسف شاهين، وكانت الأغنية التى أراها واحدة من أجمل الأغانى وألطفها «يا سلام على حبى وحبك».
فقررت أن أروى له جانبا من قصة هذا الفيلم وكيف كتب؟ ولماذا قبل يوسف شاهين إخراجه، وكيف كانت العلاقة بينه وبين فريد الأطرش وشادية؟ وهى قصص لطيفة بالفعل أخبرنى بها الصديق فيصل الأطرش نجل فؤاد الأطرش، وتصورت أن فيها من الطرافة ما قد يخرج زميلى الشاب من حزنه بسبب خدعة الفتاة التى أحبها، أو تصور أنه يحبها.
لكنه فاجأنى بسؤال جاد فأبعدنى تماما عما كنت أود الحديث فيه، قال زميلى الشاب: هو إيه الحب ده اللى بيعذبنا؟ أحسن حاجة الواحد يعيش من غير حب ووجع قلب! الحب.. هذان الحرفان المحلقان فى فضاء الكون بلا حدود.
ما الحب؟ سؤال حارت فى الإجابة عنه عقول الفلاسفة والعاشقين.
صاحب «الفتوحات المكية» محيى الدين بن عربى يمتلك تصورا خاصا فى فهم الحب ومعانيه، فالحب عنده فى أحد معانيه وتجلياته هو كما يقول:
«من حد الحب ما عرفه، ومن لم يذقه ما عرفه، ومن قال رويت منه ما عرفه فالحب شرب بلا رى».
إذا يتسع الحب ليشمل كل شىء، هو كرحمة الله وسعت كل شىء، والمحب الحق هو الذى يشمل حبه كل شىء.
أما سلطان العاشقين عمر بن الفارض فيحلق بنا فى فضاء حبه الواسع:
ولقدْ خلوتُ معَ الحبيبِ وبيننا
سِرٌّ أرَقّ مِنَ النّسيمِ، إذا سرَى
وأباحَ طرفى نظرة ً أمَّلتها
فغدوتُ معروفا وكنتُ منكَّرا
فدهشتُ بينَ جمالهِ وجلالهِ
وغدا لسانُ الحالِ عنى مخبرا
فأدِرْ لِحاظَكَ فى مَحاسِن وَجْهِهِ،
تَلْقَى جَميعَ الحُسْنِ، فيهِ، مُصَوَّرا
يا الله هو الحب الصافى وفيه لا يرى الحبيب سوى حبيبه الذى جمع فى وجهه الحسن.
لقد أخطأت يا زميلى العزيز
إنه الحب الذى يحيل حياة المحب إلى راحة وسكينة وطمأنينة أبدية.
هو الحب الذى يمنح صاحبه قدرة فائقة على مواجهة موجات القبح المقبضة ولفحات الكره وعواصفه الكريهة.
هل قرأ الإرهابيون إبداعات ابن عربى أو سمعوا نجوى عمر بن الفارض؟
بالتأكيد لا، فهؤلاء لا يعرفون هذا الحب.
هل يمكن أن يتحول المحبون إلى إرهابيين؟
بالقطع لا فمن ذاق قلبه طعم الحب لا يمكن أن يعرف للكره والقتل طريقا.
وواصلت يا زميلى العزيز لا تتوقف كثيرا عند هذه القصة التافهة ولتبدأ من جديد فالحب يفتح للمرء آفاقا واسعة من الجمال الذى لا يعرفه الكارهون والمنافقون والأفاقون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.