أسطول الحرية يا بنى.. أبطال ركبوا سفنا.. ليقولوا إن غزة لن تموت يوما.. أبطال خرجوا للشهادة.. أبطال أتوا ليوقظوا الأمة النائمة».. «حنين هى عضو فى الكنيست (البرلمان الإسرائيلى) تدعم الإرهاب وكل ما هو سيئ للدولة.. يجب أن نخرجها من الكنيست.. يجب أن نقتلها أو نطردها خارج دولتنا. رسالتان متداولتان على نطاق واسع.. الأولى على «تويتر» والأخيرة على «فيس بوك».. ولعله ما من عبارت تجسد أكثر منهما حالة الانقسام الحاد داخل الخط الأخضر (إسرائيل) حول مشاركة النائبة العربية فى الكنيست عن حزب التجمع الوطنى الديمقراطى حنين زعبى (41 عاما) فى «أسطول» الحرية، الذى باغته جيش الاحتلال الإسرائيلى فجر الاثنين الماضى بهجوم دامٍ. وما بين هذين المعسكرين بدأ حوار «الشروق» مع حنين بسؤالها إن كانت ستكرر المحاولة إن سنحت لها الفرصة؟ فأجابت: بالطبع. رغم طوفان الغضب الإسرائيلى عليك؟ لو حاولت تلافى غضب الإسرائيليين فلن أفعل شيئا.. إنهم عنصريون، وكل تحرك للحفاظ على هويتنا الفلسطينية العربية يغضبهم، وحتى لو تنازلنا عن حقوقنا على أرضنا المحتلة فلن يرضوا عنا أبدا. بعد محاولة الاعتداء الجسدى عليك فى الكنيست الأربعاء الماضى ألا تخشين على حياتك؟ وصلنى نحو مائة تهديد بالقتل عبر هاتفى الجوال وهواتف مكتبى وعبر البريد الإلكترونى، فضلا عن فيس بوك وتيوتر.. ومعظم وسائل الإعلام الإسرائيلية تحرض المتهورين على.. المشكلة أنه حتى العقلاء من الإسرائيليين عنصريون يكرهون المساس بالدولة.. لذا أخشى بالفعل اغتيالى. أليس مِنْ تدابير لحمايتك؟ الكنيست خصص لى حراسا لحمايتى داخل المبنى بعد محاولة بعض النواب الاعتداء جسديا على.. كما يرافقنى حراس خاصون خارج الكنيست.. وهذه هى المرة الأولى فى تاريخ دولة الاحتلال التى يتم فيها تعيين حراسة لنائب، فعادة ما تكون مثل هذه الحراسة للوزراء وللرؤساء فقط. هل من تغييرات طرأت على الشارع الإسرائيلى بعد مجزرة «أسطول الحرية»؟ تغييرات كثيرة. فى اتجاه العداء للفلسطينيين أم دعم حقوقهم؟ للأسف زاد العداء لكل ما هو فلسطينى عربى، وخاصة للعرب داخل الخط الأخضر (الأراضى المحتلة عام 1948).. فالإسرائيليون قد يتقبلون منا الدفاع عن غزة أو الضفة أو عرب الداخل، لكن الحكومة والجيش أقنعوهم بأن «أسطول الحرية» كان يحمل إرهابيين، وحنين تدافع عن الإرهابيين. كل هذا الغضب لمجرد الحديث عن الإرهاب؟ ما يغضبهم خاصة أننى خلال جلسة الكنيست مساء الأربعاء هاجمت جيش الاحتلال، وقلت إنه ارتكب «عملا إجراميا من أعمال القرصنة».. والإسرائيليون لا يغفرون لأحد المساس بهيبة الجيش.. إنهم بالنسبة لهم أهم مؤسسة.. إنه عجلهم المقدس. كل ما حدث لك ألا يفضح ما تسميه تل أبيب «الديمقراطية الإسرائيلية»؟ أشفق على كل من استغرق عشرات السنين ليدرك أن إسرائيل دولة عنصرية وقامعة ومحتلة.. يكفى الاحتلال، يكفى الاغتيال، يكفى الحصار.. فمجزرة «أسطول الحرية» هى إحدى جرائم إسرائيل الصغرى.. أما جرائمها الكبرى فكثيرة على رأسها الاحتلال والحصار. هل من تحركات شعبية أو برلمانية أو قانونية ضد الجريمة الإسرائيلية؟ لقد خرج عرب 48 الاثنين الماضى فى مظاهرات حاشدة، وفى اليوم التالى نفذنا إضرابا شاملا.. والآن أنا بصدد جمع شهادات المتضامنين ال700 الذين كانوا على متن سفن أسطول الحرية الستة.. وأدعو النائبين المصريين (محمد البلتاجى وحازم فاروق) الذين كانا معنا إلى تسجيل شهادتهما.. لا نريد أن يكتفى كل متضامن برواية شهادته عبر التليفزيون ثم تذهب طى النسيان.. سنجمع الشهادات فى وثيقة نتوجه بها إلى الأممالمتحدة والمحاكم الدولية لمحاكمة الاحتلال الإسرائيلى على جريمته الدامية. بدأ وزير الداخلية الإسرائيلى إيلى يشاى مساع لسحب الجنسية منك، بتهمة «خيانة الدولة» لمشاركتك فى الأسطول.. فإلى أى مدى قد يصل الاحتلال؟ بوسع إسرائيل أن تفعل أى شىء، فهى تدرك يقينا أن العرب هم الجانب اسهل، لكونهم لا يعطون ردود الفعل المناسبة.. حقيقة لا أعرف الحد الذى ستبلغه إجراءات الاحتلال ضدى. إن كانت غزة محاصرة اقتصاديا وسياسيا.. أفلا توافقينى فى أن عرب 48 هم أيضا محاصرون إسرائيليا؟ بالطبع.. ولعلى لا أبالغ إن قلت إننا أبحرنا لكسر حصار غزة، فإذا بغزة تكسر الحصار الإعلامى عن عرب 48.. لقد أجريت مقابلات مع صحفيين من الجزائر والإمارات وغيرها من الدول العربية، وكم كانت المفاجأة حينما أبلغونى أن هذه ستكون المرة الأولى التى يتحدثون فيها عن عرب 48. وكيف أثرت فيك المفاجأة؟ حزنت كثيرا.. فنحن الخط الأول فى المواجهة السياسية العربية مع إسرائيل، ونحمل، نحن التيار القومى فى الداخل، هموم الأمة العربية على كواهلنا بين الإسرائيليين أنفسهم.. نحن مليون و200 ألف فلسطينى فى الداخل يمثلون 18% من تعداد الإسرائيليين، وعلى العالم العربى أن يعتبرنا جزءا منه ثقافيا ووجدانيا. المشكلة أن الكثيرين يعتبرونكم جزءا من إسرائيل؟ أعلم ذلك.. لكن على العرب أن يدركوا أن لنا سياقا سياسيا خاصا، فنضالنا نمارسه من خلال المواطنة داخل إسرائيل، فهى طريقنا الوحيد للتشبث بحقوقنا وبوطننا المحتل.. غير أننا فى الوقت نفسه نرفض المواطنة الصهيونية، نرفض مواطنة داخل دولة يهودية.. نريد مواطنة ديمقراطية. انتهى الموقف الأمريكى من «مجزرة الحرية» إلى ترديد أن من حق جيش الاحتلال تفتيش السفن المتجهة إلى غزة حفاظا على أمن إسرائيل.. فهل كنتم تعولون على إدارة أوباما؟ من حق الشخص أن يدافع عن سيادته، لكن داخل بيته.. ولو افترضنا أن لإسرائيل أرضا فليس من حقها الإبحار إلى المياه الدولية أو التوغل فى الضفة أو غزة أو جنوب لبنان ثم تقول إنها تحافظ على أمنها. أما إدارة أوباما فلا أمل فيها طالما العرب ضعفاء، ولا قوة للعرب ما لم تغير مصر مواقفها. ألا يعبر قرار الرئيس مبارك بفتح معبر رفع «حتى إشعار آخر» عن تغيير فى مواقف القاهرة؟ هذا أحد مكاسب «أسطول الحرية».. لكن تبقى خطوة أتمنى أن تتبعها خطوات أخرى لكسر الحصار عن أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى، وأن تكون مؤشرا على تغير حقيقى فى المواقف الرسمية المصرية تجاه وإسرائيل. وماذا عن قرار الجامعة العربية بالتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار إدانة لحصار غزة؟ لأسف بقى العرب صامتين لمدة أربع سنوات.. وما يهم فى الحافل الدولية هو مدى الثبات العربى على المواقف. ألاتخشين أن ينتهى الأمر إلى مجرد «جولدستون 2»؟ كما قلت سابقا الأمر يتوقف على العرب وعلى مدى صدق نواياهم.. أتمنى أن يقطع العرب علاقاتهم الدبلوماسية مع إسرائيل، وأن يسحبوا مبادرة السلام العربية، التى يرددون منذ سنوات أنها لن تبقى طويلا على الطاولة ما لم تتجاوب معها إسرائيل. فهل ما زال لهم أمل فى إسرائيل؟! مقابل الموقف العربى ما تقييمك لموقف تركيا من مجزرة «أسطول الحرية»؟ أثمن موقف أنقرة، فلولا دعمها القوى ما أبحر «أسطول الحرية» أصلا.. ولولا وجود حكومة منتخبة . ألا يعود الغضب التركى بالأساس إلى أن شهداء الأسطول التسعة كلهم أتراك؟ لا، لا.. حتى قبل هذه المجزرة كانت لتركيا مواقفها الكثيرة المؤيدة لغزة والحقوق الفلسطينية.. وياليت الأنظمة العربية الحاكمة تستثمر مواقف تركيا التى باتت منذ فترة تتصرف كدولة قوية.