ملحمة أكتوبر.. لا تنتهى    التعليم تقرر تسكين المقبولين بدفعات مسابقة 30 الف معلم بالمدارس لسد العجز    أسعار الخضروات فى أسيوط اليوم الإثنين 13102025    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 13102025    أسعار اللحوم فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    بتخفيضات تصل إلى 30%.. محافظ الأقصر يفتتح سوق اليوم الواحد الثلاثاء المقبل    «أوقاف كفر الشيخ» تفتتح دورة إعداد القيادات لمواجهة القضايا السكانية    إعلام عبري: إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من غزة يبدأ صباح اليوم على دفعتين    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    الأقصر فى تاريخ زيارات الرؤساء الأمريكيين إلى إسرائيل.. ترامب فى تل أبيب 4 ساعات فقط    الرئيس الإندونيسى يؤكد مشاركته فى قمة شرم الشيخ للسلام    ترامب: منحنا حماس موافقة مؤقتة لاستعادة النظام ونوكل لها مراقبة ألا تكون هناك جرائم ومشاكل في غزة    عاجل- الصليب الأحمر في دير البلح يستعد لاستلام الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم استعدادات ميدانية مكثفة في وسط القطاع    فاروق جعفر: هدفنا الوصول إلى كأس العالم ونسعى لإعداد قوي للمرحلة المقبلة    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    تعدي ولى أمر بالسب والضرب على مدير ووكيل ومعلم داخل مدرسة فى أسيوط    ماذا قال المتهم بإضرام النيران في شقته بالوراق    مصرع سيدة وإصابة 10 آخرين.. تفاصيل انقلاب ميكروباص على الطريق الأوسطي    إصابة شخص بعد قيام سيارة بدهس تروسيكل مواد غذائية بكفر الزيات    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    منال سلامة توجه رسالة عميقة عن السعادة: الرضا هو سر الطمأنينة الحقيقية    محمود سعد يعترف بشجاعة: «بدخن بس مستحي.. والكسوف أول طريق التوبة»    الدور المصرى.. الحضارة والتاريخ    أخو صالح الجعفراوى يكشف وصية أخيه الأخيرة: لا تبكوا عليّ وأكملوا طريق الحرية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    مبادرة الرئيس «صحتك سعادة» .. نقلة نوعية في تقديم الرعاية الصحية الشاملة    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    سعفان الصغير: باب المنتخب مفتوح للجميع    مصرع شخصين في انقلاب سيارة بطريق مصر – الفيوم    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    منتخب المغرب للشباب يفوز على أمريكا ويتأهل لنصف نهائى كأس العالم    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    زيزو: الوصول لكأس العالم كان أحد أحلامي.. والتصفيات كانت صعبة    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مدينة خان يونس    منتخب مصر ضد غينيا بيساو.. موعد قرعة كأس العالم 2026    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    جامعة حلوان تعزز تعاونها الدولي بمشاركة فاعلة فى برنامج ماجستير إدارة التعليم الدولى بألمانيا    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    إصابة 7 أشخاص بينهم 5 سيدات فى حادث تصادم سيارتين بسوهاج    محافظ الدقهلية يتفقد المستشفى الدولي بالمنصورة ويؤكد: الدولة لن تتهاون مع أي تقصير في حق المواطن    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يكون الحديث دواءً.. كيف تتزامن أدمغتنا عند التعاطف؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 07 - 2025

نشر موقع psyche مقالا للكاتب مات هيوستن عن التزامن العصبى بين الأفراد أثناء الحديث العاطفى؛ حيث فى عالم تتسارع فيه الأحداث وتتكدّس فيه الضغوط، نحتاج أحيانًا إلى أكثر من مجرد حلول عملية أو نصائح سريعة. نحتاج إلى من يصغى لنا بصدق، من يترك لنا مساحة لنبوح، ويفتح قلبه لنستريح. هل تساءلت يومًا لماذا نشعر بالراحة بعد مشاركتنا ما يؤلمنا؟ هل هناك تفسير علمى لهذا الارتياح المفاجئ الذى نشعر به لمجرد أن شخصًا ما استمع إلينا بصدق؟ ما لا يعرفه كثيرون أن هذا النوع من التفاعل الإنسانى، البسيط فى مظهره، يحمل فى طياته عمليات عصبية دقيقة تحدث فى أدمغتنا. نعم، نحن لا نرتاح فقط لأن شخصًا ما أنصت لنا، بل لأن عقولنا تفاعلت معًا فى تناغم عصبى عميق.
فى هذا المقال، نغوص فى علم «تزامن الأدمغة» لنفهم كيف يصبح الحديث العاطفى دواءً حقيقيًا، لا نُشعره فقط، بل نعيشه عصبيًا.. نعرض من المقال ما يلى:
الإنسان كائن اجتماعى.. عصبى أيضًا!
منذ لحظات الطفولة الأولى، نحن نبحث عن الأمان من خلال الآخرين. سواء من خلال لمسة أم، أو حضن أب، أو حتى ابتسامة عابرة، تبدأ أدمغتنا فى التعلم أن التواصل يمنحنا الراحة. هذا لا يتوقف عند الطفولة، بل يمتد طوال الحياة. فى علاقات الصداقة، وفى العمل، وفى الحب، نحن نحتاج إلى التواصل لنشعر بأننا بخير.
لكن الحديث عن المشاعر ليس مجرد ممارسة اجتماعية، بل هو عملية معقّدة تنشط مناطق معينة فى الدماغ. العلماء لطالما تساءلوا: كيف يمكن للتفاعل بين شخصين أن يُحدث تغييرًا حقيقيًا فى حالتيهما النفسية؟ هل أدمغتنا تتفاعل سويًا بطريقة معينة عند الحديث والتعاطف؟
ما هو تزامن الأدمغة؟
«تزامن الأدمغة» أو Interbrain Synchronisation هو ظاهرة عصبية تحدث عندما تتناغم أنشطة أدمغة شخصين أثناء التفاعل الاجتماعى، بحيث تبدأ موجات الدماغ لدى كل طرف فى التوافق أو العمل بنمط مشترك. يشبه الأمر وكأن الدماغين يتحدثان معًا بلغة خاصة بهما.
وقد أظهرت أبحاث متقدمة، باستخدام تقنيات مثل «المسح الوفير Hyperscanning»، أن هذا التزامن العصبى يحدث تحديدًا أثناء لحظات الدعم العاطفى الحقيقى، مثل التعاون، أو الاستماع المتبادل، أو حتى الإمساك بيد شخص فى لحظة ألم.
العلم يكشف: الارتياح العاطفى له نمط فى الدماغ
فى عام 2018، كشفت دراسة حديثة أن مجرد الإمساك بيد شخص متألم قد يؤدى إلى تزامن نشاط الدماغ بين الطرفين، وكلما زاد هذا التزامن، قلّ شعور الشخص بالألم. هذه النتيجة أثارت فضول العلماء: ماذا لو كان للكلام نفس التأثير؟ ماذا لو كانت المشاركة اللفظية للألم قادرة أيضًا على تخفيف المعاناة من خلال تزامن الأدمغة؟
هذا هو ما حاولت دراسة حديثة استكشافه من خلال تصميم تجربة حية بين شخصين غريبين، يتشاركان تجربة عاطفية.
دان وستيف: تجربة حية للمشاركة والتعاطف
فى هذه التجربة، التى أُجريت فى مختبر علم الأعصاب، تم استدعاء شخصين لا يعرفان بعضهما من قبل: «دان» و«ستيف»، وهما رجلان فى نفس العمر تقريبا، ومن نفس اللغة والخلفية الثقافية.
جلس دان وستيف وجهًا لوجه، وتم تزويد كل منهما بغطاء رأس يستخدم تقنية تُدعى fNIRS، وهى وسيلة غير جراحية لقياس نشاط الدماغ فى الوقت الفعلى. طُلب من دان أن يشارك تجربة شخصية مؤلمة – فقد انفصل مؤخرًا عن شريكته بعد علاقة دامت ست سنوات. كانت مهمة ستيف أن يصغى فقط، ويُبقى على اتصال بصرى، ويطرح أسئلة تعاطفية، دون إصدار أحكام أو مقاطعة.
خلال هذه الدقائق الخمسة، تم تسجيل نشاط دماغ كل من دان وستيف، وبشكل خاص فى منطقتين:
• القشرة الجبهية الجانبية الظهرية (dlPFC) – وهى المسئولة عن تنظيم المشاعر والتحكم فى الانفعالات.
• التلفيف الجبهى السفلى (IFG) – وهى منطقة مسئولة عن تقليد الحركات ونبرة الصوت، وتلعب دورًا فى التفاعل الاجتماعى.
النتائج: عندما يتلاقى الدماغان
أظهرت التحليلات أن نشاط دماغ دان وستيف بدأ فى التزامن تدريجيًا، خصوصًا فى المنطقتين المذكورتين. ليس ذلك فحسب، بل وجد الباحثون أن كلما زاد هذا التزامن العصبى، زاد شعور دان بالارتياح بعد الحديث. لقد شعر بأن أحدًا سمعه وفهمه، وشاركه الحمل العاطفى.
وتُظهر هذه النتائج أن الحديث مع شخص متعاطف لا يُشعرنا فقط بالراحة نفسيًا، بل يؤدى إلى تفاعل عصبى مشترك يخلق نوعًا من التناغم العميق الذى يخفف الألم ويُعيد التوازن العاطفى.
كيف يحدث هذا التفاعل؟
تخيل ما يحدث: يبدأ دان بالحديث عن مشاعره، ويركز ستيف فى الاستماع. من دون وعى، يبدأ كلاهما فى مطابقة الإيماءات، ونبرة الصوت، وحتى حركات الرأس. هذه «المرآة السلوكيةى تُنشّط منطقة IFG لدى كل منهما، وتُحدث نوعًا من التقليد اللاواعى الذى يعزز الشعور بالتقارب.
فى الوقت نفسه، يعمل الجزء الخاص بتنظيم المشاعر (dlPFC) لدى كل منهما على ضبط الانفعالات، مما يؤدى إلى حالة من تنظيم المشاعر المشترك. دان يحاول تهدئة نفسه، وستيف يساعده عبر تفاعلات دقيقة، كالابتسام، أو طرح سؤال بعناية، أو الإيماء بالتعاطف.
ما الذى يجعل التفاعل ناجحًا؟
• الصدق فى التعبير: كلما كان الشخص أكثر انفتاحًا، زادت فرص التزامن.
• الاستماع النشط: الإنصات الصادق يولّد تفاعلًا عصبيًا حقيقيًا.
• التواجد الكامل: الحضور الذهنى مهم بقدر الحضور الجسدى.
هذه العوامل تخلق بيئة مثالية يُمكن للدماغين فيها أن «يتناغما»، ويُخفف أحدهما ألم الآخر من خلال التواصل العميق.
• • •
يختتم الكاتب، فى المرة المقبلة التى تجد فيها نفسك مرتاحًا بعد حديث صادق، أو حين تنصت لشخص يشكو لك، تذكّر أنك لا تشاركه فقط بالكلمات، بل تشارك دماغك معه فى لحظة حقيقية من الاتصال.
لقد بيّن العلم أن أدمغتنا مصممة ليس فقط للتفكير، بل للتواصل مع أدمغة الآخرين، وأن التعاطف – هذا الشعور الإنسانى العميق – ليس مجرد عاطفة، بل هو لغة عصبية تتحدث بها عقولنا معًا فى صمت.
خلاصة القول، حين نتحدث عن الارتباط الإنسانى، لا نعنى فقط الألفة أو الصداقة، بل نقصد تلك اللحظات الخفية التى تلتقى فيها الأرواح عبر الكلمات، وتتماهى فيها العقول فى صمتٍ خفى. لقد أثبت العلم أن التفاعل العاطفى لا يؤثر فقط على الحالة النفسية، بل يخلق تزامنًا عصبيًا فعليًا بين دماغين، يتشاركان الحِمل، ويضبطان الإيقاع العاطفى لبعضهما البعض. فى زمنٍ يتجه أكثر نحو «الفردنية» والتقنيات الباردة، تظل لحظة صدق واحدة، وحديثا دافئا، كفيلة بأن تعيد لأدمغتنا توازنها، ولقلوبنا طمأنينتها. فلنُعد للتعاطف قيمته، وللإنصات حضوره، لأن الحديث ليس مجرد كلمات.. بل دواء عصبى، وموسيقى خفية تعزفها أدمغتنا حين نكون إنسانيين بما يكفى.
مراجعة وتحرير: يارا حسن
النص الأصلى:
https://bitly.cx/m6gL


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.