نشر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق يوآف جالانت، صباح الجمعة، رسالة مفتوحة كتبها إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وفي رسالته، أشار جالانت، الذي شارك في الإعداد للهجوم على إيران في إطار مهامه، إلى مساهمته في الخطة العسكرية ضد إيران التي بلغت ذروتها في حرب ال12 يوما، وسرد إنجازات إسرائيل منذ اندلاع حرب "السيوف الحديدية" في 7 أكتوبر 2023، بحسب وكالة سما الفلسطينية. وذكر الوزير السابق أن إسرائيل لديها عيون وآذان في كل مكان وحذر خامنئي من أنه إذا اختار الاستمرار في السعي للحصول على الأسلحة النووية، فسوف يدفع "ثمنا باهظا". *حلقة النار افتتح جالانت رسالته إلى خامنئي بالقول: "لم نلتق قط، لكنني متأكد من أننا نعرف الكثير عن بعضنا البعض.. أعرفك منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، ودرست كل مرحلة حاسمة في قيادتك". وأضاف: لقد تابعت قراراتكم، ومبادئكم، وهيكلية الوكالة التي أنشأتموها في المنطقة.. رأيتكم تحلون محل الخميني، وتكتسبون نفوذا سياسيا، وتحاولون بناء هيمنة إيرانية إقليمية.. لقد فهمت ليس فقط أهدافكم بل أيضا الأساليب التي ظننتم أنها ستحققها". وقال: "بصفتي وزيرا للدفاع، كنت مسئولا عن تحويل عقود من الاستخبارات وقدرات القوات الجوية والتصور الاستراتيجي الإسرائيلي إلى خطة عسكرية منسقة. الخطة التي اخترقت حلقة النار الخاصة بكم كما يخترق سكين ساخن الزبدة وأدت في النهاية إلى انهيارها.. خطة بلغت ذروتها في حرب استمرت 12 يوما شنتها إسرائيل والولايات المتحدة ضد البرنامج النووي الإيراني، والدفاع الجوي، وإنتاج الصواريخ، وكبار القادة العسكريين". وأوضح جالانت أن "ما حدث في يونيو 2025 لم يكن مجرد حملة عسكرية، بل كان انهيارا استراتيجيا لنظام استغرق بناؤه أربعة عقود". وأشار إلى أن "حلقة النار" التي تبنتها إيران مصممة لتطويق إسرائيل بنقاط الضغط والمشتتات: حماس إلى الجنوب، وحزب الله إلى الشمال، وسوريا والعراق إلى الشرق، والحوثيون إلى الجنوب الشرقي.. لحسن الحظ، يقع البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب". وتابع: "خططتم لاستخدام وكلاء وشن حرب استنزاف ضد إسرائيل، بينما كنتم تشكّلون جيوشا إرهابية لغزوها وتدميرها يوما ما.. سعيتم لبناء ترسانة من الصواريخ الثقيلة والدقيقة وبعيدة المدى لإحداث دمار واسع النطاق في هجوم منسّق". وأردف: "وفي قلب هذه البنية كان جهدكم الرئيسي: تطوير أسلحة نووية تمنح إيران حصانة من تغيير النظام وتتيح لها تحقيق الهيمنة والردع الإقليميين، أولا مع إسرائيل، ثم مع الآخرين، لكن تلك الحلقة لم تحط بنا لقد فشلت". *السنوار وحرب غزة وأشار إلى أن "هجوم السنوار في 7 أكتوبر 2023 اعتمد على الذخيرة والتدريب والمعلومات الاستخبارية والتمويل الذي قدمتموه أنتم وعملاؤكم لحماس.. ربما فاقت أفعاله نواياكم لكن العواقب كانت عليكم". وتابع: "لم تقابل المجزرة التي ارتكبها بالخوف بل بالعزيمة والتحدي، وفي النهاية، بقناعة راسخة بأن إسرائيل ستفعل كل ما يلزم للدفاع عن نفسها من القوى الشيطانية التي تسعى لتدميرنا، مهما كلف الأمر والشعب الإسرائيلي رغم الألم والخسارة، لم ينهار وصمد وكما تعلمون جيدا، استجبنا"، بحسب تعبيره. وقال جالانت: "ولم تستهينوا بعزيمتنا فحسب، بل استخففتم أيضا بقدرات قواتنا ودقة أسلحتنا.. في كثير من الأحيان، وحتى الآن، لا تعرفون كيف هوجمتم، ومن أين، وبماذا.. ما حدث بعد ذلك لم يكن هجوما واحدا، بل كان سلسلة هجمات متتالية". وزعم جالانت أن "إسرائيل قامت بشكل منهجي بتفكيك قيادة حماس ومخازن أسلحة حزب الله وقيادته، ومنشآت إنتاج الصواريخ.. حلقنا فوق طهران كما فعلنا فوق بيروت.. اغتلنا قادة عسكريين وعلماء بارزين.. ضربنا أنظمة إس-300. أزلنا دفاعاتكم الجوية.. برنامجكم النووي وبنيتكم التحتية في حالة تراجع منذ سنوات.. لقد فشل دفاعك الذي تم نشره منذ فترة طويلة في الحماية". وتابع: "لكن أكثر من الضرر المادي، يتكشف أمر أعمق نرى كل شيء.. نسمع كل شيء. نحن في كل مكان.. كنا نعرف جداولكم، ومواقعكم الإلكترونية، واتصالاتكم، ومحادثاتكم مع أقرب حلفائكم، ومعظمهم لم يعد معكم، في بيروت ودمشق وطهران.. جداولكم الزمنية، وخطط انسحابكم، ونقاط ضعفكم.. بأكثر من طريقة عرفنا عنك أكثر مما تعرفه عن نفسك". وتساءل: "هل يمكن بناء برنامج نووي سري وأنت لا تملك أسرارا؟ إن السعي وراء الأسلحة النووية الآن ليس مقامرة بل حلم.. إنه إيمان بأنظمة خذلتك بالفعل.. الأمل ليس استراتيجية.. هل تخاطر بمستقبلك ومستقبل بلدك في سباق لا يمكنك إخفاءه ومن غير المرجح أن تنهيه؟ لحماية برنامج نووي تحتاج إلى قدرات دفاعية وهجومية تقليدية.. لكن هذه القدرات أثبتت بالفعل عدم فعاليتها". *طلب نصرالله دخول الحرب وقال: "منذ السابع من أكتوبر، طلب نصر الله مرارا وتكرارا الإذن بدخول الحرب.. ورفضتم مرارا وتكرارا.. أوضحتم أن حزب الله احتياطيكم الاستراتيجي ولن يفعّل إلا إذا هوجمت إيران نفسها أو إذا هاجمت إيران إسرائيل مباشرة.. ولكن عندما حانت اللحظة عندما تضررت بنيتكم التحتية الأساسية وانهارت عقيدتكم، لم يكن نصر الله موجودا.. لم ينزع الدرع الذي اعتمدتم عليها أبدا". وأضاف: "ترسانة أسلحة حزب الله مدمرة.. مدفونة مع قادتها.. حماس مُحيّدة.. الأسد رحل.. خليفته اختار مسارا مختلفا.. دول الخليج تقف الآن ضدكم.. العراق يعارض سيطرتكم.. المنطقة مضت قدما". وقال جالانت، في رسالته: "أنتم دولة يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة ومساحتها أكبر من مساحة إسرائيل بستين مرة.. ومع ذلك أنتم اليوم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى". وأضاف: "شبكة وكلائكم التي تشكّل جوهر استراتيجيتكم الإقليمية، أصبحت الآن نقطة ضعفكم.. فظائعهم منحتنا الشرعية.. وفشلهم منحنا حرية التصرف". وتابع: "لديكم خيارات.. لكن أيا منها ليس سهلا وجميعها بعيدة كل البعد عن الكمال.. يمكنكم إعادة بناء وكلائكم لكننا سندمرهم.. الآن يمكننا تفكيك ما استغرق بناؤه عقودا في أشهر. يمكنكم تسريع التطوير النووي لكن ما تبنونه سنراه على الأرجح.. ما نراه سنهاجمه.. وما ندمره ستجدون صعوبة في تعويضه".