جامعة الإسكندرية تدعو الكليات للاستعداد الجيد للمشاركة بجائزة مصر للتميز الحكومي الجديدة    "الإحصاء": 12.87 مليون مشترك في "التأمينات".. 95% منهم ب "الخاص"    تصدير 4100 رسالة غذائية بنحو 185 ألف طن لعدد 1320 شركة    عاجل- 8 مبانٍ قابلة للتحويل إلى مشاريع فندقية في القاهرة والإسكندرية    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال الرصف بسيدي سالم ضمن مشروعات الخطة الاستثمارية    جيش الاحتلال: قواتنا سترد بقوة على البنية التحتية لحماس وعناصرها    بث مباشر ليفربول ضد مانشستر يونايتد اليوم في قمة الجولة الثامنة من الدوري الإنجليزي    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    معتصم سالم: يورتيتيش هو بطل "أوضة اللبس" في بيراميدز    مشاجرة تنتهي بجريمة قتل.. ضبط المتهم بطعن شاب في قرية سندوة بالخانكة    مشاجرة عائلية بالشرقية تنتهي بإصابة سيدة واتهامات بتحريض العم ونجله    إنجي علاء تتألق في العرض الخاص لفيلم "Happy Birthday" بمهرجان الجونة    الرئيس السيسي: نخوض حاليا حرب لتغيير واقعنا الاقتصادي    وزير الثقافة يشهد ليلة النجم وائل جسار بمهرجان الموسيقى العربية في دورته الثالثة والثلاثين    أبو سمبل تتزين لإستقبال ضيوف تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    تأليف محمد سيد بشير.. تفاصيل مسلسل مي عمر في رمضان 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة أسيوط يتفقد أعمال حملة التطعيم ضد فيروس الكبد الوبائي B بكلية التمريض    عاجل- «الصحة» تطلق حملة شاملة لمكافحة الطفيليات المعوية تستهدف 4 ملايين طالب بالمحافظات الزراعية    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    فودين يُعدد مزايا هالاند فى تسجيل الأهداف مع مانشستر سيتي    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    ضبط نصاب انتحل صفة رجل دين بالإسكندرية    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    الداخلية تواصل جهودها لتيسير حصول المواطنين على الخدمات والمستندات    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    الاحتلال يشن غارة ثانية على مخيم النصيرات وسط غزة    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    حسين فهمي: يوسف شاهين أستاذي وفخور بمهرجان الجونة    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    ياسمين الخطيب: «علمني أبي ألا أبكي أمام أحد.. فسترت آلامي كما لو أنها عورات»    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    إبراهيم العامري يكشف تفاصيل انضمامه لقائمة الخطيب في انتخابات الأهلي    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    «الرقابة المالية» تنظم ورشة لمناقشة تطورات السوق غير المصرفية    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    وزير الصحة: ميكنة جميع بنوك الدم بنهاية 2026 وربطها بغرفة الطوارئ والأزمات    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    تمهيدا لإدخالها غزة .. قافلة المساعدات ال52 تتحرك باتجاه منفذي كرم أبو سالم والعوجة    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماء على «كيس طحين».. «الشروق» ترصد شهادات مروعة من قلب «جحيم المساعدات الأمريكية» فى غزة
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 07 - 2025

- الاحتلال يتبع سياسة ممنهجة لتجويع وقتل الغزاويين أثناء الحصول على المعونات

- مسئول حكومى فلسطينى: 516 شهيدا و3799 مصابا ضحايا مراكز توزيع المساعدات
- مسئول بالأونروا: آلية التوزيع تلحق الأذى بالسكان تحت ذريعة المساعدة الإنسانية وما يحدث مُفجع ومؤلم لأبعد الحدود
- حقوقى فلسطينى: طريقة التوزيع أداة لارتكاب جرائم بحق المدنيين وتحولت لأفخاخ موت جماعى
- الكفارنة: طلبت السماح من أبنائى لعدم استطاعتى سد جوعهم.. فارس: جنود الاحتلال يقولون لنا لن يشغلنا شاغل عن شرب دمائكم
- أبو ارتيمة: هناك لصوص تابعون للاحتلال مهمتهم تحطيم المجتمع وإغراقه فى الجوع والفوضى

تتعدد الأسباب والموت للجميع.. هذا هو واقع حال الفلسطينيين، منذ السابع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة فى أكتوبر 2023، فمن لم يمت منهم برصاص الاحتلال، أو باغتته غاراته الجوية، أو قذائفه المدفعية أو صواريخه، قتله جنود الاحتلال وهم يلهون بإطلاق رصاصهم على الفلسطينيين الذين تستدرجهم «مؤسسة غزة الأمريكية» إلى «أفخاخ ومصائد الموت»، بالقرب من مراكز توزيع الطعام بقطاع غزة، والتى تشرف عليها شركات وكيانات أمريكية، حيث يلقى حتفه فى أثناء انتظاره «كيس طحين» أو صندوق مساعدات.
ورفضت إسرائيل التعاون مع وكالة «الأونروا»، التى كانت مسئولة سابقا عن الإمدادات الإنسانية لغزة، فدشنت منذ أواخر مايو/أيار 2025، مع مؤسسة أمريكية خاصة (مؤسسة غزة الإنسانية) نقاط توزيع برية محددة داخل القطاع المحاصر، وليس من خلال الإنزال الجوى كما جرى فى الأسابيع الأولى من الحرب.
- الخبز حلم الجميع
فى يوم السبت 14 من يونيو الماضى استهدف الاحتلال، مئات من منتظرى وطالبى المساعدات، وسط قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط أكثر من 35 شهيدًا، وفى ساعات الفجر الأولى من صباح ذلك اليوم توجهت الكاتبة والروائية الفلسطينية نعمة حسن مع رفيقتها إلى مركز تقديم المساعدات فى رفح، لتحصل على كيس طحين تسد به رمق أطفالها، والذى أصبح حلما.
وتضيف: «خرجنا الساعة الرابعة صباحا للحصول على حصة من المساعدات، كان الأمر مخيفا جدا؛ العتمة، ورجال ملثمون فى الطريق تراقب خطواتك، صوت الطائرات الزنانة، والقصف من حين لآخر».
بعد المشى لمسافات طويلة وصلت نعمة ورفيقتها ل«مصيدة الموت»، مكان مكتظ بمواطنين ينتظرون فرصة الحصول على دقيق مثلهما، وتحكى نعمة «وما إن باشرنا التقدم حتى بدأ إطلاق النار فوق رءوسنا، صرخت على رفيقتى حتى لا نتوه وسط العتمة والفوضى عن بعضنا، لكن حين التفت وجدتها ملقاة على الأرض وقد أصابتها رصاصة فى رأسها».
وتضيف ل«الشروق»: «استلقيت بجوارها( ميتة) مثلها، خائفة من البكاء ومن الأقدام التى تعبرنا، لم أخف من موتها بقدر ما خفت من أن أتركها جائعة وميتة قرب سياج غريب، أحدهم نهرنى وهو يهرب من الرصاص: اتركيها ستموتين معها إن بقيتِ».
رغم تلك المخاطر، أصرت «حسن» على مواصلة رحلتها، حتى ظفرت بكيلو دقيق واحد فقط، لكن فى طريق العودة، استوقفها رجال ملثمون، وأخذوا الدقيق منها دون أى مقاومة»، وتقول: «تركت الدقيق لهم دون ندم وعدت خائفة جائعة، ووصلت الخيمة ميت نصفى، احتضنت صغارى وبكيت كما لم أبك من قبل».
- عُزل وجوعى ومكلومون
حادثة السبت ليست الوحيدة، ففى يوم الثلاثاء 17 يونيو الماضى، ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلى، ارتكبت مجزرة فى جنوب القطاع بحق المدنيين المجوعين منتظرى المساعدات فى مفترق التحلية شرق خان يونس راح ضحيتها 63 شهيدا، إلى جانب 8 شهداء على نقطة توزيع المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية قرب دوار العلم غرب رفح.
وحتى الآن هناك 3 نقاط فقط لتوزيع المساعدات، فى تقاطع شارع الرشيد، ومحيط نتساريم، وغرب رفح، وتخضع بالكامل لمراقبة قوات الاحتلال.
المعتز بالله الكفارنة، أب ل 5 أبناء، كان ضمن المصابين فى تلك المجزرة، إذ قرر فى ذلك اليوم، الذهاب إلى مركز المساعدات الأمريكى، جنوب قطاع غزة لعلّه يستطيع تحصيل أى شىء يأكله أولاده الذين يتضورون جوعا.
يقول ل«الشروق» وقسوة الألم والحسرة بادية فى صوته: «تحركت من جامعة الأزهر غرب غزة، إلى منطقة النويرى فى النصيرات، وصولا لدير البلح، ثم خان يونس، ثم وصلنا منهكين من السير كل تلك المسافة إلى منطقة «فريش فريش» فى رفح بعد منتصف الليل، فتمددنا على التراب فى منطقة التوقف المسموح بها قرب مسجد معاوية فى غرب رفح».
غلبه النعاس أثناء الانتظار فغفا الكفارنة قليلا ليصحو على صوت قصف مدفعى عنيف ومتكرر يستهدف المكان الذى يقفون فيه: «احتمينا خلف كومة من التراب، لكن صوت القصف كان يهز المكان ويملؤه برائحة البارود والغبار والرعب، رغم ذلك تقدمت أنا ومن معى لمنطقة أكثر أمنا، وانتظرنا حتى الساعة الخامسة صباحا، وما إن فتحت أبواب المركز، هرولنا سريعا فى الطريق المؤدى للمساعدات، وفجأة ودون سابق إنذار، انطلقت حمم من قذائف مدفعية رأيناها تنفجر لتكسر عتمة الليل، وتشق الظلمة، لكن إلى نهار أسود وظلامى وقاتم».
تبع القذائف، إطلاق مئات الطلقات النارية تجاه الكفارنة، ومن معه من المجوعين المكلومين، أصابت البطون بأعداد كبيرة، وأسفر ذلك عن شهداء ومصابين فى كل جانب. «الرصاص الموجه ناحيتنا منخفض جدا يصل تارة للرءوس وتارة للأقدام وتارة للصدور، وكأنهم يتعمدون إصابة أجزاء الجسد الرئيسية فى كل طلقة» يضيف الكفارنة.
ويتابع: «حين حاولت الانبطاح أرضا لتفادى رصاصة طائشة، فإذا برصاصة تخترق جلدى بشكل عرضى فوق حاجبى الأيمن، فيما اخترقت رصاصة أخرى جسد أحد الرجال بجانبى وأظنه فارق الحياة.. تحاملت على نفسى واستجمعت قواى التى كانت خائرة من التعب والإصابة، واتكأت على صديق كان يرافقنى».
حاول صديقه المشفق عليه من الإصابة نقله إلى خارج منطقة المساعدات، لكنه رفض مستذكرا أطفاله الجوعى ومسيرة 30 كيلومترا مشاها وإصابته.
لكن شعر بحزن شديد، حين دخل مركز المساعدات ووجده خاويا، فقد وضع الإسرائيليون كميات قليلة من المساعدات، «فمن بين كل 100 شخص حصل واحد على قليل من الطحين والزيت والسكر» يقول الشاب الفلسطينى.
ويضيف: «مررت فى طريقى إلى المركز على أكثر من 5 جثامين لشباب فى عمر الزهور اقتطفتها رصاصات الغدر بلا رحمة، كانوا ينزفون بغزارة، لكن لم يلتفت إليهم أحد، فالكل يركض علّه يحصل على أى فُتات».
فى نهاية اليوم عاد الكفارنة إلى أسرته فى أحد مراكز الإيواء خالى الوفاض، مصابا ومنهكا من التعب والحسرة، يقول: «استقبلتنى زوجتى وأطفالى بالدموع، فطلبت منهم المسامحة لأنى لم أستطع سد جوعهم» يختم والدموع تغالبه.
- إذلال يومى
القتل بأشكاله المتعددة، سواء تحت عجلات الشاحنات، أو بقذائف المدفعية، أو قنصا فى أقفاص شركة التوزيع الأمريكية، تكلف يوميا عشرات الشهداء عزيزى النفس، أجبرهم الجوع على اجتراع كأس الذل فى سبيل لقمة تسد الرمق، «ليقول لنا العدو لن يشغلنا شاغل عن شرب دمائكم» كما يعلق الصحفى الفلسطينى يوسف فارس على ما يحصل عند نقاط توزيع المساعدات عبر حسابه على فيسبوك.
وينقل «فارس» رواية صديقه - لم يشأ الكشف عن اسمه - من منتظرى المساعدات، الذى أمضى أكثر من ساعة ونصف الساعة مشدود الأعصاب، «وهو يروى تفاصيل رحلته المميتة إلى مركز توزيع المساعدات الأمريكى فى منطقة العلم بمدينة رفح جنوب القطاع».
ويردف: استنفد طاقة جسمه المنهك، وهو يحكى عن قفص من الحديد، يخوض عشرات الآلاف من المجوعين فيه معركة ضارية للظفر بالقليل من المواد التموينية، حيث إن هناك نحو ألفى طرد غذائى متروكة فى ساحة، فيما يتصارع 20 ألفا للظفر بما تصل إليه أيديهم.
ويصف فارس المشهد بأنه يحاكى حلبة المصارعة، ويقول: «تنتهى الكمية المتاحة فى غضون دقائق، صاحب العضلات والأكثر شراسة يخطف ما تطاله يداه بدءا بالأثمن والأغلى مثل السكر والبسكويت، ويعود الأكثر وقارا وضعفا ملوما محسورا، فلا نظام، ولا كشوفات، فقط إدارة للفوضى ومشاهدة لحلبة المصارعة من علو، ثم يبدأ مسلسل القتل اليومى؛ لأن حصة التوزيع الشكلية التى قطع الناس للوصول إليها طريقا استغرق 5 ساعات مشيا على الأقدام انتهت فى غضون 10 دقائق دون أن يظفر أحد بشىء».
وإن كان ذلك لا يكفى للتنكيل بالجوعى «ففى طريق العودة تبدأ عمليات البلطجة بالسلاح الأبيض، اللصوص يجردون الضعفاء مما حصلوا عليه» كما يروى الصحفى الفلسطينى.
- إغراق المجتمع بالجوع والفوضى
هؤلاء «البلطجية» يشكلون ملمحا آخر للأزمة وتوظيفهم لنشر الفوضى يكشف حجم الجريمة الإسرائيلية، كما يقول الكاتب الصحفى الفلسطينى، أحمد أبو ارتيمة، فى تعليقه على مجزرة سوق دير البلح يوم الخميس 26 يونيو الجارى، ويوضح: «عصابات النهب الذين يبيعون المواد الضرورية للفقراء الجوعى بأسعار مجنونة، ليسوا مجرد لصوص أو جشعين، بل هم تابعون لجيش الاحتلال مهمتها تحطيم المجتمع وإغراقه فى الجوع والفوضى».
ويشير أبو ارتيمة إلى أنه بمجرد نجاح مبادرة أهلية فى تأمين وصول بعض شاحنات الغذاء إلى مخازن المؤسسات الدولية، أعلنت حكومة الاحتلال تعليق إدخال الشاحنات، والكذبة المكررة دائما سيطرة حركة «حماس» عليها، متابعا: «هذا يعيد تأكيد الأمر أن المستهدف هو الشعب والمطلوب تجويعه وإبادته».
ويبين أن «شرط الاحتلال لإدخال بعض الشاحنات أن تسرق فى الطريق، وألا يؤمن وصولها»، موضحًا: أكبر دليل على وجود هذا الشرط أن الشاحنات تقف فى منتصف الطريق وتطلق صافرات لتنبيه العصابات واللصوص للسرقة، ولأن سائقى الشاحنات يعلمون أنه لا يوجد وجهة نهائية يفترض أن يصلوا إليها».
- واقع مفجع
«ما يحدث مُفجع ومؤلم لأبعد الحدود» تقول مدير إعلام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فى قطاع غزة، إيناس حمدان، فى وصفها لواقع التوزيع عبر الآلية الأمريكية الإسرائيلية، وتؤكد فى تصريحات خاصة ل«الشروق»، أن آلية توزيع المساعدات الإنسانية الحالية التى تتم بالتنسيق بين مؤسسات أمريكية والجيش الإسرائيلى لا تتوافق مع المبادئ الإنسانية، وتعرض حياة المدنيين للخطر».
وترى أن هذا النظام «بائس وبدائى، ويتعمد إلحاق الأذى بالناس تحت ستار المساعدات الإنسانية، فحسب المبادئ الإنسانية يجب أن تصل المساعدات إلى السكان بشكل يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم».
مدير إعلام وكالة الأونرو، طالبت ب«فتح تحقيق فى حوادث القتل والإصابة التى طالت الفلسطينيين، أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء من خلال نقاط التوزيع العسكرية الجديدة فى غزة»، مشددة على ضرورة حماية المدنيين؛ فلا ينبغى لأى شخص، فى أى مكان، أن يُجبر على الاختيار بين المخاطرة بحياته، أو إطعام أسرته.
وفى تقديرها، يزداد الوضع الإنسانى والصحى فى قطاع غزة كارثية مع مرور الأيام، وتتواصل المآسى مع استمرار الحصار على القطاع، وعدم السماح بإدخال الإمدادات الحيوية التى يحتاجها السكان بشكل عاجل وضرورى.
ودللت على ذلك بأن «السلطات الإسرائيلية تواصل منذ أكثر من 100 يوم، حظر دخول الوقود إلى غزة، مما يهدد سير العمليات الإنسانية، فالصحة والمياه والغذاء والاتصالات كلها مهددة».
- 516 شهيدا
وبلغة الأرقام، يكشف المتحدث باسم المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، تيسير محيسن، عن ارتفاع أعداد الشهداء من السكان المجوَّعين الذين قتلتهم قوات الاحتلال خلال محاولتهم الحصول على الغذاء من مراكز «المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية» منذ بدء عملها بتاريخ 27 مايو الماضى حتى الآن، إلى 516 شهيدا، و3799 مصابا، و39 مفقودا.
ويلفت محيسن إلى أنه منذ بداية العدوان على قطاع غزة، وحتى هذه اللحظة، لم يتوقف الاحتلال عن استهداف مراكز توزيع المساعدات فى القطاع، سواء عبر المنافذ والمعابر الحدودية، والتى تحولت لمصائد الموت.
المسئول الحكومى بغزة ، يؤكد أن «استهداف مراكز المساعدات هى «سياسة ممنهجة ضمن حملة التجويع التى يتبعها الاحتلال، بهدف التحكم فى لقمة العيش لسكان القطاع، وتحويلهم إلى مجرد طالبى مساعدات فقط دون التفكير فى حاضرهم ومستقبلهم، وسط انعدام خيارات الحصول على الطعام».
- اعتراف وتجميد
قبل نحو أسبوع وفى اعتراف خطير، نقلت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، عن ضباط وجنود فى جيش الاحتلال الإسرائيلى، أن «الجيش أصدر أوامر لقواته بإطلاق نار بشكل متعمد باتجاه غزيين بالقرب من نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، خلال الشهر الأخير، بادعاء إبعادهم أو تفريقهم، رغم أنه كان واضحا أن هؤلاء الغزويين لا يشكّلون خطرا».
كما أعلنت سويسرا الأربعاء (1 يوليو) عن نيّتها حلّ فرع «مؤسسة غزة الإنسانية» المسجّل فى جنيف، والتابع للمؤسسة التى تتّخذ من ولاية ديلاوير فى الولايات المتحدة الأمريكية مقرّا لها، كون الهيئة ليس لديها ممثل أو عنوان فى البلد.
وترفض وكالات الأمم المتحدة وأغلبية المنظمات الإنسانية العاملة فى غزة التعاون مع هذه المؤسسة، مع التشكيك فى آليات عملها ومبادئها.
- تفكيك المجتمع
لا يكفى الاحتلال الفتك بالفلسطينيين جوعا وقتلا وتدميرا، فمن نجا بكيس طحين يقيه من الموت جوعا، دس له الاحتلال الحبوب المخدرة فى أكياس المساعدات، بعد أن أفاد عدد من سكان غزة بعثورهم على حبوب مغلفة داخل أكياس الطحين التى حصلوا عليها بشق الأنفس من مراكز المساعدات.
وحول الواقعة، كشف المتحدث باسم الإعلام الحكومى بغزة، تيسير محيسن، أن نتائج الفحص المبدئى تشير إلى أن تلك الحبوب – فى الغالب – أقراص مخدرة بأنواع مختلفة. «تقوم وزارة الصحة حاليًا بفحص هذه المواد والتدقيق فيها عبر المختبرات المتاحة، رغم ضعف الإمكانيات والمعضلات الكبيرة التى تعانيها المؤسسات الصحية فى قطاع غزة من أجل التوصل لنتائج دقيقة». يضيف محيسن.
وفى هذا الصدد، يقول إن «هذه الأفعال مقصودة من أطراف معادية لشعبنا الفلسطينى، وفى مقدمتها الاحتلال، ومن يعاونه فى الداخل، سواء بغرض تهريبها وبيعها فى الأسواق، أو كجزء من أدواته فى سعيه الدائم لقتل المجتمع الفلسطينى وتفكيكه وإغراقه فى الفساد، وهو ديدن الاحتلال منذ زمن بعيد».
- مطلوب توزيع آمن
بدوره طالب رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينى «حشد»، الحقوقى صلاح عبد العاطى، مع 130 مؤسسة حقوقية محلية ودولية بوقف الآلية الأمنية الأمريكية - الإسرائيلية المعتمدة لتوزيع المساعدات، بعد أن ثبت استخدامها كأداة لارتكاب جرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وتحويلها إلى أفخاخ موت جماعى.
وأكد فى تصريحات ل«الشروق»، ضرورة تعزيز منظومة العمل الإنسانى الأممية بما يشمل وكالات الأمم المتحدة، وعلى رأسها «الأونروا»، إضافة إلى المنظمات الأهلية الفلسطينية والدولية، لضمان توزيع المساعدات بشكل آمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.