مريكا تسحب تأشيرات «بوب فيلان».. وبريطانيا تفتح تحقيقا.. والفرقة الموسيقية: لسنا ضد اليهود بل ضد آلة عسكرية قاتلة الجمهور يرفع الأعلام الفلسطينية واللبنانية .. و«جيروزاليم بوست» تصف المشهد بأنه «أقرب إلى مظاهرة جماهيرية ضد إسرائيل منه إلى عرض موسيقى» تقرير – نوران عرفة: تحول مهرجان جلاستنبرى 2025، أضخم مهرجان موسيقى فى المملكة المتحدة وإحدى أبرز الفعاليات الثقافية فى أوروبا، إلى محور أزمة سياسية دولية بعد أن شهد أداءا غنائيا قاد خلاله مغنى فرقة «بوب فيلان» (Bob Vylan) الجمهور فى هتاف جماعى بشعار «Death, death to the IDF» (الموت، الموت للجيش الإسرائيلي)، الذى ردده الآلاف معه بحماسة، مشعلا غضبا سياسيا وإعلاميا واسعا وأدى إلى تدخلات حكومية غير مسبوقة. من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية رسميا سحب تأشيرات الدخول الممنوحة لأعضاء فرقة «بوب فيلان»، وأكدت أن الولاياتالمتحدة لا ترحب بمن «يمجدون العنف والكراهية». وجاء هذا القرار عقب ما وصفته ب«التحريض العلنى» خلال أداء الفرقة فى ساحة West Holts بمهرجان غلاستنبرى. كانت فرقة «بوب فيلان» تخطط لجولة فنية فى الولاياتالمتحدة فى نحو 20 مدينة أمريكية، من بينها العاصمة واشنطن، ولكن تم إلغاء جدولها بالكامل، وتم إنهاء تعاقدها مع وكلاء الحجز الأمريكيين، وقال مسئولون أمريكيون إن ما حدث يمثل تجاوزا للخطوط الحمراء، ليكون هذا أول قرار رسمى من نوعه يتخذ بحق فرقة موسيقية بسبب أدائها على خشبة المسرح. وفى بريطانيا، لم يكن المشهد أقل تصعيدا، إذ فتحت شرطة «Avon and Somerset» تحقيقا فى الواقعة، بينما أعرب رئيس الوزراء البريطانى عن صدمته، مؤكدا أن التحريض على العنف لا يجب أن يجد له منصة فى بلد يحترم القانون. من جهتها، واجهت هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» انتقادات حادة بعد أن نقلت العرض مباشرة عبر خدمتها للبث، قبل أن تصدر بيانا لاحقا تعتذر فيه عن عدم التدخل فى الوقت المناسب، وتقر بأن ما جرى «تجاوز الخط المسموح به». لكن الهتاف لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كان جزءا من أداء متكامل للفرقة، شارك فيه الجمهور بحماسة ورفع خلاله الأعلام الفلسطينية واللبنانية، فى مشهد وصفته صحيفة «جيروزاليم بوست» بأنه «أقرب إلى مظاهرة جماهيرية ضد إسرائيل منه إلى عرض موسيقى». واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية ما حدث بمثابة لحظة فارقة تعكس «تدهورا أخلاقيا» فى المشهد الثقافى الغربى، وتساءلت عن السبب وراء صمت الجماهير عن جرائم حماس وحزب الله، مقابل ترديد شعارات تطالب بالموت لجنود الجيش الإسرائيلى. وسط هذه العاصفة، دافع المغنى الرئيسى لفرقة «بوب فيلان» عن موقفه فى منشور على إنستجرام، قائلا: «نحن لا ندعو لقتل اليهود أو العرب أو أى جماعة، بل نعارض آلة عسكرية تطلق النار على مدنيين ينتظرون المساعدات فى غزة». وأضاف: «نحن لسنا القصة، نحن مجرد أداة تستخدم لصرف الانتباه عن تقاعس الحكومات». تعد «بوب فيلان» فرقة ثنائى بريطانى يجمع بين موسيقى البانك والراب، وتتكون من بوبى فيلان (باسكال روبنسون فوستر) وعازف الطبول بالاسم ذاته، بوبى فيلان، وظهرا على الساحة عام 2017، وقدما أعمالا غاضبة تهاجم الاستعمار والعنصرية والفقر، وسبق أن حصلوا على جوائز من مجلات موسيقية كبرى، من بينها مجلة «Kerrang» الشهيرة بموسيقى الروك والبانك. وبدأت مسيرة «روبنسون فوستر» الفنية كشاعر أداء، وكان ناشطا فى مجتمعه المحلى فى إبسويتش، وشارك فى مؤتمرات شرطية لتعزيز التفاهم العرقى، وتم اختيار اسم فرقتهم «بوب فيلان» فى إشارة ساخرة لرمزية «ديلان» التاريخية، رغم أنهما ليسا من معجبيه. تجمع ألبومات الفرقة بين السياسة والفن، ومن بين أغانيهما المثيرة للجدل «Take That» التى تقول فيها: «اشنقوا تمثال تشرشل وشاهدوه يطفو، امسحوا كرامتى بعلم سانت جورج»، وسبق أن أثاروا الجدل أيضا بتصريحات تنتقد النظام الملكى والشرطة. وكانت الفرقة واحدة من عشرات الفرق التى رفعت شعارات مؤيدة لغزة فى مهرجان جلاستنبرى، لكنها لم تكن الوحيدة، حيث رددت فرقة «نيكاب» (Kneecap) الأيرلندية، التى صعدت إلى المسرح بعد أداء بوب فيلان، شعار «الحرية لفلسطين – Free Palestine»، وهى نفس الفرقة التى أثارت جدلا واسعا فى مهرجان «كوتشيلا» الأمريكى فى أبريل الماضى حين قالت على المسرح إن «إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين». وفى وقت سابق، كشفت وسائل إعلام بريطانية كشفت أن أحد أعضاء فرقة «نيكاب» يواجه اتهامات تتعلق بالإرهاب، وهو ما زاد من حدة الانتقادات، وعلى الرغم من ذلك، كان الحضور الجماهيرى كثيفا وتم إغلاق ساحة العرض بسبب التكدس. دافعت عدد من الفرق الأخرى، من بينها فرفة «Amyl and the Sniffers» الأسترالية، عن ما حدث، قائلة إن الإعلام البريطانى يتعمد تضخيم الحدث وإلقاء اللوم على فرقتين فقط، فى حين أن الخطاب السياسى الداعم لغزة كان منتشرا طوال أيام المهرجان، من البوب إلى الراب إلى موسيقى الدى جى. وفى الوقت الذى أصدرت فيه منظمات يهودية محلية بيانات تطالب بمحاسبة المنظمين، وصفت منظمات حقوقية مؤيدة لفلسطين الهجوم على الفنانين بأنه محاولة لقمع التعبير السياسى داخل المنصات الثقافية. يذكر أنه تم إعطاء مهرجان جلاستنبرى عاما من الراحة فى 2026، وذلك ضمن تقليده المعتمد بمنح المزرعة والمنظمين عاما من الراحة كل خمس سنوات، فيما يعرف ب«السنة البور»، بهدف إراحة الأرض الزراعية واستعادة جاهزيتها لاستقبال الفعاليات من جديد، لكن اختتمت دورة 2025 بعاصفة سياسية، قد تلقى بظلالها على مستقبل مشاركة بعض الفرق والفنانين، أو تدفع المهرجان لإعادة النظر فى معاييره بشأن حرية التعبير على منصاته.