صدر حديثاً عن "منشورات المتوسط – إيطاليا"، رواية جديدة للكاتب والمخرج السينمائي الفلسطيني، فجر يعقوب، حملت عنوان "طباخ انغمار برغمان". تدور الرواية حول يعرف يحيى، اللاجئ الفلسطيني الذي يعيش في السويد أيضاً، والذي وُلد بنصف رأس. يسعى يحيى إلى النجاة من تاريخه عبر التماهي مع رموز ثقافية مثل برجمان وكامبراد، يلتقي بالسائقة البوسنية كريستينا، التي تحمل على كتفيها مجازر سريبرينيتسا، والتي تفجّر أمامه سيلاً من الاعترافات المذهلة، أبرزها افتتانها الجنسي بشخصية صدام حسين كرمز للسلطة والعنف والفحولة المتخيّلة. أما السرد فينطلق من حادثة انتحار مفترضة على سكة الترام في جوتنبرج السويدية، لتتوالى مشاهد الرواية في لعبة سردية بارعة، بين الجمل الطويلة المتشظية، وتكرار الحوارات العبثية، وإقحام اللغات الأجنبية، لتعكس كلها تفكّك العالم الذي يكتبه فجر يعقوب، وتؤسس لحس سينمائي واضح في بناء المشاهد، ببطء بصري وتأمل داخلي، كما لو أن الرواية تُكتب عبر عدسة كاميرا يدوية. الرواية جريئة وصادمة، تفتح أبواباً مؤجلة في الذاكرة العربية عن اللجوء، والجنون، والسلطة، والحب، والحرمان. فهي مشبعة بالسخرية السوداء، وتترع من مشاهد الحرب، ولغة الإعلام، والتفكك الأسري، والجنون السياسي، وهي في الوقت ذاته سردٌ عن الضياع، والوحدة، والعجز، وعن طاولة إيكيا التي تصبح منصة للكتابة، وللأكل، وللجماع، وللهذيان أيضاً. ومن أجواء الكتاب نقرأ ها أنذا أنضم لجوقة المشاهير بالجلوس إلى طاولة مميزة، لأكتب حكايتي، وأصرخ في الوقت نفسه ممجداً ذلك الرجل الذي منحنا القوة بشكل يومي لنصرخ من الصباح وحتى المساء بصوت واحد: «تحيا إيكيا.. تحيا إيكيا». على أية حال معرفة الطريقة التي يتم فيها إخراج حشرة القرّاد من السيقان المربربة، أفضل بكثير من أن يُحرج المرء بلسانه الطويل، البذيء، مؤسس إيكيا العظيم، السيد اينغفار كامبراد، الذي منح البعض منّا أثناء حياته المديدة طاولة سوداء أنيقة ورخيصة لنكتب، ونأكل عليها، ولنفكر بجدية كيف يمكن أن نضاجع عليها امرأة جميلة بوضعيات جديدة لم يسبقنا إليها أحد. وفجر يعقوب، سينمائي وروائي فلسطيني مقيم في السويد. أنجز مجموعة من الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة حاز بعضها جوائز ذهبية وتقديرية في مهرجانات سينمائية مختلفة. له خمس روايات مطبوعة: نقض وضوء الثعلب 2013، وشامة على رقبة الطائر 2016، ونوتة الظلام 2019، وساعات الكسل (يوميات اللجوء) 2020 - والتي حازت جائزة كتارا للرواية العربية سنة 2021، ونيلة زرقا 2022. إضافة إلى إصداره، عبر العقدين الماضيين، العديد من الكتب التي تعنى بالنقد السينمائي تأليفاً وترجمة.