إسكات البث.. كيف تحوّلت مباني التلفزيون إلى هدف عسكري؟

وثّق مقطع فيديو لحظة وقوع انفجار عنيف خلال بث مباشر في التلفزيون الإيراني، أثناء تغطية تطورات الحرب مع إسرائيل. اهتز الاستوديو بشدة، وغادرت المذيعة الكاميرا وسط فزع واضح، لكنها عادت لاحقًا إلى الشاشة برفقة زميلها في مشهد أثار تفاعلًا واسعًا، واعتُبر تجسيدًا للشجاعة المهنية في مواجهة الخطر.
تهديد إسرائيلي.. واستهداف مبنى الإعلام الإيراني
جاء الهجوم على مبنى الإذاعة والتلفزيون في طهران بعد تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، التي هدد فيها برد مباشر على أي هجوم إيراني. الحادث يعيد إلى الأذهان تاريخًا ممتدًا من استهداف مقارّ الإعلام في سياقات الحروب والصراعات المسلحة، نرصد أبرز محطاته فيما يلي:
غزو الكويت 1990.. صدام يسكت التلفزيون الكويتي
مع اجتياح العراق للكويت فجر 2 أغسطس 1990، سيطرت القوات العراقية على وزارة الإعلام والتلفزيون الكويتي، وأوقفت البث ليحل محله محتوى دعائي عراقي. ووفق روايات كويتية، استُخدمت منشآت الإعلام الرسمية لنشر رسائل الغزو، ومنع العاملون من أداء وظائفهم. في المقابل، انطلقت إذاعة "صوت الكويت" من السعودية ثم من لندن، لتقديم الرواية الكويتية للعالم، حتى تم استعادة البث الرسمي عقب تحرير البلاد في فبراير 1991.
2006.. إسرائيل تقصف قنوات "المنار" و"النور" في لبنان
خلال حرب تموز بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، استهدفت المقاتلات الإسرائيلية مقار ومحطات بث تابعة لقناة "المنار" وإذاعة "النور" في الضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك. القصف أدى إلى تدمير محطات بث بالكامل، واعتبرت "المنار" ذلك اعتداءً على الجسم الإعلامي، مطالبة بتحرك دولي لحماية حرية الكلمة.
2011.. الناتو يسكت "رسائل القذافي"
في يوليو 2011، نفذ حلف الناتو ضربات جوية استهدفت ثلاث محطات إرسال فضائي للتلفزيون الليبي في طرابلس، بزعم تعطيل وسائل الإعلام التي يستخدمها نظام القذافي للتحريض. ورغم استهداف البنية الإعلامية، استمر التلفزيون في البث باستخدام محتوى أرشيفي ومواقع بديلة، ما أثار جدلًا حول مشروعية استهداف وسائل الإعلام في النزاعات.
2022.. روسيا تضرب برج تلفزيون كييف
مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، استهدفت القوات الروسية في مارس 2022 برج التلفزيون الرئيسي في العاصمة كييف، ضمن تصعيد عسكري متزامن مع قصف مدن أخرى. تسببت الضربة في أضرار واضحة، لكنها لم تؤدِ إلى سقوط البرج، فيما تعهدت السلطات الأوكرانية باستمرار البث عبر أنظمة بديلة. واعتُبرت الضربة محاولة روسية لكسر النفوذ الإعلامي الأوكراني، وسط إدانات دولية ومخاوف من استهداف البنية التحتية المدنية.
الإعلام.. سلاح وجبهة في الحروب الحديثة
الحوادث السابقة تكشف عن نمط متكرر في الحروب الحديثة، حيث تتحول المؤسسات الإعلامية إلى أهداف عسكرية، ليس فقط لتعطيل البث، بل كمحاولة للسيطرة على الرواية وفرض خطاب دعائي معين. وفي ظل استمرار النزاعات، تبقى حرية الإعلام والتوازن بين التغطية والمواجهة تحديًا كبيرًا يطرح تساؤلات قانونية وإنسانية حول أخلاقيات الحرب.