تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الاثنين 16 يونيو 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    محافظ قنا يقود دراجة عائدًا من مقر عمله (صور)    خبير اقتصادي: مصر تمتلك الغاز الكافي لسد احتياجاتها لكن البنية التحتية "ناقصة"    خبير اقتصادي يوضح أسباب تراجع الجنيه أمام الدولار بنهاية تعاملات اليوم    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    ترامب: لسنا منخرطين في التصعيد بين إسرائيل وإيران.. ومن الممكن أن نشارك    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    إيران تبلغ الوسطاء رفضها التفاوض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل    سمير غطاس: إيران على أعتاب قنبلة نووية ونتنياهو يسعى لتتويج إرثه بضربة لطهران    إعلام إيراني: إسقاط مسيرات إسرائيلية شمال البلاد    بعد 258 دقيقة.. البطاقة الحمراء تظهر لأول مرة في كأس العالم للأندية 2025    كريم رمزي يكشف تفاصيل جديدة عن توقيع عقوبة على تريزيجيه    "ليس بغريب على بيتي".. إمام عاشور يشكر الخطيب والأهلي لسرعة التحرك بعد إصابته    كأس العالم للأندية.. انطلاق مباراة بالميراس وبورتو في مجموعة الأهلي    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    رياضة ½ الليل| الأهلي يفسخ عقد لاعبه.. غرامة تريزيجيه.. عودة إمام عاشور.. والاستعانة بخبير أجنبي    بسبب شاحن الهاتف، السيطرة على حريق داخل شقة بالحوامدية (صور)    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    «بشرى لمحبي الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: «انخفاض مفاجئ»    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    «الأهلي محسود لازم نرقيه».. عمرو أديب ينتقد حسين الشحات والحكم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    الهجوم الإيراني يفضح ديمقراطية إسرائيل.. الملاجئ فقط لكبار السياسيين.. فيديو    الرئيس الإماراتي يبحث هاتفيا مع رئيس وزراء بريطانيا التطورات في الشرق الأوسط    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» في الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    مصدر: ارتفاع ضحايا حادث مصنع الصف ل4 وفيات ومصابين    إصابة رئيس مباحث أطفيح و6 آخرين أثناء ضبط هارب من حكم قضائي    القنوات الناقلة لمباراة السعودية وهايتي مباشر اليوم في كأس الكونكاكاف الذهبية 2025    عادل مصطفى: الأهلى قدم أفضل شوط له من 10 سنوات وفقدان التركيز سبب التراجع    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    أحمد موسى: «إسرائيل تحترق والقبة الحديدية تحولت إلى خردة»    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ السياسى لإسرائيل.. بناء مؤسسات الدولة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 11 - 2024

أعود فى مقال هذا الأسبوع إلى سلسلة «التاريخ السياسى لإسرائيل» بعد أن توقفت لشهرين تقريبا من أجل الكتابة عن تحليلات العام الأول بعد هجمات السابع من أكتوبر. كنت قد توقفت من المقال الأخير لهذه السلسلة عند موقف جامعة الدول العربية من إنشاء الدولة العبرية، والحرب العربية الإسرائيلية الأولى والتى انتهت بانتصار الجيوش اليهودية على نظيرتها العربية، وهو المقال المنشور فى الرابع عشر من سبتمبر.
• • •
رغم استمرار المعارك العربية الإسرائيلية، فقد أخذ قادة إسرائيل فى تثبيت قواعد الدولة الجديدة على الأرض عن طريق إنشاء مؤسسات جديدة منتخبة للدولة مع وضع قواعد المواطنة التى تحدد شروط وحدود الحصول على الجنسية الإسرائيلية! ونحو هذا الهدف، قرر المجلس المؤقت للدولة والذى كان يمثل السلطة التنفيذية بتحديد يوم الثامن من نوفمبر لعام 1948 من أجل تنفيذ أول تعداد للسكان فى إسرائيل، وبالطبع لم يكن هذا مجرد إجراء اعتيادى، بل كان بمثابة اللبنة الأولى التى أرست قواعد المواطنة، وكانت واحدة من أهم هذه القواعد هو استبعاد أكبر قدر ممكن من السكان العرب ليس فقط من التمثيل السياسى، بل ومن الحصول على جنسية الدولة، بالإضافة إلى محاولة تأسيس حجج قانونية من أجل استبعاد اللاجئين الفلسطينيين للأبد ومنعهم من حق العودة!
فى ورقتهما القيمة المنشورة عام 2006 فى دورية الدراسات العرقية والعنصرية التى تصدر عن دار نشر روتليدج بعنوان «المواطنة والإقصاء فى تعداد إسرائيل لعام 1948»، قام الباحثان الإسرائيليان أنات ليبريل ودانيل بيرسلاو بتحليل الأساليب والأدوات التى استخدمت فى هذا التعداد من أجل استبعاد السكان العرب من المواطنة وحقوق الملكية فى إسرائيل.
كانت أولى هذه الأدوات هى عقد التعداد تحت إجراءات حظر التجوال، حيث تم فرض إجراءات الحظر وإيقاف كل وسائل المواصلات العامة عن العمل فى 8 نوفمبر عام 1948 من الساعة الخامسة مساء وحتى منتصف الليل، ورغم أن السلطات الإسرائيلية بررت ذلك الإجراء بأنه ضرورى لضمان عد كل السكان، لكن الباحثين أوضحا فى ورقتهما أن ذلك كان بهدف استبعاد السكان العرب، حيث اعتبرت إدارة إحصاء السكان أن أى شخص غير متواجد فى منزله أو غير متعاون مع السلطات (عن طريق مثلا عدم فتح باب المنزل أو عدم الإجابة على الأسئلة) سيتم استبعاده من اعتباره مواطنا للدولة، كما سيفقد حقوقه فى الملكية بالتبعية!
ولأن هذا الإجراء تم فى عجالة وفى أثناء الحرب مع الجيوش العربية، فقد هجر مئات الآلاف من العرب بالفعل قراهم ومنازلهم نحو سوريا ولبنان وقت التعداد، أو حتى قاموا بتغيير أماكن تواجدهم داخل ما تم اعتباره أراضى الدولة الإسرائيلية ومن ثم تم استبعاد كل هؤلاء ليس فقط من حقوق المواطنة، ولكن أيضا من حقوق الملكية ومن حقوقهم فى العودة إلى منازلهم وأراضيهم داخل إسرائيل! ورغم أن بعض اليهود لم يتعاونوا أيضا مع إدارة التعداد سواء بإعطاء معلومات مغلوطة أو بعدم الإجابة على بعض الأسئلة أو حتى بالتظاهر بعدم التواجد فى المنزل، فإن هؤلاء لم يتم استبعادهم من حقوق المواطنة لاحقا!
ورغم أن بعض اللاجئين العرب فى الداخل (داخل أراضى إسرائيل بموجب قرار تقسيم الأمم المتحدة) قد حصلوا على حقوق المواطنة فى التسجيل الجديد للسكان الذى جرى فى عام 1950، إلا أنهم تعرضوا للحرمان من حقوق الملكية ومن ثم فقد خسروا منازلهم ومنازل أجدادهم وكذلك أراضيهم الزراعية!
• • •
كان هذا التعداد العنصرى بامتياز هو الأساس الذى جرت عليه أول انتخابات فى تاريخ الدول العبرية، وهى انتخابات الكنيست الذى كان يعرف وقتها ب«المجلس التأسيسى»، فبناء على هذا التعداد تم تحديد قاعدة الناخبين ممن يمتلكون حق التصويت بما يزيد قليلا عن 500 ألف مواطن ومواطنة، كان معظمهم من اليهود مع أقلية مهمشة من العرب.
جرت هذه الانتخابات فى 25 يناير عام 1949 وفقا لنظام التمثيل النسبى القائم على نظام القوائم النسبية المغلقة حيث تحصل كل قائمة تمثل حزبا أو ائتلافا على عدد مقاعد مساوٍ تقريبا للنسبة المئوية التى حصدتها فى مرحلة التصويت، وكان هذا النظام هو القائم فى الدولة العبرية بالفعل قبل 1948 حيث جرت أول انتخابات لجمعية النواب عام 1920 تحت سلطة الانتداب البريطانى وكانت هذه الجمعية هى بمثابة المجلس التشريعى المؤقت لليهود فى الأراضى الفلسطينية حتى يناير 1949.
فى هذه الانتخابات لأول برلمان منتخب فى الدولة الوليدة تنافس 21 قائمة حزبية وائتلافا مثلوا كل تيارات الطيف السياسى من اليمين إلى اليسار على 120 مقعدا، وكان من ضمن هذه القوائم المتنافسة ثلاث قوائم عربية فقط، وهى «قائمة الناصرة العربية» برئاسة السياسى سيف الدين الزعبى وهو أحد الموالين للدولة اليهودية حتى من قبل إنشائها حيث كان ناشطا فى استخبارات كتائب الهاجاناه الإرهابية قبل 1948، و«قائمة الكتلة العربية الشعبية» برئاسة جورج ناصر وهى قائمة تابعة لحزب العمال المتحد «مبام» وهو حزب يهودى عمالى لم يرد أن يخوض العرب الانتخابات على قائمته، فقام بتأسيس هذه القائمة قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع فقط لتكون قاصرة على العرب، وأخيرا قائمة «كتلة العمال» برئاسة عبدالرحمن الحسينى.
فاز حزب ماباى العمالى (تحول اسمه لاحقا إلى حزب العمال المعروف) برئاسة ديفيد بن جوريون بأكثرية المقاعد حيث سيطر على 46 مقعدا فى المركز الأول بعد أن حصل على نحو 36٪ من الأصوات، تلاه حزب مبام العمالى ب19 مقعدا بعد أن حصل على ما يقرب من 15٪ من الأصوات، ثم جاء تحالف الأحزاب الدينية الذى عرف باسم الجبهة الدينية المتحدة فى المركز الثالث ب16 مقعدا بعد أن حصد نحو أكثر قليلا من 12٪ من الأصوات، ثم حزب حيروت اليمينى (اندمج فى عام 1988 مع حزب الليكود) فى المركز الرابع ب14 مقعدا بعد أن حصد 11٫5٪ من الأصوات. فيما توزعت باقى المقاعد على ثمانية أحزاب وتحالفات أخرى، ولم ينجح من الائتلافات العربية سوى قائمة الناصرة بعد أن حصلت على مقعدين فقط، حيث كان سيف الدين الزعبى وأمين سليم جرجورة هما أول عربيين يحصلان على مقاعد فى الكنيست!
• • •
قام الكنيست بأول أعماله من خلال اختيار حاييم وايزمان كأول رئيس للدولة، وهو بالطبع لم يكن سوى منصب شرفى فى ظل النظام البرلمانى المعتمد الذى يعطى كل الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء.
فى مارس من عام 1949 قام الكنيست باعتماد أول حكومة فى إسرائيل ترأسها بن جوريون بعد أن اتحد حزبه (ماباى) مع كل من الجبهة الدينية المتحدة والحزب التقدمى وحزب المجتمعات السفردية والشرقية بالإضافة إلى قائمة الناصرة ليشكلوا معا أول ائتلاف حكومى واسع فى تاريخ الدولة العبرية.
تكونت هذه الحكومة من 12 مقعدا حيث تولى بن جوريون رئاسة الوزراء بالإضافة إلى وزارة الدفاع، فيما تم اختيار موشيه شاريت لوزارة الخارجية (سيصبح لاحقا ثانى وزراء إسرائيل)، بينما تولت جولدا مائير وزارة العمال والتأمينات الاجتماعية (ستصبح لاحقا رابع رئيسة للوزراء)، وفى حين تم تمثيل الأحزاب الأربعة المؤتلفة فى هذه الحكومة، لم تحصل قائمة الناصرة على أى منصب وزارى رغم أنها كانت جزءا من هذا الائتلاف!
كذلك فقد كان من تشريعات الكنيست هو قانون التعليم الإجبارى وكذلك قانون حق العودة الذى أعطى الحق لأى شخص لديه جد/ جدة أو أكثر من أصول يهودية فى الهجرة إلى إسرائيل مع أسرهم والحصول على الجنسية!
تم إعادة تشكيل الحكومة بنفس الائتلافات السابقة وبرئاسة بن جوريون أيضا، ولكن بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة مثل إنشاء وزارة جديدة للتجارة والصناعة بعد أن تم فصلها عن وزارة المالية وذلك فى نوفمبر من عام 1950، لتستمر هذه الحكومة لمدة 11 شهرا فقط حيث تم حل الكنيست فى أكتوبر من عام 1951، ومن ثم تم الدعوة إلى ثانى انتخابات برلمانية فى تاريخ البلاد وهو ما أتناوله فى مقالات قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.