الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    المعارضة تقترب من حسم المقعد.. وجولة إعادة بين مرشّح حزبى ومستقل    20 مرشحًا فى مواجهة ساخنة على 10 مقاعد فردية    انطلاق أول رحلة رسولية خارجية للبابا ليو الرابع عشر نحو تركيا ولبنان    وزير الري يستعرض المسودة الأولية للنظام الأساسي واللائحة الداخلية لروابط مستخدمي المياه    أسعار الخضروات اليوم الخميس 27 نوفمبر في سوق العبور للجملة    أكاديمية البحث العلمي تفتح باب التقديم لمسابقة مستقبل الوقود الحيوي في مصر    وزير البترول يشهد توقيع خطاب نوايا مع جامعة مردوخ الأسترالية    تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 27 نوفمبر    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.3% بالربع الأول من عام 2025 /2026    مرفق الكهرباء يعقد اجتماعا مع رؤساء شركات التوزيع لمناقشة أسباب زيادة شكاوى المواطنين    مصر للطيران تكشف حقيقة وقف صفقة شراء طائرات جديدة    زلزال بقوة 6.6 درجات يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    بالفيديو.. حقيقة سقوط أمطار حمضية على مصر بسبب بركان الصدع الأفريقي    نهاية الملاذ الآمن    هل يحق ل رمضان صبحي المشاركة مع بيراميدز حال الطعن على إيقافه 4 سنوات؟    مؤتمر سلوت: هدف أيندهوفن الثاني قتل إيقاعنا.. والحديث عن مستقبلي طبيعي بعد هذه النتائج    هاري كين: هذه أول خسارة لنا في الموسم فلا داعي للخوف.. ومتأكد من مواجهة أرسنال مجددا    دوري أبطال إفريقيا.. توروب والشناوي في المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي والجيش الملكي    رأس المال البشرى.. مشروع مصر الأهم    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    انطلاق امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    فتاة تتفق مع شاب على سرقة والدها لمساعدته على الزواج منها بالوراق    اعترافات سائق ميكروباص بتهمة التعدي جنسيا على سيدة داخل سيارة في السلام    وفاة الاعلامية هبة الزياد بشكل مفاجئ    طريقة عمل كفتة الخضار، لذيذة وصحية وسهلة التحضير    ضبط المتهم بالتعدى على فتاة من ذوى الهمم بطوخ وحبسه 4 أيام    أحدث ابتكارات ماسك، خبير يكشف مفاجأة عن صفحات تدار من إسرائيل للوقيعة بين مصر والسعودية (فيديو)    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مواعيد مباريات الخميس 27 نوفمبر 2025.. ثلاث مواجهات في كأس مصر ونهائي مونديال الناشئين    مصرع 11 عاملًا وإصابة آخرين بعد اصطدام قطار بمجموعة من عمال السكك الحديدية بالصين    سر ظهور أحمد مكي في الحلقة الأخيرة من مسلسل "كارثة طبيعية" (فيديو)    جنة آثار التاريخ وكنوز النيل: معالم سياحية تأسر القلب في قلب الصعيد    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق هونج كونج إلى 44 قتيلا واعتقال 3 مشتبه بهم    السيطرة على حريق شب في مقلب قمامة بالوايلي    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    ترامب: الولايات المتحدة لن تستسلم في مواجهة الإرهاب    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    فانس يوضح الاستنتاجات الأمريكية من العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    المصل واللقاح: فيروس الإنفلونزا هذا العام من بين الأسوأ    علامات تؤكد أن طفلك يشبع من الرضاعة الطبيعية    أوركسترا النور والأمل يواصل البروفات في اليونان    أستاذة آثار يونانية: الأبواب والنوافذ في مقابر الإسكندرية جسر بين الأحياء والأجداد    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    الحماية من الإنفلونزا الموسمية وطرق الوقاية الفعّالة مع انتشار الفيروس    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    برنامج ورش فنية وحرفية لشباب سيناء في الأسبوع الثقافي بالعريش    مدارس النيل: زودنا مدارسنا بإشراف وكاميرات مراقبة متطورة    جمال الزهيري: حسام حسن أخطأ في مناقشة مستويات اللاعبين علانية    بسبب المصري.. بيراميدز يُعدّل موعد مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ السياسى لإسرائيل.. بناء مؤسسات الدولة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 11 - 2024

أعود فى مقال هذا الأسبوع إلى سلسلة «التاريخ السياسى لإسرائيل» بعد أن توقفت لشهرين تقريبا من أجل الكتابة عن تحليلات العام الأول بعد هجمات السابع من أكتوبر. كنت قد توقفت من المقال الأخير لهذه السلسلة عند موقف جامعة الدول العربية من إنشاء الدولة العبرية، والحرب العربية الإسرائيلية الأولى والتى انتهت بانتصار الجيوش اليهودية على نظيرتها العربية، وهو المقال المنشور فى الرابع عشر من سبتمبر.
• • •
رغم استمرار المعارك العربية الإسرائيلية، فقد أخذ قادة إسرائيل فى تثبيت قواعد الدولة الجديدة على الأرض عن طريق إنشاء مؤسسات جديدة منتخبة للدولة مع وضع قواعد المواطنة التى تحدد شروط وحدود الحصول على الجنسية الإسرائيلية! ونحو هذا الهدف، قرر المجلس المؤقت للدولة والذى كان يمثل السلطة التنفيذية بتحديد يوم الثامن من نوفمبر لعام 1948 من أجل تنفيذ أول تعداد للسكان فى إسرائيل، وبالطبع لم يكن هذا مجرد إجراء اعتيادى، بل كان بمثابة اللبنة الأولى التى أرست قواعد المواطنة، وكانت واحدة من أهم هذه القواعد هو استبعاد أكبر قدر ممكن من السكان العرب ليس فقط من التمثيل السياسى، بل ومن الحصول على جنسية الدولة، بالإضافة إلى محاولة تأسيس حجج قانونية من أجل استبعاد اللاجئين الفلسطينيين للأبد ومنعهم من حق العودة!
فى ورقتهما القيمة المنشورة عام 2006 فى دورية الدراسات العرقية والعنصرية التى تصدر عن دار نشر روتليدج بعنوان «المواطنة والإقصاء فى تعداد إسرائيل لعام 1948»، قام الباحثان الإسرائيليان أنات ليبريل ودانيل بيرسلاو بتحليل الأساليب والأدوات التى استخدمت فى هذا التعداد من أجل استبعاد السكان العرب من المواطنة وحقوق الملكية فى إسرائيل.
كانت أولى هذه الأدوات هى عقد التعداد تحت إجراءات حظر التجوال، حيث تم فرض إجراءات الحظر وإيقاف كل وسائل المواصلات العامة عن العمل فى 8 نوفمبر عام 1948 من الساعة الخامسة مساء وحتى منتصف الليل، ورغم أن السلطات الإسرائيلية بررت ذلك الإجراء بأنه ضرورى لضمان عد كل السكان، لكن الباحثين أوضحا فى ورقتهما أن ذلك كان بهدف استبعاد السكان العرب، حيث اعتبرت إدارة إحصاء السكان أن أى شخص غير متواجد فى منزله أو غير متعاون مع السلطات (عن طريق مثلا عدم فتح باب المنزل أو عدم الإجابة على الأسئلة) سيتم استبعاده من اعتباره مواطنا للدولة، كما سيفقد حقوقه فى الملكية بالتبعية!
ولأن هذا الإجراء تم فى عجالة وفى أثناء الحرب مع الجيوش العربية، فقد هجر مئات الآلاف من العرب بالفعل قراهم ومنازلهم نحو سوريا ولبنان وقت التعداد، أو حتى قاموا بتغيير أماكن تواجدهم داخل ما تم اعتباره أراضى الدولة الإسرائيلية ومن ثم تم استبعاد كل هؤلاء ليس فقط من حقوق المواطنة، ولكن أيضا من حقوق الملكية ومن حقوقهم فى العودة إلى منازلهم وأراضيهم داخل إسرائيل! ورغم أن بعض اليهود لم يتعاونوا أيضا مع إدارة التعداد سواء بإعطاء معلومات مغلوطة أو بعدم الإجابة على بعض الأسئلة أو حتى بالتظاهر بعدم التواجد فى المنزل، فإن هؤلاء لم يتم استبعادهم من حقوق المواطنة لاحقا!
ورغم أن بعض اللاجئين العرب فى الداخل (داخل أراضى إسرائيل بموجب قرار تقسيم الأمم المتحدة) قد حصلوا على حقوق المواطنة فى التسجيل الجديد للسكان الذى جرى فى عام 1950، إلا أنهم تعرضوا للحرمان من حقوق الملكية ومن ثم فقد خسروا منازلهم ومنازل أجدادهم وكذلك أراضيهم الزراعية!
• • •
كان هذا التعداد العنصرى بامتياز هو الأساس الذى جرت عليه أول انتخابات فى تاريخ الدول العبرية، وهى انتخابات الكنيست الذى كان يعرف وقتها ب«المجلس التأسيسى»، فبناء على هذا التعداد تم تحديد قاعدة الناخبين ممن يمتلكون حق التصويت بما يزيد قليلا عن 500 ألف مواطن ومواطنة، كان معظمهم من اليهود مع أقلية مهمشة من العرب.
جرت هذه الانتخابات فى 25 يناير عام 1949 وفقا لنظام التمثيل النسبى القائم على نظام القوائم النسبية المغلقة حيث تحصل كل قائمة تمثل حزبا أو ائتلافا على عدد مقاعد مساوٍ تقريبا للنسبة المئوية التى حصدتها فى مرحلة التصويت، وكان هذا النظام هو القائم فى الدولة العبرية بالفعل قبل 1948 حيث جرت أول انتخابات لجمعية النواب عام 1920 تحت سلطة الانتداب البريطانى وكانت هذه الجمعية هى بمثابة المجلس التشريعى المؤقت لليهود فى الأراضى الفلسطينية حتى يناير 1949.
فى هذه الانتخابات لأول برلمان منتخب فى الدولة الوليدة تنافس 21 قائمة حزبية وائتلافا مثلوا كل تيارات الطيف السياسى من اليمين إلى اليسار على 120 مقعدا، وكان من ضمن هذه القوائم المتنافسة ثلاث قوائم عربية فقط، وهى «قائمة الناصرة العربية» برئاسة السياسى سيف الدين الزعبى وهو أحد الموالين للدولة اليهودية حتى من قبل إنشائها حيث كان ناشطا فى استخبارات كتائب الهاجاناه الإرهابية قبل 1948، و«قائمة الكتلة العربية الشعبية» برئاسة جورج ناصر وهى قائمة تابعة لحزب العمال المتحد «مبام» وهو حزب يهودى عمالى لم يرد أن يخوض العرب الانتخابات على قائمته، فقام بتأسيس هذه القائمة قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع فقط لتكون قاصرة على العرب، وأخيرا قائمة «كتلة العمال» برئاسة عبدالرحمن الحسينى.
فاز حزب ماباى العمالى (تحول اسمه لاحقا إلى حزب العمال المعروف) برئاسة ديفيد بن جوريون بأكثرية المقاعد حيث سيطر على 46 مقعدا فى المركز الأول بعد أن حصل على نحو 36٪ من الأصوات، تلاه حزب مبام العمالى ب19 مقعدا بعد أن حصل على ما يقرب من 15٪ من الأصوات، ثم جاء تحالف الأحزاب الدينية الذى عرف باسم الجبهة الدينية المتحدة فى المركز الثالث ب16 مقعدا بعد أن حصد نحو أكثر قليلا من 12٪ من الأصوات، ثم حزب حيروت اليمينى (اندمج فى عام 1988 مع حزب الليكود) فى المركز الرابع ب14 مقعدا بعد أن حصد 11٫5٪ من الأصوات. فيما توزعت باقى المقاعد على ثمانية أحزاب وتحالفات أخرى، ولم ينجح من الائتلافات العربية سوى قائمة الناصرة بعد أن حصلت على مقعدين فقط، حيث كان سيف الدين الزعبى وأمين سليم جرجورة هما أول عربيين يحصلان على مقاعد فى الكنيست!
• • •
قام الكنيست بأول أعماله من خلال اختيار حاييم وايزمان كأول رئيس للدولة، وهو بالطبع لم يكن سوى منصب شرفى فى ظل النظام البرلمانى المعتمد الذى يعطى كل الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء.
فى مارس من عام 1949 قام الكنيست باعتماد أول حكومة فى إسرائيل ترأسها بن جوريون بعد أن اتحد حزبه (ماباى) مع كل من الجبهة الدينية المتحدة والحزب التقدمى وحزب المجتمعات السفردية والشرقية بالإضافة إلى قائمة الناصرة ليشكلوا معا أول ائتلاف حكومى واسع فى تاريخ الدولة العبرية.
تكونت هذه الحكومة من 12 مقعدا حيث تولى بن جوريون رئاسة الوزراء بالإضافة إلى وزارة الدفاع، فيما تم اختيار موشيه شاريت لوزارة الخارجية (سيصبح لاحقا ثانى وزراء إسرائيل)، بينما تولت جولدا مائير وزارة العمال والتأمينات الاجتماعية (ستصبح لاحقا رابع رئيسة للوزراء)، وفى حين تم تمثيل الأحزاب الأربعة المؤتلفة فى هذه الحكومة، لم تحصل قائمة الناصرة على أى منصب وزارى رغم أنها كانت جزءا من هذا الائتلاف!
كذلك فقد كان من تشريعات الكنيست هو قانون التعليم الإجبارى وكذلك قانون حق العودة الذى أعطى الحق لأى شخص لديه جد/ جدة أو أكثر من أصول يهودية فى الهجرة إلى إسرائيل مع أسرهم والحصول على الجنسية!
تم إعادة تشكيل الحكومة بنفس الائتلافات السابقة وبرئاسة بن جوريون أيضا، ولكن بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة مثل إنشاء وزارة جديدة للتجارة والصناعة بعد أن تم فصلها عن وزارة المالية وذلك فى نوفمبر من عام 1950، لتستمر هذه الحكومة لمدة 11 شهرا فقط حيث تم حل الكنيست فى أكتوبر من عام 1951، ومن ثم تم الدعوة إلى ثانى انتخابات برلمانية فى تاريخ البلاد وهو ما أتناوله فى مقالات قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.