بشرى سارة.. تسليم 30 عقد عمل لمجموعة من الشباب بالقليوبية    الإسماعيلي يحقق انتصاره الأول في الدوري المصري أمام طلائع الجيش    نائب الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد مستشفى الكرنك الدولي للاطمئنان على انتظام العمل والخدمات الطبيه    شبانة معاتبا شيكابالا: "الأساطير لا تفشى الأسرار ومكانتك اكبر من ذلك"    مؤتمر فيريرا: نتعامل مع ضيق الوقت.. وسأكون قلقا في هذه الحالة    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    مركز الملك سلمان للإغاثة يواصل توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة    الجالية المصرية في فرنسا: المصريون بالخارج متمسكون بهويتهم ويفتخرون بوطنهم    «الإقليمي للدراسات»: قوات «اليونيفيل» شاهد دولي ويجب استمرار وجودها في الجنوب اللبناني    نجم مارسيليا يعود إلى اهتمامات إيه سي ميلان    أحبها عن بُعد 10 سنين و«عزة النفس» أخّرت التعارف.. قصة علاقة وطيدة تجمع أنغام ب محمود سعد    «إنكار المجاعة أبشع تعبير عن نزع الإنسانية».. «أونروا»: الوضع في غزة جحيم بكل أشكاله    قطع مياه الشرب عن عدة مناطق في أسوان (الموعد والسبب)    انطلاق مبادرة القضاء على السمنة بعدد من الوحدات الصحية في قنا    إطلاق منظومة مصرية للكشف المبكر عن سرطان الثدى باستخدام الذكاء الاصطناعى    جامعة حلوان تكرّم خريجي BIS بتنظيم رفيع المستوى من شركة دعم الخدمات التعليمية    المصريون بفرنسا ينظمون وقفة أمام القنصلية في مارسيليا| صور    "سيعود إلى ألمانيا".. تقرير: فشل صفقة بونيفاس إلى ميلان    خبز مسموم.. حين قتلت الغيرة أسرة بأكملها في دير مواس    النيابة العامة تُخلي سبيل المستأجر والمنقذين في حادث شاطئ أبو تلات    بحوث الصحراء يُنظم دورة تدريبية بسيوة لتحسين جودة التمور    انطلاق البرنامج التدريبي في علوم الصيانة والترميم بالمتحف القومي للحضارة    القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان يلتقيان رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الأردنية    وزير الدفاع الإسرائيلي: الحوثيون سيدفعون ثمنًا مضاعفًا مقابل كل صاروخ    «شلاتين» تستهدف رفع إنتاج الذهب إلى 6 أطنان خلال 5 سنوات    هيفاء وهبي تشعل مسرح فوروم دي بيروت بحفل كامل العدد | صور    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن أسماء المكرمين في دورته الثانية والثلاثين    "طالعة قمر".. نادين الراسي تخطف الأنظار بإطلالة جريئة    مراسل "الساعة 6": المتحدة تهتم بأذواق الشباب فى حفلات مهرجان العلمين    «ناس مريضة».. حسام حبيب يكشف حقيقة عودته لشيرين عبد الوهاب| خاص    «تنظيم الاتصالات» يصدر نتائج استطلاع الرأي لمستخدمي المحمول والإنترنت| تفاصيل    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بالمولد النبوي يكمن في محبة النبي والاقتداء بأخلاقه    الحكومة تدرس إقامة منطقة صناعية للجلود في برج العرب أو العلمين الجديدة    تنظيم الاتصالات: إجراءات صارمة لحظر المكالمات الترويجية المزعجة    حالة الطقس غدا الإثنين 25- 8- 2025 في محافظة الفيوم    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: محافظات الجنوب غير قادرة على استيعاب 1.3 مليون مُهجر قسريا    السكة الحديد تشغل القطار السابع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم.. صور    النيابة العامة تطالب المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي وقائع للتعدي على الحيوانات    النادي لم يتمكن من تسجيله.. جوهرة برشلونة يرفض الرحيل في الصيف    «ماس في فيشة».. حريق في فيلا الفنان محمد صبحي والحماية المدنية تسيطر عليه (تفاصيل)    الجوازات تنهي إجراءات المرضى وكبار السن في دقائق.. صور    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    الاحتلال يستهدف منتظري المساعدات والطواقم الطبية    وزير الصحة يبحث خطط شركة "أكديما" للتوسع في الصناعات الدوائية والتصدير    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى دهب واستمرار مهرجان مسرح الطفل وأوركسترا مصر الوطني يصل شرق الدلتا    بعد تدخل وزير الرياضة.. جدل قانوني وتنظيمي يحيط الأهلي بعد التتويج بكأس السوبر السعودي    وزيرة التضامن تزور مجمع حياة بالجيزة.. وتتفقد الخدمات المقدمة للأبناء    رئيس حزب الإصلاح والنهضة يكشف تفاصيل مخطط الجماعة الإرهابية لاستهداف سفارات مصر    انتشال جثمان طفلة من تحت أنقاض منزل منهار في سمنود    عائشة تحقق حلم الطب.. نهاية سعيدة لقصة تلاعب إلكتروني كادت تسرق المستقبل    وظائف بنك القاهرة 2025.. اعرف التخصصات المطلوبة وأهم الشروط    وزارة الصحة تعلن قرارا مهما بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    يسري جبر: هذا جزاء من يتقن عمله    "مباراة عادية".. المصري هيثم حسن يتحدث عن مواجهة ريال مدريد في الدوري الإسباني    تراجع أسعار الدواجن والطيور الحية اليوم الأحد فى أسواق الإسماعيلية    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقرر إجبارى فى النفاق
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 05 - 2010

كان السؤال الذى وجهته المذيعة لمسئول المرافق كالتالى: بماذا تفسر تأخر إيصال المياه النقية طوال 25 عاما إلى القرية الفلانية (كانت فى محافظة كفر الشيخ على ما أذكر)؟ تفكر الرجل لحظة ثم قال: لابد قبل أى شىء أن أهنئ الرئيس حسنى مبارك بنجاح العملية الجراحية التى أجريت له فى ألمانيا، وبسلامة الوصول إلى أرض الوطن، بعد أن من الله عليه بالشفاء. أسقط فى يد المذيعة التى فوجئت برده. ولم يكن بمقدورها أن تقاطعه. لأن الكلام وإن كان خارج الموضوع إلا أنه مما لا يجوز أن يقاطع فى بلادنا. انتظرت المذيعة حتى أنهى خطبته، ثم أعادت عليه السؤال فأجاب.
تأملت وجه الرجل الذى كان بادى الوقار. فلاحظت أن «زبيبة» زينت جبهته، ولأننى افترضت أنها من أثر السجود، فقد قلت إن هذا الرجل الورع لم يبدأ كلامه بالبسملة كما يفعل بعض الاتقياء، لكنه استهله بتوجيه التهنئة للرئيس بسلامة العودة. ولم تكن تلك الملاحظة الوحيدة، لأننى انتبهت إلى أن الرئيس كان قد وصل فعلا منذ ثلاثة أسابيع ولم يكن هناك ما يبرر توجيه التهنئة إليه الآن.
حدثت من أعرف بما لاحظته، فلم يستغرب أغلبهم سلوك مسئول المرافق، وسمعت حكايات مماثلة عن مسئولين آخرين اعتبروا تهنئة الرئيس بسلامة العودة واجبا يتعين عليهم أداؤه. وروى آخرون أن كبار الموظفين فى أجهزة الدولة يتنافسون على مجاملة الوزراء ومن لف لفهم من أهل الحكم فى مختلف المناسبات، بما فيها العائلية والخاصة من أعياد الميلاد إلى زواج الأولاد وصولا إلى طهور العيال. وهم فى ذلك لا يكتفون ببرقيات التهانى وباقات الزهور، وإنما منهم من يلجأ إلى إهداء الساعات الثمينة وقطع الألماس والجنيهات الذهبية التى قيل لى إنها تقدم أحيانا بالكيلو.
لأول وهلة فسرت هذه الممارسات باعتبارها تعبيرا عن النفاق والمداهنة. لكننى وجدت لذلك سببا آخر أكثر وجاهة وإقناعا، نبه إليه المستشار طارق البشرى فى أحد كتبه المهمة «مصر بين التفكك والعصيان»، إذ ذكر أن الحكومة لجأت إلى استصدار قانون (عام 1991) ابتدعت به أسسا جديدة لشغل المناصب القيادية فى الوظائف المدنية.
وذلك بهدف «دعم السيطرة الفردية لقيادة الدولة المركزية فى المناصب القيادية فى جميع وظائف الحكومة وهيئاتها وشركات القطاع العام. وبمقتضى ذلك القانون أصبح التعيين فى الوظائف القيادية يتم عن طريق المسابقة من داخل الجهة المعنية أو خارجها. (مفهوم الوظيفة القيادية فى القانون أنها التى لا مثيل لها وليست متعددة فى الجهة ذاتها). وبمقتضى النظام الجديد أهدر حق تعيين الكفء الأقدم فى تلك الوظائف، وهو الحق الذى كفله القانون واستقرت عليه مبادئ القضاء. إلى جانب أن شغل الوظيفة القيادية أصبح مؤقتا، بحد أقصى ثلاث سنوات قابلة للتجديد، الأمر الذى فتح الباب لإمكانية استمرار الموظف القيادى فى منصبه لسنة أو اثنتين، يجدد له بعدهما.
فى تبرير ذلك، قيل إنه من موجبات الإدارة الحديثة ومقتضى تجديد الدم فى الوظائف والقضاء على البيروقراطية. لكن المستشار البشرى اعتبره من قبيل الحق الذى أريد به باطل. لأن الأثر الوحيد الذى ترتب على تطبيق القانون أنه أهدر حقوق تلك الفئة من التكنوقراط ذوى الخبرة والمعارف، وأهدر عنصر الأمن والاطمئنان لديهم.
فضلا عن ذلك، فقد أصبح مصير القيادات الوظيفية معلقا على رضاء أهل القرار فى الوظائف الأعلى، وأجهزة الأمن أيضا، الذين يملكون سلطة التجديد من عدمه. ولم يعد الموظف القيادى محميا بالقانون، وإنما صار أمنه مرتبطا برضاء المراجع العليا عليه، من ثم فقد ظل شاغله هو كيف يستجلب ذلك الرضى فى كل مناسبة.
والحد الأدنى لذلك هو اهتبال الفرص لتقديم الهدايا والتبريكات والمشاطرات، اقتناعا منه بأن مستقبله الوظيفى يصبح فى خطر، ما لم يلجأ إلى تلك الأساليب. وهو ما أقنعنى بأن الرسالة التى بعث بها مسئول المرافق إلى الرئيس مبارك بعد ثلاثة أسابيع من عودته أراد بها أن يؤمن نفسه بأكثر مما أراد أن يهنئ الرئيس. وهذا الذى فعله صاحبنا يلجأ إليه شاغلو المناصب القيادية مع رؤسائهم الذين بيدهم مفاتيح التجديد، لكى يحتفظوا بكراسيهم. لقد أذل الحرص أعناق الرجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.