مستشار سابق في البنتاجون: واشنطن حذرت طهران من الضربات قبل ساعتين من تنفيذها    جوارديولا: لاعبو مانشستر سيتي يشعرون بالملل.. وهذا ردي على كلوب    اتحاد الكرة: ننتظر موقف الشركة الراعية من مكان السوبر ولا نمانع إقامته في مصر    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    زيلينسكي يدعو لتشديد العقوبات على روسيا لكبح آلة الحرب الروسية    يسرائيل هيوم: انتهاء اجتماع الكابينت بشأن غزة دون قرارات    اندلاع حرائق غابات في جنوبي فرنسا    غدًا.. بدء صرف معاشات شهر يوليو 2025 رسميًا بالزيادة الجديدة (اعرف هتقبض كام؟)    رسميًا.. قائمة أسعار السجائر الشعبية والأجنبية اليوم وموعد تطبيق الزيادة الجديدة    وزير الشباب والرياضة يهنئ أبطال مصر بعد تصدرهم جدول بطولة إفريقيا للسلاح بنيجيريا ب21 ميدالية    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 30-6- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    «النقطة دي بتجنني».. حازم إمام يكشف رأيه في بن رمضان نجم الأهلي    ميسي: تركنا انطباعا جيدا في المونديال.. وتوقعنا أداء باريس سان جيرمان    محمد علي رزق يكشف أسرار دوره المختلف في فيلم "في عز الضهر"    آسر ياسين ل إسعاد يونس: «استحالة كنت أفكر أبقى ممثل» (فيديو)    اتصال مفاجئ لحلم تحقق.. آسر ياسين يتحدث عن فيلم «رسائل بحر» (فيديو)    الصور الأولى لعقد قران حفيد الزعيم عادل إمام    اعتداء على كنيسة البشارة الأرثوذكسية في الناصرة بفلسطين.. التفاصيل    قد ينتهي بفقدان السمع.. العلامات المبكرة لالتهاب الأذن الوسطى    مونديال الأندية| البايرن يطيح بفلامنجو من ثمن النهائي برباعية    وزيري: لدينا 124 هرما.. وهذه أهداف مشروع «تكسية منكاورع» | فيديو    أسعار الذهب اليوم في المملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 30 يونيو 2025    محافظ الغربية: لا تهاون في فرض الانضباط أو الحفاظ على حق الدولة    النائب عبدالمنعم إمام ينتقد كثرة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة في توقيت ضيق: كأنها كانت نائمة    أكثر من 2000 كتاب.. وزارة الاتصالات تتيح تطبيق «كتاب» بالمجان على أندرويد وiOS    إغلاق ميناء نويبع البحرى بجنوب سيناء وإيقاف حركة الملاحة البحرية لسوء الأحوال الجوية    73.9 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات بداية الأسبوع    مرصد الأزهر يحذر الطلاب من الاستسلام للأفكار السلبية خلال الامتحانات: حياتكم غالية    عضو مجلس إدارة الزمالك يُجبر شيكابالا على الاعتزال.. عبدالعال يفجر مفاجأة    ظهرت الآن.. نتيجة الشهادة الاعدادية 2025 بقنا برقم الجلوس    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره طريق الإسكندرية الصحراوى    الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    مصرع سائق ونجله فى حادث سير ب"صحراوى البحيرة"    مصرع شخص وإصابة آخر جراء تصادم سيارة بدراجة بالإسماعيلية    ضبط المتهم بسرقة مشغولات ذهبية من سيدة بمدينة 6 أكتوبر    عيد مرسال: ثورة 30 يونيو وضعت مصر على طريق المستقبل    في ذكرى إصدارها الأول.. "البوابة " 11 عامًا من المواجهة وكشف الحقيقة    محافظ القاهرة: ثورة 30 يونيو كانت نقطة انطلاق نحو بناء دولة قوية    إعلام عبري: نتنياهو لن ينهي الحرب في غزة بسهولة    إيران تدين تصريحات ترامب ضد خامنئي    معرض حسن حشمت في برلين: نحات الشعب بين الإرث الثقافي والتجديد الفني    اللواء سمير فرج: ثورة 30 يونيو فرصة لانطلاق السياحة العسكرية    والدة آسر ياسين تروى قصة حبها.. وموقف صعب حدث معها "فيديو"    وزير خارجية الأردن يؤكد دعم الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف أصلي الصلوات الفائتة في نهاية اليوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟ أمينة الفتوى تجيب    الاحتلال ينسف مربعات سكنية شرقى خان يونس ويقصف مدرسة تؤوى نازحين بالزيتون    مستشفى الضبعة المركزي يفتح أبوابه للمتبرعين بالدم    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين ويشيد بانتظام الفرق الطبية وجودة الخدمات    النيابة العامة تأمر بحبس مالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    الرئيس السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    استبدال نظام الدبلومات ليحل محله «التعليم الثانوي الفني والتقني التكنولوجي» في مشروع القانون الجديد    محافظ الجيزة يعتمد تنسيق الثانوية العامة بحد أدنى 225 درجة    حياة وأمل جديد لثلاثة أطفال .. مستشفى النصر ببورسعيد تُنقذ ثلاثة اطفال رُضع من أمراض قلبية نادرة    صحتك بالدنيا.. الصراصير مسئولة عن إصابتك بالربو.. واعرف متى تكون الإصابة ب"الهبوط" أثناء الحر مؤشرا خطيرا.. ودراسة تربط بين فحص السكر والتنبؤ بمضاعفات الزهايمر.. ونظام جديد يتفوق على الصيام المتقطع لو عايز تخس    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة مجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى ما تصير الحرب فى غزة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 05 - 2024

اقتربت شهور ثمانية من الاكتمال منذ بدأت حرب إسرائيل على غزة. جهود سياسية تهدف إلى وقف الحرب بذلتها دول عديدة فى داخل الأمم المتحدة، فى مجلس الأمن وفى الجمعية العامة، وفى محكمة العدل الدولية، وبشكل غير مباشر فى المحكمة الجنائية الدولية. هذه الجهود فشلت حتى الآن فى تحقيق مبغاها. الولايات المتحدة حالت دون أن يصدر مجلس الأمن قرارا بوقف إطلاق النار، والجمعية العامة لا سلطة لها لإنفاذ قراراتها، ومحكمة العدل الدولية لم تتخذ حكما صريحا بوقف إطلاق النار عندما قضت بشأن التدابير المؤقتة التى طالبتها بها جنوب إفريقيا فى شهر يناير الماضى. ومع ذلك فإن الحرب الإسرائيلية على غزة لا بد أن تنتهى بصرف النظر عن الأمر الصادر عن محكمة العدل الدولية لإسرائيل يوم الجمعة 24 مايو بأن توقف فورا عملياتها العسكرية فى رفح.
ولكن إلى ما تنتهى الحرب؟ من أجل الرد على هذا السؤال نستعرض مواقف الطرفين المباشرين فى الحرب الدائرة، ومواقف الولايات المتحدة كما عبرت عنها فى محافل مختلفة وكما رشحت من مصدر مقرب من صناعة القرار فيها.
• • •
إسرائيل هى الطرف المباشر الأول، فهى التى تشن الحرب، وهى التى تسيطر على غزة منذ ما يقرب من ستين عاما. وإسرائيل هى التى حرمت الفلسطينيين من وطنهم منذ خمسة وسبعين عاما وأزاحت عددا كبيرا منهم إلى غزة بالذات جاعلةً منهم لاجئين فى ذلك الجزء الذى تبقى من وطنهم آنذاك. الطرف المباشر الثانى هو «حماس» التى تقول إسرائيل أنها تواصل تدمير غزة وقتل سكانها حتى تقضى عليها قضاء مبرما لا رجعة منه. إسرائيل تزعم أنها لن تعرف الأمن طالما بقيت «حماس» وبقى زعماؤها طلقاء. هذه هى خطة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حاليا، وخطة رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، تحديدا.
جوهرها تحقيق الأمن لإسرائيل دون التفات إلى الشعب الفلسطينى أو إلى مناشدات، زاعقةً كانت أو خافتة، تصدر عن دول المنطقة أو ما عداها. خطة رئيس الوزراء الإسرائيلى بسيطة فهى لا تعدو السيطرة على غزة والقضاء على حماس وزعمائها. خطة إسرائيلية أخرى من ست نقاط هى تلك التى أعلن عنها بنى جانتس، عضو حكومة الحرب الإسرائيلية ورئيس الوزراء الأسبق.جانتس هدد بالاستقالة ما لم يقبل نتنياهو بخطته بحلول يوم 8 يونيو القادم.
خطة جانتس هى إعادة «الرهائن» إلى إسرائيل؛ وإنهاء حكم حماس؛ ونزع السلاح عن غزة واضطلاع إسرائيل بالأمن فيها مع إنشاء إدارة مدنية أمريكية - أوروبية - عربية - فلسطينية للقطاع ترسى الأسس لحكم له فى المستقبل، لا هو «حماس» ولا هو «عباس». بعبارة أخرى، بنى جانتس يرغب فى إدارة مدنية تخدم احتلال إسرائيل للقطاع، وهو ما رفضته مصر من قبل، وكذلك رفضته الإمارات العربية المتحدة. جدير بالذكر أن «حماس» قالت مؤخرا إنها ستحارب أى جهة تشترك فى إدارة قطاع غزة ولذلك فالشك مشروع فى أن تقبل أغلبية الدول الأوروبية بدورها الاشتراك فى مثل هذه الإدارة. النقطة الرابعة فى خطة جانتس هى عودة السكان الإسرائيليين الذين رُحِّلوا عن شمال إسرائيل إلى ديارهم بحلول الأول من سبتمبر القادم. والنقطتان الخامسة والسادسة هما أولاً التطبيع مع المملكة العربية السعودية كجزء من صفقة تؤدى إلى «إنشاء تحالف بين العالم الحرّ والعالم العربى ضد إيران». التساؤل يثور عما يدعو السعودية إلى التطبيع مع إسرائيل فى الوقت الذى تنزل فيه هذه الأخيرة بسكان القطاع أبشع صور العدوان وحشيةً. السعودية تبغى تقديم نفسها على أنها دولة إقليمية كبرى، وأى دولة كبرى فى إقليم ما أو فى العالم برمته، لا يمكن أن تعنى بمصالحها الضيقة وحدها. الدولة الكبرى لا بد أن تعنى بمصالح غيرها أيضا، أو ببعض معقول منها، حتى يعترف هذا الغير بشرعية تميزها فى الإقليم أو فى العالم. وأى مصلحة لدول العالم العربى فى أن تندرج فى عداء مفتوح ممتد مع إيران فى إطار تحالف مع إسرائيل؟ النقطة السادسة والأخيرة هى أن يؤدى كافة الإسرائيليين الخدمة العسكرية وأن يسهموا فى المجهود الوطنى. هذه النقطة السادسة تبدو غريبة فى إطار خطة تعنى بالحرب فى غزة، غير أن السبب فى إدراجها ضمن الخطة ربما يكون أن اليهود المتزمتين دينيا، من طائقة الحريديم، يتمتعون منذ نشأة إسرائيل بإعفاء من أداء الخدمة العسكرية، فى وقت تعانى فيه إسرائيل من نقص فى القوى البشرية تكثفت حدته مع امتداد الحرب على غزة فانعكس على قوة العمل الضرورية للنشاط الاقتصادى. النقطة الثالثة من خطة جانتس بشأن اضطلاع إسرائيل بالأمن فى غزة وإنشاء إدارة مدنية فيها والنقطة الخامسة المتعلقة بالتطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل تتفقان إلى حد بعيد مع ما ورد فى مقال المعلق الأمريكى المعروف، القريب من دوائر صنع السياسة الأمريكية، ديفيد إيجناسيوس فى «الواشنطن بوست» يوم 20 مايو الجارى الذى أخبر قراءه فيه بأن واشنطن «تجمع العناصر الضرورية لنهاية ممكنة للحرب فى غزة». يُذكر أن جانتس زار العاصمة الأمريكية بدعوة منها فى مارس الماضى، وهو ما أثار حفيظة نتنياهو، والتقى فيها بكافة المسئولين الأمريكيين المعنيين باستثناء الرئيس بايدن. يبدو مشروعا اعتبار أن الفارق فيما بين خطة جانتس وما أعلنه إيجناسيوس بشأن هاتين النقطتين هو أن الأخير اكتفى بخصوص النقطة الثالثة بالإشارة إلى إدارة مدنية يتولاها أعيان فلسطينيون وتدعمها دول عربية ذكرها هى مصر، والأردن، والسعودية، والإمارات. فى هذه الفكرة تذكرة بروابط القرى التى أنشأتها إسرائيل فى الضفة الغربية لدى نهاية السبعينيات من القرن الماضى واضطرها فشلها إلى حلها بعد سنوات قليلة، قبل منتصف الثمانينيات، فما بالك بحظوظ إدارة من الأعيان فى النجاح فى ظل الاحتلال العسكرى الإسرائيلى الفعلى وبعد المذبحة التى أنزلتها إسرائيل بسكان غزة! كما ورد ذكره أعلاه، كل من مصر والإمارات أعلنتا رفضهما الاشتراك فى إدارة غزة. أما النقطة الخامسة فيضيف إليها إيجناسيوس، بناءّ على ما عرف أنه ورد فى مذكرة مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان عن زيارته الأخيرة للسعودية، أن هذه الأخيرة تقترب من إبرام اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة تشمل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل إن ما ورد فيه «اتفاق على مسار ذى مصداقية نحو حل الدولتين للمشكلة الفلسطينية».
التساؤل الوارد أعلاه عن مصلحة المملكة العربية السعودية فى تطبيع العلاقات مع إسرائيل فى الظروف الراهنة ينطبق حتى مع إضافة «المسار ذى المصداقية نحو حل الدولتين». المصداقية شىء تقديرى تماما. ألم يكن للمسار الذى خطته اتفاقية أوسلو فى سنة 1993 مصداقية هو الآخر؟ أين هذه المصداقية بعد ثلاثين عاما؟ يلاحظ أن الالتزامات على الطرف الفلسطينى فى أى اتفاق أو مشروع للاتفاق هى دائما التزامات محددة واجبة النفاذ وفى توقيتات معينة، يقابلها وعود بخطوات تتخذها إسرائيل، وعود مطاطة قابلة للتفسير والمماطلة والتجاهل.
• • •
الطرف المباشر الثانى هو «حماس». ورد أعلاه أن «حماس» ترفض إدارة لغزة تضطلع بها أطراف دولية أو عربية. إيجناسيوس يقول ما يخالف ذلك إذ يذكر أن «حماس» وافقت على إدارة فلسطينية من الأعيان تساندها الدول العربية المذكورة باعتبارها خطوة انتقالية. لا بدّ أن ننتظر لنعرف أين تكمن الحقيقة؟ يلفت النظر أن الإدارة الأمريكية مهتمة بموافقة «حماس»، نفس «حماس» التى تريد إسرائيل القضاء عليها نهائيا حتى لا تصدر كلمة تخالف ما قد تراه هى فى المستقبل. غير أن الخلاف المعلن عنه مؤخرا حول رفض إسرائيل لإنهاء الحرب فى مقابل تبادل المحتجزين الفلسطينيين والإسرائيليين وزيادة إدخال المساعدات إلى غزة، وتمسك «حماس» بإنهاء الحرب فى هذا المقابل، يلقى بظلال من الشك على سلامة المصدر الذى استند إليه إيجناسيوس وهو ما سجله سوليفان فى مذكرته.

• • • الولايات المتحدة تساند المسئولين الإسرائيليين المتهمين فى المحكمة الجنائية الدولية، وتهدد المحكمة وقضاتها، وتعاقبها هى وسلطة الاتهام فيها، وذلك بعد أن مارست الفيتو فى مجلس الأمن حتى تواصل إسرائيل حربها، وكذلك لتمنع انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة. انضمام صوتت 143 دولة فى الجمعية العامة بقبوله. الولايات المتحدة ومنذ أكتوبر الماضى تواصل تزويد إسرائيل بالقنابل والصواريخ وبالمشورة العسكرية وبالمعونة الاقتصادية الضرورية لها حتى تستمر فى حربها. غير أن الحرب لا بدّ أن تنتهى لأن استمرارها يعنى أن إسرائيل فشلت فى تحقيق أهدافها. ننتظر الآن ماذا سيكون عليه موقف الولايات المتحدة من أمرى محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية فى رفح فورا، وبفتح المعبر فيها لدخول المعونة الإنسانية إلى غزة بكميات معتبرة. وحتى تنتهى الحرب، ها هى الولايات المتحدة تتفق مع الوزير بنى جانتس على خطة لما بعدها. يمكن تصور أن يعمل هذان الطرفان على إسقاط الحكومة الإسرائيلية الحالية بعد أن يعلن رئيس الوزراء نتنياهو وقف العمليات العسكرية وانتصاره فيها. التعويل يبدو على أن يخلف جانتس نتنياهو فى رئاسة الوزراء ليبدأ فى تطبيق نقاطه المتفقة بشكل إجمالى مع مذكرة سوليفان. يلاحظ أنه ليس فى الخطة كلمة عن الضفة الغربية التى زعم الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته فى الخريف الماضى، بعد بداية الحرب، أنه لن يُفصَل بينهما قط.
قد يقول قائل أن خطة جانتس ستستكمل بذلك «المسار ذا المصداقية نحو حل الدولتين». الخبرة التاريخية مع مثل هذا المسار تدعو للشك تماما فى مضمونه وشروط قبوله وتطبيقه. الولايات المتحدة تهرب إلى الأمام. محصلة نقاط جانتس ومذكرة سوليفان هى الرجوع، وإن بتعديلات هى فى جوهرها شكلية، إلى الوضع الذى كان قائما قبل السابع من أكتوبر، وفى أحسن الأحوال، بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، إلى الوضع الذى كان قائما فى غزة قبل ظهور «حماس»، وهو الوضع نفسه الذى أدى إلى نشأة حماس وانتشارها. الأفكار الإسرائيلية الأمريكية المذكورة تترك الشروط قائمةً لانفجار مروع فى الأمد المتوسط أو البعيد. الولايات المتحدة، ومن يذهب مذهبها من حلفائها، لا تخدم إسرائيل بمسايرة زعمائها فى فرض سيطرتها المطلقة على الشعب الفلسطينى وتمكينهم من فرضها، ولا هى تخدم نفسها إذ تزداد عزلتها فى المجتمع الدولى. وهى بهذه المسايرة تزيد أيضا من تقويض أسس السلام والاستقرار والتنمية التى تحتاجها الشعوب والدول العربية، وغيرها من شعوب ودول الشرق الأوسط. الخدمة التى تسديها الولايات المتحدة لحليفتها إسرائيل هى بأن تدفعها إلى الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى، بما فى ذلك حقه فى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الفعلية. هذه الدولة وغيرها تشترك بعد ذلك فى إنشاء نظام إقليمى للأمن والتنمية يكفل لشعوب الشرق الأوسط ودوله أمن كل منها ويفتح أمامها سبل السلام والتنمية والتقدم. هل تسدى الولايات المتحدة هذه الخدمة لإسرائيل ولنفسها وللمنطقة، أم تسايرها، ضد مصلحة كل منهما، والمؤكد ضد مصالح شعوب المنطقة ودولها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.