احتارت الحكومات المتعاقبة وحيرتنا معها فى تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية. هى نفس الدورة التى شهدناها على مدار عشر سنوات: إعلان عن تطبيقها وصدور قانون ملزم بها، يعقبه انهيار فى البورصة، ثم الإعلان عن التراجع عن التطبيق، ثم صدور قرار يقنن التراجع ثم محاولة تحصيل بعض من تلك الضريبة عن الفترة ما بين تاريخى صدورالقانون والتراجع فيه. دورة تشبه أفلام الكوميديا السوداء لا يخرج منها فائز واحد. لو حاولنا تلخيص عالم الأعمال الحديث يمكننا أن نطلق عليه عالم المكسب المتبادل Win-Win، ولكننا نصر مع الأسف فى هذه الحالة أن نطبق العكس وهو الخسارة المتبادلة. لا أعلم ما العيب أو ما الصعوبة فى النظر لتجارب الدول صاحبة الأحوال المشابهة التى سبقتنا فى تطبيق هذه الضريبة وبما إننى عايشت هذه المرحلة عمليا مع دول مثل الصين وقت بدايات انتعاش سوق المال لديها فالروشته واضحة وسهلة: 1- تحضير جميع آليات تطبيق القرار خاصة فيما يخص نظم المعلومات مع شركة مصر للمقاصة ومع شركات السمسرة العاملة فى السوق. 2- الإعلان عن تطبيق الضريبة بعد الانتهاء من هذه التحضيرات ويتم التطبيق فورا وليس فى موعد آجل. بمعنى أن يخرج المتحدث الرسمى عن الحكومة فى الساعة الثامنة صباحاً معلنا استقطاع ضريبة الأرباح الرأسمالية فى اليوم نفسه. 3- اقتطاع الضرائب من المصدر عن طريق شركات السمسرة وذلك فى صورة ضرائب محجوزة تحت الحساب النهائى withholding tax. 4- لو تم التنفيذ بصورة صحيحة عادة ما تعانى البورصة من انخفاض فى اليوم الأول فى حدود 5٪ ثم تعاود فى الأيام التالية التعامل على أساس الواقع الجديد. 5- فى أغلب الدول هناك تعامل خاص للمستثمر الأجنبى من باب التشجيع على الاستثمار ففى الولاياتالمتحدة مثلاً هناك إعفاء كامل من ضريبة الأرباح الرأسمالية للمستثمر الأجنبى. ما نراه اليوم من تخبط فى الإعلان وآلية التنفيذ وغير ذلك من الإجراءات يعنى أن معاناة البورصة ومعاناة أصحاب الأعمال فى بيع وشراء أسهم شركاتهم سيستمر لشهور عديدة مما سيؤثر على دورة رؤوس الأموال كما حدث من قبل فى عامى 2014 و 2015 وفى كل واقعة سابقة على مدى عشرة أعوام فى محاولات فاشلة لتطبيق الضريبة. والتأثير كما ذكرت أعلاه لا يطول فقط البورصة ومستثمريها ولكن يؤثر أيضاً على أصحاب الشركات الذين يحاولون بيع أو زيادة رءوس أموال شركاتهم عن طريق بيع حصة مثلاً مما يعنى فرص عمل أقل وتأثير سلبى عام على مناخ الأعمال والاستثمار. ضريبة الأرباح الرأسمالية واقع نتعامل معه فى أغلب الأسواق التى نتعامل معها عالميا ولكن الغموض والتخبط هم أعداء المستثمر. فرءوس الأموال لن تنتظر أن تتعلم فيها ولكن ستعزف عن الاستثمار فى بلدك حتى تخرج لها بقانون واضح وصحيح ويشجع على الاستثمار.