اعتبرت صحيفة الفاينانشال تايمز أن أوروبا قبلت أوضاع حقوق الإنسان المتواضعة في شمال أفريقيا كثمن لإحلال الاستقرار في جوارها، حيث جاءت على حساب ترسيخ الحكم الشمولي في هذه البلاد. وقالت الصحيفة إن العلاقات بين حكومات شمال أفريقيا وجيرانها عبر البحر المتوسط وعلى رأسهم فرنسا، شديدة التعقد بسبب الماضي الاستعماري والتوترات بسبب الهجرة والنزاعات الإقليمية. وأضافت أنه كان يمكن أن تزداد تعقيدا لولا المجهودات الناجحة التي تقوم بها السلطات الجزائرية والمغربية والتونسية لكبح تهديد الجماعات الإسلامية المسلحة. كما لفتت إلى أن باريس غضت بصرها العام الماضي عن الانتخابات التونسية الرئاسية، التي افتقرت إلى التعددية والنزاهة وحرية التعبير لتوفر أمام الرئيس التونسي زين العابدين بن على فتره رئاسة خامسة، حيث إنه معارض قوي للحركات الإسلامية في بلده سواء المعتدلة أو المتشددة منها. ونقلت الصحيفة عن جان- لوي بروجويير منسق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في شئون مواجهة الإرهاب، قوله إن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب هو التهديد الأكبر لفرنسا، التي تعد محل إقامة جالية جزائرية كبيرة. وأضاف بروجويير أن شمال أفريقيا والصحراء الكبرى يمثلان أهمية استراتيجية لفرنسا، حيث إن التهديد يأتي بشكل كبير من هناك، مضيفا أنه عليها أن تكون في غاية اليقظة فيما يتعلق بالخلايا النائمة التي يمكن تنشيطها، كما ينطبق ذات الأمر على البلاد المجاورة مثل بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وتابع المنسق أن جهود مكافحة الإرهاب الأوروبية يدعمها التعاون المخابراتي مع السلطات في شمال أفريقيا، مشيرا إلى أن العلاقات معها جيدة وجديرة بالثقة وشديدة الاستقلال فيما يخص الجانب السياسي. ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن قدرة القاعدة على التجنيد في الجزائر وأوروبا أصبحت محدودة جراء فقدانها مصداقيتها بسبب ضلوعها في أنشطة إجرامية وفشلها في أن تصبح جزء من جماعة الجهاد العالمي. كما نقلت عن جان بيار فيليو الأستاذ بمعهد باريس للدراسات السياسية قوله، إن الإجراءات الأمنية في أوروبا منعت القاعدة من تصدير الجهاد، وإن الجماعة ليس لديها القدرة على توحيد المسلحين في شمال أفريقيا تحت لواء إرسالهم للحرب في العراق لأن القاعدة تحطمت بالفعل هناك.