لماذا يلجأ الاستثمار الأجنبى لرشوة المسئولين فى مصر.. وهل يمكن أن نفتح له باب الاستثمار فى البنية الأساسية، ونحن مطمئنون إلى أنه لن يمارس الاحتكار، أسئلة قد لا تجد لها إجابة إلا مع محامى المستثمرين الأجانب، «الشروق» حاوت موريس ديفيو رئيس أنشطة الشرق الأوسط والشريك فى مكتب كرويل آند مورينج الأمريكى للمحاماة الذى بدأ نشاطه فى مصر العام الماضى. تفرض قضية رشوة شركة مرسيدس لمسئول مصرى لتسهيل أعمالها فى مصر نفسها على الرأى العام فى الوقت الحالى، وقبل أن توجه الاتهامات للشركات الأجنبية يبرز فساد الجهاز الحكومى كأحد أهم أسباب هذه الممارسات، حيث يؤكد مركز هيريتدج الأمريكى للدراسات فى تقريره عن الحرية الاقتصادية أن رشوة الموظفين الصغار فى مصر أمرا شائعا، وهناك ادعاءات بوجود فساد بارز بين المسئولين الكبار. ويعلق موريس ديفيو، الشريك بمكتب كرويل اند مورينج الأمريكى للمحاماة، والذى دخل السوق المصرى منذ ثمانية أشهر بأنه ينصح عملاءه فى حالة تعثر المضى فى الاستثمار بسبب عدم استيعاب موظف من المستويات الإدارية الدنيا إحدى النقاط باللجوء للمسئولين الكبار، فى حدود ما هو مسموح به قانونا، وهذا لا يحدث فى مصر وحدها «فى أمريكا أيضا نحتاج أحيانا لتصعيد القضايا للمستويات الأعلى». وفى مقابل ذلك يشدد ديفيو على أنه لا ينصح أى من عملائه بالتورط فى أى رشوة لأى جهة «نحن نعتبر ذلك حماية لعملائنا، فالقانون الأمريكى يعاقب الشركات الأمريكية على الممارسات الفاسدة حتى وإن كانت هذه الممارسات خارج أمريكا مع أى حكومة فى العالم، وتصل هذه العقوبات إلى حد السجن». ومكتب كرويل آند مورينج له نشاط عالمى ومركزه فى واشنطن وله عدة أفرع فى مدن كبرى كلندن وسان فرانسيسكو، وتم إنشاء المكتب فى عام 1979 معتمدا على 53 محاميا ونما نشاط المكتب من خلال عمليات للاندماج والاستحواذ مع كيانات أخرى، وفى منطقة الشرق الأوسط أنشأت كرويل آند مورينج مكتبا فى القاهرة بالتعاون مع مكتب حجازى وشركاه، ومكتب آخر فى السعودية من خلال تحالف استراتيجى مع مكتب العنزى وشركاه. وقدمت كرويل آند مورينج خدمات استشارية فى قضايا مهمة بالشرق الأوسط، كالنزاع الحدودى البرى والبحرى لدولة البحرين مع دولة قطر أمام محكمة العدل الدولية فى 2001. ويؤكد ديفيو أن السؤال عن الفساد واحد من أبرز الأسئلة، التى يسألها المستثمرون الأجانب قبل دخول أى سوق وبناء على الإجابة قد يتحدد قراره بدخول السوق بما يجعل الفساد «أحد العناصر المؤثرة على النمو الاقتصادى» برأيه. وكان تقرير لجنة الشفافية والنزاهة الأخير، التابعة لوزارة التنمية الإدارية بمصر، قد رصد أن الجهاز الإدارى للدولة يفرز أكثر من 70 ألف قضية فساد إدارى ورشوة سنويا. لا حاجة لتشريعات جديدة لمكافحة الفساد ويرى ديفيو أنه لا توجد حاجة لإصدار تشريعات جديدة لمكافحة الفساد، بقدر ما تكون الحاجة الأكبر لتفعيل التشريعات الموجودة على نحو أكبر، ويرى أيضا أنه كلما انفتح الاقتصاد المصرى على العالم اتجه قطاع الأعمال إلى أن يكون أكثر شفافية. يرى ديفيو، الذى أنشأ مكتبه فى مصر بالتعاون مع مكتب حجازى وشركاه للمحاماة منذ بضعة أشهر، أن المعوقات التى تقف أمام القطاع الخاص فى السوق المصرية ليست بالضرورة تؤدى للممارسات الفاسدة «أنا أثق أنه من الممكن النجاح فى مصر بدون خرق القانون»، كما جاء على لسانه. ومثل هذه المعوقات لم تكن عاملا مثنيا لديفيو عن دخول السوق المصرية، بالعكس فهو يعتبر أنه «إذا كانت كل الإجراءات سهلة وميسرة لكان انتفى سبب وجودنا ولم يكن هناك طلب قوى على خدماتنا». الفساد لا يمثل عائقا للاستثمار فى مصر ويؤكد ديفيو، الذى يدير مكتبه أعمال العديد من الشركات الدولية فى مصر والشرق الأوسط مثل مجموعة ماريوت للفنادق أن عوائق ممارسة الأعمال فى مصر لا تقف أمام الاستثمار الأجنبى «لم يتراجع أى من عملائى عن فكرة الاستثمار فى مصر بسبب هذه التحديات، على النقيض لذلك، فعملاؤنا من الشركات الأمريكية فى السوق المصرية يخططون للتوسع هنا، «موضحا أن المستثمرين الأجانب يعتبرون مثل هذه العوائق بمثابة جزء من التكاليف، التى يقابلها ربح يتوقعونه من السوق المصرية بكل ما يتمتع به من مؤهلات للنمو». تعاقدات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واحدة من أبرز القطاعات، التى يستهدف مكتب كرويل آند مورنينج، تقديم خدماته لها فى السوق المصرية لما يراه من فرص للنمو فى هذا القطاع. وفى الوقت ذاته، عبر العديد من نواب مجلس الشعب عن تخوفاتهم من هذه النوعية من التعاقدات خلال مناقشة القانون الخاص بها، حيث يهدف نظام الشراكة بين القطاع العام والخاص إلى إسناد أعمال تقوم بها الدولة فى مجالات كالخدمات الأساسية إلى القطاع الخاص بدل من تحمل الدولة لأعبائها المالية، ورأى نواب الشعب أن دخول القطاع الخاص فى هذه الخدمات قد يؤدى إلى الممارسات الاحتكارية. «من خلال خبراتنا فى بعض أعمال الشراكة بين القطاع العام والخاص فى مصر، أنا أرى أن التعاقدات بين الطرفين كانت متوازنة جدا مقارنة بالتعاقدات الدولية «يقول ديفيو، الذى قدم مكتبه خدمات استشارية لمشروع إنشاء 300 مدرسة، ومزرعة لطاقة الرياح فى السويس ومشروع للصرف الصحى بالصعيد، مؤسسين بنظام المشاركة بين القطاع العام والخاص. الشراكة بين العام والخاص قد تؤدى للاحتكار وبالرغم من أن ديفيو تحفظ على التعليق على كيفية توفير ضمانات فى القانون المصرى لمنع القطاع الخاص من استغلال هذا النمط من الشراكة للتحكم فى السوق، معتبرا أن كل دولة «يجب أن تفصل القوانين التى تناسب ظروفها»، فإنه أشار إلى أن هذا النمط من الشراكة قد يتسبب فى تحول «احتكار القطاع العام لهذه الخدمات الى احتكار للقطاع الخاص، لأنه من الطبيعى أن يفكر القطاع الخاص فى تعظيم ربحيته». ويشير فى هذا الصدد إلى أن التجربة الأمريكية كافحت مثل هذه الممارسات من خلال طريقين الأول تخفيف أعباء الدخول إلى السوق بما يتيح دخول العديد من المتنافسين والطريق الآخر هو تفعيل التشريعات المكافحة للاحتكار. ويشير من جهة أخرى إلى أنه إذا كانت التعاقدات تعطى للقطاع الخاص الفرص لتحقيق ربحية جيدة، ولا تتضمن بنودا تتيح للحكومة التدخل لرفع هذه الأسعار، سيساعد ذلك القطاع الخاص على عدم اللجوء للممارسات غير المشروعة.