محافظ الغربية: ذبح 1186 أضحية مجانًا في مجازر الغربية خلال عيد الأضحى    مجرمو الحرب.. وقرار الجنائية الدولية!!    اليونان تكافح حرائق غابات وحالة تأهب بسبب الحرارة المرتفعة    جالانت: الوضع شمال إسرائيل سيتغير بتسوية أو بعمل عسكري واسع    داليتش: لا يوجد مبرر لنهاية كرواتيا السيئة ضد ألبانيا ولازلنا فى السباق    6 قرارات للنيابة في واقعة دهس مشجعتي الأهلي بالإسكندرية    تحرير 164 محضرًا وإغلاق 48 منشأة بقنا خلال أيام العيد    «زنزانة»| الثانوية العامة .. الخبراء: ممارسة الهواية المفضلة ترفع الضغوط    أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما.. «ولاد رزق 3» يحطم الأرقام    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد مستشفى حميات التل الكبير    بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير ساندويتشات «كفتة اللحمة»    كفتة الست.. سهلة ولذيذة    هيئة الدواء: استقبال 1500 شكوى واستفسار عبر الخط الساخن في عيد الأضحى    فعاليات ترفيهية ومحاكاة لمناسك الحج في مراكز شباب القليوبية احتفالا بالعيد    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    موعد صرف معاشات شهر يوليو 2024 بالزيادة الأخيرة.. كيفية الاستعلام وطرق الصرف    رنا سماحة تعلق على نجاح أول ليلة عرض لمسرحية «العيال فهمت»    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    كانسيلو يحسم موقفه من العودة لبرشلونة    فيفا يخطر اتحاد الكرة المصري بإيقاف قيد مودرن فيوتشر    مصدر ليلا كورة: حكم مباراة الزمالك والمصري ذكر في تقريره ما فعله جوميز تجاهه    المفوضية الأوروبية تقترح موازنة بقيمة 270 مليار يورو لعام 2025    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    حماس: سنعمل على تحرير كامل أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس    رؤساء لجان فى مجلس النواب ل«الشروق»: الحكومة الجديدة تواجه تحديات «جسامًا» تتطلب تغييرات جوهرية بأدائها    تفاصيل استراتيجية جديدة لقطاع الصناعية المصرية حتى عام 2027    تداول 74 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    الملحن محمد يحيى يشارك لأول مرة كموزع في أغنية تتحبي لعمرو دياب    اللحمة ب 250 جنيهًا عند الجزارة «أم سعيد»    لا تفوت فرصة التقاط صورة مع كريستيانو رونالدو!    غيابات الأهلي صداع في رأس كولر أمام الزمالك    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    اليوم العالمي ل الأنيميا المنجلية.. 4 أعراض تكشف الإصابة بالمرض    ماتيوس: ثنائي ألمانيا يمكنه الفوز بالكرة الذهبية    حسن الخاتمة.. وفاة صيدلي من الشرقية أثناء أداء مناسك الحج    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس في الهند    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    بعثة الحج السياحي: 14300 حاج مصري يقيمون بمنطقة العزيزية    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التواطؤ باسم الإنسانية!
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 03 - 2024

تكاد تتماهى ازدواجية الخطاب الأمريكى مع عوالم مسرح اللا معقول!
الكلام وعكسه فى خطاب واحد.
دعوات متواترة لإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية ومستدامة لإنقاذ أهالى غزة من الموت جوعًا، وتمديد بالوقت نفسه للعدوان الذى يزهق أرواحهم!
مشاهد الجوعى الذين يتعرضون للتقتيل العمدى أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية تبقيهم على قيد الحياة تطرح تساؤلا جوهريا إذا ما كانت أية دعايات أمريكية عن القيم الإنسانية قابلة للتصديق!
إذا لم يمت مئات الآلاف من الفلسطينيين بالقصف المتواصل فإنهم قد يلقون المصير نفسه بالتجويع المنهجى المقصود.
باليقين فإن الإدارة الأمريكية تتحمل المسؤولية الأولى عما يحدث للفلسطينيين من تنكيل تجاوز كل كابوس متخيل أو غير متخيل.
مددت للعدوان الهمجى على غزة ومنحته غطاء سياسيًا واستراتيجيًا وعسكريًا كاملًا حتى ينجز هدفيه المعلنين، اجتثاث حركات المقاومة الفلسطينية واستعادة الأسرى والرهائن بلا تكاليف سياسية باهظة.
لمرات عديدة منعت بحق النقض استصدار أية قرارات من مجلس الأمن الدولى بوقف الحرب دون أن تتوقف عن دعوة القوات الإسرائيلية لمراعاة القانون الدولى الإنسانى فى حماية حياة المدنيين.
طوال الوقت تدعو لإدخال المساعدات الإنسانية دون نجاح يذكر.
وأخيرًا دعت فى خطاب الاتحاد، الذى ألقاه الرئيس «جو بايدن» أمام مجلسى الكونجرس، لإنشاء رصيف بحرى قبالة سواحل غزة لإنجاز هذه المهمة الإنسانية!
لم يكن الدعم الإسرائيلى المعلن لذلك المشروع كلامًا فى فراغ الاستراتيجيات.
أول ما يستلفت النظر أن إنشاءه وتشغيله قد يستغرق نحو ستة أسابيع حسب التقديرات الأمريكية.
المعنى أنه لا حديث بأى مدى منظور عن وقف إطلاق النار، أو تحسين الوضع الإنسانى بضخ مساعدات كافية عبر المنافذ البرية.
ربما يمتد المعنى إلى تخفيض أية رهانات على تسوية ما عبر المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل.
بحسب الحيثيات المعلنة فإن المشروع الأمريكى يستهدف رفع نسبة المساعدات الإنسانية، أو أن تصل مباشرة إلى الجوعى من المدنيين لا إلى «حماس»، وبالتنسيق الكامل مع السلطات الإسرائيلية.
بنظر منظمات الأمم المتحدة: «لا بديل عن الممرات البرية»، قاصدة أن معبر رفح الحدودى المصرى أسهل وأسرع إذا ما أجبرت الولايات المتحدة إسرائيل على عدم استهدافه بالقصف، أو التعسف المفرط فى إجراءات دخول المساعدات».
بتعبير وزير الخارجية البريطانى «ديفيد كاميرون»: «لا بديل عن الممر البرى»، قاصدًا معبر رفح بالذات.
بتقدير «واشنطن بوست» فإن «الممر البحرى لا يكفى»، توافق على مشروعه، لكنها تشكك فى قدرته على الوفاء بالمهمة الإنسانية المفترضة.
أخطر ما فى ذلك المشروع: تجريد مصر من معبر رفح وقيمته الاستراتيجية.
وتجريد غزة فى الوقت نفسه من الرئة العربية الوحيدة للحركة والتنقل.
هذا يستدعى التنبه البالغ والتصحيح الضرورى لأية أخطاء وخطايا ارتكبت فى إدارة ذلك المعبر بعد توقيع اتفاقيتى «كامب ديفيد».
باسم الإنسانية مرة أخرى يجرى التواطؤ على أدوار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» بذريعة أن ذلك الرصيف البحرى سوف يوفر خدماتها دون حاجة إليها!
هذا محض ادعاء لا أساس له.
استهداف «الأونروا» بادعاءات غير ثابتة عن علاقة بعض موظفيها ب«حماس»، وفرض حصار دولى على تمويلها، قصده تفكيكها لإحكام الحصار مستقبلًا على القطاع فى خدمات لا غنى عنها كالصحة والتعليم والتشغيل.
بتعبير وزير الدفاع الإسرائيلى «يوآف جالنت» فإن الرصيف البحرى يساعد على انهيار «حماس» قاصدًا التركيع النهائى للفلسطينيين.
هكذا بكل وضوح فإن ذلك المشروع هو عمل متوافق عليه بين الجانبين الأمريكى الإسرائيلى.
إنهما يعملان تحت أفق استراتيجى واحد رغم أى تناقضات بين إدارة «بايدن» وحكومة «بنيامين نتنياهو».
قد ترى الإدارة الأمريكية الحالية أنه يفتقد فى اللحظة الحالية القدرة على القيادة.
بالمقابل فهو يصعد ضدها لهجة الخطاب.
لكن ذلك لا يمنع التوافق على الأهداف العليا للحرب، وعلى رأسها التهجير القسرى أو الطوعى للفلسطينيين بعدما تصبح حياتهم شبه مستحيلة فى القطاع المحطم، التى تؤكد التقارير الدولية أن (80%) من بيوته هدمت بالكامل، وأن خسائره المادية قد تتجاوز (30) مليار دولار.
القضية الحقيقية ليست «التوطين فى سيناء» بقدر ما هى إخلاء غزة من أهلها وتشتيتهم فى دول أخرى، عربية وغير عربية.
لذلك الرصيف دور وظيفى مقصود فى التهجير الطوعى.
فى بداية الحرب وجد اليمين الإسرائيلى المتطرف فى الدعم الأمريكى شبه المطلق فرصة للتجهير القسرى من غزة إلى سيناء وفرصة أخرى لتهجير مماثل من الضفة الغربية إلى الأردن.
اصطدم مشروع التهجير القسرى بموقف مصرى وأردنى وفلسطينى وعربى شبه موحد.
تراجع مؤقتًا لكنه ما يزال ماثلًا بصيغ جديدة طوعية هذه المرة يساعد عليها مشروع الرصيف البحرى.
قد يؤسس الرصيف البحرى لتواجد أمريكى عسكرى مباشر بهدف السيطرة على مخزون الغاز، التى تؤكد التقارير الدولية توافرها قرب شواطئ غزة.
إنه الغاز عصب الحياة الحديثة، التى تأكدت قيمته الفائقة فى حرب أوكرانيا.
تنفى إدارة «بايدن» أنها بصدد تمركز أية قوات عسكرية فى غزة.
ربما أرادت أن تطمئن الرأى العام الأمريكى قبيل الانتخابات الرئاسية، التى قد تقرر مصير «بايدن» فى البيت الأبيض، أنه لن يكون هناك تورط عسكرى مباشر فى غزة.
وربما أرادت أن تطمئن بالوقت نفسه «الحليف الإسرائيلى»، أنها ليست بصدد عرقلة أية خطط عسكرية مزمعة فى رفح، التى يراها «نتنياهو» ضرورية لحسم الحرب.
يستلفت النظر أن مشروع الرصيف البحرى طرح مباشرة إثر زيارة الوزير فى مجلس الحرب الإسرائيلى «بينى جانتس« للعاصمة الأمريكية واشنطن.
برغم الخلافات المعلنة فإنهما يتبنيان أهداف الحرب نفسها، المعلنة وغير المعلنة.
يحاول «بايدن» بخطابه المزدوج أن يحسن صورته داخل الحزب الديمقراطى كرجل يتبنى خطابًا إنسانيًا دون أن يتوقف عن توفير القنابل والذخائر والدعم المالى والاستخباراتى للعدوان على غزة.
لا يصلح ذلك الخطاب لتحسين صورة أو لإضفاء هيبة.
إنه تواطؤ باسم الإنسانية على غزة ومستقبلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.