الصحة: زيادة عدد لجان الكشف الطبي على ذوي الاحتياجات الخاصة إلى 550 لجنة    وزير الشؤون النيابية: الحوار الوطني لم ينته إلى توصية محددة بشأن النظام الانتخابي    «الاقتصاد والعلوم السياسية» بجامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    ممثل الحزب المصري الديمقراطي يرفض تعديلات قوانين الانتخابات    63 ألف طالب بالأول والثاني الثانوي يؤدون امتحاني التاريخ والأحياء في المنيا    «الداخلية»: ختام تدريب الكوادر الأفريقية بالتعاون مع الشرطة الإيطالية في مكافحة الهجرة غير الشرعية    وزير المالية: بدأنا جني ثمار الإصلاح بمؤشرات قوية للأداء الاقتصادى    البنك الأهلي يجتمع غدا لحسم أسعار الفائدة على الشهادات والمنتجات المصرفية    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    «الزراعة»: الدليل الإرشادي البيطري خطوة لتطوير المنظومة الصحية بمصر    استمرار توريد القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    «المنظمات الفلسطينية» تحذر من تداعيات توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته في غزة    حكومة غزة: الاحتلال يفرض سيطرته على 77% من القطاع عبر التطهير العرقي والإخلاء القسري    وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد    طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري سوبر السلة بين الأهلي والاتحاد السكندري    قبل جولة من الختام.. ماذا يحتاج مانشستر سيتي للتأهل لدوري أبطال أوروبا؟    أزمة جديدة داخل الزمالك بسبب مدير تعاقدات «أهلاوي»    القضاء الإداري يحكم في إعادة مباراة الأهلي والزمالك اليوم.. وخبير لوائح يكشف مفاجأة    لاعب مانشستر السابق يجيب.. هل ينضم رونالدو للوداد المغربي؟    رسميًا.. ريال مدريد يعلن مدربه الجديد خلفًا لأنشيلوتي    ضبط 275 كيلو لحوم فاسدة قبل عيد الأضحى المبارك بدمياط    مصرع طالب إعدادي غرقًا في ترعة بقنا    إحالة مدير «الكوثر للغات» للتحقيق للتلاعب فى أوراق التصحيح    موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الأزهري الترم الثاني 2025    غرق فى الترعة.. مصرع طالب إعدادي بقنا    السعودية: وصول 960 ألف حاج واستطلاع هلال ذي الحجة الثلاثاء    بدء أعمال التصحيح وتقدير الدرجات للشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    نادين نجيم تتعاون مع ظافر العابدين لأول مرة في دراما رمضان 2026    «المشروع X» ينفرد بصدارة إيرادات شباك التذاكر    تامر حسني والشامي يتصدران التريند ب«ملكة جمال الكون»    5 أبراج تُجيد فن الدعم النفسي والتفكير بطريقة إيجابية (هل برجك منهم؟)    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    في احتفالية تسليم جينوم الرياضيين، عاشور: وضع خريطة جينية للمصريين ودراسة الأمراض الشائعة والنادرة    بحضور 3 وزراء.. إطلاق مرحلة جديدة من اختبار الجين الرياضي Gene-Next    الصحة العالمية: أكثر من 60% من الأمراض المعدية لدى البشر تنشأ من الحيوانات    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    وزير ألماني يدعو لتجنب التصعيد في النزاع الجمركي مع واشنطن    تشريعية النواب توافق على تعديلات قانون مجلس الشيوخ    جامعة أسيوط تستعد للموسم الصيفي بأنشطة رياضية متنوعة بالقرية الأولمبية (صور)    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد – صور    مصر تستعرض نظامها الصحي الجديد في مؤتمر صيني ضمن "الحزام والطريق"    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر سيتي وفولهام والقنوات الناقلة    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد السيد إسماعيل: بيت من زخرف رواية معرفية تطرح الكثير من القضايا الهامة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2024

قال الكاتب محمد السيد إسماعيل، إن رواية إبراهيم فرغلي "بيت من زخرف – عشيقة ابن رشد" الصادرة عن دار الشروق، تضم سرد تاريخي كبير من حياة ابن رشد، ووصفها بأنها رواية معرفية تطرح قضايا هامة تتعلق بثنائية العقل والنقل.
جاء ذلك في مقال مطول له بموقع أندبندت عربية، قال فيه: كثيرة هي الشخصيات الإشكالية في الثقافة الإسلامية، ومنها ابن رشد بما أثاره وما زال يثيره من قضايا كانت ولا تزال موضع عداوات، وصلت إلى حد التكفير الذي أشهره أبو حامد الغزالي في وجهه في كتابه الشهير "تهافت الفلاسفة"، ورد ابن رشد عليه بكتاب "تهافت التهافت".
وإذا كان من الممكن وصف رواية إبراهيم فرغلي "بيت من زخرف – عشيقة ابن رشد" (دار الشروق) بأنها تاريخية تسرد جانباً كبيراً من حياة ابن رشد، يظل من الممكن أيضاً وصفها بأنها رواية معرفية من خلال طرحها لقضايا من قبيل العقل والنقل، والعقل المفارق والعقل الفاعل، أو لنقل العقل الموجود بالقوة الذي يشترك فيه ملايين البشر، والعقل الموجود بالفعل الذي يمتاز به بعض ممن يعملون عقولهم في تأويل النصوص الدينية لفض التعارض الظاهري بين النص والعقل، والتقريب بين الحكمة (الفلسفة) والشريعة، مما رفضه فقهاء النقل حين تعاملوا فحسب مع ظاهر النص، وتوقفوا أمام دلالاته السطحية المباشرة.
من البداهة أن نقول إن إبراهيم فرغلي لا يعود إلى ابن رشد لاستعادة فترة تاريخية فحسب، بل من أجل إسقاط هذا التاريخ على الواقع الراهن بتوظيف بنية التوازي بين محنة ابن رشد ومحنة أستاذ الجامعة المصري "سعد الدين إسكندر" الذي حكم القضاء بالتفريق بينه وزوجته "جليلة" التي أصيبت بجلطة دماغية ماتت على إثرها، إذ اعتبرت حكم التفريق بمثابة حكم بالإعدام. والحق أن محنة هذا الأستاذ الجامعي تقترب كثيراً من خلال بعض الإشارات السردية من محنة نصر حامد أبوزيد، فقد طلب من الاثنين النطق بالشهادة وهذا يعني أنهم تدخلوا في نيتيهما وحكموا بأنهما كافران، والنطق بالشهادة أمام المحكمة طريقة غرضها "الاستتابة".
وعندما يحكي "سعد الدين إسكندر" عن نفسه، يبدو وكأنه يتحدث عن حياة نصر أبوزيد التي نعرفها حين يقول، "أنا ابن عامل بسيط، عشت حياة بسيطة، ودرست دراسة عادية في أحد المعاهد، ولم أبدأ الدراسة الأكاديمية في مجال تخصصي إلا بعد زمن، وبعد معاناة مع الحياة"، وهكذا يبدو وكأننا أمام بنيتين متوازيتين، الأولى معلنة بين "إسكندر" وابن رشد، والثانية ضمنية يمكن استنتاجها بين "إسكندر" ونصر أبوزيد. تقول "إيليا" التي وقعت في غرام "إسكندر" واصفة التشابهات بينه وابن رشد، "اندهشت من شدة تشابه الصراع على السلطة المعرفية الذي راح ضحيته إسكندر كما راح ضحيته أفيرويس، أحد أسماء ابن رشد في الغرب، من قبل". واللافت هو ملاحظتها أن "إسكندر" ينتمي إلى المدرسة الرشدية وأن ما جعله يرى ضرورة الخروج من مصر هو شعوره بأنه وحيد في مواجهة قوى ظلامية يمكنها أن تغتال أي شخص معنوياً بالتشكيك في تدينه. وهذا ما يجمع بين الشخصيات الثلاث المشار إليهم.
يقول فرغلي إنه "مدين أولاً بالشكر لقائمة طويلة من المؤلفين والمفكرين الذين أتيحت لي قراءة ما كتبوه حول سيرة وأفكار ابن رشد وحول تاريخ الأندلس، وقد تضمنت الرواية بعضاً من فقرات اجتزأتها من تلك النصوص، وبعضها من كتب ابن رشد". هذا المقتبس من هامش الرواية يؤكد ما أشرتُ إليه من أن الرواية تتضمن جانباً معرفياً مباشراً. وقد اتضح هذا تحت عنوان "النسّاخ" حين يورد ما ذكره ابن رشد عن "التكلم بين الشريعة والحكمة"، وأنه "يجب بالشرع النظر في القياس العقلي وأنواعه"، وإثباته لعدد من الآيات الكريمة الداعية إلى إعمال العقل والتدبر في الآيات الكونية، وعليه "فمن الواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات بالقياس العقلي".
تنقسم الرواية إلى ستة أقسام تحمل العناوين الآتية، الخبيئة وأفيرويس وكتاب مانويلا ولبنى القرطبية وكتاب إسكندر، ثم يأتي القسم السادس بلا عنوان لكنه مروي من خلال "ماريا إيلينا". وأدى هذا التقسيم إلى تعدد الأصوات الساردة ما بين ماريا وإسكندر ولبنى القرطبية والراوي الخارجي العليم، صانعاً بذلك ما سماه باختين "البوليفونية" وتعدد الرؤى ورسم لوحة سردية كبيرة تكمل كل حكاية فيها الأخرى. كما تتشابك الشخصيات، فماريا التي تعد رسالة دكتوراه عن فلسفة الفن تقع في غرام سعد الدين إسكندر المصري المهاجر إلى قرطبة والمهتم بالفلسفة الإسلامية، بخاصة فلسفة ابن رشد، بعد إقامته لفترة في موسكو ومعرفته بمارغريت، واهتمام مانويلا، صديقة ماريا، بمجموعة أوراق منسوبة لابن رشد الذي بدا بوصفه خيطاً رئيساً جامعاً لهذه الشخصيات القديمة والمعاصرة على نحو ما ظهر في علاقة لبنى القرطبية، تلميذته وعاشقته، وكأنها صورة قديمة لعلاقة ماريا بإسكندر الذي حولته من أستاذ فلسفة إلى نابش قبور لاستخراج أوراق مانويلا التي اضطرت ماريا إلى دفنها معها.
وفي هذا السياق تأتي قصة عاصي الذي ترجم أحد أعمال ابن رشد إلى العربية وشارك في نحت تمثاله في قرطبة والذي أراد أن ينقذ منحوتاته "فحفر لها عميقاً في باطن الأرض في سوريا، وأردتُ، أي إسكندر، أن أستخرج مخطوط مانويلا من باطن الأرض". ويبدو أن المكان له تأثيره البالغ في المواقف والرؤى، فيذكر إسكندر أن مارغريت قد ذكرتنا "بمواقف وشخصيات وأساتذة درّسوا لنا، واستدعت طرائف ومفارقات من حياتنا في موسكو التي جسّدت لنا حلماً كبيراً آنذاك، وانحيازات عاطفية للاشتراكية والشيوعية والانبهار بالدفء الذي يسيطر على علاقات الناس الذين لا تفرق بينهم فوارق الطبقات". إننا أمام عولمة واضحة تجمع موسكو وقرطبة ومصر وسوريا، واتضح هذا من اختلاف جنسيات وأديان أصدقاء مارغريت الذين قدمتهم لإسكندر، بتول ولويس ومصطفى وكارمن وعاصي.
الكتب الطائرة
وظف إبراهيم فرغلي في كثير من المواضع الأحلام التي قد تتحول أحياناً إلى كوابيس. تقول لبنى القرطبية تحت عنوان "رؤيا"، "رأيتني ليلة أمس مع أبي الوليد. كنا نتحدث حديثاً هامساً كالذي يدور بين العشاق، ثم سمعنا أصواتاً وجلبة وقبل أن ندرك ما حدث، رأينا ملثميْن على جوادين يقتربان منا في هرولة". وهكذا تبدأ الرؤيا بحلم هامس جميل بين عاشقين ثم تتحول فجأة إلى كابوس بظهور هذين الملثمين. وربما تكون هذه الرؤيا على إيجازها تعبيراً عن حياة ابن رشد الذي وصل إلى منصب "قاضي القضاة" في زمن السلطان أبو يعقوب يوسف بن عبدالمؤمن المحب للفلسفة، ثم انتهى به الأمر إلى النفي في عهد المنصور الذي عادى الفلاسفة وأمر بإحراق كتب ابن رشد.
وقد يوظف الكاتب الخيال الفانتازي كما في رؤية إسكندر لتلك المرأة الغجرية التي رأى عينها تجحظ وتقع أمامها وتركض مثل كرة. ويمتد هذا الخيال الفانتازي في رؤية ابن أبي الوليد ابن رشد لكتب أبيه "التي غدت غرانيق محلقة في السماء مؤثرة أن تغدو حرة مثل أفكار صاحبها". هذه الأفكار التي استقاها ابن رشد من صباه وجعلت من الأندلس يوتوبيا تجمع بين أصحاب الديانات الثلاث حين يقول، "لم نكن نبالي إن كان العيد يخصنا نحن المسلمين أو عيداً للنصارى أو اليهود، فالعيد عيد والصبية من اليهود والنصارى ممن يشاركوننا احتفالات العيد يترقبون مشاركتنا لهم مرح عيدي الميلاد والفصح وسواهما". لكن هذا الحلم سرعان ما يتبدد تحت وطأة العقلية النقلية التي لم تفعل شيئاً سوى إعادة إنتاج الوثنية ولكن بأدوات جديدة، حيث "استخدم الدين نفسه الذي جاء ليثور على الوثنية ليغدو وثناً جديداً بواسطة تلك العقليات الجامدة". وتجسّد هذا العقل الجامد في "زياد" ابن كمال وبيلار شقيقة مانويلا الذي استباح قتل الأبرياء، ظناً منه أن ذلك جهاد في سبيل الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.