داخل كاتدرائية السمائيين بشرم الشيخ.. أقباط جنوب سيناء يجسدون تذكار دخول المسيح أورشليم- صور    انطلاق فعاليات المؤتمر العلمى الأول للنساء والتوليد بجامعة كفر الشيخ    صبحي يشهد صالون رؤى الشباب في نسخته الرابعة بمكتبة الإسكندرية    قرار جديد من القضاء بشأن 11 متهماً في واقعة "طالبة العريش" نيرة صلاح    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    سعر الذهب اليوم الأحد في مصر يعاود الارتفاع بمنتصف التعاملات    "اتصال" و"رجال الأعمال المصريين" يطلقان شراكة جديدة مع مؤسسات هندية لتعزيز التعاون في تكنولوجيا المعلومات    سؤال برلماني حول الرقابة على منتجات شركة نستلة للصناعات الغذائية للأطفال    محافظ الجيزة: تنفيذ 35 قرار إزالة لتعديات على أراضي أملاك الدولة    بتداولات تتجاوز 1.3 مليار جنيه.. البورصة تهبط 3.3% منتصف تداولات اليوم    التنمية المحلية: استرداد 618 ألف م2 وإزالة 1471 مبنى و543 تعدٍ على الأراضي الزراعية    مدبولي يُشارك بالإنابة عن الرئيس السيسي في المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في المستقبل؟    الرئيس عباس: لن نقبل بأي حال من الأحوال تهجير الفلسطينيين من الضفة أو غزة    سفير روسيا بالقاهرة: موسكو تقف بجوار الفلسطينيين على مدار التاريخ    المصري الديمقراطي الاجتماعي يشارك في منتدى العالم العربي بعمان    الكرملين: الذعر يتزايد في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية على الجبهة    مع اقتراب نهاية عقده.. رئيس الصفاقسي يكشف حقيقة إمكانية عودة علي معلول    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر محمد صلاح بعد مشادته مع كلوب    نجم الأهلي: أكرم توفيق انقذ كولر لهذا السبب    تشكيل إنتر ميلان الرسمي ضد تورينو    حسام غالي يتحدث عن أزمة استبعاده من كأس الأمم الإفريقية 2006    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    عصا دونك ومولوتوف| تأجيل محاكمة 7 متهمين في جريمة بهرمس بمنشأة القناطر    تموين الفيوم ضبط مخبزين سياحيين دون تراخيص وإنتاج خبز غير مطابق للمواصفات    من القاهرة للإسكندرية.. السكة الحديد تسير رحلة اليوم الواحد احتفالًا بشم النسيم    يعرض 76 فيلما.. مهرجان أفلام السعودية يطلق دورته العاشرة الخميس    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    فيلم ينجح في تحقيق 57.4 مليون جنيه في 18 يومًا.. تعَرّف على أبطاله وقصته    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    "مع كل راجل ليلتين".. ميار الببلاوي ترد على اتهامات داعية شهير وتتعرض للإغماء على الهواء    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    غدا.. هاني شاكر يحيى حفل عيد الربيع في الأوبرا    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    بنك QNB الأهلي و"صناع الخير للتنمية" يقدمان منح دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويصيب 33 آخرين في «قوانجتشو» الصينية    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    أمطار رعدية وبرودة ليلا.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم حتى نهاية الأسبوع (تفاصيل)    الإسباني "تكبير".. جدول عروض اليوم الرابع من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    توافد الأقباط على الكنائس للاحتفال بأحد الزعف في المنوفية.. صور    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    لعدم الإحالة إلى لنيابة.. ماذا طلبت التموين من أصحاب المخابز السياحة؟    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ مينا وبشير الكحلي
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 02 - 2024

يشكو من هم خارج الوسط الأدبى من غياب المواهب الأدبية الكبرى التى كانت ذات تأثير واسع فى المجتمع، فى حين يشكو أهل الأدب من غزارة الإنتاج الروائى ذاته ويقولون «كل من هب ودب أصبح كاتبا للرواية"
ويظن الناظر للمشهد من بعيد أن دور النشر هى التى تقف وراء هذه الغزارة بأمل مقاسمة المؤلفين فى العوائد المالية المتوقعة من الجوائز وزمن البيست سيلر أو الحصول على مبيعات كبيرة، لكن واقع الحال يقول إن الحشود التى ترتاد معرض الكتاب تشترى بقليل من الأموال لذلك فإن صعوبات كثيرة تقف أمام تطور صناعة النشر وتهدد استمرارها.
ويؤكد الناشرون وأنا أصدقهم تماما أن رواج أى كاتب على مواقع التواصل الاجتماعى لا يعنى أن له وجود على الأرض ،كما أنه من النادر ترجمة هذا الاهتمام فى صورة مبيعات.
تقول أية مقارنة سريعة لأرقام المبيعات إن البيع كان أفضل فى الماضى قياسا على عدد المطبوع بالنسبة لتعداد سكان مصر فى الوقت الحالى.
وفى ظل تلك الرؤية الضبابية أصبحت مهمة القارئ فى العثور على كاتب جيد مهمة صعبة جدا لكن ما ينبغى التأكيد عليه هو أن لدى مصر والحمد لله مجموعة كبيرة من المبدعين الذين يستحقون اهتمام القراء وأن ما ينقصنا بالفعل هو وجود (فاترينة عرض) تستطيع تمييز هذا الإنتاج وسياسات ثقافية تنجح فى تقديمه ورعاية أصحابه الذين ينجحون رغم كل الظروف المحيطة فى المنافسة على أهم الجوائز الأدبية فى العالم العربى.
أظن أن مينا عادل جيد من بين الأسماء التى تستحق الرهان عليها والتأكيد على تمايز إنتاجه الأدبى، فمنذ أن نشر كتابه الأول (كنت طفلا قبطيا فى المنيا) ونحن أمام كاتب لديه أسئلة وجودية تشغله، يجيد التعبير عنها، وتدور حول هويته، وما واجهه من تحديات المواطنة عبر مختلف أشكال التمييزوقد الكتاب فاز بجائزة معرض القاهرة للكتاب قبل سنوات.
وفى أعماله الإبداعية التى توالت بعد كتابه الأول، ومنها (البطرخانة) أو (بيت المساكين) و(جزيرة إلخ إلخ) واصل مينا الإلحاح على تساؤلاته وانطلق بها إلى آفاق جديدة اتسعت لتقديم مقاربة ذات أبعاد سياسية فكتب رواية أقرب إلى الديستوبيا فانتازية الطابع وهى (جزيرة إلخ إلخ) التى كشفت جوهر ما يشغله بشأن تجارب التسلط.
ويتأكد هذا الهم الثقيل فى روايته الجديدة (الأستاذ بشير الكحلى) التى صدرت أوائل هذا العام عن الدار المصرية اللبنانية، وهى تمثل من وجهة نظرى علامة فارقة فى مسيرته.
وفيها يخوض مينا خيارا صعبا بتقديم مقاربة اجتماعية ونفسية لشخصية المتسلط المتشبث بالسلطة، لكن السلطة التى يقصدها تتخطى ضيق السياسة إلى اتساع المجتمع بما يشمله من تعقيدات.
رسم مينا شخصية فريدة من نوعها ومنحها البطولة التى تتجلى فى العنوان، فجاءت روايته أقرب إلى بروفايل موجز للأستاذ بشير الكحلى الذى فشل فى اجتياز اختبارات الالتحاق بالكلية الحربية لضعف بصره، ما اضطره إلى الالتحاق بالمعهد العالى للتربية الرياضية وأدار عمله بروح الضابط ليعوّض نفسه عن ضياع حلمه الكبير.
وحُول مدرسته الثانوية الصغيرة إلى دولة صغيرة ليضمن انضباط أفرادها وسيرهم على الصراط المستقيم، لكنه غادرها وتقاعد مبكرا ليحقق حلمه الكبير فى إنقاذ الوطن وتغيير المجتمع كله ليمشى وفق رؤيته الاستراتيجية التى على سهر على إعدادها.
بدأ الكحلى من الاقتصاد وأجرى مداخلات مع برامج تلفزيونية عديدة لتسويق رؤيته الإصلاحية إلا أن أصحابها أدركوا شعوره بجنون العظمة وتوقفوا عن الرد عليه.
ورغم ذلك لم يتوقف عن كتابة رسائل لمسئولين ووزراء ليقدم لهم راؤه وأفكاره لكنهم تقاعسوا عن الرد من باب الغيرة والخوف من المنافسة لذلك واصل بلا كلل من أجل إنقاذ الوطن.
وتبنى مقترحا غريبيا لإصدار قانون تغيير أسماء الشوارع التى تحمل أسماء أجنبية استعمارية وأصر على طباعته وتسليم لأعضاء البرلمان بنفسه إلا أن أجهزة الأمن تعاملت مع اقتراحه وقامت باستجوابه ثم أطلقت سراحه بعد أن أدركت عبث ما يفكر فيه ويعمل على تطبيقه.
تعرف الكحلى على (أميرة) وهى أرملة قريب له ذهب للعزاء فيه وأغواها بالمال ثم استعملها جنسيا رغم أنه كان يحتقرها فى داخله غير أنه وجد فى جمالها مساحة لإفراغ شهوته كما وجد فى عقل ابنها (يوسف الوردانى) أرضا خصبة لزرع أفكاره وتحويله إلى مسخ كامل وآلة تحفظ البيانات التى تزود بها.
منح مينا الجزء الأول كاملا لشخصية الكحلى فى حين منح الجزء الثانى كاملا لشخصية (يوسف) التى بدت صدى للجرائم الذهنية التى زرعها المتسلط فى عقل الشاب وسرعان ما تحولت إلى جرائم فعلية ارتكبها يوسف وتخلص فيها أولا من زميله الذى عايره بضعفه وسلوك والدته، كما تخلص من الكحلى نفسه وتركه للثعبان الأسود حين أدرك حقيقة نواياه وبلغ أقصى درجات اللذة وربط تحققه بالدم.
أعادتنى الرواية بما تضمنته من عوالم إلى كتاب (الإنسان المقهور) وهو كتاب شهير لعالم النفس اللبنانى البارز الدكتور مصطفى حجازى يحلل علاقات القهر وما أنتجته من أزمات ومسوخ بشرية، وتأكد لى اتساع رؤية مينا عادل جيدا وقدرته على نسج عالم متكامل لمجتمع المقهورين أظهر فيه الأثمان التى تدفعها مجتمعاتنا نتيجة شيوع هذا النمط لكن سخرية مينا عادل نجحت فى كسر حدته رغم ما تشيعه الرواية من ألم عميق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.