رسوم على جداريات وواجهات بوابات كثير من قرى قنا أضحت شاهدا على تميز كل قرية في تفاصيلها، حيث زينت المداخل بلوحة فنية تعبر عن تاريخها وثقافتها وتراثها ورسوما تضفي مظهرا مختلفا جذابا؛ لتؤكد أن الفن وسيلة قادرة على تحويل كل ما هو مألوف إلى تحفة فنية جاذبة ومثيرة للإعجاب. أصابع فنان قناوي رسمت عوالم متعددة من الموضوعات والأزمنة انبثقت منها حكايات لا تنفذ عن تاريخ وحكاوي كل قرية، هكذا عبر الرسام التشكيلي القناوي أحمد الأسد، الذي يعمل مدرسا لمادة التربية الفنية، برسوماته على واجهات بوابات مداخل كثير من القرى. "هنا قرية الأشراف البحرية البطاطخة التابعة لمركز قنا، بواجهتها المميزة التي رسم عليها لوحة فنية وزخارف تحكي قصصا عن سيرتها الأولى، فعلى أحد جانبيها مرسوم خيل يعلوه فارس يحمل سيفا في يده وبجواره مجموعة من الفرسان؛ تعبيرا عن حقبة تاريخية هامة في تاريخ وسيرة القرية الأولى، وعلى الجانب الآخر لوحة منقوشة ومزينة برسومات رسمت خريطة لشكل القرية من الداخل بكل تفاصيلها وطبيعتها من زراعة وجبال ومياه وحتى منازلها وشوارعها، وكأنها صورة مصغرة لكل القرية، فما عليك إلا الانتظار للحظات أمام البوابة الرئيسية حتى تعرف كل حكايات وتاريخ القرية من خلال واجهة مدخلها الذي يروي حكايتها.
ويحكي "الأسد" ل"الشروق"، عن تفاصيل اكتشاف موهبته، بأن فترة أزمة كورونا كانت من أسباب وزيادة شهرته حين توقفت الحياة وحدثت العزلة الاجتماعية، استطاع أن يحول منزل قديم بالطوب الطيني طالته يد الزمان من تصدع وشقوق إلى تحفة فنية بديعة تزينت بزخارف وواجهات المعابد الفرعونية القديمة والحياة الريفية البسيطة؛ لتنطلق بعدها رحلته في تزيين الجداريات وواجهات المنازل سواء في مواسم الحج والعمرة أو الزواج، أو حتى بوابات القرى التي يحكي عليها التاريخ والتراث والسيرة باستخدام الزخارف والألوان. وأضاف الفنان التشكيلي، أنه استلهم فكرة الرسوم على الواجهات والجدران من قدماء المصريين الذين أبدعوا في رسوماتهم وشرحهم للتاريخ الذي ظل شاهدا على حضارتهم القديمة حتى اليوم. وأوضح أن لكل واجهة أو كشك أو حائط فكرة معينة يقوم بتنفيذها لتحكي تفاصيل تاريخ وثقافة وتراث القرية، وتعزز الوعي بالتراث والجمال وأبرز ما يميز القرية ومعالمها، وذلك كله عبر اللوحات الفنية التي ترسم على جدرانها وأعمدة مداخلها. وتابع أن الفكرة في أساسها تقوم على تزيين المنازل والجدران وتحويلها إلى لوحات فنية عن طريق الفن التشكيلي؛ لتحسين شكلها لتحكي قصة وتاريخ وتراث من خلال الحكاية بالرسومات. وقال: "عندما يطلب مني تزيين واجهات القرى، أعرف أولا تاريخ القرية وسيرتها من خلال كبارها، ثم أكتب من خلال الرسم على طريقة الحكاوي وهو ما يجعل الكثير من الأطفال يتجمعون حولي، أسرد لهم تاريخ وسيرة قريتهم، وهذا يعد أيضا توعية للأطفال وهو ما حدث معي في قرية الأشراف البحرية التي رسمت الخيول والفرسان فيها على طريقة عصر الأقباط الأوروبي ولكن بالمضمون الصعيدي، الأمر الذي جعل الجميع يعجبون بالعمل وتبادلون التصوير حول هذه الرسومات". وحول المواد المستخدمة في الرسومات، كشف الفنان القناوي، عن استخدامه ألوان البلاستيك وورنيش مائي لكي يحافظ على الجداريات والرسومات من الشمس والأمطار وعبث الأطفال والزمان، فهذه المواد تحافظ على الرسومات فترة زمنية طويلة، كونها تعبر عن ثقافة الشعب المصري وعاداته وتقاليده، ويجب المحافظة عليها، ولذلك رسم المعابد الفرعونية والقصور التاريخية والريف بزراعته وجماله وجباله وتفاصيل وحكايات كل قرية وسيرتها وهو ما جعل رسوماتي تلقى ترحيبا كبيرا بين الناس، الأمر الذي جعل عدد كبير من أهالي القرى يطلبونني لعمل لوحات فنية على مدخل قراهم تعبر عن هويتهم وشخصيتهم.