كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الولاياتالمتحدة قررت وقف تمويل وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بدون أن تجري تحقيق بشكل مستقل في ادعاءات إسرائيل ضد المنظمة الأممية. * ادعاءات صادمة مطلع الأسبوع الماضي، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية مسئولاً بارزاً في الأممالمتحدة، وقدمت له ادعاء صادماً بأن 12 من الموظفين العاملين في "الأونروا" شاركوا في هجمات 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) ضد إسرائيل، وقاموا بنقل الأسلحة، ومداهمة المستوطنات الإسرائيلية، والمشاركة في اختطاف جندي ومدني، بحسب "واشنطن بوست". ولطالما زعم المسئولون الإسرائيليون أن الأونروا، التي تدير برامج مساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، منحازة إلى حماس. وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الاتهامات بأن موظفي الإغاثة أعضاء في الحركة هددت وجود القناة الأساسية التي تقدم مساعدات لملايين الأشخاص في غزة. وقال مسئولون مطلعون، طلبوا عدم كشف هويتهم، ل"واشنطن بوست" إن المسئولين الإسرائيليين لم يقدموا لمفوض "أونروا" فيليب لازاريني أي أوراق، لكن "الأدلة التي قدموها له كانت مقنعة بما يكفي لدرجة انها أقنعته بإقالة تسعة من المشاركين المزعومين، بعضهم عملوا كمعلمين في المدارس التي تديرها الوكالة"، على حد تعبيرهم. وأضاف المسئولون أن الولاياتالمتحدة لم تتحقق بشكل مستقل من ادعاءات إسرائيل، التي استندت على اتصالات تم اعتراضها، وبيانات موقع الهاتف، واستجوابات مقاتلي حماس، ووثائق حصل عليها جيش الاحتلال في غزة. واطلعت "واشنطن بوست" على وثيقة تضم أسماء ومواقع الأممالمتحدة وأدوار مزعومة لل 12 موظف، التي تمت مشاركتها مع الولاياتالمتحدة وحكومات أخرى، لكنها لم تتمكن من تأكيد المعلومات. * أدلة سرية قدمت للولايات المتحدة وذكرت "واشنطن بوست" أن الأدلة التي قدمتها إسرائيل سراً أقنعت الولاياتالمتحدة وثماني دول مانحة أخرى لوقف تمويل الاونروا، وهو قرار حذرت مجموعات الإغاثة الأخرى من أنه يهدد سلامة المدنيين في غزة الذين يعتمدون على الإغاثة والمساعدة من الأممالمتحدة. ووصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المعلومات الإسرائيلية ب"الموثوقة للغاية". وبحسب مسئولين في الولاياتالمتحدة، أكبر ممول منفرد للأونروا، يتوقف استئناف التمويل على إجراء الأممالمتحدة لتحقيق موثوق. وبعد اجتماع لازاريني مع المسئولين الإسرائيلين، سافر إلى واشنطن والتقى مع أعضاء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. وبحسب "واشنطن بوست"، أخبرهم بما قاله الإسرائيليون وأوضح الإجراءات التي اتخذها استجابة لما وصفه علانية لاحقاً ب"ادعاءات مروعة". وبحلول يوم الأربعاء، أطلعت الأونروا كلا من البيت الأبيض ووزارة الخارجية على الادعاءات الإسرائيلية. واليوم التالي، تلقت الإدارة من الحكومة الإسرائيلية ملفًا يحتوي على عدة صفحات من الاتهامات، تضمنت مزاعم من بينها أن حماس لطالما استخدمت وكالة الإغاثة في "شن هجمات إرهابية"، وأن "اعتماداً متبادلاً" قد تشكل بين الاثنين. وحصلت "واشنطن بوست" على نسخة من الوثيقة. وقال مسئول أمريكي مطلع على المسألة إنه في غضون ساعات، قرر مسئولون في مجلس الأمن ووزارة الخارجية الأمريكية وقف تمويل الأونروا، لكن المسئولين في الولاياتالمتحدة وإسرائيل أقروا بأنه لا يوجد بديل عملي للأونروا في تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهي مهمة لا يريدها المسئولون الإسرائيليون لكنه سيتعين عليهم توليها أو المخاطرة بانتهاك القانون الدولي، الذي يلزم القوة المحتلة بضمان حصول المدنيين في الأراضى المحتلة على الخدمات الأساسية. وبعد اجتماع مغلق لمجلس الأمن صباح الثلاثاء، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، ليندا توماس جرينفيلد للصحفيين إنه "يجب مساءلة أي شخص شارك في هذا الهجوم الذي وقع يوم السابع من أكتوبر"، مشيرة إلى أن واشنطن "تواصلت مع حكومة إسرائيل لطلب مزيد من المعلومات بشأن تلك الادعاءات"، مؤكدة أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة "تتعامل مع الأمر بمنتهى الجدية". وفي الوقت ذاته، قالت جرينفيلد: "لا يجب أن ندع الأمر يلقي بظلاله على العمل الجيد الذي تقوم به أونروا"، واصفة إياها ب"المنظمة الوحيدة على الأراض التي تتمتع بالقدرة على مواصلة تقديم تلك المساعدات. وقد قام موظفوها بعمل مذهل – أنقذوا حرفياً آلاف الأرواح، ومن المؤسف أن هذه المعلومات أثارت بعض الشكوك بشأن الأونروا". وبحسب "واشنطن بوست"، تواصل إدارة بايدن النظر إلى الأونروا باعتبارها مزود أساسي للإغاثة الإنسانية إلى غزة، بالإضافة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية واللاجئين في لبنان ومناطق أخرى من المنطقة. لكن مسئولين أمريكيين أوضحوا أن خطورة الادعاءات الإسرائيلية أجبرت الإدارة على اتخاذ إجراء. وقال مسئول أمريكي بارز إن واشنطن تهدف من وقف التمويل في الوقت الراهن إلى إجبار الوكالة على إجراء تحقيق شامل، أو المخاطرة بفقدان التمويل بشكل دائم من الحكومات الغربية التي تعتبر تبرعاتها حاسمة لبقاء الوكالة. وأوضح المسئول: "نريد حقاً أن يستمر عملهم، لكننا يمكننا مواصلة تمويلها فقط إذا رأى العالم أن الأونروا أجرت تحقيقاً ذي موثوقية"، مشيراً إلى أن المسئولين الإسرائيليين على الأرجح ينظرون إلى الادعاءات باعتبارها وسيلة مفيدة لتشويه المؤسسة التي لطالما لم يثقوا بها، لكنهم قد يستخدمون الحادث أيضاً لشن حملة أكثر عدوانية طويلة الأمد ضد الأونروا، سعياً لاستبدالها بمنظمة بديلة. وبحسب "واشنطن بوست"، كانت إدارة بايدن تبذل قصارى جهدها للتأكيد على أنه لا يوجد حالياً بديل للعمل الحيوي الذي تقدمه الوكالة.