تسببت الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي في اليمن على السفن في البحر الأحمر في عرقلة التجارة البحرية الدولية، حيث أعلنت شركات الشحن الكبرى تعليق مرور سفنها من الممر التجاري الرئيسي، الذي يؤدي لقناة السويس، التي يمر عبرها نحو 12 بالمئة من التجارة العالمية. ويستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن الشحن المارة البحر الأحمر التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، في خطوة تأتي تضامنا مع غزة وبهدف وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع الفلسطيني. ونتيجة لذلك، حولت شركات الشحن العالمية الكبرى مسارات سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، أخرها تغيير 18 شركة شحن كبرى مسار سفنها حول إفريقيا لتجنب البحر الأحمر، وسط تصاعد الهجمات على السفن، وفق ما أعلنت المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة. ووفقا لدراسة جديدة أجرتها شركة "ألفالاينر"، المتخصصة في الملاحة البحرية وعبور السفن، "فقد ارتفع عدد الحاويات، التي اختارت استخدام طريق رأس الرجاء الصالح وتجاوز قناة السويس، إلى أعلى مستوى تاريخي في وقت السلم، بما في ذلك 20 رحلة على الأقل من وإلى آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية"، بحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي" البريطانية. فهل يستطيع طريق رأس الرجاء الصالح أن يحل محل الممر التجاري الرئيسي بالبحر الأحمر؟ وفقا لتقرير سابق أعدته فضائية "الحرة" الأمريكية، يختلف طريق رأس الرجاء الصالح، المعروف أيضا باسم "مقبرة السفن" نظرا لامتلاء شريطه الساحلي بحطامها، عن باقي الممرات البحرية من زاوية التكلفة الكبيرة التي يفرضها طول المسافة التي تجبر السفن التجارية على سلكها للعبور من آسيا إلى أوروبا، بالدوران حول أفريقيا بالكامل. وأيضا يلعب عامل الوقت دورا أساسيا، حيث يستغرق طريق رأس الرجاء الصالح مدة ووقتا أكبر في حركة التجارة، فكمثال تستغرق الرحلة من قناة السويس إلى روتردام في هولندا، أكبر ميناء في أوروبا، حوالي 11 يوما، لكنها تحتاج 26 يوما على الأقل عبر طريق "رأس الرجاء الصالح". ولذلك فتواجه كبرى الشركات التي حولت مسارها من السويسوالبحر الأحمر باتجاه طريق رأس الرجاء الصالح زيادات هائلة في تكاليف الشحن البحري، وزيادة بنحو 10 أيام إلى زمن الرحلة المتجهة غربا في حلقة من آسيا إلى شمال أوروبا، وفقا لتقرير حديث لموقع "ذا لاود ستار"، المختص بمتابعة أخبار الملاحة البحرية. ولذلك تتكبد السفن تكاليف تشغيلية أعلى بكثير بسبب زيادة استهلاك الوقود وأجور الطاقم والصيانة، فضلا عن أنها ستواجه تحديات بشأن أماكن التزود بالوقود والمؤن مع معاناة الموانئ الأفريقية من الروتين والازدحام وضعف المرافق، وفقا لما نقلته فضائية "العربية". طريق غير مأمون وأكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، خلال مداخلة هاتفية على فضائية "صدى البلد"، أن طريق رأس الرجاء الصالح، الذي باتت تسلكه بعض السفن مؤخرًا بسبب التوترات في البحر الأحمر، هو طريق غير مأمون. وأضاف أن الطريق يمر بالمحيط الهندي الذي تكون أمواجه مرتفعة في الأجواء المناخية الحالية، موضحا أن السفن الصغيرة لا يمكنها عبور الطريق، كما أنّه مسار غير مزود بأي ميناء أو مرفأ، ومن ثم قد تواجه السفن مشكلات كبيرة حال تعرُّضها لعطل. وأشار إلى أنّ طريق رأس الرجاء الصالح يكبد السفن مسافة أطول كثيرًا مقارنة بقناة السويس، لافتا إلى أن طول المسافة يجعل البضائع التي تنقلها السفن، معرضة لإمكانية التلف.