اعتبرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن الهجوم الصاروخي الإيراني على باكستان، يوم الثلاثاء الماضي، مَثَّل تطوراً جديداً هائلاً في الاضطرابات التي عصفت بالشرق الأوسط منذ اندلاع أعنف حرب على الإطلاق في قطاع غزة، وتنتشر الآن شرقاً، مشيرة إلى وضع جيوسياسي متقلب بالفعل في جنوب آسيا. وتعبيراً عن الغضب جراء انتهاك أراضيها واستهداف المدنيين، ردت باكستان، الخميس، باستهداف ما قالت إنها مواقع يسيطر عليها مسلحون في الأراضي الإيرانية، ممهدة الطريق لمزيد من التصعيد المحتمل في توترات متفاقمة بين البلدين، اللتين تمتلكان أسلحة نووية، وفقاً للمجلة الأمريكية. وبدأ الدفع بعمليات الوساطة بالفعل، لا سيما من جانب الصين، التي تربطها علاقات جيدة بكلا البلدين، لكن السؤال هو ماذا سيحدث تالياً مع إيرانوباكستان بينما تخوضان غمار هذا الاشتباك غير المسبوق على هامش أزمات أخرى مُلحة. * سؤال المليون دولار ووصف رئيس شركة فيزير للاستشارات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا ومقرها نيويورك، عارف رفيق، هذا السؤال بأنه "سؤال المليون دولار"، قائلاً: "لا يسعى أي من البلدين إلى خوض حرب على حدودهما المشتركة، فهما يواجهان تهديدات ذات حجم استراتيجي أكبر من أماكن أخرى". وأضاف: "لدى كل من إيرانوباكستان مصلحة واضحة في إيجاد سقف لهذا الصراع الصغير ومسار نحو وقف التصعيد، ولكن السؤال هو كيف؟". وبحسب "نيوزويك"، يكمن الجواب في كيف يمكن للبلدين معالجة دوافعهما الأساسية لهجماتهما، وهي تصاعد الضغط الداخلي لإثبات ذاتهما في مواجهة سلسلة من المحن الأمنية المتنامية داخلياً. وبالنسبة لإيران، يشمل ذلك مقتل القيادي بالحرس الثوري الإيراني رضى الموسوي في غارة جوية نُسبت إلى إسرائيل، ومقتل عسكريين في هجوم على مركز للشرطة في كرمان خلال الشهر نفسه، وهو الهجوم الذي أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسئوليته عنه. ويعتبر أعنف هجوم مسلح في إيران منذ عام 1979. من جانبه، يري جواد هيرانيا، مدير دراسات الخليج العربي في مركز الأبحاث العلمية ودراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية بطهران، أن الضربات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت مواقع في العراق وسوريا وباكستان تبعث برسالة إلى أمريكا وإسرائيل تتمثل في أن إيران ستتخذ إجراءات رادعة تتناسب مع التهديدات. أما بالنسبة لباكستان، فهي دولة نووية، ولديها عداوة طويلة الأمد مع الهند. وبحسب هيرانيا، فإن أي رسالة ردع من باكستان على الهجمات الإيرانية من شأنها أن تكون مؤشر للهند على رد فعل إسلام آباد، مشيراً إلى أن إيران لا تتمتع بنفوذ في باكستان كما الحال في العراق. ومع ذلك، لا تريد إيرانوباكستان المزيد من التصعيد، وستحاولان الآن حل هذا الأمر عبر الوسائل الدبلوماسية قدر الإمكان. * لا مزاج لخلاف متصاعد في السياق ذاته، سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على منطقة بلوشستان التي تمتد على الحدود بين إيرانوباكستان، التي لطالما كانت مصدراً للشقاق بين البلدين. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الضربات المتبادلة بين البلدين اندلعت بسبب وجود أطراف مارقة على جانبي الحدود، مشيرة إلى أن القصف الباكستاني على الأراضي الإيرانية يعتبر أول ضربة كبرى معلنة على أراضي إيران منذ الحرب العراقيةالإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي. واستبعدت "واشنطن بوست" حدوث أزمة شاملة بين إيرانوباكستان؛ بالنظر إلى العديد من مصادر الإزعاج الجيوسياسي التي تواجه كلا البلدين، فهما ليسا في حالة مزاجية لخلاف متصاعد، مشيرة إلى أن بيان باكستان الذي تبع إجراءاتها الانتقامية حاكى عن كثب اللغة الإيرانية التي جاءت في وقت سابق من الأسبوع، وهو ما اعتبره بعض المحللين مؤشراً على حرص إسلام آباد على وضع خط تحت الخلاف، وذلك بينما يعمل أطراف إقليميون آخرون بالفعل خلف الكواليس على تهدئة التوترات. وبحسب "واشنطن بوست"، تمثل بولشستان تحدياً أمنياً شائكاً، مشيرة إلى أن كلا من طهران وإسلام آباد تنظران إلى المنطقة الحدودية باعتبارها بؤرة محتملة للأنشطة المعادية للدولة.