لم يكن غريبا أن يطالب تقرير لجنة تقييم الأداء الإعلامى برئاسة الدكتور فاروق أبوزيد عميد كلية الإعلام الأسبق بضرورة خضوع البرامج للمونتاج عند تناولها للقضايا الشائكة، فيما أكدت عناصر من اللجنة التى قامت بإعادة تقييم حلقة برنامج «مصر النهارده»، التى استضافت المستشار مرتضى منصور وكابتن أحمد شوبير على ضرورة ترشيد برامج البث المباشر، التى تخرج على الهواء دون مبرر واضح، ودون تقديم خدمة للمشاهد تتناسب مع إذاعتها فى بث حى، والتى رصدت خرائط قنوات ماسبيرو العشرات منها، خاصة أن تكلفة هذه البرامج تفوق نظيرتها المسجلة بعدة أضعاف، فى حين توافر البرامج سابقة التسجيل عنصر الأمان فيما يخص التابوهات، التى تفرضها أخلاقيات المجتمع على سلاح الإعلام ومنها ما يخص الدين والسياسة والعلاقات الخاصة، وفق رؤية الدكتورة ماجدة باجنيد أستاذ الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، وهى التى تجنب السقطات، التى تشهدها برامج البث المباشر كما حدث أخيرا فى برنامج «مصر النهارده». وتقول: «هناك معايير علمية لإطلاق برنامج على الهوا يجب أن تتوافر أولها نوعية الموضوعات التى تطرحها، وقدرة المذيع على إدارة الحوار، وحسن اختيار الضيوف، وفى حالة وجود خلل فى هذه المعايير يكون إخضاع البرنامج لعمليات المونتاج أكثر ضمانا لخروج الحلقات بالشكل المطلوب». إذاعة البرامج على الهواء يعطى الحلقات قوة، ولكن إن لم تكن هذه القوة فى الاتجاه الصحيح تكون مثل قنبلة خارج السيطرة، وفيما تحتاج البرامج المسجلة لعناصر الجذب من التناول العميق للموضوع وتقديم صورة جميلة ومعبرة عن الموضوع. لكى يكون برنامج البث المباشر ناجحا يجب توفير كل العناصر لخروجه بالشكل المطلوب من وسائل اتصال تتيح التفاعل مع الجماهير والنقل المباشر من مواقع الأحداث، التى تضع المشاهد فى قلب الموضوع، وتمنح البرنامج مصداقية كبيرة، ومن هنا يكون خروج برامج الهواء بدون هذه العناصر إهدار للميزانيات. فيما انتقدت د.ماجدة باجنيد خروج برامج المرأة، التى تعنى بفنون الطهى والأزياء والتجميل وتذاع على الهواء فى قنوات التليفزيون المصرى، وقالت إن هذا ربما يكون متاحا فقط فى البرامج التى تستضيف طبيبا أو رجل دين يمكن استشارته فى حالة ما أو قضية. ووفق رؤية الإعلامى حسن حامد الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون فإن برامج الهواء يجب أن يكون لها هدف مثل التواصل مع الجماهير، أو تقديم بث حى من مواقع الأحداث سواء بالصورة أو بالصوت على أقل تقدير، مشيرا إلى وجود محاذير لهذه البرامج، التى تحتاج بالضرورة إلى فريق عمل من المحترفين ومقدم برامج يقظ، يعرف كيف يدير الحور ويضعه فى حيزه الطبيعى، وألا يكون التسجيل والمونتاج هو الحل الأمثل خاصة عندما تتناول هذه البرامج قضايا شائكة. وأشار حسن حامد إلى أنه قد يقبل من القنوات الخاصة تقديم أى نوع من البرامج على الهواء لتحقيق دخل من الاتصالات التليفونية، ولكنه لا يليق بالقنوات التليفزيونية تقديم البرنامج على الهواء دون وجود مبرر لهذه التكلفة الإضافية، لأن إذاعة البرنامج مسجلا يعطى فرصة اكبر للتجويد بالمونتاج وتحسين الصورة وإضافة مؤثرات أخرى مثل الموسيقى والجرافيك وغيرها. فيما يرى مصطفى حسين رئيس قناة نايل سبورت بان البرامج الرياضية لها طبيعة، خاصة أن مشاركة الجماهير والنقاد يعطى البرنامج حيوية، خاصة فيما يتعلق بكرة القدم التى تحتل النسبة الأكبر من برامج القناة، وهذا يتطلب أن تكون الحلقات مذاعة على الهواء مباشرة، ومن هنا تقوم القناة ببث 80% من برامجها على الهواء، مشيرا إلى أن طبيعة الموضوع المطروح وأهميته هى التى تحدد نسبة مشاركة الجمهور عبر الاتصالات التليفونية، وأن هذه الاتصالات لا تتجاوز 20% على أقصى تقدير لأن هناك فقرات أخرى فى البرنامج يجب الالتزام بها. أما فى قناة النيل الإخبارية فيعتقد القائمون على برامجها أن فكرة البرنامج المذاع على الهواء يعطى إمكانية أكبر للاشتباك مع الأحداث حتى ولو لم تعتمد الحلقات على البث الحى من موقع الحدث، أو مداخلات المشاهدين، خاصة أن هذا يحدث فى نشرات الأخبار، التى تذاع على مدار اليوم، والتى تتضمن اتصالات بالمراسلين فى مواقع الأحداث، وتعليقات المحللين والمراقبين، وكما يقول سامح رجائى مدير عام البرامج فى القناة فإن برنامج مثل على ضفاف المتوسط وأفريقيا والمشهد وآسيا توفر لها إدارة القناة فرص الاتصال بالمراسلين عبر القمر الصناعى لو أحتاج الموضوع المطروح هذا، فيما توفر القناة وسائل الاتصال بالمصادر فى أى مكان من العالم، لأن الأهم فى قنوات الأخبار الحدث والضيف، وأى شىء آخر يأتى فى مرتبة تالية. وفى قناة النيل الثقافية يذاع نحو عشرة برامج فى بث مباشر، ومنها شارع الكلام، والأجندة والمراقب والخط الساخن ونوافذ وشاركونا الحلم المصرى ومواجهات سينمائية والثقافية كافية والمنتدى، ومنها برامج تتمتع بمشاركات من الوسط الثقافى، ومنها أيضا برامج يعمل الإعداد بها على إيجاد مشاركة من المشاهدين والمهتمين عبر دعوتهم للمشاركة باتصال تليفونى، ورغم ذلك تنبه العاملون فى بعض البرامج إلى أن عرضها على الهواء ليس أمرا ضروريا وفضلوا تقديمها مسجلة، ومنها برنامج الدفاتر القديمة، الذى يعنى بشئون تراثية والخلاف فيها على أحداث من الزمن ماضى، ولكن تظل لبرامج الهواء بريق عند البعض.