كشف الصحفى الأمريكى المعروف سيمور هيرش عن ان إدارة الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش، انشأت وحدة عمليات خاصة سرية، بإشراف نائب الرئيس السابق، ديك تشينى، لملاحقة وتصفية أهداف ذات قيمة عالية فى عشرات الدول، دون علم أو إشراف الكونجرس. وسارع العديد من أعضاء الإدارة السابقة بتفنيد تصريحات هيرش، التى أدلى بها فى مقابلة مع شبكة «سى. إن. إن» الإخبارية الأمريكية، لكن من جهة أخرى، سارع أيضا أعضاء من الحزب الديمقراطى بطلب تحقيق فى مجلس النواب حول هذا الأمر. وبحسب هيرش، خولت إدارة بوش الوحدة السرية وتدعى «قيادة العمليات المشتركة الخاصة» تحت إشراف تشينى المباشر تفويضا مباشرا لتصفية أفراد، استنادا إلى معلومات استخباراتية أمريكية، على حد زعم هيرش. وأضاف: «الفكرة هى أن تتحرك الفرقة دون قيود تقديم تقارير للكونجرس، الذى علم القليل عن هذه المجموعة، ودون جلسات استماع، حتى السرية منها، تتجول بتفويض من الرئيس للتوجه لدولة دون إعلام رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية أو السفير الامريكى فيها.» وكان الصحفى قد كشف عن هذه «الوحدة» خلال كلمة أمام جامعة مينسوتا فى العاشر من الشهر الحالى، مستخدما تعبير «جناح اغتيالات»، وأبدى أسفه خلال المقابلة مع الشبكة قائلا: «أتمنى لو استخدمت تعبيرا أكثر حذرا، فالأول تعبير مشحون.. إلا أنه فى نهاية المطاف يحمل المعنى ذاته». وأضاف: إدارة بوش فوضت قوات فى مواقع الحدث استنادا إلى معلومات استخباراتية اعتقدوا أنها سليمة، ويمكنى القول إن هذا لم يكن واقع الحال دائما.. فبعضها اتخذ بعدا دمويا للغاية، أحيانا» وفق هيرش. وحول عمل تلك الوحدة، قال هيرش خلال كلمته فى مينسوتا: كانت تذهب إلى دول وتقتفى أثر من هم على اللائحة وتغتالهم وتغادر.. هذا ما كان يحدث وباسمنا جميعا. ولم يكشف الصحفى عن المصادر التى استقى منها معلوماته. وفى المقابل، نفى مساعد تشينى، جون هاناه، فى حديث للشبكة الأمريكية، تلك الاتهامات قائلا: ليست حقيقة.. وأعتقد أن هيرش ابتعد قليلا عن المزاعم الأصلية التى أدلى بها مسبقا وأشار فيها إلى المجموعة ك«جناح اغتيالات». وقال هاناه إن للجيش الأمريكى، فى مناطق حرب كالعراق وأفغانستان وباكستان، تفويضا «بملاحقة واعتقال وقتل الأعداء، ويشمل ذلك قياداتهم»، إلا أنه نفى علمه بالإجراءات المتخذة فى هذا الشأن. ومن جانبه، دحض الناطق باسم «قيادة العمليات الخاصة» تقرير هيرش، بالإشارة إلى أن الوحدة العسكرية تعمل تحت ضوابط عسكرية وقانون الحرب وقانون النزاعات المسلحة. ونفى الناطق العسكرى تفويض نائب الرئيس ب «سلطة قيادة» و «سيطرة على الجيش الأمريكى». ومن جانبه، طالب النائب عن الحزب الديمقراطى دينيس كوسينيتش لجنة المراقبة والإصلاح الحكومية فى مجلس النواب بالتحقيق الفورى فى هذا الأمر. وقال كوسينيتش فى خطاب وجهه إلى رئيس اللجنة ادولفوس تاونس، بحسب موقع «ديموقراتيك اندرجراوند» الإلكترونى (منتدى لاعضاء الحزب الديمقراطى) إن «هذه الممارسات تخرق السياسة الامريكية حول العمليات السرية وتتجاوز بشكل غير قانونى رقابة الكونجرس». يذكر أن الولاياتالمتحدة حظرت اغتيال القيادات السياسية منذ عام 1976، إلا أن السياسة الأمريكية تختلف فيما يتعلق بالعناصر المشتبه فيها بالإرهاب، ويغلف الغموض كذلك سياستها تجاه زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن. ويشار إلى أن زعيم تنظيم القاعدة جناح العراق، أبو مصعب الزرقاوى، هو أعلى قيادى إرهابى تمكنت القوات الأمريكية من تصفيته، حتى اللحظة. وقالت فرانسيس تاونسند، مساعدة لتشينى، إن لائحة الأهداف الإرهابية المجازة من يمكن اغتيالهم دون محاكمة لا تتعدى المائة، وتقتصر على «من ساعدوا فى هجمات أو خططوا لقتل أو تدمير الأمريكيين أو المصالح الأمريكية حول العالم». وذكرت أن للجيش الأمريكى والاستخبارات صلاحيات اعتقالهم وقتلهم حيثما يتم العثور عليهم. وكشفت أن لائحة تلك الأهداف يوقع عليها الرئيس، وهى خلاصة جهود مشتركة بين عدد من الأجهزة: منها الجيش والاستخبارات، والقوى الأمنية ووزارة العدل. وسبق وصدرت تقارير فى الصحافة الأمريكية والبريطانية منذ عام 2003، كشفت عن استخدام القوات الأمريكية تكتيكات الجيش الإسرائيلى ومستشارين إسرائيليين بغرض التدريب والاستشارات لتشكيل فرقة اغتيالات فى العراق. ونشرت صحيفة «الجارديان» فى عام 2003، ان إسرائيل ارسلت عناصر حرب عصابات مدنية إلى حصن براج فى ولاية كارولينا الشمالية مقر القوات الخاصة الأمريكية من اجل تدريب قوات خاصة فى البحرية الأمريكية على القيام بعمليات نوعية لاستهداف قيادات فى العراق. وذكرت الصحيفة أن الجيش الأمريكى أراد الاستفادة من خبرة إسرائيل فى تشكيل ما يعرف ب«وحدة المستعربين» ليعملوا وسط الناس بشكل عادى فى زى عربى محلى مع تحدثهم اللغة العربية بطلاقة. وكان هيرش قد أشار فى تقرير سابق له عام 2003 بعنوان «تحريك/ إزالة أهداف» فى مجلة نيويوركر إلى استراتيجية «فرق الاغتيالات» الأمريكية والتى فى الغالب، نسخة مطابقة لحملات الاغتيالات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين،. وقال إن الاستراتيجية وضعت فى عهد وزير الدفاع الأمريكى الأسبق دونالد رامسفيلد ودفع بنائبه لشئون المخابرات ستيفن كومبون ليصبح مشاركا بعمق فى تطوير أسلوب جديد للقوات الخاصة (فرق الاغتيالات)، حسبما ذكر هيرش.