ختام المهرجان الإرشادي السادس عشر للجوالات بجامعة بنها    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 31 أكتوبر    موعد مباراة الهلال والشباب في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    انطلاق التصويت بانتخابات النادي الأهلي    الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس يوم افتتاح المتحف المصري الكبير    هل اعتزلت حلا شيحة الفن؟..والدها يحسم الجدل    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    وفاة 3 شقيقات صغار وإصابة شقيقهم إثر انهيار سقف غرفة عليهم بقنا    قرارات جديدة بشأن البلوجر مايا علي في اتهامها بنشر فيديوهات خادشة    كامل الوزير: كافة الطرق والمحاور الرئيسية المؤدية للمتحف المصري الكبير في أبهى صورها جاهزة لاستقبال الزوار    بالصور.. أول ظهور رسمي لمنة شلبي وأحمد الجنايني بعد إعلان زواجهما    وزير العمل: افتتاح المتحف المصرى يجسد فخر المصريين بما تحقق من إنجاز حضارى    بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025.. تعرف على موعد صلاة الجمعة اليوم    «تالجو وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    أسعار الدولار في مستهل تعاملات اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    أسعار مواد البناء في مصر اليوم الجمعة    أخبار مصر: الأهلي ينتخب رئيسه، أول ظهور لرحمة محسن بعد ضجة الفيديو المسرب، قفزة للذهب، وفيات في انهيار سقف منزل بقنا    إلهام شاهين بالزي الفرعوني احتفالاً بافتتاح المتحف المصري الكبير: «الله على جمالك يا مصر»    ممثل أمريكي شهير يقرر التبرع بكليته لشخص غريب (فيديو)    منافس بيراميدز المحتمل.. موعد نهائي كوبا ليبرتادوريس بعد تأهل بالميراس    «زي النهارده».. استقالة مهاتير محمد من حكم ماليزيا 31 أكتوبر 2003    تراجع أسعار الذهب عالمياً في بداية تعاملات الجمعة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 31 كتوبر    شاشات عرض عملاقة بالميادين والأماكن السياحية بجنوب سيناء لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير    «زي النهارده».. وفاة أمين هويدي 31 أكتوبر 2009    بعد إعلان ترامب.. «فانس» يدافع عن التجارب النووية وبيان مهم ل الأمم المتحدة    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة منتخب مصر ضد ألمانيا في نهائي كأس العالم لكرة اليد للناشئين    «آخره السوبر.. مش هيروح بالزمالك أبعد من كدة».. أحمد عيد عبد الملك يوضح رأيه في فيريرا    من "هل عندك شك" إلى الدبكة العراقية، كاظم الساهر يأسر قلوب جمهوره في موسم الرياض (فيديو)    باكستان وأفغانستان تتفقان على الحفاظ على وقف إطلاق النار    هيجسيث يأمر الجيش بتوفير العشرات من المحامين لوزارة العدل الأمريكية    حبس 7 أشخاص لقيامهم بالتنقيب عن الآثار بمنطقة عابدين    قوات الاحتلال تداهم عددًا من منازل المواطنين خلال اقتحام مخيم العزة في بيت لحم    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل محافظ القاهرة لتهنئته بانتخابه لرئاسة المجلس    موعد وشروط مقابلات المتقدمين للعمل بمساجد النذور    محافظ المنيا: ميدان النيل نموذج للتكامل بين التنمية والهوية البصرية    هبوط اضطراري ل طائرة في «فلوريدا» ونقل الركاب إلى المستشفى    مصدر مقرب من حامد حمدان ل ستاد المحور: رغبة اللاعب الأولى الانتقال للزمالك    مواعيد المترو الجديدة بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر رسميًا    كان بيضربها بعد أيام من الزواج.. والدة فتاة بورسعيد ضحية تعدي طليقها عليها ل«أهل مصر»: سبّب لها عاهة بعد قصة حب كبيرة    وفري فلوسك.. طريقة تحضير منعم ومعطر الأقمشة في المنزل بمكونين فقط    محمد مكي مديرًا فنيًا ل السكة الحديد بدوري المحترفين    واشنطن بوست: ترامب أراد هدية واحدة في آسيا ولم يحصل عليها هي لقاء كيم جونج    مفاجأة الكالتشيو، بيزا العائد للدوري الإيطالي يتعادل مع لاتسيو قاهر "يوفنتوس"    سقوط هايدى خالد أثناء رقصها مع عريسها هادى الباجورى ومحمد رمضان يشعل الحفل    مواقيت الصلاة فى الشرقية الجمعة حسب التوقيت الشتوي    د.حماد عبدالله يكتب: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!    سنن يوم الجمعة.. أدعية الأنبياء من القرآن الكريم    ندوة «كلمة سواء».. حوار راقٍ في القيم الإنسانية المشتركة بالفيوم    إصابة 12 شخصاً في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهداف معلنة.. وأخرى مضمرة
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 11 - 2023

الهُدَن لحظات فى الحروب، لا تعنى نهايتها اتفاقا لوقف إطلاق النار، بل قد تؤدى إلى تأجيجها. أغلب الحروب عرفت منذ القدم لحظات هُدَن، بما فيها الحروب العالمية الكبرى والحروب الأهلية.
تسمح لحظة الهدن بتخفيف الضغوط التى يتعرض لها القادة المسئولون عنها من قبل مجتمعاتهم والمجتمعات الأخرى. ذلك بغية إظهار أنهم يعيرون انتباها لمعايير غير القتال والانتصار، وبينها المعايير الإنسانية. ولكنها أيضا نتيجة تفاوض بين طرفى الحرب، يقيس كل منهما موازين قوته مع الآخر، ولحظة تتأمل فيها الأطراف استراتيجيتها وتستجمع قواها للمعارك القادمة.
• • •
لا تخرج هدنة حرب إسرائيل الحالية على الشعب الفلسطينى عن مثل هذه السياقات. مواضيعها المُعلنة تتمثل فى تبادل الأسرى ووصول المساعدات إلى غزة، حيث يسود الجوع والحاجة. وما كان للقادة الإسرائيليين القبول بها إلا من جراء انقلاب أغلبية الرأى العام العالمى على أكاذيب تبرير حربهم، بأن ما حدث فى 7 أكتوبر كان «محرقة» (هولوكوست) ثانية لليهود. واللافت أن التكذيب جاء من إسرائيل ذاتها التى نشرت وسائل إعلامها كيف أن فوضى الجيش الإسرائيلى يومها هى التى أدت إلى مصرع أكثر من نصف الضحايا الإسرائيليين وأغلب السكان المدنيين.
لكن انقلاب الرأى العام العالمى شعبيا لم يرافقه انقلاب مماثل على صعيد كثير من الحكومات والقوى المهيمنة فى الغرب. هكذا ما زالت وسائل الإعلام الكبرى فى هذا الغرب تفرق بين أسرى ورهائن، أطفالا ونساء وكبارا بالنسبة للجانب الإسرائيلى، مقارنة مع نساء و«من هم دون الثامنة عشرة» بالنسبة للجانب الفلسطينى، حيث يُنزع عنهم وصف الطفولة قصدا. الإسرائيليون رهائن، والفلسطينيون أسرى، رغم أن معظمهم لم يحصلوا على محاكمة ويعودون إلى مناطق أهلهم التى تحتلها إسرائيل أصلا، ويمكنها أن تعيد أسرهم فى أى وقت. هذا خاصة أن لا هدنة فى حرب الضفة والقدس. ولا تأخذ مشاهد سلوك المقاومين الفلسطينيين حيال أسراهم قبل تحريرهم سبيلها إلى المُشاهدة والمُشاهد الغربى، وتمنع القوات الإسرائيلية المقابلات مع محتجزاتها المحررات. هذا فى حين يبقى حجم المساعدات التى تمر إلى غزة أقل بكثير مما كان يصلها ويمثل حاجاتها قبل الحرب.
• • •
الهدنة هى بالتالى وسيلة لمعركة على صعيد الرأى العام بانتظار استعادة القصف والقتال. لكن هناك أبعادا مضمرة فى الخفاء لهذه الهُدنة، لا تقل أهمية عن الأبعاد المُعلنة. إذ شملت الهدنة أيضا الأطراف الأخرى المنخرطة فى الحرب، وإن بصيغة مختلفة عن تلك بين إسرائيل وفلسطين، أى لبنان والعراق واليمن. لقد التزم حزب الله أيضا بالهدنة. ما يعنى أن تفاوضا دوليّا وإقليميا أكبر يجرى حول مآلات هذه الحرب. هل ستتوسع أم سيتم إيقافها؟ وكيف؟
ما زال قادة الحكومة الإسرائيلية يصرحون أنهم سيعاودون الحرب حتى القضاء على تنظيم حماس، ولا عودة لإدارة قطاع غزة كما كانت عليه قبل 7 أكتوبر. وهم يمنعون حتى خلال الهدنة الفلسطينيين من معاينة ما جرى من دمار فى شمال القطاع. كما يصرحون أن هدف الحرب هو إبعاد حزب الله بشكلٍ دائم عن الحدود، خاصة بعد تصاعد ضغوط هذا الأخير على القواعد العسكرية المتاخمة. وما يعنى أن القادة الإسرائيليين ذاهبون إلى توسيع مدى الحرب.
بالمقابل، يعمل قادة «القسام» على اختيار معظم الأسرى المحررين من الضفة الغربية والقدس، لكسب دعم الأهالى هناك لقضيتهم، وكى تصبح حركة حماس لاعبا أساسيا فى أى تفاوض سياسى لاحق. هذا فى الوقت التى تفقد فيه السلطة الفلسطينية وقيادات «فتح» هيبتها ومحوريتها على الساحة الفلسطينية ويبرُز عجزها أمام هول الأحداث. وهذا الأمر يظهر واضحا فى موقف فلسطينيى الأردن. وفى لبنان، يحشد حزب الله قواه وجماهيره، حيث يكسب على صعيد الرأى العام اللبنانى فى طريقة إدارته للحرب والهدنة، حتى لدى أغلب مناوئيه التقليديين.
• • •
على صعيد آخر، يبرز خلال الهدنة دور وسطاء التفاوض بين حكومة نتنياهو وحماس ومع الولايات المتحدة، خاصة دولة قطر. هذا الدور يجعلهم أيضا فى موقع يضحون فيه هم وسطاء «حل» ما بعد الحرب. سواء إدارة ما سيبقى من قطاع غزة بعد تدمير شماله واحتلاله وتهجير أهله أو حتى الوعود حول «سلام دائم» ب«حل الدولتين». فى حين تغيب عن الساحة دولتا «جوار» كان مفترضا أن ترميا بثقلهما، وإن كانا على صعيدين مختلفين: السعودية وسوريا. بعد أن فقدت الدول الأوروبية الكبرى، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مصداقيتها إقليميا لما جلب به انقلاب الرأى العام فى بلادها من انتقادات على سياسات القائمين عليها وعلى مدى تعديات «دولها العميقة» على حرية التعبير. القيمة الأساسية فى الديموقراطية هى حرية التعبير، التى كانت من أكبر الخاسرين فى هذه الحرب. تركيا أيضا بدت محيّدة رغم علاقاتها المميّزة مع كلّ من حماس وإسرائيل. وكذلك هو الأمر بالنسبة لروسيا والصين.
الخطاب حول تمديد الهدنة جزء من إدارتها وإدارة مسار ما بعدها. وفى الوقت الذى تتركز الأنظار حول مصير الأشخاص المحتجزين الإسرائيليين والفلسطينيين، يستمر تدفق السلاح نحو إسرائيل، بما فى ذلك من قواعد عسكرية أمريكية فى دول الخليج ومن أوروبا.
التساؤل الكبير اليوم هو حول الولايات المتحدة الأمريكية. إلى أى مدى ستسمح إدارة بايدن باستمرار حرب إسرائيل على الشعب الفلسطينى بل إلى توسعها إلى لبنان وغيره بعد الهدنة؟ إنها الوحيدة التى تعطى الضوء الأخضر لهذا الاستمرار والتوسع، أو تستطيع فى المقابل الضغط على القادة الإسرائيليين وإرغامهم على التوقف، وتحويل الهدنة إلى وقف لإطلاق النار. لكنها دخلت فى مرحلة انتخاباتها الرئاسية، ما يعنى أن توسع الحرب وبالتالى انخراطها بها سيشكلان عنصرا أساسيا غير مسبوق فى مثل هذه الانتخابات. هذا فى وقت تبرز أصوات عالية وواسعة لليهود الأمريكيين تناهض الحرب وجرائم الإبادة الإسرائيلية، «ليس باسمنا». أصوات لا مثيل لها فى بلاد أوروبية مثل فرنسا وألمانيا، فى حين تذهب أصوات المسيحيين الألفيين المناصرين للمستوطنين المتطرفين فى إسرائيل عادة إلى غريم الرئيس بايدن: دونالد ترامب، أو أى مرشح ديموقراطى آخر.
بالمقابل، يُمكن لخيار التوجه نحو وقف دائم لإطلاق النار أن يقود لمفاوضات كبرى حول السلام والدولة الفلسطينية لترميم صورة إسرائيل وداعميها التى أصبحت راسخة عالميا. إنها دولة احتلال استيطانى تنتهج الإبادة الجماعية، وأن الدول التى تناصرها هى دول استعمارية تدعم احتلالها أو دول أخرى مغيبة بسبب ضعف القائمين عليها. هذا يعنى أن فلسطين تبقى رمزا عالميّا لمقاومة الاحتلال ولمناهضة الاستعمار. والخطاب حول نشر الديمقراطية لا معنى له فى ظل الاحتلال والاستعمار والتعدى على الحريات العامة فى الديموقراطيات الراسخة. ولا يشكّل سوى صدى لخطاب نشر «الحضارة» الذى كان سائدا فى ظل التوسع الاستعمارى خلال القرن التاسع عشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.