دخلت ستاد القاهرة، وفى يدى تذكرتى، وهى مختومة برقم المقعد الخاص بى فى المدرج، إنه ينتظرنى.. مشيت واثقا وتنامى إلى مسامعى صوت الموسيقى وهدير الجماهير.. وهى تهتف لحسام.. ترى أى حسام.. أسرعت ولم أصدق ما رأيت.. فقد كان حسام البدرى وحسام حسن يتعانقان قبل بدء المباراة بلحظات.. ولأول مرة فى تلك المباراة التى تحفل بكل ما هو لأول مرة، وجدت أعلام الأهلى والزمالك ممتزجة ومختلطة، فقد ألغيت فكرة تقسيم الملعب إلى مدرجين.. وكان الحوار فى المدرجات يدور حول مباريات القمة وتاريخها، وكيف أن الأهلى والزمالك هما القوة الأولى فى الكرة المصرية منذ عام 1914.. وأنهما لعبا مع فرق الجيش الإنجليزى أربع مباريات، وحين أثبتا جدارتهما بالفوز، اتفق إبراهيم علام ممثل الزمالك وحسين حجازى ممثل الأهلى على أن يلعب الفريقان مباراتان لتحديد أيهما الأقوى.. فالتقيا عام 1917 فى مباراتين. وفاز الأهلى فى الأولى 1/ صفر وفاز الزمالك فى الثانية 1/صفر . ومن هنا ولدت مباراة القمة أو دربى الكرة المصرية.. ولدت من بطن الندية والقوة المتساوية. قطع حوار الماضى والذكريات فى المدرجات ظهور أبوتريكة وشيكابالا، وهما يستعدان لدخول أرض الملعب وكلاهما يمسك بيد الآخر. هتفت الجماهير للنجمين.. ثم توالت الهتافات لبقية النجوم. كانت أجواء الملعب ممتلئة بالبهجة، والسعادة، فى انتظار المتعة. وتحركت الكاميرا باحثة عن اللواء إسماعيل الشاعر مساعد أول الوزير للأمن. وضبطته وهو يرسم ابتسامة على وجهه.. تعكس الشعور بالراحة والرضا، بينما جلس فى المقصورة الرئيسية ممدوح عباس رئيس الزمالك وبجواره مباشرة حسن حمدى رئيس الأهلى. وكان يدور بينهما حوار رصدته كاميرات التليفزيون. ترى هل كانا يتحدثان عن رابطة الأندية المحترفة؟ أشك. فقد كان بجوارهما مباشرة سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة الرافض تماما لفكرة الرابطة.. بينما يبدو المهندس حسن صقر موافقا على رابطة الأندية بتلك الابتسامة التى كان يكتمها حين شاهد زاهر بجواره متململا بسبب حوار عباس وحمدى! الأجواء داخل الاستاد مثالية ورياضية.. ومشاهدة المهرجان الذى يسبق المباراة يمثل قمة الترويح للجماهير. فالجو معتدل، أو هو «جو كورة» كما يردد دائما المعلقون.. كأن هناك جو آخر لكرة السلة، وكأن أيضا جو إنجلترا البارد المثلج ليس «جو كورة»..؟! الموسيقى تعزف. وأهازيج الجماهير تهز المدرجات. ويحظى الفريقان بعاصفة من التصفيق لحظة نزولهما يدا بيد إلى أرض الملعب. وأقف وأصفق بشدة، وتدمع عينى متأثرا بهذا المناخ الرياضى الجميل. و.. وفجأة تهتز الأرض بشدة.. سلام قول من رب رحيم.. ما هذا.. هل هو زلزال..؟ بابا.. إصحى.. إنه إبنى يسألنى: «مالك تعبان»؟! أخذت أتمتم كمن يهذى: «كنت شايف معجزة.. كنت شايف معجزة..»