يفخر العراق بتراثه الديني الكبير فهو موطن العديد من أئمة الشيعة وشهدت أرضه مولد النبي إبراهيم كما يضم قبور أنبياء آخرين مثل يونس. لكن مع توجيه معظم التركيز والتمويل على صيانة وتوسيع مراقد أئمة الشيعة التي تتوافد عليها أعداد هائلة من الزائرين والسائحين سنويا تعرضت مقابر أخرى للإهمال على مر السنين ومنها مرقد ذي الكفل. ويقول بعض الباحثين إن ذي الكفل هو نفسه النبي حزقيال الذي ورد ذكره في العهد القديم. وكان المرقد الموجود جنوبي بغداد في الأصل مقبرة يهودية لكن مسيحيين ومسلمين كانوا يترددون عليها أيضا للزيارة. وانضمت الهيئة العامة للآثار والتراث في العراق إلى ديوان الوقف الشيعي في مشروع لترميم مقبرة ذي الكفل في قرية الكفل قرب الحلة بمحافظة بابل. وذكرت فوزية مهدي - مدير عام دائرة التراث بالهيئة العامة للآثار والتراث- أن مشروع ترميم مرقد ذي الكفل يجري بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية ومع ديوان الوقف الشيعي الذي يتولى رسميا صيانة المرقد. وقالت: "ستقوم الهيئة العامة للآثار والتراث وبالتعاون مع جهات ومنظمات عالمية ودولية بصيانة المرقد وإعادة الزخارف كما كانت عليها سابقا وترميمها وترميم القبة من الداخل والخارج". وأضافت: "وبما أنه إدارة هذا المكان حاليا من قبل الوقف الشيعي.. الهيئة العامة للمزارات الشيعية.. فهناك تعاون ما بين الهيئة العامة للمزارات الشيعية وبين الهيئة العامة للآثار والتراث. كلا الجهتين قامت بوضع تخصيصات مالية ووضع خطط لصيانة المبنى". وأوضحت فوزية مهدي أن مشروع الرميم سيستمر حتى عام 2011 وسيتضمن أعمال ضرورية لصيانة المرقد وحماية قبته وسقفه من الانهيار. وبدأ العمل بالفعل في ترميم مئذنة بنيت بجوار المقبرة في القرن الرابع عشر. ويخشى البعض أن يطمس الطابع اليهودي المميز لمقبرة ذي الكفل والكتابات والنقوش العبرية الموجودة على جدرانها الداخلي خلال عمليات الترميم. لكن صالح الحيدر- رئيس ديوان الوقف الشيعي- أكد أن الديوان يحرص على الحفاظ على كل الآثار والمعالم الدينية التاريخية في العراق. وقال الحيدري: "أننا عندما نأتي إلى أي مكان فيه أي أثر من الآثار نقدس ونحترم ونجل هذا الأثر ولا نحاول إطلاقا طمس أي معلومة أو أي شيء يؤدي إلى تغيير واقع الحال لهذا الأثر سواء كان يعود لنبي أو لمفكر أو لأي شخص آخر". وكان في العراق عدد كبير من اليهود قبل قيام إسرائيل عام 1948 لكن كثيرين منهم هاجروا إليها في الخمسينات وتشير بعض التقديرات إلى أن المهاجرين بلغ عددهم 120 ألف يهودي عراقي. وتوجد مقبرة أخرى تنسب إلى ذي الكفل في دزفول في جنوب غرب إيران. وكان آلاف اليهود يزورون مرقد ذي الكفل قبل منتصف القرن العشرين. وما زال الكثير من المسيحيين والمسلمين يزورون القبر إلى اليوم.