«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ركام على أشلاء أعز الناس».. حكايات من دفتر تضحيات أهالى غزة
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 10 - 2023

الصحة الفلسطينية: 881 مجزرة عائلية بالقطاع.. وشطب أسر بأكملها من السجل المدنى
عائلة شهاب «إبادة كاملة».. وقتل 40 من أبناء «الزعانين».. وآية الكرد تتمنى قيام الساعة.. سفير فلسطين ل«الشروق»: الموت يلاحق الجميع ولن نترك أرضنا
«يقال دائما إن حياة كل إنسان قصة تستحق أن تروى، ويجب أن تروى حين يحين أوانها».. جملة الكاتب الصحفى الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، تخبرنا عن غزة الآن، وأن لشهدائها على وقع العدوان الإسرائيلى الغاشم قصصا حافلة بالتضحيات من الواجب أن تروى، لاسيما وإن كانت الرواية تكشف عن عائلات أبيدت بأكملها، فى سبيل الدفاع عن أرضها وإيمانها بالقضية.
«الشروق» تروى من دفتر الحكايات مآسى وقصصا ومجازر عائلية أبادها الاحتلال، وبعضها مسحت من السجل المدنى، بسبب الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى.
لينا الزعانين تلملم أشلاء العائلة
نجت بأعجوبة من جريمة إبادة تتكرر يوميا أودت بحياة 40 فردا من عائلتها، يوم 10 أكتوبر الجارى، عندما حولت غارة جوية إسرائيلية منزل عائلتها فى «بيت حانون» شمال شرق قطاع غزة إلى ركام بعضه فوق بعض.
لينا، وهى أستاذة إرشاد نفسى وتربوى، واحدة من بين نحو 881 عائلة بغزة استشهد غالبية أفرادها، إضافة إلى تعرض 20% من بينها لجرائم إبادة جماعية، و«شطبت تماما من السجل المدنى»، منذ بدء العدوان الإسرائيلى قبل 23 يوما.
تتذكر لينا، قصة استشهاد 40 فردا من عائلتها بينهم عمها وأولاده وزوجاتهم وأطفالهم التى لم تتخط أعمارهم العشرة أعوام بعد، وتروى ل«الشروق»: «عشت تجربة قاسية ستظل ماثلة أمام عينى، بعد استشهاد عائلتى إثر قصف إسرائيلى عنيف دون سابق إنذار لمنزل العائلة المكون من 5 طوابق فى بيت حانون».
وبذاكرة تتلعثم، تغالب دموعها: «فى لحظات تحول المنزل لركام أعلى أشلاء أعز وأغلى الناس.. لم ينج من عائلتى سوى 4 أشخاص يتواجدون حاليا بغرف العناية المركزة بأحد مستشفيات القطاع، بعد أن جرى إخراجهم من بين ركام المنزل بعد أكثر من 8 ساعات من القصف».
لا مكان آمنا
الزعانين، تؤكد أن ما حدث ويحدث يوميا فى غزة، هو تجسيد للنهج الإسرائيلى منذ بداية الحرب، فى تعمد الإبادة الجماعية للمدنيين العزل، متابعة: هذا يسمى جرائم وحشية ضد المدنيين؛ لقد دمرت إسرائيل عائلات بأكملها ومسحتهم من الوجود.
ولم تشأ أستاذة الإرشاد النفسى، أن يقتصر حديثها عن مأساتها الخاصة، بل عمدت إلى وصف الوضع الإنسانى فى القطاع، وقالت إنه: «كارثى، بين مهجر ومشرد، فلا ماء ولا كهرباء ولا مأكل أو مأوى، واللسان يعجز عن وصف حال الأهالى فى ظل ما يتعرضون له من قصف وتهجير وهدم بيوت وقتل».
وتضيف: لا يوجد مكان آمن نهائيا فى غزة كما أن إسرائيل تطلب إخلاء المنازل إلى منطقة أخرى بها مدارس، لكن وحشيتهم وجرائمهم لاحقت المدارس أيضا، والأهالى هجروا ولا يعرفون إلى أى وجهة سيتوجهون.
ولفتت إلى أن الهدف النهائى لسياسة التدمير والقتل الجماعى هو التهجير القسرى «لكننا نرفض التهجير وسنظل هنا لن يخيفنا قصف أو تهديد.. وجميعنا نرفض تكرار مشهد عام 1948 مرة أخرى»، فى إشارة إلى إجبار الفلسطينيين عام 1948 على الرحيل القسرى من وطنهم، بعد طرد غالبيتهم من المدن والبلدات والقرى التى احتلها المستوطنون.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة، تعمد الاحتلال الإسرائيلى ارتكاب 881 مجزرة بحق العائلات راح ضحيتها 6120 شهيدا، منذ 7 أكتوبر الجارى، وما زال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض.
وأفاد القدرة خلال مؤتمر صحفى، أمس، أن إجمالى حصيلة العدوان على قطاع غزة حتى ظهر أمس بلغ 8005 شهداء، من بينهم 3324 طفلًا، و2062 سيدة و460 مُسنا، إضافة إلى 20242 جريحا.
بسمة.. وفاجعة فقدان الوالدين
المتصفح أيضا لسجل أسماء الشهداء الذى أعلنته وزارة الصحة بغزة – وتلقت «الشروق» نسخة منه ردا على تشكيك الإدارة الأمريكية بصحة إحصائيات الوزارة يجد فيها تسلسلا لأسماء شهداء من عائلة واحدة تمت إبادتها فى القصف الإسرائيلى الذى لا يتوقف، ومنها «عائلة الكرد»، التى طالها القتل الجماعى فى غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة يوم 14 أكتوبر الجارى.
تقول بسمة الكرد بمزيج من الألم والأسى: «إسرائيل استهدف 15 فردا من عائلتى فى ضربة واحدة، خلال غارة على منزلنا ومنازل أقاربنا، ومن بين الشهداء أمى وزوج أختى وأمه وأخته وأخوه وابن أخيه وزوجة أخيه وأطفالها، وابن عمى وطفله، وابنة عمى وطفلتها، وأحفاد عمى»، واستشهد والد بسمة لاحقا متأثرا بإصابته جراء القصف الإسرائيلى.
وفى تفاصيل مشهد الموت تمسك بسمة بأصابعها كطفل بدا للتو تعلم الحساب: «2 5 6 8 11 13 14 15.. من صباح يوم 11 أكتوبر الجارى، وأنا لا أجيد العد وأتلعثم كثيرا بالأسماء؛ خصوصا أسماء الأطفال، فكان العداد يزيد ونستقبل خبر وفاة اثنين أو ثلاثة معا حسب توقيت برود الصواريخ».
وتتمنى بسمة الكرد التى تعمل بجمعية «عايشة لحماية المرأة والطفل» وهى جمعية أهلية فلسطينية نجاة من هم تحت الأنقاض من عائلتها، والبحث جارٍ عنه.
وتشير وزارة الصحة الفلسطينية ، إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الطواقم الطبية أدت إلى استشهاد 116 من الكوادر الصحية وتدمير 25 سيارة إسعاف، واستهداف 57 مؤسسة صحية أخرج منها الاحتلال 12 مستشفى و32 مركزا للرعاية الأولية عن الخدمة بسبب الاستهداف ونقص الوقود.
ربّى أقم الساعة
المعلمة آية الكرد شقيقة بسمة، تلتقط الحديث قائلة والألم يعتصرها: «لا أعلم إن انتهت هذه الحرب وكتب لنا أعمار جديدة كيف سنكمل حياتنا؟، لم أتخيل هذا للحظة واحدة! كل حياتى المقبلة وأحلامى كنت أتخيلها بوجود أمى وتحيطنى بدعواتها، فى كل هدف كنت أريد الوصول إليه كنت أقرن تحقيقه بضحكتها وفخرها وإيمانها، لا أعلم بما سأصبر نفسى على هذه الحياة بعدها».
«ربّى أقم الساعة».. قالتها آية، لتعبر ربما عن لسان حال أهالى غزة فى الوقت الحالى، على وقع حياة لا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة، وواقع مرير غير مسبوق، مع اشتداد القصف الإسرائيلى يوما بعد الآخر، وفقا لشهادات منظمات طبية وحقوقية دولية.
أريج قنن.. مأساة مضاعفة
لعلّ من مفارقات المأساة الفلسطينية أن من لم يطله الموت فى الوطن طاله الوجع فى الغربة، فالمعلمة الفلسطينية أريج قنن، يتفاقم لديها الإحساس بالأسى والألم، بعد أن تلقت خبر استشهاد 10 من أفراد عائلتها، وهى بعيدة عن وطنها وعائلتها، حيث تتواجد بدولة الكويت للعمل مدرسة.
وسط مجموعة كبيرة من زملائها وأهل الكويت والمقيمين على أرضها، تلقت المعلمة الفلسطينية، المواساة والتعزية بعد استشهاد والدها ووالدتها وشقيقتها وشقيقها وزوجته وجنينها وأطفالهما الخمسة، نتيجة القصف الإسرائيلى لمنطقة خان يونس، فى 9 أكتوبر الجارى.
كتبت قنن على صفحتها عبر «فيسبوك» خبر استشهاد عائلتها الذى تلقته وهى بعيدة عنهم: «الحمد لله من قبل ومن بعد، لله ما أعطى ولله ما أخذ، وكل شىء عنده بمقدار، اللهم إنى أستودعتك أهلى فتقبلهم فى عليين، أعلن استشهاد أصحاب السيرة العطرة فخرى وعزوتى، والدى وتاج رأسى وفخرى محمد عيسى محمد قنن، ووالدتى ونبض حياتى ورفيقة دربى وملجأى بعد الله، زهدية محمود درويش، وشقيقتى صاحبة القلب الطيب، وصال محمد عيسى، وشيقى الحنون جميل الخلق ذو الأثر الطيب المهندس محمود، وزوجته ختام أبو عودة وجنينها وأطفاله الخمس؛ ميار محمود محمد 12 عاما، ومحمد 10 أعوام، وريم 7 أعوام، وعمر 5 أعوام، ولينا 3 أعوام».
وأوضحت أنها تلقت خبر استشهاد عائلتها بمشاعر متباينة، تتمثل فى الحزن والفقدان والفرح بعد نيلهم الشهادة، وتؤكد أنها تمكنت من الحفاظ على قوة العزيمة والصبر.
عائلة شهاب.. إبادة كاملة
مفارقة ربما لا تحدث سوى فى فلسطين، أن تكون لينا الزعانين وبسمة الكرد، وأريج قنن، أفضل حالا من آخرين فى قطاع غزة، لم يجدوا من يروى قصص استشهاد ذويهم؛ لأنه ببساطة لم يعد هناك من «يحكى القصة» بعد تعرض العائلة بالكامل لإبادة ومحو من السجل المدنى.
عائلة شهاب إحدى هذه العائلات، التى لم يسفر بحث «الشروق» عن أحد أفرادها على قيد الحياة، فيما نقلت وسائل إعلام محلية فلسطينية عن مصادر حقوقية وطبية فى غزة تعرض عائلة شهاب وجميعهم من المدنيين لإبادة كاملة بعد استشهاد 44 فردا فى قصف استهدف ثلاثة منازل للعائلة فى «جباليا البلد» صباح يوم 13 أكتوبر الجارى بدون سابق إنذار، ما أسفر عن تدمير المنازل على رءوس قاطنيها.
ووصفت تلك المصادر، ما جرى بحق عائلة شهاب، ب«مجزرة مروعة»، وتظهر قائمة أسماء عائلة شهاب التى أبيدت عن بكرة أبيها استشهاد 44 فردا بينهم 25 طفلا من عمر 40 يوما حتى 16 عاما (هدف إسرائيل فى جميع مجازرها) علاوة على الرجال والنساء.
ملاحقة رغم النزوح
لا غرابة فى «غزة» أن تفقد عائلات عددا كبيرا من أفرادها، فالقصف الإسرائيلى يأتى على المنازل المكونة من ثلاثة أو أربعة أو خمسة طوابق فيهدمها فوق رءوس ساكنيها دون سابق إنذار، لكن الأغرب أن يطلب من السكان أن يلجأوا إلى منطقة محددة حتى لا يطالهم القصف ثم يتم استهدافهم بمجرد وصولهم.
فرغم تنفيذ عائلة حسن شعبان حلاسة الباحث فى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، طلب سلطات الاحتلال بالنزوح، إلا أن الاحتلال باغت المنزل الذين لجأوا إليه بقصف صاروخى يوم 15 أكتوبر الجارى، دون سابق إنذار أيضا، ما أدى لاستشهاد 12 من عائلته.
«الشروق» حاولت التواصل مع «حلاسة» لكن المحيطين به أبلغونا بأنه لا يزال يعيش منذ استشهاد عائلته فى صدمة نفسية أعجزته عن الكلام، بيد أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ذكرت فى بيان لها، أن أفراد «عائلة حلاسة» استشهدوا فى غارة إسرائيلية ظهر يوم 15 أكتوبر الجارى، استهدفت المنزل، الذين لجأوا إليه فى منطقة الزوايدة فى المحافظة الوسطى، بعد أن تركوا منزلهم فى حى «الشجاعية» بمدينة غزة بناء على تعليمات جيش الاحتلال بإخلاء منطقة شمال غزة والتوجه جنوبا بزعم أنها «الأكثر أمنا».
الموت يلاحق الجميع
السفير الفلسطينى فى القاهرة، دياب اللوح، يؤكد فى حديث خاص ل«الشروق»، أن «ما يحدث فى غزة، بمثابة حرب إبادة جماعية ممنهجة دون سابق إنذار، حيث بات الموت يلاحق الجميع، ويحصد الأرواح، بعد أن عمدت إسرائيل إلى قصف منازل وعمارات مأهولة بأكملها تأوى سكان ونازحين».
وينبه هنا إلى أنه «فى الحروب السابقة، كانت إسرائيل تقوم أحيانا بإنذار مسبق للسكان فى المنازل بضرورة الإخلاء، لكن ما يحدث يدلل على الاستهداف الواضح ضد المدنيين العزل، وحرب إبادة جماعية ممنهجة دون سابق إنذار».
إن إبادة عائلات بأكملها أو عدد كبير منها، يرتبط بعوامل محددة، يوضح السفير الفلسطينى: هناك عائلات تضم عشرات الأفراد من نفس العائلة أبيدت بالكامل، وبحكم الجغرافيا فى قطاع غزة، فإن العائلات تسكن إلى جوار بعضها، وحين يتم تدمير مجمع سكنى كامل، فإن عائلات تباد بأكملها. ويضيف: وفقا لآخر الإحصائيات فإن هناك من 70 80 شخصا استشهدوا من عائلة واحدة فقط».
لن نسمح بنكبة جديدة
ولم يفت سفير فلسطين فى مصر الكشف عن أبعاد المخطط الإسرائيلى ومواجهته، «العقلية الإسرائيلية الانتقامية تستهدف خلق حالة من الفزع والهلع بين المواطنين الفلسطينيين فى قطاع غزة لحملهم على ترك بيوتهم، ودفعهم إلى النزوح من الشمال إلى الجنوب، تنفيذا للمخطط الإسرائيلى الصهيونى القديم بتهجير أبناء الشعب الفلسطينى من أراضيهم، ونقلهم إلى دول مجاورة، أو دول أخرى وهذا المخطط لم يمر قديما ولن يمر الآن».
وفى هذا الصدد، يستطرد: «أردد ما أكده الرئيس محمود عباس (لن نترك أرضنا، ولن نغادر وطننا، ولن نكرر أخطاء الماضى، ولن نسمح بحدوث نكبة جديدة)، ولا توجد قوة على وجه الأرض تجبر المواطن الفلسطينى على ترك أرضه أو بيته».
ويبرز السفير دياب اللوح: «لقد استمعت لشهادات حية من المواطنين الفلسطينيين، سواء بالاتصال أو على شاشة الفضائيات، والجميع يؤكد تمسكه بالصمود والبقاء على أرضه، حتى لو ظل بجانب ركام بيته الذى تم تدميره من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلى».
ويشدد اللوح: «هذه الدماء التى سفكت وسالت وروت تراب الأرض فى غزة والضفة والقدس وفى أنحاء فلسطين غالية، ولن تذهب هدرا، وستوقد وتضىء المشاعل على طريق الحرية والتحرير، والعودة حتى دحر الاحتلال الإسرائيلى، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أرضنا، دولة الشهداء والمؤسسات والأسرى والمظلومين فى فلسطين وخارجها».
«نحن فى لحظة نواجه فيها نكبة، ومجازر دموية، ونواجه مع ذلك صمت دولى وعدم اكتراث للاتفاقيات والقانون الدولى، بعد أن ضربت إسرائيل بكل ذلك عرض الحائط وآخرها كان رفض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد هدنة إنسانية، بل تجرأت وقالت إنه لا أهمية له وأن مكانه حسب ما قالوا فى سلة المهملات»، وفقا للسفير الفلسطينى.
يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد تبنت السبت 28 أكتوبر الجارى، بأغلبية 120 صوتا، قرارا عربيا غير ملزم يطالب «بهدنة إنسانية فورية وثابتة ومستدامة» فى غزة.
وفى رسالته للمجتمع الدولى، يقول سفير فلسطين فى القاهرة: «المجتمع الدولى الذى يكيل بمكيالين، ويتحدث بلغتين، وفشل فشلا ذريعا فى وقف العدوان على غزة، يجب أن يتحمل مسئوليته التاريخية والإنسانية والأخلاقية، على الأقل أن يكون هناك ولو صحوة من ضمير لما يتعرض له الشعب الفلسطينى فى غزة، وأن يكون لديه مشاعر إنسانية تجاه هؤلاء المدنيين الأبرياء الذين يقتلون بدم بارد فى جرائم حرب على مسمع ومرأى من العالم كله».
ويتابع: «نحن متساوون جميعا فى هذه النكبة، وأطالب المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته التاريخية والسياسية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطينى».
ويحرص على التأكيد أن ما يجرى فى غزة الآن يمس الأمن والاستقرار والسلم فى العالم كله، ولا يمكن التعامل مع ما يجرى فى فلسطين على أنه كوكب منعزل.
وفى ملمح آخر يسعى الدبلوماسى البارز إلى لفت الانتباه إلى أن شعب غزة وهو يعيش هذه النكبة والمأساة والكارثة الإنسانية والنقص الحاد فى الغذاء وانقطاع الكهرباء والإنترنت، وسط كل ذلك، فإن معدلات الجريمة منعدمة، ولا توجد سرقات للمنازل، رغم عدم وجود شرطة فلسطينية والتى لا تعمل بسبب التهديد والخطر الذى يهدد الجميع.
مطالب بحماية دولية
رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن الشعب الفلسطينى، بغزة، صلاح عبدالعاطى، نوه بأن الاحتلال ارتكب 881 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية منذ بدء عدوانه على قطاع غزة عبر قصف منازل المواطنين والأحياء السكنية فوق رئوس سكانها، مشيرا إلى أن نسبة 20% من العائلات المستهدفة خرجت من السجل المدنى بشكل كامل.
وأكد عبدالعاطى ل«الشروق»، أن إبادة عائلات كاملة بمثابة «مجازر وحشية وترقى لجرائم الإبادة الجماعية والتى تتعارض مع قواعد القانون الدولى الإنسانى وأعراف الحرب لاسيما أحكام اتفاقيات جنيف وميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية».
ودعا إلى ضرورة محاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلى أمام المحكمة الجنائية الدولية، والتحرك لتوفير حماية دولية للمدنيين ووقف العدوان على قطاع غزة.
وأكدت وزارة الصحة فى قطاع غزة، أمس، أن العدوان الإسرائيلى تسبب فى تهجير قرابة مليون ونصف المليون نازح وبشكل قسرى من منازلهم وخاصة فى محافظة الشمال ومدينة غزة يعيشون فى أوضاع إنسانية كارثية بسبب العقوبات الجماعية على القطاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.