متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    تفاصيل اجتماع وفد قطري برئيس اتحاد القبائل العربية إبراهيم العرجاني (صور)    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 24 مايو 2024    مسؤول إيراني يحمل أمريكا مسؤولية حادثة تحطم طائرة رئيسي    قيادي بفتح: العدالة الدولية غير ناجزة في ملف القضية الفلسطينية    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    محمد عبد المنصف: الأهلي «عمل الصح» قبل مباراة الترجي    علاء نبيل يكشف تفاصيل مسابقات الناشئين الموسم الجديد ويعلن مصير دوري 2003 بعد أزمة الأهلي إنبي    طموحات إنبي تصطدم بصحوة سيراميكا كليوباترا في الدوري    سيد معوض يكشف عن روشتة فوز الأهلي على الترجي    موعد ومكان جنازة شقيق مدحت صالح    في الذكرى 151 لرحيل مؤسس التنوير العربي| الطهطاوي.. حامل نور الصباح    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    10 شهداء بينهم أطفال ونساء جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في قطاع غزة    سقوط سيارة ملاكي في ترعة بطريق "زفتى - المحلة" (صور)    المعمل الجنائي يفحص آثار حريق داخل محطة تجارب بكلية الزراعة جامعة القاهرة    مقتل مدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية: "مش عايزها تاخد دروس"    "اعترافات صادمة.. أب ونجله يقتلان صهرهما ب17 طعنة دفاعًا عن الشرف"    بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 مايو 2024    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    هشام ماجد: "هدف شيكابالا ببطولة أفريقيا اللي الأهلي بياخدها"    هشام ماجد ل«نجوم FM»: الجزء الخامس من «اللعبة» في مرحلة الكتابة.. وأصور حاليا «إكس مراتي»    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    تعرف على المنتخبات المتأهلة للمربع الذهبي لبطولة إفريقيا لكرة القدم للساق الواحدة    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    «الوضع الاقتصادي للصحفيين».. خالد البلشي يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    خالد جلال: مدرب الترجي يعتمد على التحفظ    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    خبطة في مقتل.. تفاصيل ضبط ترسانة من الأسلحة والمخدرات بمطروح    قرار عاجل ضد سائق أوبر المتهم بالتحرش بالفنانة هلا السعيد    مياه الشرب بالجيزة.. كسر مفاجىء بمحبس مياه قطر 600 مم بمنطقة كعابيش بفيصل    أسعار الدواجن البيضاء في المزرعة والأسواق اليوم الجمعة 24-5-2024    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    حزب الله اللبناني يعلن استهدف جنود إسرائيليين عند مثلث السروات مقابل بلدة يارون بالصواريخ    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    وفاة شقيق الفنان مدحت صالح    هيثم عرابي يكشف تعليمات طلعت يوسف للاعبي فيوتشر قبل مواجهة الزمالك    قرار يوسع العزلة الدولية.. ماذا وراء تصنيف الحكومة الأسترالية لميليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية؟    يمن الحماقي: أتمنى ألا أرى تعويما آخرا للجنيه المصري    عاجل.. الموت يفجع الفنان مدحت صالح في وفاة شقيقه    طريقة الاستعلام عن معاشات شهر يونيو.. أماكن الصرف وحقيقة الزيادة    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    5 شهداء وعدد من الجرحى في قصف شقة سكنية وسط حي الدرج بمدينة غزة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    انطلاق المؤتمر السنوي ل «طب القناة» في دورته ال 15    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل مراكش لعالم منزوع الأوصال
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 10 - 2023

انتهت منذ أيام الاجتماعات السنوية للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى التى استضافتها مدينة مراكش التى وصفها المؤرخ ابن خلكان فى كتابه الأشهر «وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان»، منذ أكثر من 7 قرون، بالمدينة فسيحة الأرجاء التى جمعت عذوبة الماء، واعتدال الهواء، وطيب التربة، وحسن الثمرة؛ وهى اليوم على نفس حالها المتفردة الجذابة، تتباهى بقدرتها على الاستضافة الحسنة لأهم الفاعليات العالمية الواحدة تلو الأخرى.
ورغم امتحان قاس لأهلها وجوارها بزلزال عنيف منذ أسابيع فإنها نجحت بامتياز فى القيام بما هو متوقع منها وأكثر لتيسير عمل المشاركين فى الاجتماعات السنوية لمؤسستى «بريتون وودز» بما يقترب من 12 ألفا من وفود 189 دولة تتمتع بعضوية المؤسستين يتقدمهم وزراء معنيون بالشئون المالية والاقتصاد والتنمية، ومحافظو البنوك المركزية، مع مشاركة كثيفة لرواد القطاع الخاص والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدنى والإعلام.
ولعل استضافة المغرب الناجحة للاجتماعات والوقوف على جهود تعافيها من تبعات الزلزال من الإيجابيات المحدودة فى ظل الأجواء التعيسة التى يمر بها عالمنا الذى يشهد تناميا لعوامل الاستقطاب والصراعات الدامية، خصوصا بعد الذى استجد من كارثة إنسانية فى غزة فى عالم يعانى من فائض فى الأزمات والكوارث وعجز فى الثقة جعله منزوع الأوصال متخبطا لا يكاد يفيق من أزمة إلا عاجلته أزمة أخرى بصدمات تزهق الأنفس، وتضيع مكتسبات النمو والتنمية.
تشخيص حالة الاقتصاد العالمى وصف صندوق النقد الدولى تطور الاقتصاد العالمى بالتحرك الأعرج بمعدلات نمو منخفضة تتراوح توقعاتها بين 3 فى المائة فى العام الحالى و2.9 فى المائة فى عام 2024 متراجعة عن معدل النمو المنخفض أصلا عن مستهدفات التعافى فى 2022 والذى بلغ 3.5 فى المائة. وفى حين تماسك الاقتصاد الأمريكى بدافع من زيادة الاستثمار والاستهلاك رجعت تقديرات النمو إلى أدنى مستوى فى منطقة اليورو، وما زالت تشكل مخاطر انخفاض النمو فى الصين تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمى ليس فقط بحكم حجمه كثانى أكبر اقتصاد عالميا، ولكن لشدة ارتباطه باقتصادات العالم من خلال قنوات التجارة كأكبر دولة تصديرا واستيرادا، وكذلك بفعل الاستثمار المباشر وتأثيراته فى الأسواق العالمية. وفى حين تستقر تقديرات معدلات نمو البلدان النامية والأسواق الناشئة عند 4 فى المائة فإن بلدان الشرق الأوسط التى ينتمى لها الكثير من البلدان العربية تتراوح بين 2 فى المائة و3.4 فى المائة فى العامين الحالى والمقبل مع تفاوت شديد بين البلدان المختلفة وداخلها أيضا بين الشرائح الداخلية المختلفة.
أما معدلات التضخم فقد شهدت انخفاضا فى متوسطاتها العالمية من 9.2 فى المائة فى عام 2022 إلى 5.9 فى المائة فى العام الحالى مع احتمال انخفاضها إلى 4.8 فى المائة فى عام 2024، ورغم ذلك ترى البنوك المركزية الرئيسية فى الولايات المتحدة وأوروبا أن مهمتها فى تخفيض التضخم لم تنتهِ بعد، وأن أكثر الدول لن تصل لهدفها قبل 2025، بما يفسر مقولة «أعلى لفترة أطول» فى ما يتعلق بأسعار الفائدة. ويشكل التعامل مع تطورات أسعار قطاع الخدمات والسوق العقارية والسلع الرئيسية وأحوال سوق العمل فى المجمل محددات صياغة السياسة النقدية فى المرحلة المقبلة.
وصفات جاهزة
من المؤسف أن ما تتصوره المؤسسات الدولية عن إمكانية التعافى من إجراءات فنية فى وصفات جاهزة لا تساندها محددات الاقتصاد السياسى وحالة الاستقطاب والتفكك فى أوصال الاقتصاد العالمى، فهى تقترح إعادة بناء مخففات للصدمات للمالية العامة للتوقى ضد المخاطر، ولكنها لم توف الأمر حقه فى ما يتعلق بكيفية تحقيق ذلك فى بلدان تبتلع خدمة الديون الخارجية أكثر مما توفره للإنفاق على التعليم والرعاية الصحية معا! كما أنها تنادى بتخفيض عجز الموازنات فى وقت ترفع أسعار الفائدة فيه تكلفة الديون العامة الخارجية والمحلية، وترتفع فيه النفقات بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتنخفض الإيرادات بسبب تراجع معدلات النمو الاقتصادى وصافى إيرادات الشركات.
كما تناشد المؤسسات الدولية اتباع أسس التعاون الدولى لدفع النمو، وهى تدرك أن هذا التعاون المنشود أصبح متهافتا بطيئا قليل التمويل، كما أن إجراءات بعض الدول المتقدمة فى ما يتعلق بالمبادرات الخضراء تتنافى عمليا مع قواعد التجارة الحرة لمنظمة التجارة العالمية، وتزيد مخاطر وتكلفة الاستثمار فى التحول الأخضر فى البلدان النامية التى تقع بين شقى رحى الدعم والتدابير الحمائية. وفى حين يختلف بعض الاقتصاديين مثل دانى رودريك وبنيلوبى جولدبرج، يرى الأول أن النزاعات الجيوسياسية هى التى تسببت فى النزعات الحمائية، فى حين يرى الثانى أن الإجراءات الحمائية هى التى أشعلت الصراعات الجيوسياسية، ولكننا فى حقيقة الأمر فى عالم أمسى يفقد أوصاله الواحد بعد الآخر بين الصراعات الجيوسياسية والحمائية التجارية والاقتصادية.
وفى ما يتعلق بمنطقتنا العربية ترددت اقتراحات منها ما لخصته مديرة صندوق النقد الدولى، ونشر بعد الاجتماع مع وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية: من مساندة القطاع الخاص، وإصلاح نظم الضمان والحماية الاجتماعية، وإتاحة الفرص للشباب، وإزالة الحواجز أمام مشاركة المرأة، وجعل الاستثمار الأخضر قاطرة للنمو، وتوليد فرص العمل. وهذه فى مجملها اقتراحات متعارف عليها تنادى بها وتعمل عليها كثير من البلدان، ولكن لتحقيقها متطلبات خاصة فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، تبدأ بدرء المفاسد قبل جلب المنافع: ومن أهم المفاسد ما استشرى من ديون تستدعى المعالجة حتى لا تتفاقم من مشكلات فى السيولة لتعثر حرج.
ومن المفاسد مخاطر تداعيات الآليات الأوروبية لمعالجة التجارة عبر الحدود المعروفة اختصارا ب«سى بام»، وكذلك النتائج السلبية للإجراءات الحمائية للسياسة الصناعية الجديدة فى بلدان متقدمة كالولايات المتحدة. ومن المفاسد تسرب التدفقات المالية غير المشروعة بتواطؤ مراكز مالية دولية. وهذا كله مع كثير غيره جعل صافى التدفقات المالية لبلدان نامية يتراوح بين الصفر وأرقام سلبية. وفى هذا تفصيلات مريرة نعالجها فى مقال مقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.