15% زيادة في أسعار الدواجن بالأسواق المحلية رغم استقرار أسعار العلف    وزير العمل يقرر رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بمجلة الوزارة ل6000 جنيه    رئيس "المركزى للتعمير": الجهاز نفذ 450 كم طرق بالساحل الشمالى الغربى    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق بيع السيارات    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    قصف إسرائيلى مكثف على غزة.. وكارثة صحية بعد توقف محول مستشفى شهداء الأقصى    إيران تكشف اللحظات الأخيرة فى حياة الرئيس الإيرانى.. تحقيقات الجيش تنفى شبهات المؤامرة ضد رئيسى وعدم رصد أى نشاط مشبوه فى مسار الرحلة.. النيران اندلعت بالمروحية بعد ارتطامها بالأرض.. والحادث لا يزال قيد التحقيق    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    "حان وقت الشباب".. جيرو يعلن اعتزاله دوليًا بعد يورو 2024    تشافي يستعد للرحيل.. موعد الإعلان الرسمي عن تعاقد برشلونة مع المدرب الجديد    أشرف بن شرقي يقترب من الدوري السعودي    إقبال على شواطئ الغردقة فى أول ويك إند بعد الامتحانات.. فيديو    ضبط المتهمين بإجبار مواطن على سحب أموال من صراف آلى تحت تهديد السلاح    التعليم: 815 ألف طالب يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. و3100 طالب بمدارس التكنولوجيا التطبيقية    عاجل.. أنباء عن العثور على آخر ضحايا حادث معدية أبو غالب    ضبط 4 أشخاص بحوزتهم 7 كيلو مخدرات من الحشيش والآيس بالقليوبية    المرصد الأورومتوسطى: وثقنا عددا كبيرا من حالات تعذيب الفلسطينيين بسجون الاحتلال    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    الأكاديمية العسكرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    موعد ومكان تشييع جنازة شقيق الفنان مدحت صالح    نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    العنب لمرضى القولون العصبي- هل هو آمن؟    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    بوتين يصحّح لنظيره لوكاشينكو تعليقه على محادثاته مع ملك البحرين في موسكو    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    سويلم يلتقى وزير المياه والري الكيني للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين    مصرع 14 شخصاً على الأقلّ في حريق بمبنى في وسط هانوي    اليابان تجمد أصولا تابعة لكيانات مرتبطة بصادرات الأسلحة الكورية الشمالية إلى روسيا    «الأهلى» يتمسك بالنجمة ال 12    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    الحج بين كمال الإيمان وعظمة التيسير.. موضوع خطبة اليوم الجمعة    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    نقابة المهندسين بالغربية تنظم لقاء المبدعين بطنطا | صور    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    اليوم.. الأوقاف تفتتح 10 مساجد بالمحافظات    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توطين التنمية فى عالم شديد التغير (1)
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 07 - 2023

تتوالى التطورات الجيوسياسية والتغيرات فى موازين القوى متسارعة فى السنوات الأخيرة مؤكدة أن الترتيبات المعمول بها فى إطار العولمة إلى انقضاء، مفسحة المجال لترتيبات جديدة للتجارة والاستثمار والتمويل وحوكمة المؤسسات الدولية. هناك محاولات للتمسك بما كان ولكنها تأتى متهافتة بوعود لا تلبَّى وتمويل هزيل ومنافع محدودة على النحو الذى شهدناه منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008 التى جاءت قاصمة لظهر البعير.
فمنذئذ وعلى مدى 15 سنة، كانت أكثرها عجافا بين ركود وتضخم ومزيج بينهما، توالت الأزمات كبارا وصغارا لم تكن أقلها جائحة كورونا وتبعاتها لتظهر عجز الترتيبات الدولية الراهنة عن تحقيق مزايا التضامن والتعاون الدوليين فى مواجهة الصدمات. فهل سينسى العالم سوء توزيع اللقاحات عندما اشتدت الحاجة إليها لتستأثر بها بلدان متقدمة ثم تتيح ما تفضَّل منها بعد لأى؟ هل الناس لن يعتبروا مما كان من منعٍ للبلدان النامية من إنتاج اللقاحات بالتعنت فى الاستمساك بقواعد الملكية الفكرية رغم الإلحاح باستثناءات مؤقتة لاعتبارات الضرورة الصحية؟ هل نغفل أنه بعد الاتفاق على إصدار وحدات حقوق سحب خاصة قوامها 650 مليار دولار، فى أوج الجائحة لمواجهة آثارها على السيولة الدولية، فتستحوذ فرادى بلدان متقدمة، وفقا لقواعد الحصص المعمول بها، على ما يزيد على ما تحصلت عليه دول القارة الأفريقية مجتمعة، ثم تُعقد القمم والمؤتمرات من أجل إعادة تدوير 100 مليار دولار للدول النامية باقتراضها مشروطة وإن كانت بفوائد ميسَّرة، فضلا عن ملاحقة 100 مليار دولار أخرى موعودة منذ قمة المناخ فى كوبنهاجن فى 2009 لمساندة جهود تمويل العمل المناخى فى البلدان النامية والتى تتجاوز فجوة تمويلها (باستثناء الصين) عشرة أمثال هذا الرقم؟ لقد تركت حالة الأزمة المستمرة أو ما أُطلق عليه «بيرماكرايسيس»، بأبعادها الاقتصادية والجيوسياسية، البلدان النامية عُرضة لتقلبات حادة فى أسعار الطاقة، وتدهور خطير فى أمنها الغذائى يبحث عن حل فى روما هذا الأسبوع، خصوصا وهى تعانى من وطأة مديونية خارجية تجاوزت تكاليف خدمتها فى كثير منها ما تنفقه على التعليم والرعاية الصحية مجتمعين. ورغم ذلك نجد أن ترتيبات التعامل مع تحديات تعثر الديون تعانى من بطء شديد، وما زالت آلية مجموعة العشرين لا تشمل مقرضى القطاع الخاص إلزاما، ولا تتضمن المقترضين من شرائح الدول متوسطة الدخل عمدا. وما زالت المطالبة بمراجعة شروط الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية لا تلقى العناية الواجبة فيما يتعلق بفترات السماح والسداد ووضع حد أقصى على سعر الفائدة لمشروعات التصدى لطوارئ أزمة المناخ التى لم تتسبب فيها أصلا البلدان النامية فضلا عن إلغاء بند التكاليف الإضافية المجحفة على المقترضين الكبار رغم ثبات عدم عدالته وإضراره بماليات البلدان النامية. وكل ما تحقق حتى تاريخه هو قبول التوصية بتضمين عقود الإقراض الدولى بندا للتيسير فى حالة التعرض لكوارث طبيعية، وهو ما كان معمولا به أصلا فى عدد من المؤسسات. ليس غريبا إذن أن تعانى مسارات التنمية المستدامة ومحاولات التصدى لتغيرات المناخ لانحرافات عن جادتها وقصور فى تحقيق أهدافها. فأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وتتضمن 169 هدفا فرعيا، يشير تقرير الأداء الأخير للأمم المتحدة بشأنها إلى أن 12 فى المائة منها فقط على المسار السليم، و50 فى المائة منها تعانى من تخلف بين كبير وصغير عن المستهدف، أما باقى الأهداف فتراجعت عمّا كانت عليه عند إقرارها فى سبتمبر (أيلول) 2015. وما زالت التقارير العلمية للهيئة الحكومية الدولية لتغيرات المناخ تنذرنا أخيرا بأنه بدلا من تخفيض الانبعاثات الضارة بمقدار 45 فى المائة بحلول عام 2030 لنتفادى تبعات سخونة الأرض إذا بنا نزيد عليها رغم وعود وخطب من قادة الدول الأكثر أذى بالمناخ بأهمية عدم تجاوز سقف 1.5 درجة مئوية، فالعالم وهو ما زال عند 1.1 درجة فقط يعانى من موجات حرارة غير مسبوقة وحرائق غابات وفيضانات وجفاف وتصحر تهدد الحياة وأسباب المعيشة معا. لقد كان المطلوب على المستوى الدولى إنفاذ التعهدات بإتاحة التمويل والتعاون التكنولوجى ووضع قواعد رقابية مُلزمة لتغيير السلوك الضار من الحكومات والشركات والأفراد، ولكن ما نراه هو النقيض. فالدول المتقدمة يتخذ أكثرها إجراءات جديدة تحت مسميات المبادرات الخضراء والتصدى لتغيرات المناخ ودعم التحول الرقمى، ستعيد فى ممارساتها ذكرى الحمائية والحروب التجارية؛ وإن عانت منها بلدان نامية. وكما أشرت فى المقال السابق يُغدَق على هذه المبادرات بتمويل ضخم فى مشاركات بين المؤسسات العامة والخاصة وجهات البحث والتطوير. وجدير بالذكر أن تدخل الدولة فى البلدان الغنية ليس عودة لأنماط قديمة ثبت فشلها لملكية وإدارة بيروقراطية الدولة للمشروعات، بإهدار الموارد على مغامرات غير محسوبة انتهت بعد كل ما أُنفق عليها كأنها أعجاز نخل خاوية. وإذا ما افترضت حكومات البلدان النامية أن عونا سخيا سيأتى لها فى ظل هذه الترتيبات الجديدة، فالسخاء حقا هو فى افتراضاتها حسنة النية، فما الذى جدَّ حقا حتى نتوقع التزاما بما لم يتم الوفاء به من قبل؟ فما الذى تحقق من وعد المساعدات الدولية التى قيل إنها ستتدفق سنويا بما لا يقل عن 0.7 فى المائة من الدخل القومى للبلدان المتقدمة؟ وماذا عن المائة مليار المتعلقة بتغيرات المناخ؟ وماذا عن تعهدات متناثرة بمساعدات إنسانية مع ما جرى من كوارث طبيعية؟ وإذا ما اعتقدت أن مؤسسات التنمية الدولية ستسدد فجوات التمويل فعليها الانتظار بصبر واحتمال إلى ما قد تجود به «خريطة طريق تطور» هذه المؤسسات التى تبحث فى رؤيتها الجديدة وأساليب عملها ومواردها. تستوجب هذه التطورات الحرجة التى لحقت بالعولمة نهجا للتقدم يعتمد على توطين التنمية نستجلى ملامحه فى مقال قادم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.