الأزهر للفلك والمركز الثقافي القبطي يناقشان قضايا ومفاهيم مجتمعية    حصاد البرلمان | إصدار قانون إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.. الأبرز    حديد عز الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 24 مايو 2024    بوريل: أطلب من إسرائيل والحكومات الأوروبية عدم ترهيب قضاة الجنائية الدولية    اكتشاف كوكب بحجم الأرض قد يكون صالحًا للحياة    رويترز: روسيا مستعدة لإيقاف حرب أوكرانيا بشرط وحيد    الجيش الروسي يحرر بلدة كليشيفكا فى جمهورية دونيتسك الشعبية    الشناوي: نحترم الترجي.. ودوافعنا كبيرة للفوز بلقب دوري أبطال أفريقيا    محمد عادل حسني: فرصنا قوية للتأهل لكأس العالم لكرة القدم للساق الواحدة    بالصور.. ضبط 13 عاطلًا لقيامهم بارتكاب جرائم سرقة بالقاهرة    رابط نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2024 للفصل الدراسي ال2.. بالخطوات    استفسارات المواطنين حول مواعيد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024: تعرف علي اليوم والتاريخ    مدحت صالح يكشف موعد ومكان تلقي عزاء شقيقه    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    الاحتفال باليوم العالمى لارتفاع ضغط الدم بطب عين شمس    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    راشد: تصدر جنوب الجيزة والدقي وأوسيم ومديرية الطرق إنجاز المشروعات بنسبة 100%    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    ضبط مخدرات بقيمة 6.5 مليون جنيه خلال حملات أمنية في 6 محافظات    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    لهذا السبب.. عائشة بن أحمد تتصدر تريند جوجل خلال الساعات الماضيه    هشام ماجد يكشف عن مفاجأة بشأن مسلسل "اللعبة"    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    تشافي يستعد للرحيل.. موعد الإعلان الرسمي عن تعاقد برشلونة مع المدرب الجديد    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن سياسة لا تُسمى... وعالم شديد التغيّر
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 07 - 2023

شرعت الولايات المتحدة ودول أوروبية وبلدان متقدمة أخرى فى اتباع سياسة اقتصادية جديدة تلاحقت خطوات تطبيقها مهرولة فى أعقاب أزمات متعددة متلاحقة، وستكون لها تداعيات مهمة على اقتصادات بلداننا النامية واستثماراتها وتجارتها ودور الدولة فيها.
وقبل تحميل الأزمات المترتبة على جائحة كورونا والحرب فى أوكرانيا بما لا تحتمل، أشير إلى أن الإجراءات المشكّلة لهذه السياسة الجديدة قد رصدتها تقارير دولية ودراسات، منها بحث فى «عودة السياسة التى لن تسمى: مبادئ السياسة الصناعية» أعدّه خبراء من صندوق النقد الدولى فى عام 2019، مسترشدين بنجاحات التجربة الآسيوية التى ساندت المنتجين المحليين فى الصناعات المتقدمة، وتوجهها التصديرى، ودفع المنافسة مع تفعيل قواعد المحاسبة بالإثابة والجزاء. وفى عام 2020 عُقد مؤتمر لخبراء فى الاقتصاد حول احتمالات عودة السياسة الصناعية بشكل جديد بما يشمل، ولا يقتصر على، تحقيق قفزات نوعية فى الصناعات التحويلية التكنولوجية المتقدمة؛ وهو ما لخصت نتائجه الاقتصادية ماريانا مازوكاتو فى كتاب عنونته «عودة السياسة الصناعية ودور الحكومة فى تحقيق ازدهار مشترك».
وتشمل السياسة الصناعية الجديدة ما يصفه الاقتصادى روتشير أجراوال ب«جهود الدولة لتشكيل الاقتصاد باستهداف أنشطة اقتصادية وصناعات ومشروعات محددة من خلال حزمة متنوعة كالدعم والحوافز الضريبية وتطوير البنية الأساسية وقواعد رقابية حامية ومساندة البحث والتطوير».
وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية تبارى النقاش بين رفض قاطع للسياسات الصناعية كفكرة سيئة أهدرت موارد الاقتصاد فى السابق فى مشروعات حبذتها بيروقراطية الدولة بخسائر فادحة للقطاع العام وزيادة الديون وتراجع التنافسية والاستثمار والتصدير وتفشى البطالة المقنعة، إلى نهج جديد يعتمد على مفهوم المشاركة بين الاستثمارات العامة والخاصة، وتحديد «مهام طموحة» على غرار ما قام به الرئيس الأمريكى السابق جون كينيدى منذ أكثر من 60 عاما.
وقد عرضت هذا النهج خلال كلمتى فى القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التى عُقدت فى بيروت فى عام 2019، موضحا أن «العالم يشهد تغيرات فى موازين القوى الاقتصادية العالمية والإقليمية، تستوجب الاستفادة من منهج عملى واقعى لتحقيق التقدم. وبمناسبة الاحتفاء بهبوط أول إنسان على سطح القمر لنا فيما فعله الرئيس كينيدى، مع وكالة الفضاء الأمريكية مثلا. فقد أُسست هذه الوكالة، المشهورة ب(ناسا)، فى عام 1958 لتحقيق أهداف متعددة كغزو الفضاء وتطوير التكنولوجيا فى مجال عملها، إلى غير ذلك، وحُشد للوكالة من الموارد ما حُشد، وجُمع لها من العلماء ما جُمع. لكن كينيدى أنقذها من مصير بيروقراطى محتوم بأن جعل لها هدفا محددا، ومن دونه لظلت هائمة تطلع إلى المجهول من دون هدى أو دليل». فما فعله كينيدى هو تحديد الهدف بوصول أول إنسان إلى سطح القمر والعودة به سالما إلى الأرض. وبهذا حوّل غموض تعدد الأغراض، هدفا طموحا، محدد الزمن، سهل التخيل، يمكن الحكم عليه بالنجاح والفشل. وقد تحقق هذا الهدف فعلا فى عام 1969 بالخطوة الأولى التى خطاها رائد الفضاء نيل أرمسترونج، وكان ذلك الإنجاز الهائل نتيجة لتوجه نطلق عليه اليوم «رمية نحو القمر».
وحاليا تجد دعما فى الولايات المتحدة على سبيل فى مجال أشباه الموصلات بعد اعتماد صناعتها على استيراد 90 فى المائة من احتياجاتها منها من تايوان، فوجّهت لها دعما يبلغ 39 مليار دولار من جملة دعم مالى وفّره قانون أقرّه الكونجرس الأمريكى بتحفيز مالى بمقدار 280 مليار دولار لهذه الصناعات ومثيلاتها التى تعتمد على البحث والتطوير ومشاركة الاستثمارات الخاصة والتى ستكون محظورة عليها المشاركة فى تطوير هذه الصناعات فى الصين لمدة 10 سنوات. كما يوفّر قانونا آخر ذا توجه داخلى وحمائى، والمسمى بقانون تخفيض التضخم، 370 مليار دولار معونات للاستثمارات فى الطاقة النظيفة. وقد حاولت ما استطاعت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، فى زيارتها الأخيرة للصين تخفيف أثر مثل هذه السياسات على العلاقة بين البلدين بأنه سيتم تحديد نطاق القطاعات ذات الطبيعة الخاصة للأمن القومى لأضيق الحدود.
وفى الاتحاد الأوروبى تشهد بين أعضائه تعاليا للنداءات لمواجهة السياسة الصناعية الأمريكية بحماية تنافسية الأنشطة الاقتصادية الأوروبية، فيُخصص لها من صندوق التعافى من الجائحة 160 مليار يورو لمشروعات الابتكارات والتحول الرقمى وصناعة البطاريات وأنشطة العمل المناخى. وعبر المحيط الهادى ستجد 57 شركة متميزة فى اليابان تحظى بدعم 500 مليار دولار من الحكومة لحثهم على الاستثمار المحلى وتخفيف الاعتماد على الصين.
على بلداننا النامية أن تدرك عاجلا خصائص هذا الواقع الجديد وألا تضيع الزمن النفيس فى التحسر على تبدل توجهات وتغير الأساليب الاقتصادية؛ فليست هذه المرة الأولى فى العصر الحديث التى يشهد فيها العالم تحولا بندوليا فى إدارة الاقتصاد من النقيض إلى النقيض! ولخّص المؤرخ الاقتصادى ماكس هارتويل حركة بندولية للتيارات السائدة فى حكم الاقتصاد بين القرن الثامن عشر والقرن العشرين، تراوحت بين تدخل سافر للدولة بسيطرة أفكار مدرسة الميركانتيليين أو التجاريين حتى ثبتت عدم كفاءتها؛ أعقبها تبنٍ لحرية التجارة والاقتصاد فحسنت الكفاءة ولكنها أضرت بالعدالة؛ كما شهدت العقود التالية للحرب العالمية الثانية تبدلا بين تدخل الدولة والاعتماد على السوق فى تخصيص الموارد؛ فكلما ظهر فشل فى أحدهما كان اللجوء للبديل. وما تغير اليوم هو سرعة انتقال هذا البندول بين مزيج منهما.
هناك اعتبار آخر أوضحتُه فى دراسة مشتركة اعتمدت على مسح تطبيقى، وهو تراجع أهمية المذاهب الاقتصادية كالرأسمالية والاشتراكية، وما بينهما من مدارس اقتصادية، فى تشكيل أولويات السياسات العامة وطرق تحقيقها. فنحن عالم يطبّق براجماتية القط الأسود والقط الأبيض؛ وفقا لمقولة الزعيم الصينى دينج جياو بينج بأنه لا يهم لون القط ما دام يصيد الفئران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.