هذه الأيام تتذكر الكنيسة المصرية خيانة وصلب السيد المسيح حسب التقليد المسيحى فى أيام تعرف بأربعاء يهوذا، وخميس العهد، والجمعة العظيمة أو الحزينة، وهى أيام يُطلق عليها أسبوع الآلام. هذا الأسبوع جاء نتيجة خيانة أحد تلاميذ المسيح، وهو يهوذا الإسخريوطى الذى سلمه إلى اليهود، ومن ثم إلى الرومان مقابل 30 قطعة من الفضة، هى ثمن الخيانة، وترمز إلى ثمن شراء العبد حسب الناموس اليهودى. تزامنا مع تذكر الكنيسة لهذا الأسبوع يعود من جديد الجدل حول «إنجيل يهوذا» الذى يقدم معلومات مغايرة لبقية أناجيل الكنيسة التى تؤكد أن يهوذا خائن للمسيح، وأنه سلمه إلى اليهود دون اتفاق مسبق بينهما عكس ما يقوله المخطوط الذى يطلق عليه «إنجيل يهوذا». هذا الإنجيل الذى توصل المجلس الأعلى للآثار برئاسة د. زاهى حواس مع السلطات الأمريكية إلى استرداد مصر له مرة أخرى فى إبريل الجارى، حسبما انفردت «الشروق»، باعتباره أثريا مصريا يجب الحفاظ عليه وعدم التفريط فيه دون الدخول فى المسائل اللاهوتية. يعود الجدل القديم لهذا المخطوط إلى أبريل 2006 عندما نشرت أخبارا عن ترجمة ونشر النص الكامل لكتاب إنجيل يهوذا المكتوب باللغة القبطية. ووقتها أثارت هذه الأخبار بعض ردود الأفعال من جانب الناشرين وبعض الصحف والمجلات، حيث ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية عن المخطوطة: «أنها لو صحت، لانقلبت المسيحية كلها رأسا على عقب. ولاهتزت كل الأسس. وكل التقاليد، وكل ما قامت عليه ثانى الديانات السماوية فى العالم». قصة المخطوط أما قصة المخطوط نفسها فبدأت حين تم اكتشاف مخطوطة باللغة القبطية لهذا الإنجيل فى صحراء بنى مزار بالمنيا، أوائل السبعينيات (1972)، ضمن مخطوطات نجع حمادى التى تضم أناجيل وأسفارا أخرى اُكتشف معظمها فى أربعينيات القرن الماضى. هناك من يختلف على هذه النقطة، مؤكدا أن مخطوطات نجع حمادى لا ترتبط بمخطوط إنجيل يهوذا المكتوب على ورق البردى، بطريقة الكشكول Codex، وهذا معناه أنها ترجع إلى القرن الثالث الميلادى، حيث كانت الكتابة على البردى بطريقة الRoll فى القرون السابقة لذلك، بينما بدأت طريقة الكشكول (مجموعة أوراق مجمعة معا) فى القرن الثالث. بعد العثور على المخطوطة من قبل بعض الفلاحين باعوها إلى تجار آثار، أخذوا يتحركون بها من مكان إلى آخر بحثا عن أعلى سعر. وفى هذه الرحلة تم حفظ البردية فى خزينة أحد البنوك لسنوات طويلة، فبدأت تتهرأ وتتآكل. وفى النهاية وصلت المخطوطة إلى يد العلماء، الذين بدوأ فى تجميعها بمجهود شاق، ليعرفوا فى النهاية أنها «إنجيل يهوذا». محتوى الإنجيل والسؤال الذى يطرح نفسه: ماذا يقول هذا الإنجيل المشكوك فى كاتبه؟. هذا الإنجيل المكون من 31 بردية يبين أن يهوذا كان من أقرب المقربين ليسوع المسيح، وربما كان أقربهم إليه وأنه لهذا السبب طلب منه يسوع أن يخلصه من عبء الجسد ليتحد فى طبيعته الإلهية فقط. والإنجيل المترجم إلى اللغة القبطية من الأصل اليونانى، الذى لم يكتشف بعد، يظهر يهوذا بصورة مغايرة، فيصفه بالتلميذ المفضل للمسيح، ويضع خيانته فى خانة استكمال «المهمة السماوية»، التى تقود إلى موت المسيح على الصليب إنقاذا للبشرية، وهذا يؤسس لوجود أهم المبادئ فى المسيحية وهو «سر القيامة»، ما يتطابق مع نظرة المذهب « لغنوسى»، الذى يعود إلى القرن الثانى الميلادى، والذى عدته الكنيسة فى حينه خصمها. كما يصف يهوذا بأنه أسمى من بقية التلاميذ وأن تلاميذ يرجمون يهوذا وأنه الروح الثالثة عشرة. ويؤكد الإنجيل أن المسيح سيجعل يهوذا فوق كل الرسل، وتنبأ بأن الأجيال ستلعنه كخائن، لكن هذه مشيئة الله، فهو يتمم اتفاقا أساسيا لخلاص البشرية بأن يسلم المسيح لليهود!.