تنطلق رائحة البخور في الهواء الاستوائي المعتدل، تصلي نساء بالي في عباءات زاهية أمام أضرحة صغيرة ويقدمن القرابين "سلال مصنوعة من سعف النخيل مليئة بالورود، والأرز، والماء المقدس"، يقاتل مجسم "بارونج" الشبيه بالأسد، والذي مثل الخير، ضد رانجدا، ملكة الشياطين الشريرة، إنهما يمثلان تناقضا لا ينفصم، لكنهما يمثلان أيضا هدفا مطلقا: الانسجام. الثقافة والدين منتشران في كل ربوع بالي، وقد يبدو أن المعابد هناك أكثر من المنازل، ما يجعل جزيرة الأحلام الإندونيسية مميزة للغاية، لكن الانسجام ليس في أفضل حالاته الآن. في الآونة الأخيرة شهدت الجزيرة حوادث متكررة منافية للآداب مع سائحين عراة أو أنصاف عراة، والتي كان لها عواقب على جميع زائري بالي، لم يعد حاكم الجزيرة، آي وايان كوستر، يريد رؤية سلوكيات غير محترمة في جزيرته، وعليه اتخذ إجراءات صارمة. وسيحصل الوافدون إلى الجزيرة الآن على دليل لقواعد السلوك مرفقا بجواز سفرهم فور وصولهم إلى المطار، وبناء على تلك القواعد، قد تصبح الجولات السياحية إلى البراكين الرائعة في جونونج باتور وجونونج أجونج شيئا من الماضي قريبا. اسم "جزيرة الآلهة" ليس كليشيه، عقيدة بالي -المسماه "أجاما هندو دارما"- هي نوع خاص ومعقد من الهندوسية الممزوجة بعناصر أسطورية، وتمثل هذه العقيدة نقطة مركزية في حياة الناس هناك. ويقول سائق التاكسي كيتوت: "العقيدة أمر مهم في حياتنا حتى لو لم نفهم دائما بالضبط ماهية بعض الطقوس أو صلوات الكهنة"، لكن هناك شيئا واحدا مؤكدا: يجب على الزوار احترام ثقافة البلد المضيف، خاصة عندما يتعلق الأمر بزيارة الأماكن المقدسة. لذلك توجد الآن قواعد سلوك واضحة لكل سائح: يُحظر مطلقا على سبيل المثال تسلق الأشجار المقدسة أو المباني المقدسة، كما شعر حاكم الجزيرة بأنه مضطر إلى حظر ارتداء ملابس غير محتشمة أو التعري. في مارس الماضي، تم ترحيل مدون روسي بعد أن أظهر مؤخرته عارية على جبل أجونج، الذي يعتبر مقر الآلهة، وفي مايو الماضي قادت امرأة دنماركية دراجة نارية في منتجع سيمينياك، وهي عارية، وتم القبض عليها، وفي الشهر الماضي أيضا احتضنت سائحة روسية شجرة "بانيان" مقدسة وهي عارية تماما، ونشرت صورا لها على الإنترنت وتم ترحيلها أيضا. وقبل أسابيع، أعلن حاكم الجزيرة، كوستر، عن أنه قد يمنع الأجانب من استئجار دراجات بخارية بعد حدوث انتهاكات للقواعد في الشوارع ووقوع حوادث، خاصة في منطقة كوتا السياحية في جنوب الجزيرة كثيرا ما يُنظر إلى الخوذة على أنها ملحق غير ضروري، أعلن كوستر الأسبوع الماضي أنه سيُسمح فقط لشركات التأجير الرسمية بتأجير الدراجات. في الوقت نفسه طالب كوستر السكان المحليين بالإبلاغ عن السائحين، الذين يتصرفون بطرق مسيئة أو يتجاهلون اللوائح، مؤكدا أن هدفه هو استعادة "الجودة والكرامة" لقطاع السياحة. وسيواجه المخالفون عقوبات شديدة تتراوح بين السجن والترحيل. ذهب كوستر لمدى أبعد من ذلك باقتراحه حظر استخدام جبال الجزيرة في أي نوع من السياحة، وهو ما رأى فيه العديد من سكان الجزيرة مبالغة، برر كوستر اقتراحه بوقائع قام فيها سائحون بالرقص عراة على قمم هذه الجبال وممارسة أفعال منافية للآداب، وقال: "للجبال جوهر مقدس يجعلها أماكن مقدسة، لذلك نحظر تسلق الجبال". لم يُقابل هذا المقترح برفض من المرشدين الجبليين فحسب، بل أيضا من ساسة محليين، ففي النهاية يعد جبل باتور وجبل أجونج من المقاصد الشهيرة للغاية للسائحين، يحذر المنتقدون من أن الحظر سيحرم العديد من سكان بالي من مصادر رزقهم وسيؤثر بشدة على قطاع السياحة المهم الذي بدأ للتو في الانتعاش في الجزيرة بعد جائحة كورونا. وطالب نائب متحدث باسم حكومة مقاطعة بالي كوستر بإعادة النظر في الخطة، مقترحا إلزام السائحين بالاستعانة بمرشدين محليين خلال صعودهم للجبال، موضحا أن هؤلاء المرشدين سيكون عليهم بعد ذلك إبلاغ عملائهم بأهمية هذه الجبال والسلوك الصحيح الذي ينبغي لهم اتباعه خلال تلك الزيارات. وعارض المرشد السياحي، أدي فيرماسنياه، بشدة أيضا مقترح الحظر الشامل، وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ"، "أعمل مرشدا جبليا وأحب الجبال، هناك الكثير من الناس الذين يعملون في السياحة الجبلية، إذا تم حظرها، ستكون هناك احتجاجات كبيرة"، داعيا في الوقت نفسه إلى زيادة أسعار الجولات حول فوهات البراكين، ووضع قواعد واضحة، واتخاذ إجراءات صارمة ضد أي تجاوزات من قبل السائحين.