الرواية.. نصوص شاعرية عن علاقة الإنسان بالبيئة المحيطة قال الكاتب العمانى زهران القاسمى، الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، عن فوزه روايته «تغريبة القافر»: «إنه سعيد للغاية بهذا الفوز والتتويج، وأن أى من المبدعين فى مرحلة ما يسعد بمثل هذا التتويج دون أدنى شك». وأوضح القاسمى فى تصريحات خاصة ل«الشروق»، أنه لم يكن يتوقع هذا الفوز، موضحا: الأعمال الأدبية الأخرى التى تنافست على الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، كانت فى منتهى القوة والإجادة والإبداع الأدبى وتستحق المنافسة والتكريم، والوصول إلى مرحلة الفوز والتتويج، لذا فإن فوز «تغريبة القافر» كان أمرا سعيدا للغاية. واستطرد القاسمى بالقول: وصول عملى الروائى لتلك المرحلة النهائية، هى مسألة أى من الأشخاص المبدعين يتمنى أن تحدث له وأن يفرح بهذا الإنجاز أمام عينيه. وعددت حيثيات فوز الرواية الصادرة عن دار مسكيليانى للنشر ودار رشم للنشر والتوزيع مكامن قوتها ونقاط تميزها، حيث اهتمت بموضوع جديد فى الكتابة الروائية الحديثة، وهو موضوع الماء فى علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان فى المناطق الصعبة. وقدّم الكاتب لنا هذا الموضوع من خلال تآلف مستمر بين الواقع والأسطورة، ويفعل ذلك من خلال بناء روائى محكم ولغة شعرية شفافة ومن خلال نحت شخصيات مثيرة تحتل دورا أساسيا فى حياة الناس وفى نفس الوقت تثير نفورهم وتخوّفَهم، وقد استطاع الكاتب أن يقرّبنا من مسرح غير مؤلوف للرواية المتداولة فى الوطن العربى، هو مسرح الوديان والأفلاج فى عُمان وتأثير العناصر الطبيعية فى علاقة الإنسان بمحيطه وبثقافته. بدوره، قال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية: «تنبع رواية تغريبة القافر من بطن بيئتها القروية العمانية التى تعيش حياتها بإيقاع يهيمن عليه الماء بمخاطر الشُحّ والإغداق الذى لا يذر. تعايش هذه الرواية شخصية القافر الذى انتُشل وليدًا من رحم الماء، وعاش حياته يرصد مساراته فى أحافير الأرض فى مجتمع تعشعش فيه الأساطير التى يستخدمها فى سبر علاقته بمحيطه البيئى والبشرى. يميز هذه الرواية سردها الانسيابى انسياب الماء بإيقاعها الشاعرى الذى يطلوه حلاوة ورشاقة حملت فى ثناياها محليّة عذبة تتعايش مع فصاحة السرد بوئام». «تغريبة القافر» رواية تُعيد للراوى وظيفته الأولى وهى رى الناس وإشباع ظمئهم، وتدور أحداثها فى إحدى القرى العُمانية وتحكى قصة أحد مقتفى أثر الماء، تستعين به القرى فى بحثها عن منابع المياه الجوفية، وتكون حياة القافر منذ ولادته مرتبطة بالماء، فأمّه ماتت غرقًا، ووالده طُمر تحت قناة أحد الأفلاج؛ حيث انهار عليه السقف، ينتهى سجينًا فى قناة أحد الأفلاج ليبقى هناك يقاوم للبقاء حيًّا. وتعمل الرواية من منطقة جديدة فى السرد، هى ذاكرة الأفلاج، كونه نظام فلاحى لرى البساتين، مرتبط بالحياة القروية فى عُمان ارتباطًا وثيقًا؛ حيث دارت حولها الحكايات والأساطير. يهيمن على الرواية انسيابية فى السرد وإيقاع شاعرى، ورسائل قوية عن التفاعلات الإنسانية فى أوقات الجفاف وانحسار «الماء»، كأحد أهم مسببات الحياة، تأتى نصوص رواية «تغريبة القافر» للروائى العمانى زهران القاسمى، الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، وسط احتفاء كبير من الوسط الأدبى والثقافى. تحفل الرواية بنصوص بديعة يتمازج فيها علاقة البشر بمحيطتهم البيئى وما تفرضه الطبيعة من معطيات تتراوح فى شدتها وقوتها، حيث استطاع الكاتب أن يضع القارئ فى القلب تماما من مسرح أدبى غير مألوف للرواية المتداولة فى الوطن العربى، هو مسرح الوديان والأفلاج فى عُمان وتأثير العناصر الطبيعية فى علاقة الإنسان. كما تزخر الرواية بمشاهد وحبكات مميزة؛ حيث أبدعها القاسمى كمحاولات فى باطنها تعبر عن عمان، عن الوطن الذى ظل يسارع لسنوات كى ينتصر على الجهل والتجاهل والاحتلال ويعلن عن تواجده وتحققه، كما أجاد القاسمى اختيار اللغة المناسبة للتعبير عن الأجداث وتفاصيل الرواية حيث نجد اللغة جيدة تناسب بيئته المحلية ببراعة. وتدور أحداث «تغريبة القافر» بإحدى قرى عمان، وتتناول قصة سالم بن عبدالله، أحد مقتفى أثر الماء، الذى تستعين به القرى فى بحثها عن منابع المياه الجوفية، والذى تشاركت نهايات أفراد أسرته بحوادث سببتها «المياه» بينما انتهى به الحال سجينا فى قناة أحد الأفلاج وهو (نظام للرى، مرتبط بالحياة القروية فى عُمان ارتباطا وطيدا) دارت حوله الحكايات والأساطير. جدير بالذكر أن الشاعر والروائى العُمانى، زهران القاسمى، الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، يملك مسيرة إبداعية ممتدة، فهو من مواليد دماء والطائيين، سلطنة عُمان، عام 1974، وصدر للقاسمى أربع روايات: «جبل الشوع» (2013)، «القنّاص» (2014)، «جوع العسل» (2017) و«تغريبة القافر» (2021)، بالإضافة إلى عشرة دواوين شعرية و«سيرة الحجر 1 (قصص قصيرة، 2009) و«سيرة الحجر 2» (نصوص، 2011). يعرف القاسمى دروب الترشح للجوائز الكبرى والمرموقة، حيث حصلت رواية (القناص) على جائزة الإبداع الثقافى من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عام 2015، ورواية (تغريبة القافر) التى وصلت للقائمة الطويلة المرشحة للحصول على الجائزة العالمية للرواية العربية 2023، قبل أن تفوز بها. ويحمل القاسمى فى جعبته مجموعة من الأعمال الشعرية، ومنها «أمسكنا الوعل من قرونه» 2006، الهيولى 2008، أغنى وأمشى 2008، يا ناى 2009، وسيرة الحجر 2009.