ما بين إعلان مجموعة "فاجنر" شبه العسكرية الروسية، سيطرتها على مدينة باخموت الأوكرانية، ونفي كييف، تساءلت صحيفة "تايمز" البريطانية عن أي جانب يمكن تصديقه. وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن أول قذيفة روسية سقطت في باخموت في 17 مايو عام 2022. وبعد عام بالضبط تقريبا، وقف قائد مجموعة فاجنر، يفجيني بريجوجين بساحة تعرضت للقصف في المدينة وأعلن: "اليوم، الساعة 12 ظهرا، تمت السيطرة على باخموت بالكامل". لكن سرعان ما نفت كييف ادعاءه. وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي خلال قمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما باليابان إن باخموت "لم تحتلها روسيا". وأضاف: "صور هيروشيما ذكرتني بباخموت. لا يوجد أي شيء على الإطلاق هناك، جميع المباني تم تدميرها. دمار شامل مطلق. لا يوجد شيء، ولا يوجد ناس". وأفادت القوات البرية الأوكرانية، صباح اليوم الأحد، بأنه "في منطقة باخموت يواصل العدو شن عمليات هجومية. المعركة من أجل مدينة باخموت لم تنتهي". ومع ذلك، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجموعة فاجنر على الاستيلاء على المدينة. وتساءلت "تايمز": "أي رواية للأحداث تبدو أكثر منطقية؟ ولماذا، بعد مرور عام، تحمل المعركة من أجل هذه المدينة التي كانت تشتهر بمناجم الملح و"الشمبانيا السوفيتية" مثل هذه الأهمية؟" وقالت الصحيفة إنه حال تأكد الأمر، ستكون سيطرة مجموعة فاجنر على باخموت أول جائزة مهمة لروسيا خلال 10 أشهر، كما ستمثل ضربة للمعنويات الأوكرانية. وأضافت "تايمز" أن كلا البلدين تحملا خسائر فادحة في الأروح تقدر بالآلاف خلال القتال من أجل باخموت، بالرغم من عدم كشف أي من الجانبين عن حجم الخسائر، كما تم استهلاك كميات هائلة من الذخيرة في المعركة، وتحول جزء كبير من المدينة إلى ركام. وبحسب "تايمز"، لم تؤيد وزارة الدفاع الروسية، التي كانت هدفًا متكررًا لازدراء بريجوجين بمقاطع فيديو نشرها على الشبكات الاجتماعية، إعلان قائدة فاجنر الانتصار في باخموت. واعتبرت الصحيفة البريطانية أنه على الرغم من أن بريجوجين يعتبر "شاهد غير موثوق فيه"،، لكن هذه المرة هناك أسباب لتصديقه. وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الأوكرانية احتفظت الأسبوع الماضي بموطئ قدم في أقصى الطرف الجنوبي الغربي من المدينة. كما ظل طريق هروبهم، "T0504"، الذي وصفته القوات الأوكرانية ب"طريق الموت"، سالكًا تقريبًا. ومع ذلك، بدا أن تركيزهم أيضًا يتحول بعيدًا عن المناطق الحضرية في باخموت، والتي قال بريجوجين إن قواته استولت عليها منزل تلو الأخر. واعتبرت "تايمز" أن القيمة الرمزية لباخموت لطالما كانت أكبر من أهميتها الاستراتيجية التي لا تكاد تذكر، موضحة أنه بالنسبة للقوات الروسية، يمكن اعتبار باخموت ممرا للهجوم على المدينتين الأكثر اكتظاظا بالسكان سلوفيانسك وكراماتورسك، واللتان تتمتعان بأهمية استراتيجية أكبر نظرا لوجود مستودع للسكك الحديدية. وتساءلت الصحيفة البريطانية: إذا كانت مواقع فاجنر في الشمال الغربي وجنوب المدينة معرضة للخطر، فهل يمكنهم حقًا الادعاء بأنهم يسيطرون على باخموت؟، وتابعت أنه إذا كان هذا ما يسميه بريجوجين "نصرا، فهو باهظ الثمن". وقال بريجوجين، أمس السبت، إن مقاتليه سيحتفظون بالمدينة لمدة 5 أيام فقط قبل تسليمها إلى الجيش الروسي، بالرغم من قتال عناصر فاجنر من أجل السيطرة على المدينة لمدة 10 أشهر. ورأت "تايمز" أن هذ الأمر بمثابة لعبة نفوذ، إذ يحث بريجوجين بذلك بوتين على منحه الذخيرة التي يحتاج إليها للسيطرة على مواقعه، وإلا سيتراجع ويكشف نقاط ضعف القوات الروسية النظامية، والجنود الذين وصفهم بريجوجين مرارا ب"الجبناء". وذكرت الصحيفة البريطانية أنه حتى إذا استولت مجموعة فاجنر على كل مبنى في باخموت، فإن لحظة انتصار روسيا "ستتلاشى بسرعة" إذا تمكنت كتائب الهجوم الأوكرانية من اجتياح تلك المباني في "حركة كماشة"، على حد تعبيرها.