اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن قرار جامعة الدول العربية عودة سوريا لشغل مقعدها بعد 12 عاما من تعليق عضويتها، شكل انتصارا رمزيا كبيرا لدمشق، وجزء من إعادة اصطفاف إقليمي أوسع نطاقا، ومؤشر على تضاؤل الدور الأمريكي. ووافقت الجامعة العربية على عودة سوريا خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، الأحد الماضي. ويعني ذلك أنه بإمكان الرئيس السوري بشار الأسد حضور القمة العربية في مدينة جدة السعودية في 19 مايو الجاري. واعتبرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن ذلك التطور لن يجلب فورا دولارات إعادة الإعمار التي تأمل فيها سوريا، كما استبعدت أن يحقق التغيرات التي يريدها جيران سوريا، مثل اتفاق بشأن عودة اللاجئين السوريين وخطوات للحد من تهريب المخدرات، على حد تعبيرها. ونقلت الوكالة الأمريكية عن الدكتور هشام الغنام، الخبير في العلوم السياسة والعلاقات الدولية قوله: "نحن لا نبحث عن حلول سحرية، لكن ما نعرفه هو أن الوضع الحالي غير مستدام... لا نعرف متى ينتهي الصراع، ومقاطعة النظام (السوري) لم تؤد إلى حل". وخلال السنوات الأخيرة، تحركت دول عربية لإعادة العلاقات الدبلوماسية، لاسيما دولة الإمارات عام 2018. وأعاد الأردنوسوريا فتح حدودها في 2021. والشهر الماضي، أعلنت السعودية وسوريا تحركهما نحو إعادة فتح السفارات واستئناف الرحلات الجوية. ورأت "أسوشيتد برس" أن الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 فبراير الماضي سرع التقارب، إذ أثار التعاطف مع دمشق. وأشارت أيضا إلى دافع أخر تمثل في الاتفاق الذي توسطت فيه الصين لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران، الأمر الذي يشجعهما على وقف تصعيد صراعات مثل سوريا واليمن. من جهتها، قالت راندا سليم المدير بمعهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، إن "عدم إيلاء الولاياتالمتحدة الأولوية للشرق الأوسط ولاسيما ملف سوريا" دفع الأطراف الإقليمية لإبرام اتفاقاتهم مع دمشق، رغم اعتراض واشنطن. وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن السعودية لعب دورا رئيسيا في دفع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث استضافت اجتماعا الشهر الماضي لمناقشة القضية. واستضاف الأردن اجتماع آخر في وقت سابق هذا الشهر. ورجحت الوكالة الأمريكية أن تمنع العقوبات الأمريكية والأوروبية، الدول العربية من الاستثمار في إعادة إعمار سوريا في المستقبل القريب. ولفتت إلى أن العديد من السوريين بمناطق سيطرة الحكومة السورية يأملون رؤية فائدة من تجارة أكبر مع العالم العربي للمساعدة في تعويض الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تمر بها البلاد. ويعلق الدكتور هشام الغنام على ذلك بقوله: "إذا كان هناك استقرار، أعتقد أنه سيكون هناك تدفق للاستثمارات الخليجية والتجارة مع سوريا". ونوه بأن العلاقات السعودية السورية كانت متوترة حتى قبل الصراع السوري، "لذا سيستغرق بناء الثقة وقتا".