يسأل بعض المسلمين أسئلة وجودية قد لا يجدون إجابتها عند الكثيرين من غير المتخصصين، وتدور تلك الأسئلة عن بدايات الخلق وأسرار الكون والحكمة الإلهية من وراء أشياء كثيرة حولنا. وتستعرض "الشروق"، لكم إجابات مبسطة على هذه الأسئلة، خلال شهر رمضان الكريم، عبر سلسلة "أسئلة وجودية"، التي تتضمن آراء علماء المسلمين والأزهر الشريف والتراث الإسلامي. ونقدم لكم في الحلقة التاسعة والعشرين والأخيرة من سلسلة "أسئلة وجودية" الإجابة على أحد أهم الأسئلة التي تشغل ذهن المسلمين، وهو لماذا سنحاسب مرتين في القبر والآخرة؟". • لماذا سنحاسب مرتين في القبر والآخرة؟ قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال بث مباشر لدار الإفتاء المصرية، أجرته سابقا عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلا إنه: "ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أخبر أن من قتل في يوم أحد أنهم معذبون في القبر، كما ورد في القرآن الكريم، أن الله سبحانه وتعالى أخبر عن آل فرعون فقال "أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا"، والفاء تدل على التعقيب ومعنى الآية الكريمة أنهم بمجرد أن غرقوا بسبب تكذيبهم لنبي الله عاينوا العذاب ودخلوا النار فهذه الآية استدل بها جمهور علماء أهل السنة على وجود عذاب في القبر". وتابع أن: "هذه القضية من قضايا العقائد السمعية التي لا يكفّر منكرها، لكن عقائد المسلمين وآيات القرآن وأحاديث النبي تدل على ثبوت هذا، ونحن نقرر الحق ونبين أن هناك عذاب يعذبه المذنب في قبره". وذكرت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، أن عذاب القبر ونعيمه من الأمور الغيبية التي لا تُعلم إلا عن طريق الوحي، والإيمان بالغيب هي أول صفة للمتقين جاءت في القرآن الكريم؛ وذلك في قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾. وأضافت الدار أنه قد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة من السنة النبوية الشريفة التي أُمِرنا بالأخذ بها وتصديقها؛ كما قال تعالى في سورة الحشر: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾. وأخبرنا سبحانه أن كل ما يصدر عنه صلى الله عليه وآله وسلم فهو وحيٌ يجب الإيمان به؛ فقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾، وورد في القرآن الكريم ما يدل على عذاب القبر في قوله تعالى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾، فعرضهم على النار غدوًّا وعشيًّا هو ما يلقونه في البرزخ من عذاب القبر قبل يوم الساعة، وبعدها يُدخَلُون أشد العذاب. وكذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾؛ لأن قبض الملائكة لأرواحهم عند الوفاة يليها عذاب مباشر؛ بدليل قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ﴾، وهذا يكون قبل القيامة، أي: في القبر. وقال الداعية الإسلامي مصطفى حسني، إن الإنسان سيحاسب مرتان واحدة في القبر وأخرى في يوم القيامة، لافتًا إلى أن جميع علماء المسلمين أجمعوا على وجود عذاب ونعيم في القبر. وفسر حسني الحكمة من وجود عذاب في القبر عبر، قناته على يوتيوب، بأن ذلك يحدث لتخفيف الحساب على الإنسان في يوم القيامة. وأشار حسني ان قوله تعالى في سورة يس: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}، ليست دليلا على راحة الموتى من العقاب أو عدم تعرضخم النعيم في القبر ذ، ولكن تساؤول عادي سيحدث من جميع الموتى خلال نفخة (فزعة) يوم القيامة للحساب.