بعد عشرة أيام على العملية الجراحية التي خضع لها الرئيس المصري محمد حسني مبارك، تزايدت التساؤلات في مصر عن المستقبل السياسي للبلاد واحتمالات انتقال السلطة، فيما توقع المحللون أن تكون للمؤسستين العسكرية والأمنية الكلمة العليا في اختيار الخليفة المحتمل لمبارك. جاء ذلك في تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية بقلم منى سالم سردت فيه حال البلاد خلال اليومين الماضيين. كان القلق بشان الحالة الصحية للرئيس المصري قد أدى إلى انخفاض كبير في البورصة المصرية الاثنين، إذ أقفلت على تراجع بنسبة 8،3% بينما سجلت البورصة الثلاثاء ارتفاعا بنسبة 7،1% بعد أربع ساعات من بدء التعاملات، بسبب معلومات انتشرت في السوق منذ الصباح تفيد بأن التلفزيون المصري سيذيع بعد الظهر صورا للرئيس من ألمانيا، طبقا لتصريحات عيسى فتحي، مدير الشركة الإستراتيجية للأوراق المالية. كان مبارك(81 عاما) قد خضع لعملية جراحية في ألمانيا في 6 مارس الحالي لاستئصال الحوصلة المرارية وزائدة لحمية في الإثنى عشر. وأذاع التلفزيون الرسمي المصري بعد ظهر الثلاثاء صورا لمبارك في غرفته في مستشفى هايدلبرج الجامعي بألمانيا لأول مرة منذ إجراء الجراحة له، ظهر فيها مبارك جالسا مع فريقه الطبي وبدا واضحا أن وزنه انخفض ولكن لم يصاحب الصور أي صوت بل كان يعلق عليها مذيع التلفزيون مؤكدا إنها التقطت صباح الثلاثاء أثناء الزيارة اليومية التي يقوم بها له فريقه الطبي. كما بث التلفزيون كذلك بيانا طبيا جديدا لرئيس الفريق الطبي الطبيب الألماني ماركوس بوشلر قال فيه: أنا سعيد بالقول أن حالته الطبية والعامة تتقدم بمعدلات مرضية وأن حركته البدنية وشهيته تحسنتا بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، وأضاف الطبيب أنه اعتبارا من الثلاثاء، لن تكون هناك حاجة إلى إجراء تحاليل معملية يومية للرئيس. يقول عماد جاد، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية، إن مصر تواجه أسئلة كثيرة وقلقا عاما حول الاحتمالات القائمة في حالة حدوث مكروه للرئيس أو في حالة عجزه عن ممارسة صلاحياته واستكمال ولايته الخامسة التي تنتهي في سبتمبر 2011، كما إن هناك عدم يقين في ما يتعلق بطريقة وشكل انتقال السلطة في مرحلة ما بعد مبارك. من جهته، لا يرى جاد إمكانية لنجاح جمال مبارك (45 عاما) نجل الرئيس المصري الأصغر في خلافة والده رغم تصعيده في هياكل الحزب الوطني الحاكم منذ العام 2002 قائلا: أستبعد سيناريو جمال مبارك فالأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية تعرف أن هناك حالة عدم رضا عن توريث الحكم خصوصا في ظل تزايد الحديث عن ثراء المجموعة المحيطة به وشبهات الفساد التي يواجهها رجال أعمال مقربون منه. وأضاف أن هناك صعوبة كبيرة في إمكانية نقل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو منصب يتولاه رئيس الجمهورية حسب الدستور، إلى مدني شاب لا يحظى بالشعبية ولا يتمتع بالخبرة. ويرجح جاد أنه سيتم التوافق داخل المؤسسة العسكرية والأمنية على شخص يتولى الرئاسة على أن يتم بعدها توفير الشروط الدستورية اللازمة لكي يترشح كمستقل، أي أن يتم تأمين الدعم اللازم من 250 عضوا منتخبا في البرلمان ومجلس الشورى ومجالس المحافظات. على الجانب الآخر، يعتقد عمرو الشوبكي، خبير بمركز الأهرام أيضاً أنه سواء استكمل الرئيس مبارك ولايته أو لم يستكملها، فالحديث عن بديل مسألة منطقية. ويرى أن: الرئيس لن يرشح نفسه في انتخابات 2011 غالبا لأسباب تتعلق بالوضع الصحي وتقدم العمر لكن فرص نجاح سيناريو التوريث ضعيفة للغاية. أما السيناريو الأقرب للواقعية هو أن يأتي بديل من داخل جهاز الدولة تتفق عليه المؤسسات العسكرية والأمنية، وفي هذا الصدد تم طرح أسماء عديدة؛ بدءا من اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات العامة المصرية، وانتهاء بعمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية. ويضيف الشوبكي أن محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أصبح بديلا مطروحا على الساحة، فهو يمتلك الدعم الشعبي اللازم وقادر على قيادة مصر في مرحلة انتقالية ويتمتع بالمصداقية والخبرة الدولية ولكنه مازال بحاجة إلى دعم من مؤسسات الدولة. أخيراً يعتقد مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة، أن دخول شخصية مثل البرادعي في دائرة المهتمين بالترشح للرئاسة، جعل من الصعب التفكير في جمال مبارك لأنه ليس هناك أي وجه للمقارنة بينهما في الخبرة والوزن الدولي، فضلا عن الدعم الشعبي الذي يحظى به البرادعي.