مجلس جامعة أسيوط يعقد اجتماعه الشهري برئاسة المنشاوي    سعر الذهب اليوم في مصر بنهاية تعاملات الأربعاء    أخبار مصر.. بكين ترحب بطلب مصر استضافة قمة عربية صينية    الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات في 3 بحار    الترسانة يتقدم على المقاولون العرب بهدف كيشو بالشوط الأول بكأس مصر    بسبب زجاجة مياه.. إحالة أوراق سائق متهم بقتل زميله في شبرا الخيمة للمفتي    أعمل بمكة المكرمة ونويت أداء العمرة والحج فمن أين أُحرم؟.. البحوث الإسلامية يوضح    البابا تواضروس يستقبل وفدا وزاريا فلسطينيا في المقر الباباوى    محافظ شمال سيناء يستقبل مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية    السويد تتعهد بأكبر حزمة مساعدات عسكرية تقدمها لأوكرانيا    زعماء المعارضة الإسرائيلية يتفقون على خطوات لتبديل حكومة «نتنياهو»    رئيس جامعة المنيا يوجه بتوفير متطلبات معامل الكليات    انطلاق الدورة ال22 من معرض «صنع في دمياط».. غدًا    حبس المتهم بقتل ابن عمه بسبب خلافات بينهما ببولاق الدكرور    حبس البلوجر هدير عبد الرازق 15 يوما لنشرها فيديوهات مخلة    8 أفلام مصرية وعربية تشارك في اليوبيل الذهبي لمهرجان «جمعية الفيلم»    جامعة عين شمس تحصد 6 جوائز تقديرية وتشجيعية من الأعلى للثقافة    رئيس الوزراء: قيمة الدعم النقدي قد تكون أعلى من العيني    محافظ أسيوط يترأس اجتماع اتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار الأمراض المعدية    الشرقية.. إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية المنشر ضمن مبادرة حياة كريمة    وزير الصحة يلتقي نظيره التركي لبحث تعزيز سبل التعاون في المجال الطبي    «الصحة» توضح 3 مضاعفات صحية ناتجة عن الولادة القيصرية    تأجيل إعادة محاكمة متهم بقضية اغتيال اللواء نبيل فراج لجلسة 29 يونيه    الصين تصدر تقريرا يدين تزايد انتهاكات حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يحقق إيرادات 57 مليون جنيه بدور العرض    ب«كتب مجانية وخصومات تصل ل50%».. انطلاق فعاليات معرض الشلاتين الأول للكتاب    التضامن تعلن انطلاق أولى رحلات حجاج الجمعيات الأهلية اليوم (فيديو)    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية رشوة آثار إمبابة ل22 سبتمبر المقبل    مساعد وزيرة الهجرة يستعرض جهود الوزارة في ملف دعم المصريين بالخارج    أماكن مراجعات حياة كريمة للثانوية العامة في قنا.. تشمل دعما نفسيا    رئيس قطاع الآثار الإسلامية يعلن اكتشافات أثرية بجامع المادراني    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الثالث ل«الروماتيزم والمناعة» بالمجمع الطبي بالإسكندرية    الصفقة الجديدة وموهبة «عمر» تبخر أحلام «الدبيس» فى الأهلي    مواعيد وأماكن لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة 2024 في المنوفية    حمزة نمرة يدعم أهل فلسطين: «ارفع البلاء يارب»    الحكومة توافق على إقامة منطقة استثمارية باسم «الأهلي كابيتال» في الجيزة    "يرمي الكرة في ملعب ريال مدريد".. باريس يحتجز مستحقات مبابي    228 طالبا ب"صيدلة الإسماعيلية الأهلية" يؤدون اختبار "مدخل إلى علم الجودة" إلكترونيا (صور)    اتهام كوريا الشمالية بإرسال بالونات تحتوي على قاذورات وفضلات عبر حدودها مع كوريا الجنوبية    مهدد بالإيقاف 4 سنوات.. محامي رمضان صبحي يكشف مفاجأة    دياب: نحتاج 4 مواسم لضبط مواعيد الدوري المصري مع العالم    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل.. تعرف على الأوراق المطلوبة    ميناء دمياط يستقبل 42610 أطنان بضائع على متن 14 سفينة    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    محافظ قنا يتففد سير العمل بمشروع تطوير كورنيش النيل بمدينة قنا    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    التذاكر ب 12 ألف جنيه، كل ما تريد معرفته عن حفلات شيرين عبد الوهاب المقبلة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    ورش تدريب على ضوابط ترخيص البيوت الصغيرة لرعاية الأطفال في الدقهلية    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    معلومات الوزراء: السيارات الكهربائية تحدث تحولا جذريا بقطاع النقل    موعد مباراة العين والوصل في الدوري الإماراتي والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامى يوسف ل«الشروق»: تأليف الموسيقى التراثية خياري النهائى.. وأنتقد اللون الذي ظهرت به
بعد غياب طويل عن مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 12 - 2022

- مصر شاركت في تكويني الفني.. نشأت على أصوات وموسيقى «أم كلثوم – محمد عبدالوهاب - عبدالباسط عبدالصمد»
- ألبوم المعلم كان رسالة للعالم الغربي بعد أحداث 11 سبتمبر.. واليوم أسلك دربا مختلفا
- أتطلع إلى تقديم حفل في مصر بأحد الأماكن الأثرية أو الروحانية.. الأغاني الدينية المنتشرة الآن بعيدة تماما عن التراث
- شاركت بفعاليات مهمة مثل «إكسبو دبي» الذي أطلقت على هامشه آخر ألبوماتي.. وتعاونت مع منظمة اليونسكو
- أشكر الله على ما وصلت له.. ولم أستسلم ل«عقلية الضحية» وأحاديث كوني أقلية أو أقدم فنا مختلفا
- لا أبحث أبدًا عن النجاح التجاري أو المبيعات وعدد المشاهدات.. ولكن الله وفقني بهذا المردود
لم يسلك طريقا سهلا أو معتادا؛ ظهر في أوائل الألفينيات متسلحًا بصوته العذب وإحساسه الصادق، خاطب القلوب والأرواح، وأصدر ألبومه «المعلم» الذي امتدح فيه نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام، وكَسَر النمط المعتاد للأغاني الدينية آنذاك.
سامي يوسف، المغني والملحن والمؤلف الموسيقي بريطاني الأصل، والذي ولد عام 1980 وبدأ حياته الفنية كبيرًا، حقق نجاحًا لم يقتل طموحه وتطلعه نحو التطور.
البداية كانت مع سؤال جال بخاطري: «أين سامي يوسف؟»؛ لم أشهد له أي نشاط داخل مصر خلال السنوات العشر الماضية؛ وسرعان ما كتبت اسمه على محرك البحث، وبدأت أطالع حساباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقناته الرسمية في يوتيوب؛ لأجد نشاطه الموسيقي بات أكثر تنوعًا وتوهجًا.
انصب اهتمامه ونشاطه صوب تأليف الموسيقى النابعة من التراث، وشارك في العديد من المحافل الدولية المهمة، وبعد أيام من المطالعة والتصفح لم أستطع قتل فضول الصحفي داخلي، وتواصلت مع فريق إدارة الفنان لأعرض عليه حوار مع الشروق؛ ليرحب متطلعًا للتحدث إلى القارئ المصري عن طريقنا.
في حوار بدأناه بالتحدث عن مصر وانطلاقه الفني منها، وتجربة عمرها 18 عاما، والبحث في التراث الذي لا ينبض، قد تعرفون وجهًا جديدًا ل سامي يوسف.
وإلى نص الحوار:
مصر.. تأثير وانطلاق وتوهج ثم اختفاء عن ساحتها
• في البداية دعني أعرب عن سعادتي الكبيرة بقبولك الحوار وحرصك على التواصل مع الجمهور المصري عن طريقنا.. حدّثني عن تأثير مصر عليك.
- علاقتي بمصر عميقة، ولها تأثير كبير عليّ وبصمة واضحة في مسيرتي، عشت في مصر بعد ذروة نجاح ألبوم «المعلم» الذي حقق شعبية كبيرة، وبقيت هناك 3 سنوات بسبب حبي العميق لهذا البلد، ورغم المسافات ولكني لم أبعد عنها؛ مازال قلبي في مصر وروحي متعلقة بها.
مصر أيضًا شاركت في تكويني الفني، لقد استمعت إلى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ورياض السنباطي ومحمد عبدالوهاب، بالإضافة إلى الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، كلها أعمال ذات تأثير سحري يصعب وصفه.
مصر، هي مركز الموسيقى في الوطن العربي، كثيرون –غير مصريين- انطلقوا من مصر؛ أمثال فريد الأطرش، وهذا الدرب الذي سلكته. ومن التجارب التي لا تُنسى أثناء مسيرتي بمصر، هي العزف مع أوركسترا القاهرة السيمفوني في أواخر عام 2003.
• كل هذا الثناء.. وقبولك للتحدث مع جريدة مصرية أمر يدفعني للسؤال: لماذا ابتعدت عن مصر؟
- سؤال بسيط ولكن إجابته معقدة، دعني أعود بكم إلى الخلف قرابة 20 عاما مضت، جئت إلى مصر مثل أي شخص بريء، لم أكن أعرف شيئا عن السياسة سواء في الوطن العربي أو إنجلترا (موطني)، كان عمري 23 عامًا، وكبريطاني مسلم فخور بدينه، شعرت برغبة في تقديم شيء للمسلمين حول العالم بعد أحداث 11 سبتمبر.
جئت إلى مصر، وأطلقنا «المعلم» الذي حقق شهرة واسعة في العالم الإسلامي أجمع. وبعد ذلك رغبت في الانتقال إلى مستوى آخر وهو التأليف الموسيقي المنبثق من التراث، وذلك تطلب المغادرة.
المسار الذي أسلكه الآن بعد 15 عامًا من مغادرة مصر أؤمن به بشدة، والذي كرست له حياتي، التأليف الموسيقي من رحم التراث، والحضارة، أحاول الآن البحث في الحضارات والثقافات المختلفة، وتقديم مقطوعات فنية ذات هوية تراثية للعالم.
في لقاءات تلفزيونية سابقة أعرب سامي يوسف عن كراهيته للسياسة؛ ورغم كونه أول مطرب –غير مصري- يقدم حفلا في مصر بعد ثورة 2011
• سألته إذا كان الزخم السياسي في السنوات الماضية قد يكون السبب في ابتعاده عن الساحة؟
- بالفعل، كنت أول فنان غير مصري يقدم حفلا بمصر بعد ثورة يناير، كنت متحمسًا للغاية وسعيد ولكن الأمر بعيد تماما عن السياسة، كانت مجرد نشوة وسعادة ولم يكن للأمر أي خلفية سياسية؛ وبالفعل مصر شهدت أحداثا سياسية متعاقبة، ولكن رغبتي كانت المضي قدمًا في طريق التأليف الموسيقي؛ لذلك سافرت للدراسة والبحث والتعمق في الثقافات المختلفة.
• وما هي المحطات التي تفخر بها في رحلتك بعد ترك مصر؟
- الله وفقني كثيرا، وعشت تجربة رائعة وحققت مشروعات ناجحة في أوروبا وإنجلترا والشرق الأوسط، تعاونت مع اليونسكو وشاركت في بعض فعالياتها بالمدن التي شهدت تصنيفا تراثيا، وشاركت بموسيقاي في العديد من المحافل المهمة مثل إكسبو دبي، وقدت حفلا في هولندا تحت عنوان «عندما تتلاقى الأديان»؛ بحضور الملكة الأم، وقدمنا عرضا دمج الموسيقى الكلاسيكية والمسيحية واللاتينية والترانيم الكاثوليكية؛ أتمنى تقديم مثل هذا الحفل في مصر تحت سفح الأهرامات أو في إحدى الأماكن الروحانية.
في رحلة التحضير للحوار، قرأت تصريحات لملكة هولندا الأم الملكة بياتريكس؛ بأنها لم تكن تعلم بوجود مثل هذه الموسيقى التي قدمها سامي يوسف؛ نظرًا لكونه يصيغ مسارًا موسيقيًا جديدًا؛ حاز على إعجاب واحترام المجتمع الدولي.
جانب من حفل «عندما تلتقي الأديان» في هولندا

• سألته إذا كان يتابع المشهد الموسيقي المصري؟
- أتابع الموسيقى المصرية وتطوراتها، لكن ليس بالطريقة المثلى، كنت أستمع إلى الموسيقيين المستقلين أو من يطلق عليهم «أندرجراوند»، وأجدهم مواهب جيدة تستحق الدعم، ولكن شغفي الأكبر هو الموسيقى الكلاسيكية.
- قبل أن أسرد أسماء رموز الفن المصري القدامى؛ سبقني في الحديث وأكمل: أتعلق بجيل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ورياض السنباطي وبليغ حمدي، هؤلاء كانوا على درجة رفيعة من الإتقان الذي كاد يصل إلى الكمال، تميزوا بالاهتمام بالتفاصيل، كانوا يتدربون على الأغنية الواحدة لشهور عديدة، والأغنية قد تجاوز ال60 دقيقة، وهذا ما نفتقده الآن؛ فلم يعد هناك اهتماما بتفاصيل العمل الفني؛ معظم الأغاني باتت تعتمد على جملة جاذبة (كوراس) وانتهى الأمر، وهذا ليس في مصر فقط، بل العالم كله يعاني من هذه الظاهرة.
هدفي هو إحياء الاهتمام بالتفاصيل مرة أخرى، وعلى سبيل المثال قدمت مقطوعة «كاريتاس» في ألبومي الأخير، وهي كلمة تعني «العشق» باللاتينية؛ هذه المقطوعة مدتها 16 دقيقة وبها مقامات «نهاوند ورست وبياتي»، ردود الفعل عنها كانت إيجابية جدًا، الكثيرون قالوا لي إنهم لم يشعروا بمدتها ويكررون سماعها أكثر من مرة.
بالنسبة لي.. لا شيء أكثر أناقة وجمال وقوة من الموسيقى التراثية، وأجدها مادة قابلة للتطويع والدمج مع أنماط موسيقية عديدة؛ مثلما فعل عبدالحليم حافظ عندما استعان بالآلات الحديثة مثل «الكيبورد» مع المقامات التراثية الشرقية المتعارف عليها.
مقطوعة كاريتاس - من حفل «عندما تلتقي الأديان» في هولندا 2022

• وهل أنت متعلق بالأماكن الأثرية في مصر مثلما تعلقت بتراثها الفني؟
- في الحقيقة؛ عشت في مصر سنوات، ولم أزر الأهرامات سوى مرة واحدة فقط، ولم أدخلها كانت مجرد مشاهدة من الخارج؛ وذلك كان تلبية لطلب والداي اللذان كانا يزوران مصر.
أنا مفتون بالعمارة الجميلة في شوارع مصر، والأماكن التراثية مثل المساجد والكنائس القبطية، وحي خان الخليلي. شوارع القاهرة غنية بالبركة والجمال والتراث الذي يمكن استغلاله روحيا وثقافيا.
الموسيقى التراثية.. مسار جديد ينقب في الحضارة والثقافات
• لماذا غيّر سامي يوسف بوصلته الفنية واتجه إلى التأليف الموسيقي؟
- بالأساس، خلفيتي تنتمي للموسيقى الكلاسيكية، الموسيقى التراثية، لقد نشأت في غرب لندن وكان أصدقائي يستمعون إلى البوب والروك وأنا أستمع إلى موسيقى باخ.
خلفيتي كلاسيكية، استمعت إلى أم كلثوم، والموسيقار الهندي رافي شانكار، وغيرهم؛ أعشق الموسيقى التراثية لا الأناشيد الدينية، وهذا لا ينتقص من قدر الإنشاد؛ فهو نمط أدبي شديد الأهمية ولكني أتطلع صوب الموسيقى التراثية الكلاسيكية، وأجدها غنية بالروحانيات والكنوز التي لم تكتشف بعد.
• كلمة «التراث» هي أكثر كلمة قالها سامي يوسف في الحوار.. وهذا ما دفعني لسؤاله إذا كان يستمع إلى أنماط موسيقية أخرى؟
- أنا لست متعصبًا وأتقبل كل الأنماط الموسيقية، ودعنا نتفق أن الجميل يظل جميلا، ولكن ميولي تتجه نحو الموسيقى التراثية الكلاسيكية، تركيزي ينصب بشكل أساسي نحو التراث وكيفية إحياءه والحفاظ عليه، خاصة أن التراث يساء فهمه؛ البعض يظن أنه شيء غير جاذب ولكن التراث مازال حيًا وموجودا حولنا؛ الآلات التي نسمعها نابعة من التراث.. العود والناي تراث، المقامات الموسيقية تنتمي إلى التراث، التراث أشبه بسلسلة مكونة من عدة حلقات كل شخص يمكنه أن يضيف حلقة للسلسلة، فالتراث مرن يتقبل الابتكار والإضافة.
وأنا اليوم أسعى لتقديم التراث لأجيال قادمة، منهم أيضًا من سيستثمر فيه ويعيد تقديمه في قالب جميل أخر.
• أعمالك الأخيرة تختلف تماما عن «المعلم – حسبي ربي»؛ فهل ودعت هذا النمط من الغناء؟
- دعني أسألك تُرى هل الأغاني الإسلامية التي نسمعها اليوم سليمة؟ هي من طراز (البوب) ربما تكون جيدة ولكنها بعيدة تماما عن التراث؛ هي مجرد أغاني بوب تحتوي على كلمات دينية، بالنسبة لي؛ أفضّل الاستماع إلى الموشحات أو تقاسيم الناي والعود، وأجد ذلك أكثر مساسا لقلبي.
عندما ندمج بعض الكلمات التعبدية مثل «ما شاء الله – صلّ الله عليه وسلم» مع موسيقى البوب، لا أعتقد أننا بصدد تقديم عمل جيد؛ لأن المستمع سيقارن الثقافة والدين والحضارة بالموسيقى التي اعتاد أن يسمعها في أغاني روبي ويليامز ومايكل جاكسون.
نعم؛ بالفعل أنا أنتقد نفسي، وغيرت المسار الذي بدأت منه، اليوم خرجت من هذا العالم، وأسعى لتقديم شيء تراثي ولا أستخدم الدين أبدًا للترويج لنفسي. أنا مؤلف موسيقي، وصوتي أعتبره آلة موسيقية مهمة. وأجد التراث قويًا جدًا لا يحتاج إلى موسيقى البوب تدعمه؛ هو غني بكل شيء: «الحضارة – الروحانيات – المقامات - الثقافة».
مدد من كلمات عماد الدين نسيمي - مهرجان فاس للموسيقى الروحية بالمغرب

ألبومات جديدة.. قوالب تراثية قبلتها نحو الروحانية لا النجاح التجاري
• في لقاء تلفزيوني أثناء إطلاق ألبوم «بركة» استمعت ل سامي يوسف يصف العمل ب«الثقيل» نسبيا، ناصحًا بتكرار الاستماع له.. حدثنا عن ألبوم بركة.. وهل تجده ملائم للجمهور المصري؟
تقبل سامي يوسف إشادتي بالألبوم، ولكن نظراته أوحت لي أنه ينتقد شيئا ما في هذا الألبوم أيضًا؛ وهذا ما أكدته إجابته
- «بركة» هو عمل لي ليس للجمهور، هو نتاج رحلة بحث عميقة في التراث، أشبه بمشروع جامعي ضخم، ولا أظن أنه قد يصل إلى الجمهور المصري، فأنتم تحتاجون شيئًا أكثر تنوعًا من «بركة».
• إذن هو عمل غير تجاري؟
- قاطعني قائلا: لم أخطط أبدًا لأعمالي أن تكون تجارية، هي حققت نجاحًا تجاريًا بفضل الله ولكني لم أستهدف أن تكون تجارية، كل ألبوم أقدمه أبحث فقط عن الجودة والتفاصيل، ولا أفكر في عدد الملايين التي سيبيعها أو المشاهدات التي سيحققها.. لا أفكر بهذه الطريقة أبدًا.

• وماذا عن آخر ألبوماتك؟
- أطلق الألبوم الجديد خلال حفل موسيقي، وهذه مدرسة سلكها بعض الموسيقيين أشهرهم يانّي، وأجد ذلك أكثر تأثيرا من الشكل المعتاد والتسجيل في الاستديو؛ لأننا نشعر بثقة الجمهور في المحتوى الذي نقدمه، ورغبتهم مشاركتنا لحظة الإطلاق.
هكذا أطلقت ألبومي الأخير «بعيدا عن النجوم» على هامش معرض «إكسبو دبي» في حفل بحضور وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي.
وكررنا التجربة في هولندا، والحفل شهد إقبالًا جماهيريًا من جميع أنحاء العالم؛ لدرجة أن كثيرين داخل هولندا لم يستطعوا الحصول على تذاكر، كما أنني كذلك فشلت في تدبير بعض الدعوات لعائلتي.
الألبوم تراثي للغاية، قريب من ألبوم «بركة» ولكنه أكثر تنوعًا، واستخدمنا كلمات الحلاج وأبو الحسن الشوشتري، وشارك فيه عدد من الموسيقيين الصينيين والأتراك والأوروبيين.
• رغم تغيير مساره العملي إلا أنه مازال فخورًا بألبومه «المعلم»؛ لذلك سألت: خلال تجربة تقارب ال20 عامًا كيف ترى الفارق بين المعلم وبعيدا عن النجوم؟
- «النضج»؛ (كررها 3 مرات)
يكمل: أصدرت المعلم في أعقاب أحداث 11 سبتمبر؛ لأقول للعالم لماذا تلقون باللوم علينا نحن المسلمين؟ لسنا المسؤولين عن تصرفات الإرهابيين؛ أما «بعيدا عن النجوم» فهو عمل فني، تستطيع أن تصفه بفن الحضارات؛ فن نابع من ثقافات مختلفة ويدمجها سويا. «بعيد عن النجوم» به انعكاسات للحضارة العربية والشرق أوسطية والتركية والأندلسية وبلاد الشام والصين.
• اليوم في عصر السرعة والبحث عن الكلمات والألحان السريعة.. هل تجد هذا الفن ملائم للشباب؟
- بالطبع؛ الشباب على وجه الخصوص مهتمون بمعرفة المزيد عن التراث، أشعر بالذهول عندما أجدهم في الحفلات يجلسون لمدة ساعتين لا يصدرون صوت؛ فقط يستمعون ويستمعون ويستمعون، ويقدرون الفن، أجدعم جوعى للمعرفة وتذوق المزيد من هذا النوع.
مؤسسات سامي يوسف الفنية.. وخبر حصري للشروق
• رسالة سامي يوسف بشأن التراث والتقاليد لم تترجم على هيئة ألبومات فقط.. بل عن طريق مؤسسات ومبادرات أيضًا.
- بالفعل، أسست مؤسسة مهتمة بالموسيقى التراثية وفنيّاتها وأسميتها (Spiritique) (روحاني)؛ والأمر ليس مقتصرًا على البحث في التراث ولكن التعلم الشامل.
ودعوني أعلن خبرًا عن طريقكم –أنتم أول من تعرفونه – أنا بصدد تدشين أكاديمية تعلم عن بُعد (أون لاين) بالمشاركة مع مؤسسة 1001 ومؤسسة كارلا (CARLA)، وستظهر للنور قريبا جدًا، في هذه المؤسسة سندرّس المهارات الموسيقية ولكن بوجهة نظر أكثر شمولية. على سبيل المثال آلة العود؛ لن ننظر لها كمجرد آلة خشبية تصدر الموسيقى، بل سنتعرف على أدبياتها وكيف يلتقط العازف الريشة ويحركها على الأوتار؛ نسلط الضوء على الروحانية في الآلة.
• وهل تستهدف تعليم الإنشاد عن طريق هذه المؤسسة؟
- قد يكون ذلك ضمن مهام الأكاديمية المرتقب افتتاحها، ولكن هناك من يستطيع تعليم الغناء والإنشاد أفضل مني، أنا أسعى كما قلت سابقا لتقديم التراث، وأحاول أن أدعم صناع الموسيقى حتى لا يضيعون في بحور التجارة والتسويق.
صناعة الموسيقى باتت عملا تجاريًا، والعديد من الموسيقيين الموهوبين لا يحصلون على حقهم بالقدر العادل، يتقاضون مبلغًا بسيطًا نظير المشاركة في العزف والتلحين؛ وهذا أمر محزن للغاية؛ ومنتشر في الوطن العربي والهند أيضًا؛ المرطب يدفع المال ويمتلك كل شيء.. وهذا شيء غير عادل تماما.
لذلك دشنت Andante Music هي شركة لمساعدة الموسيقيين في عالم التوزيع الرقمي ونشر أعمالهم، وتعظيم الاستفادة من موسيقاهم.

لما بدا يتثنى - مهرجان فاس للموسيقى الروحية بالمغرب

احذروا الدين بدون تراث وتقاليد.. يتحول إلى تعليمات صمّاء
• مع الدقائق الأخيرة من الحوار وجدتني سمعت كلمتي «التراث والتقاليد» عشرات المرات.. لذلك سألته حتى يستطرد إلى أي مدى تجد التراث مهمًا؟
- التراث من الدين، ولا يجب فصلهما عن بعضهما البعض، فالدين بدون تراث يصبح أجوفًا ويتحول إلى مجموعة من القواعد والتعليمات الجامدة بلا روح، وهذا أمر شديد الخطورة.
التراث هو كلمات العارفين بالله والصوفيين، تجلياتهم في لحظات النشوة، والتراث غني جدًا مثل كلمات ابن الفارض رائد شعر الخمريات؛ فالبعض ينتقد هذا النوع الأدبي؛ لأنهم يعرفون الدين ولكن يجهلون التراث.
التراث حولنا في كل شيء، عندما تنسجم مع مقطوعة موسيقية كلاسيكية، تسمع قصيدة شعرية، عندما تشاهد الهندسة المعمارية؛ كل ذلك تراث يفتح قلبك على عالم جديد لم تكن تعلم أنه موجود.
• مسيرة سامي يوسف الفنية.. جعلتني أسأله إذا كان واجه صعوبات كفنان مسلم يقدم فنًا تراثيا في دول غربية؟
والإجابة كانت نصيحة نابعة من خبرات السنين:
- لا أستطيع أن أطلب وضعًا أفضل مما أنا عليه الآن، لم أندم على شيء في حياتي؛ بل على العكس أنا أجد نفسي محظوظًا وأعيش حياة رائعة.
في هذا السياق، أريد التحذير من عقلية الضحية، البعض يضع أعذارًا أمام عينيه ولكنها محض أوهام في رأسه؛ وسيكون تأثيرها خطيرا مستقبلا.
أنا لست متعاقدًا مع شركة إنتاج كبيرة، وأعتبر من الفنانين المستقليين، ورغم ذلك حققت مبيعات أكثر من 45 مليون ألبوم، وأقمت عروضًا فنية في جميع أنحاء العالم؛ هذا لأنني أمتلك عقلية «سأفعل – سأعمل بجد – سأجتهد»، وهذا لا يعني الإيجابية العمياء، بل الصدق مع الذات؛ قد أكون بحاجة إلى العمل بمزيد من الاجتهاد، أو الحصول على قدر وافر من التدريب والدراسة، وكل من حقق نجاحًا حتمًا وصل له بالعمل الشاق والدأب لساعات طويلة يوميا.
أجريت الحوار أثناء منافسات كأس العالم في قطر؛ لذلك سألته عن المنتخبات التي سيشجعها، وقد كان لصلاته أثرًا طيبا..
- أنا البريطاني الوحيد الذي لا يشاهد كرة القدم. أو ربما الشخص الوحيد في العالم، ولكن دعني أقول أن هذه النسخة جيدة لأنها في ضيافة دولة عربية؛ فهذه فرصة رائعة للأوروبيين والإنجليز أن يتعرفوا على الثقافات العربية والإسلامية، نحن حقًا بحاجة إلى ذلك.
وعلى مستوى التشجيع؛ فأنا أصلي من أجل المنتخبات العربية، سيكون رائعًا إذا رأيت الفائز بكأس العالم المغرب أو السعودية أو تونس.
مازال يسلك طريقا صعبًا غير معتاد، مازال يتسلح بصوته العذب وإحساسه الصادق وموهبته الواسعة وأضاف عليهم الدراسة والاطلاع والبحث العميق، مازالت موسيقاه تخاطب القلوب والأرواح، من «المعلم» حتى «خلف النجوم» مازال سامي يوسف يحمل الكثير من الإبداعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.