في عالم كرة القدم عند فوز المنتخبات، تحتفل الشعوب بالانتصارات وتفخر بالاندماج الوطني لاسيما في حال وجود عناصر مجنسة، أما في حال الخسارة تصب فئات من الجماهير جام غضبها على اللاعبين بل وتوجه إليهم إهانات عنصرية.. هذا ما فعله بعض الفرنسيين مع منتخبهم بعد خسارة نهائي كأس العالم لكرة القدم أمام الأرجنتين. فبعد الإهانات العنصرية التي تعرض لها بعض اللاعبين في منتخب الديوك، أعلن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم تقديم شكوى أمام القضاء ضد المتجاوزين بحق اللاعبين، فيما أدانت الحكومة الفرنسية إهانة المنتخب. ووفقا للقانون الفرنسي، يعاقب الشخص حال إدانته بتوجيه إهانة عنصرية بالسجن ستة أشهر، وغرامة قدرها ألفين يورو. وعن تلك التجاوزات بحق لاعبي المنتخب الفرنسي، علقت صحيفة "ليكيب" الفرنسية قائلة: "كما لو أن الهزيمة في نهائي كأس العالم لم تكن كافية، فقد وقع العديد من لاعبي المنتخب الفرنسي ضحايا لتدفق رسائل الكراهية والعنصرية البغيضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي". وإزاء تلك التطورات، نشرت وزيرة الرياضة الفرنسية، أميلي أوديا كاستيرا، رسالة دعم للاعبين من خلال تغريدة على حسابها الرسمي بموقع التدوينات القصيرة "تويتر" قالت فيها: "أمر مخجل.. دعمي الكامل لكينجسلي كومان وجميع اللاعبين الذين وقعوا ضحية تعليقات عنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا مكان لها في كرة القدم ولا مكان آخر"، مصحوباً بهاشتاج: فخور بكوني من الأزرق (المنتخب الفرنسي) "#ProudDetreBleus". كما ندد نادي بايرن ميونخ الألماني، بشدة التصريحات العنصرية ضد كينجسلي كومان، إذ أعلن النادي دعمه للاعب في تغريدة قائلاً: "عائلة بايرن وراءك يا كينج". وبعد دقائق قليلة فقط من هزيمة المنتخب الفرنسي أمام الأرجنتين بركلات الترجيح (4-2)، تلقي كومان، الذي لم ينجح في تسديدته على المرمى، سيل من رسائل كراهية وعنصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. واضطر اللاعبون كومان وأوريلين تشواميني وراندال كولو مواني لإغلاق التعليقات في حسابات إنستجرام الخاصة بهم، بعد رسائل تهاجمهم. ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها لاعبو فرنسا للعنصرية، فكان كيليان مبابي بالفعل هدفًا لانفجار رسائل عنيفة وعنصرية خلال بطولة يورو 2021، بعد أن أضاع ركلة الجزاء في دور ال16، حيث ناله وابل من الهجوم العنصري من جانب رواد مواقع التواصل الاجتماعي. واعتقل آنذاك تسعة أشخاص وأدين أحدهم "بالتحريض على الكراهية العنصرية"، وحكم على أحدهم 6 أشهر سجن، فيما حكم على آخر غرامة ألفين يورو.
وبعد ثلاثة أشهر من قضية مبابي، صرح رئيس اتحاد كرة القدم الفرنسية، نويل لو جرايت، عبر محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية بأن "ظاهرة العنصرية في الرياضة، وفي كرة القدم على وجه الخصوص، غير موجودة أو بالكاد موجودة ". إلا أن عدم وجود رد فعل ودعم من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، أغضب مبابي أغضبه كثيراً حتى أنه فكر كيف يرتدي قميص منتخب ينعته ب"القرد"، شاعراً بخيبة أمل من الاتحاد الفرنسي. ودفعت تلك الواقعة، اتحاد الكرة الفرنسي هذه المرة، لاتخاذ إجراءات واضحة، حيث قرر تقديم شكوى ضد الأشخاص الذين وجهوا تلك الرسائل العنصرية. وقبل ساعات من إعلان الاتحاد الفرنسي تلك الخطوة، أدان السياسيون الفرنسيون بشتى أطيافهم، رسائل الكراهية العنصرية ضد لاعبي المنتخب. وطالب الحزب الاشتراكي (يسار) بخروج اتحاد كرة القدم عن صمته" في بيان، قائلاً: "الدعم الكامل لكومان، تشواميني، (راندال) كولو مواني، (هوجو) لوريس. ما زلنا ننتظر رد فعل من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، الذي التزم الصمت بالفعل بشأن الإهانات العنصرية التي تعرض لها مبابي خلال يورو 2021، كفانا سياسة النعامة!". كما أعربت الوزيرة المنتدبة للمساواة بين المرأة والرجل والتنوع، إيزابيل روما، عن غضبها وكتبت على تويتر "إنه أمر لا يطاق.. أدين هذه التعليقات بأشد العبارات". كما قدمت النائبة بحزب "فرنسا المتمردة" (يسار متطرف) ناديج أبومانجولي "دعمها" للاعبين منددة ب المناخ العنصري في البلاد.
وعلى صعيد اليمين المتطرف أيضا، تسأل النائب والمتحدث باسم حزب التجمع الوطني، جوليان أودول في تغريدة عن رد فعل جمعية مجابهة العنصرية الرياضية "SOS Racisme"، مشيرا لمقال من موقع بوليفارد فولتير اليميني المتطرف، عن "إهانات عنصرية" لحارس المرمى هوجو لوريس.