فى إضاءة جديدة للأعمال الروائية للكاتب الكبير محمد ناجى، كرست مجلة "الثقافة الجديدة" ملفا آخر لإبداعاته يلقى الضوء على اتساع موهبته التى تحتضن أساليب سردية تتعدد وتتلاءم مع الجو الأسطوري أو الشفاهى والتراث المصرى والعالمى، إذ يضع محمد ناجى نصب عينه رؤية أسطورته الخاصة التى يصنعها لأبطاله الذين يعانون الهم الفردى والإنساني والمصيري، ويحملون الأحلام والأسئلة الكونية ويسعى أبطاله إلى إجابة تشفى ظمأ الروح . ويعترف محمد ناجى بأن الشعر أفاده بقدرته العالية على التكثيف، وحرصه على بث إيقاع متن الكتابة، ويرى أنه فى رواية لحن الصباح شخصية مثل نوفل الفنان الذى أصيب بالرعشة فى يده وروحه، ولكن جسده مكتمل، وشخصية عباس الأكتع الذى فقد أطرافه فى الحرب، لكنه يملك روحا قوية. وفى رواية العايقة بنت الزين سلمت بطلة الرواية جسدها للشبح، ولكنها توسلت إليه قائلة: عليك أمان الله لا تمس الروح ، إنها جملة تمثل تعويذة للإبقاء على شيء يمكن أن ينفعنا وسط الدمار هو الاحتفاظ بصفاء الروح وتركها للأجمل. وعن رواية مقامات عربية.. يقول ناجى إن المكان متخيل من أساسه، فهو صيغة خيال خالصة، وكذلك التاريخ الذى تحكيه الرواية هو متخيل من أساسه، ولكنى أظن أن كل المتخيل فى الواقع والمكان والشخصيات، يمثلون معادلا موضوعيا لهموم الواقع وأسئلته الكبرى .وردا على سؤال عن شخصياته الروائية التى دائما تنتظر أشياء لا تأتى مطلقا .. قال محمد ناجى: أحب أن أكتب ما أحس به بصدق، ولا أريد أن ألفق يقينا أو أفرض على القارئ إجابات لم أتوصل إليها بعد هذه الفترة، كما قلت هى فترة أسئلة لا نظرية نلوذ بها، ولا بطلا نترقب انتصاراته، إنها فترة أسئلة وأوجاع تعتصر الذات الإنسانية بأحلامها الجميلة، أما الطريق إلى المستقبل فيه ضباب وعتمات كثيرة . وساحر الرواية العربية محمد ناجى ولد عام 1947 فى قلب الدلتا المصرية، حمل السلاح فى الخطوط الأمامية إبان حرب أكتوبر، متعدد المواهب الأدبية إذ أبدع فى الشعر والمسرحية والقصة القصيرة، إلا أنه فضل أن يطلع قارئه على أعماله الروائية فقط، والتى استوعبت تجاربه فى الأنواع الأدبية الأخرى. وفى الملف قدم كبار النقاد: إدورار الخراط، صبرى حافظ، محمود عبد الوهاب، رؤية لبعض روايات محمد ناجى، ففى رواية رجل أبله.. امرأة تافهة يرى الناقد صبرى حافظ أنها رواية ذات إيقاع طلى وسرد رشيق يستحوذ على القارئ منذ البداية وحتى النهاية، رغم أنها تقدم لنا قصة بالغة الغرابة، وإن كانت مغرقة فى عاديتها. وعن لحن الصباح.. أسطورة حديثة للكاتب محمد ناجى، كتب الناقد إدوار الخراط أنها رواية قصيرة لكنها غنية بالدلالات ومستفزة لأنها تقع على التخوم بين عالم الحكاية الشعبية، بما فيها من جنوح إلى التخيل وشطح الفانتازيا، وبين عالم الأسطورة، بما فيها من أسرار، ورموز أو شفرات ليس من الميسور حل غوامضها، وبين ذلك كله عالم قاع المدينة، بما فيه من واقعية خشنة جافة وقاسية، لا يرقق من غلظتها إلا شاعرية اللغة من ناحية، وإشعاع الرؤية الأسطورية من ناحية أخرى .