«كان شغوفا بالأدب والفلسفة ومولعا بالقراءة وكتابة الشعر».. هكذا كان يتميز الشاعر والمؤلف المسرحي نجيب سرور والذي يصادف اليوم ذكرى رحيله، حيث رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1978، عن عمر ناهز حينها 46 عاما. "تعرض أبيه أمامه وهو طفل للمهانة والضرب من عمدة القرية".. نشأ نجيب سرور في بيئة شديدة البؤس والحرمان حيث اضطهاد بقايا الإقطاعية من مالكي الأراضي والمتنفذين للفلاحين البسطاء في الدقهلية، لم يتجاوز نجيب مشهد تعرض أبيه للضرب والظلم مما دفعه إلى تسجيله في قصيدة «الحذاء» عام 1956، والتي عكس وأظهر فيها ما عاناه والده من ظلم وقهر على يد عمدة القرية. وُلد الشاعر نجيب سرور بقرية إخطاب مركز أجا بمحافظة الدقهلية في عام 1932، وأدرك مبكرا أهمية عالم المسرح مما دفعه يترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي حصل منه على الدبلوم في عام 1956 وهو في الرابعة والعشرين من عمره، ثم سافر بعد ذلك في بعثة حكومية إلى الاتحاد السوفيتي لدراسة الإخراج المسرحي من عام 1958 وحتى عام 1973 حيث أعلن هناك ميله للماركسية. والشاعر الراحل نجيب سرور، حرص أن يجعل من موضوعاته مادة يسخرها لتسليط الضوء على أسباب معاناة الناس والظلم والاستغلال والتخلف، فاتسمت أشعاره وأعماله الإبداعية بالدفاع عن المهمشين والفلاحين والمنكسرين حتى أنه لقب ب«شاعر العقل». واستهل مسيرته الأدبية والإبداعية والتي تأرجحت بين النجاح والمعاناة، في عام 1965 بعمل مسرحي من إخراج كرم مطاوع بعنوان: «ياسين وبهية»، ثم كتب مسرحية «يا بهية وخبريني» عام 1967 بإخراج كرم مطاوع ثم «آلو يا مصر» وهي مسرحية نثرية، كتبت في القاهرة عام 1968، و«ميرامار» وهي دراما نثرية مقتبسة عن رواية نجيب محفوظ المعروفة من إخراجه عام 1968. وفي عام 1969، قدم نجيب سرور من تأليفه وإخراجه المسرحية النثرية الكلمات المتقاطعة التي تحولت فيما بعد إلى عمل تليفزيوني أخرجه جلال الشرقاوي، ثم أعاد إخراجها للمسرح شاكر عبد اللطيف بعد 10 سنوات واستمر تألق هذا العمل الفني حتى عام 1996. وفي عام 1969، قدم المسرحية النثرية الحكم قبل المداولة، وحققها ونشرها كاملة الباحث الجاد محمد السيد عيد، وكتب المسرحية النثرية البيرق الأبيض، وفي عام 1970 قدم "ملك الشحاتين" وهي كوميديا غنائية مقتبسة عن أوبرا القروش الثلاثة لبرشت و«الشحاذ» لجون جاي ومن إخراج جلال الشرقاوي. والمجموعة الشعرية «التراجيديا الإنسانية»، كتب بعض قصائدها في مصر منذ 1952 وضمنها قصائد أخرى كتبها في موسكو قبل سفره إلى بودابست وقد أصدرتها «المصرية للتأليف والنشر والترجمة» عام 1967، والمجموعة الشعرية «لزوم ما يلزم» كتب قصائدها في هنغاريا في العام 1964 وصدرت في العام 1975. وفي عام 1978، صدرت له «بروتوكولات حكماء ريش» وهي عبارة عن أشعار ومشاهد مسرحية و«رباعيات نجيب سرور» التي كان قد كتبها بين عامي 1974 و 1975. ومن جهة أخرى، تميز نجيب سرور بأسلوب نقدي متفرد ونجح في إنجاز بعض الشروحات النقدية المهمة مثل "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات الكاتب الشهير، ونشر عددًا من المقالات النقدية من أبرزها: "تحت عباءة أبي العلاء، وهموم في الأدب والفن، وحوار في المسرح". "ستة وأربعين عامًا".. هو عمر الشاعر والمؤلف المسرحي نجيب سرور، حيث تعرض خلال حياته للكثير من العذاب والقهر ولأنواع قاسية من التعذيب، فضلًا عن إدخاله إلى مستشفى الأمراض العقلية، إلى أن توفي نجيب سرور في 24 أكتوبر 1978 فترك رحيله الحزن في نفوس محبيه من الأدباء والفنانين والمفكرين والمناضلين.