فجر القاص محمد حافظ رجب فى حواره مع «الشروق» الذى نشرناها الأسبوع الماضى العديد من الأسئلة. فلو كان كلام رجب صحيحا حول أنه أثر على نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهما من كبار الأدباء فمن هو المذنب الحقيقى وراء اختفاء مثل هذه الموهبة الفذة ولمصلحة من؟ حافظ رجب، قال ل«الشروق»: أما يوسف إدريس فقد يعتقد البعض أن الاتجاهات الجديدة انحدرت من معطفه، ولكننى أجد نفسى من الجيل الذى يجعل للقارئ دورا فى إعادة الصياغة، فلى عالمى الخاص شكلا ومضمونا والذى أجعل فيه الواقع محلقا فى الخيال مرتديا ثوبا جديدا. وأنا من دفعه لاهثا لأن يكتب مسرحيته «الفرافير»، كما دفعت كل الكتاب أن يكتبوا الجديد حتى نجيب محفوظ فتدخلت كتاباتى فى حياته مثل «ثرثرة فوق النيل»، وقد اعترف بذلك محمد جبريل، قائلا: «لم يكن نجيب محفوظ يكتب ثرثرة فوق النيل إلا بعد أن قرأ جيدا قصص محمد حافظ رجب». وفى مقطع آخر، أكد رجب: «الكتّاب وقفوا أمام مقولتى «نحن جيل بلا أساتذة»، يترقبون النتيجة فى الوقت الذى نوقشت فيه «قصة الجنية» من مجموعة عيش وملح، وفى ندوة نادى القصة التى يرأسها نجيب محفوظ، وقال فؤاد دوارة عنها إن «الجنية» أنضج من قصة مكسيم جورجى الروسى فى التكنيك وسرد الحكاية.. وأذكر أن يحيى حقى كتب: «إن محمد حافظ رجب غيّر من شكل ومضمون القصة القصيرة وأنه يسبق زمانه بثلاثين عاما». وعند سؤاله: هل ظهر من المبدعين من اتبع نهجك الجديد عن رضا؟ فرد قائلا: «نعم ومنهم يوسف القعيد وإبراهيم أصلان وجميل عطية إبراهيم، ولهم أقاويل عديدة يعبرون فيها عن رؤيتهم لى. فيوسف القعيد قال عنى «صاحب الكرة ورأس الرجل، كانت عبارة نحن جيل بلا أساتذة هى الطريق الذى صبئنا إليه»، وإبراهيم عبدالمجيد قال: «عالم محمد حافظ عالم ثرى عميق مختلط ومشوش جامح عنيف فهو كاتب الغربة والانسحاق ولا تضعه فى تصنيف متعارف عليه». تأثير إنسانى الروائى الكبير إبراهيم أصلان قال: «حافظ رجب صديق قديم. أولا يسعدنى أن أتأثر به أو بغيره من الكتّاب، ولكنى أرى أن تأثرى بحافظ رجب كان إنسانيا فقط باعتباره صديقا لى، وأنا أحد شهود المصاعب الضخمة التى تعرض لها رجب». وعن تأثير رجب فى أعمال إبراهيم أصلان، أكد أصلان أنه لا يرى هذا التأثير «لا أظن أن هناك صلة بين عمله وعملى». واستغرب أصلان من حديث رجب عن تأثيره على يوسف القعيد إذ لم يكتب القعيد القصة القصيرة فى حين أن رجب لم يكتب إلا القصة القصيرة». وأشار أصلان إلى عدم تصديق تأثير رجب على نجيب محفوظ ويوسف إدريس، وضحك: «ممكن تروح تسألهما عن ذلك!». وأكد أصلان أن رجب أحدث رد فعل متباينا فى الوسط الأدبى، قائلا: «من التواضع ألا يذكر رجب بنفسه تأثيره على الكتّاب الآخرين. كنت أغفر لصديقى عدم تواضعه فى أيام الشباب.. وما فيش داعى للفضائح الآن»، ولكنى أنتهز هذه الفرصة لكى أرسل له تحياتى الحارة. الروائى يوسف القعيد قال: «أعتقد أن ما جعل حافظ رجب يصرح بهذا الكلام هو عزلته فى الإسكندرية، ولابد أن نقدر شيخوخته ونحترمه ولا نتعرض له، أما مسألة تأثيره على نجيب محفوظ أو إدريس فهو كلام مستبعد على الإطلاق، وحديثه عن تأثيره فى أدبى وكذلك أدب إبراهيم أصلان أو إبراهيم عبدالمجيد أيضا كلام مستبعد إذ من يقرأ أسلوبه وأساليب البقية يجدها شديدة الاختلاف «ولكن إذا كان هذا سيرضيه فليكن كلامه صحيحا». وأشار القعيد إلى أن حافظ رجب له أعمال شديدة الأهمية، خاصة عمله «الكرة ورأس الرجل» و«الذى كلما شاهدت مباراة كرة قدم أتذكرها فورا»، كما أن مقولته «جيل بلا أساتذة» مقولة صحيحة وتجسد ما نعيشه حاليا. دعوة إلى التجديد أما إبراهيم عبدالمجيد فقال إنه تأثر بشدة بهذا الحوار، إذ ما ذكره حافظ رجب على لسان إبراهيم عبدالمجيد كان قد كتبه وهو مايزال طالبا بالجامعة. وذكر عبدالمجيد أن كلام حافظ رجب لابد أن نحترمه ولا نسخر منه إطلاقا. وأكد عبدالمجيد أن حافظ رجب كان مفتاحا جديدا لفن القصة القصيرة قبل جيل الخمسينيات كله، وقد كتب صبرى حافظ فى مجلة الطليعة: «قصص حافظ رجب خارقة لما هو متعارف عليه». وحول مدى تأثير حافظ رجب على أدب إبراهيم عبدالمجيد وغيره من الأدباء، قال إن ما ذكره حافظ رجب صحيح مائه بالمائة إذ إنه جعل الجميع بمن فيهم نجيب محفوظ ويوسف إدريس يبحثون عن الجديد. وأضاف جائز أن يكون التأثير غير مباشر، ولكنه تأثيرا من حيث الدعوة إلى التجديد، وأشار إلى أن التأثير المباشر يحتاج إلى نقاد يقررون ذلك. الكل يعلم أن قصص حافظ رجب جعلت الأدباء يبحثون عن التجديد والتميز و«ومش عيب أن يتأثر نجيب محفوظ أو غيره بحافظ رجب». ملامح فنية طال كلام حافظ رجب نجيب محفوظ، وكذلك يوسف إدريس. وحول هذه النقطة أشار لنا محمد جبريل إلى أن «المقامات محفوظة»، فنجيب محفوظ أستاذ عظيم، «ولم أكن أقصد الإساءة إليه أو إلى يوسف إدريس، فى كتابى الذى يحمل عنوان «نجيب محفوظ.. صداقة جيلين» الصادر عام 1995 وقد قرأه نجيب محفوظ ووافق على كل ما فيه ولم يعترض على تأثير حافظ رجب على «ثرثرة فوق النيل». وملخص رأيى فى هذه القضية هو أن حافظ رجب قد أحدث فى نفوس أدباء جيله تأثيرا له أصداء». وقال جبريل إن «أعمال رجب كانت لافتة للأنظار وأحدثت تحولا فى مسار القصة القصيرة فى مصر، وتأثيره على أبناء جيله لم أقصد منه أنه كان أستاذا لمحفوظ أو إدريس بل قصدت أن قصصه بها ملامح فنية جديدة تأثر بها من كتب بعده». وأكد جبريل أن رأيه قد أورده فى كتابه وأضاف جبريل أن يحيى حقى قال إن رجب سابق زمانه، وهو ظاهرة مهمة فى حياتنا الثقافية لم نستطع فهمها، ويعتقد جبريل أن هذا الزمان هو زمان رجب لولا انعزاله فى بيته بالإسكندرية، وهو يحتاج إلى ناقد مجتهد يعكف على دراسة أعماله.